لماذا تصرّ السعودية على انتزاع منافذ المهرة اليمنية؟
- الجزيرة نت - محمد عبد الملك الاربعاء, 19 فبراير, 2020 - 08:48 صباحاً
لماذا تصرّ السعودية على انتزاع منافذ المهرة اليمنية؟

[ منطقة شحن في محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان (مواقع التواصل) ]

لم تصمد نجاحات أبناء محافظة المهرة (شرقي اليمن) في صد محاولات القوات السعودية السيطرة على منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان سوى بضع ساعات، حتى وصلت توجيهات من الرئاسة اليمنية بضغوط سعودية تطلب من أبناء المهرة الانسحاب وعدم اعتراض القوات السعودية التي أحكمت سيطرتها على المنفذ صباح اليوم الثلاثاء.

 

حدثت هذه التطورات عقب معركة غير متكافئة استخدمت فيها القوات السعودية طيران الأباتشي وعشرات العربات العسكرية المدرعة ومختلف أنواع الأسلحة لإخضاع رجال القبائل واقتحام المنافذ، وهو ما دفع بالكثير للتساؤل عن دوافع السعودية وأسباب استماتتها في السيطرة على المدينة وإخضاع أبنائها المسالمين بطبيعتهم.

 

موقف ورسائل

 

يقول الشيخ عبود بن هبود نائب رئيس اعتصام أبناء المهرة -الذي يهدف لمقاومة الوجود السعودي- إن القوات السعودية احتلت منفذ شحن الحدودي سعيا لاستكمال احتلالها لمحافظة المهرة، ولتضييق الخناق على سلطنه عُمان ومضايقتها من الجهة الغربية، إضافة إلى قيام الإمارات بالدور نفسه من الجهة الشرقية.

 

وأكد الشيخ عبود للجزيرة نت أن لا خيار أمام رجال القبائل وأبناء المهرة سوى المقاومة والدفاع عن بلادهم، "ومعهم مشروعية الحق في كل ما يقومون به وجميع الناس في حالة استنفار".

 

ووجّه الشيخ عبود رسالة لاذعة إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قائلا "لقد بعت نفسك بثمن رخيص للسعودية وسفيرها لدى اليمن محمد آل جابر، فلا تبع الشعب اليمني والبلاد بأكملها".

 

كما خاطب الشيخ عبود، علي محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني والذي أصدر توجيهات بعدم اعتراض القوات السعودية، بقوله "لقد أظهرتك تلك القرارات على حقيقتك وأصبح موقفك الآن واضحا من الجميع، ولن ننتظر منك فائدة بعد اليوم".

 

وطالب الشيخ عبود أبناء الشعب اليمني بالدفاع عن بلادهم لمواجهة الوجود السعودي، "بعد أن تبين للجميع أنه لم يعد هناك من حكومة تساندهم وإنما أصبحت هناك حكومة في الرياض تشرعن لاحتلال بلادهم".

 

تناقض حكومي

 

في الوقت نفسه، أفاد الناطق باسم اعتصام أبناء المهرة سالم بلحاف بأن وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري وجه الأجهزة الأمنية في المهرة بعدم مواجهة القبائل أو تقديم أي مساندة للقوات السعودية، ولكن وصلت توجيهات من الرياض بشكل معاكس.

 

وذكر بلحاف أن سيطرة القوات السعودية على منفذ شحن الحدودي مع سلطنة عمان يأتي ضمن خطتها لاحتلال أكبر المدن اليمنية من حيث المساحة، وقال إن كل الشواهد التي تسلكها السعودية حتى اليوم في المدينة تشير إلى أنها تريد البقاء إلى الأبد لتحقيق طموحاتها القديمة.

 

وأضاف "منذ ثمانينيات القرن الماضي، حاولت السعودية شراء ولاءات القبائل ومنحهم التجنيس السياسي، ولكنها لم تستطع حتى جاءت اللحظة التي ضعفت فيها الدولة اليمنية وتفككت، لتشرع الرياض بالتدخل في شؤون المهرة وتحقيق أحلامها بأن يصبح لها منفذ على بحر العرب".

 

في المقابل، قال مسؤول يمني في الحكومة الشرعية -في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت- إن التوجهات المتناقضة للحكومة قد لا تكون مفهومة، ولكنها أحيانا تجد نفسها عاجزة عن الوقوف في وجه السعودية التي تتواجد على أراضيها منذ أكثر من خمسة أعوام.

 

مصالح اقتصادية

 

‏‏ويفسر مسؤول التواصل الخارجي لاعتصام المهرة أحمد بلحاف أسباب استماتة السعودية في السيطرة على منافذ المهرة الحدودية مع سلطنة عمان، برغبتها في إطباق الحصار الاقتصادي والإنساني على اليمنيين، لكي يظلوا بحاجة إليها فقط وليس لهم سوى المنافذ التي تمر عبر أراضيها.

 

وبحسب بلحاف فإن الهدف الأكبر للسعودية من خلال هذا التصعيد هو التمهيد لمشروع مد الأنبوب النفطي من أراضيها إلى ميناء نشطون في محافظة المهرة المطل على بحر العرب، مشيرا إلى أن أبناء المهرة لا يعارضون المصالح السعودية في حال جاءت عبر القنوات الرسمية والقانونية.

 

ويذهب المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إلى التأكيد على الطموحات التوسعية للسعودية بهدف الوصول إلى بحر العرب، ومحاولة تركيزها على إفراغ محافظة المهرة من نفوذ الدولة اليمنية، واستنبات صراع طرفاه مليشيا تقوم بدعمها وتشبه الأحزمة الأمنية وقوات النخبة التي أنشأتها الإمارات في الجنوب، وفي الطرف الآخر أبناء المهرة الذين جهزت السعودية لهم توصيفات واتهامات بالتمرد والتخريب والإرهاب.

 

ويضيف التميمي للجزيرة نت أن السعودية لا تريد أن يبقى الوضع في المهرة على ما هو عليه، من ثبات على دعم نفوذ الدولة اليمنية وأجهزتها والتمسك بمبدأ الوحدة الوطنية وتحرير المنافذ ونبذ دعوات الانفصال التي تغذيها الإمارات والسعودية في بقية المحافظات الجنوبية، بحسب قوله.


التعليقات