هددوهم إن عادوا بالذبح..
صحفي يكشف عن ترحيل مواطنين شماليين من عدن.. احتجاز وتعذيب وسحل
- عدن - خاص السبت, 29 فبراير, 2020 - 09:21 مساءً
صحفي يكشف عن ترحيل مواطنين شماليين من عدن.. احتجاز وتعذيب وسحل

[ صورة لترحيل مواطنين ممن ينتمون للمحافظات الشمالية في عدن ]

كشف مواطنون من أبناء المحافظات الشمالية تم ترحيلهم من العاصمة المؤقتة عدن (جنوبي اليمن)، عن انتهاكات واعتداءات جسدية ترتكبها مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم إماراتيا-  قبل ترحيلهم، خلال الأيام القليلة الماضية.

 

وبحسب المواطنين، فإن عناصر الانتقالي تقوم بحملة ترحيل باعة ومتجولين وعمال، ممن ينتمون للمحافظات الشمالية، حيث تحتجزهم في مناطق خارج عدن بطريقة غير إنسانية، ويتعرضون لمعاملة سيئة.

 

وقال الصحفي عبد الله الصعفاني -في منشور بصفحته على فيسبوك نقلا عن محمد فرحان القاضي- "بعد أن قضينا غرضنا في عدن خلال ثلاثة أيام قررنا العودة إلى تعز، كنت برفقة بعض الإخوة، خرجنا من أحد فنادق عدن في تمام الساعة الثانية والنصف ليل الأربعاء 26/2/2020 استقلينا سيارة أحد زملائنا واتجهنا صوب مدخل عدن الشمالي قاصدين التوجه إلى لحج ثم تعز عبر الطريق الرابط بين المحافظتين (الوهط - طور الباحة - حيفان)".

 

وأضاف "بعد أن تجاوزنا منطقة دار سعد ووصلنا إلى المدينة الخضراء فوجئنا بنقطة يبدو أنها مستحدثة، أوقفنا أحد الجنود وبدأ يسألنا: من أين أنتم؟ فأجبناه فعرف أننا من إحدى المحافظات الشمالية".

 

اعتقال بالهوية

 

وتابع "بعد ذلك طلب منا بطائقنا الشخصية.. أعطيناه البطائق ثم ذهب على ما يبدو إلى المسؤول الأعلى منه الذي كان يقبع في داخل أحد الأطقم الواقفة على جانب الطريق، لحظات بسيطة حتى عاد وطلب من زميلنا السائق ركن السيار جانبا ثم طلب منا النزول من السيارة".

 

وأردف "نزلنا من السيارة ما عدا زميلنا صاحب السيارة، حيث شفع له أنه من أبناء عدن.. بعدها طلب منا الانضمام إلى عدد كبير من الأشخاص الذين تم حجزهم جوار أحد الهناجر الكبيرة على الطريق، بعد مرور فترة بسيطة عرفنا أن هؤلاء الأشخاص هم من العمال والتجار والموظفين الوافدين من مدن شمالية".

 

واستدرك "كانت أعمارهم مختلفة فتجد الشاب الصغير والكهل الستيني والسبعيني، كان واضحا على هيئة الكثير منهم أنهم في ملابس النوم، بل إن البعض منهم لا يلبس حذاء"، مضيفا "كان يقف عدد من أفراد المليشيات حول المحتجزين بلباس عسكري مصوبين رشاشاتهم باتجاه رؤوس المحتجزين"، لافتا إلى أن "هؤلاء الجنود يتبعون المجلس الانتقالي من خلال العلم الذي على البزة العسكرية، فكان بعضهم كاشفا وجهه والبعض الآخر ملثم. سألت أحد القاعدين جواري منذ متى وأنتم هنا؟ أجاب: منذ الحادية عشر والنصف مساء".

 

"وعند الاحتجاز أشار القاضي إلى أن عددا آخر من المواطنين المحتجزين بدؤوا يأتون من اتجاه دار سعد على متن شاحنات صغيرة، ثم يفرغونها بضمهم إلينا".

 

يصف القاضي منظر إنزال المحتجزين من الشاحنات بـ"المخجل" لمن لديه ذرة من انسانية -حسب قوله- حيث يرافق إنزالهم من الشاحنات بأشد أنواع السب والضرب بواسطة "سير" عسكري بأيدي الجلادين بالإضافة إلى الركل.

 

اعتداءات

 

يسرد الصعفاني على لسان القاضي بالقول "لم يراعو حتى كبار السن، لم يتذكروا أنهم في سن آبائهم ممن جلبوهم، لم يشفع لهم كبر سنهم ولا قواهم الخائرة التي لم تمكنهم من الهبوط من الشاحنات إلا بشق الأنفس".

 

وقال "بعد مرور ما يقارب الساعة سمعت في الطرف الآخر صوت ضرب السير ينهال على ظهور ورؤوس المحتجزين، نظرنا جميعنا ناحية الصوت، حينها خاف المحتجزون وبدؤوا بالنهوض لتحاشي ما يحدث، حينها بدأ العساكر بالسب والشتم واللعن والتهديد بالقتل والسحل، ثم بدأ بعض العساكر بإطلاق الرصاص الحي في الهواء أو إلى الأرض، فاندفع المحتجزون للهرب خوفا من الرصاص إلى شارع فرعي مظلم، ازداد حينها العساكر بإطلاق الرصاص الكثيف جدا من أسلحة الكلاشنكوف المختلفة العيار، مع إطلاق قنبلة صوتيه شديدة الانفجار".

 

يضيف القاضي وهو أحد المحتجزين "حينها تسمرت في مكاني بعد محاولة تحاشي اندفاع المحتجزين، كنت أنظر لعناصر الانتقالي وهم يطلقون الرصاص إلى الأرض، كنت أسمع أصوات الاستنجاد بالله تتعالى".

 

ويواصل القاضي حديثه بالقول "بعدها تم مطاردة المحتجزين الذين هربوا إلى الشوارع المجاورة، وتم تجميعهم من جديد مع إطلاق عبارات السب البذيئة والكلمات العنصرية، ثم بدؤوا بإهانة من أعادوهم، ضرب على الوجه وركل على مختلف أنحاء الجسم وبعض العساكر يضرب بحزام عسكري غليظ، ضربوا أمامي رجالا شابت رؤوسهم"، مضيفا "لم يسمحوا لنا بشربة ماء".

 

تجريد للقيم الإنسانية

 

يتابع "بعد دقائق رأيت الجنود على بعد أمتار ينهالون ضربا على شاب مع إطلاق كلمات السب البذيئة، لم أعرف ما سبب ذلك، أصبت بالصدمة من هول الموقف، بدأ الشاب بالصراخ العالي مستنجدا بأمه (يا ماه . يا ماه.) كان صوته يدوي وهم مستمرون بالضرب، بعد برهة خبا صوت ذلك الشاب".

 

وذكر أنه "عند قرب الفجر أحضروا شاحنات كبيرة نوع فولفو، تستخدم في نقل النيس والكري، ويبدو أنهم اختاروها بعناية فائقة، فحمولتها غير مرئية من أي ناحية، وارتفاع مكان التحميل يصل الى مترين أو أكثر قليلا، أي حين تشحن فيها الأفراد وتمر بهم في الشوارع، لا يستطيع أحد معرفة ما بداخلها".

 

ويمضي القاضي في حديثه قائلا "بدؤوا بتنظيمنا في طوابير، مع إطلاق كلمات السب والشتم البذيئة، وضرب بعض المحتجزين الذين يتأخرون عن تنفيذ الأوامر".

 

وقال "أمروا المحتجزين بالصعود إلى الشاحنات، وكانت عملية الصعود صعبة جدا ولا يقوى عليها إلا الشباب، لأن المطلوب صعود الشاحنة من الجنب، رأيت بعض الشباب يساعدون بعض كبار السن على الصعود ورأيت بعض كبار السن يصعد ثم يسقط، فيأتي عسكري ويوجه له الإهانات دون مراعاة لكبر سنه أو لشعره الأبيض الذي يملأ رأسه".

 

كبار السن

 

وسرد المحتجز تفاصيل الصعود للشاحنة بالقول "من المواقف التي صادفتني عند صعودي على الشاحنة رجل كبير في السن بعد أن ساعده أحد الشباب على الصعود، بدأ يتوسل إلى العساكر بأن يمدوا له بأدواته التي تركها على الأرض، كانت أدواته عبارة عن كريك (مجرفة) يستخدمها في عمله وشوالة لا أدري ما بداخلها، ربما ما تبقى من ثيابه. كانت عيونه مغرورقة بالدموع، ويتوسلهم بكلمات تدمي القلب، واضح أن تلك الأدوات بالنسبة إليه كانت هي كل ثروته، ظل يصيح ويتوسل ولكن دون جدوى.. فاستسلم".

 

وقال "ظلت مليشيات الانتقالي تكدس الشاحنات بالمحتجزين حتى بدأنا نشعر بالضيق والازدحام وبدأ البعض يصيح: كفاية.. كفاية. صعد أحدهم لينظر ثم أخبر قائده بأن الشاحنة أصبحت مليئة، ليرد عليه: لا.. رصهم زي الدجاج.. وبدؤوا بإضافة المزيد من الأفرد".

 

وأوضح "بعدها انطلقت الشاحنات متجهة شمالا، وكان وضعنا فيها صعب للغاية.. فنحن لا نشاهد سوى السماء نظرا لارتفاع جوانب الشاحنة، وبدأ البعض يشكو من التنفس ومن الضغط الشديد خصوصا عندما يدوس السائق على الفرامل، حيث كان يندفع الجميع إلى الأمام مما يسبب ضغطا هائلا، وبدأ بعض الشباب بمساعدة كبار السن على الوقوف وذلك بإسنادهم".

 

يقول القاضي "بدأت أسأل بعض من هم بجواري عن كيفية تجميعهم، فأجابوني بعضهم بأنهم كانوا نائمين في اللوكندة وتم مداهمتهم وإخراجهم بالقوة دون السماح لهم بأخذ أغراضهم الشخصية والبعض الآخر من الشوارع وتركوا سياراتهم، وآخرين تم أخذهم من الفنادق".

 

ولفت إلى أنه بعد ما يقارب نصف ساعة توقفت الشاحنات، وبدؤوا بالنزول، فعرفوا أنهم في منطقة صحراوية بعد نقطة الحديد باتجاه طور الباحة.

 

سحل

 

وقال "بدأ مسلحو المليشيات بإطلاق كلمات السب البذيئة وأمرونا بالجلوس وفتح شفرة التلفون، ليتأكدوا من خلوها من الصور التي توثق أعمالهم الدنيئة، وبدؤوا بركل شخص في وجهه وضرب بالأحزمة على مختلف جسده، ثم اقتادوه وربطوا يديه بواسطة شال (غترة) وربطوه إلى سيارة.. ثم بدأت السيارة بالتحرك وبدأ الشاب يجري وراءها لتفادي عملية سحله على الأرض، وعندما انهار الشاب وبدأ جسده يسقط توقفت السيارة".

 

"بدأ بعدها أحدهم يبدو أنه قائد المجموعة بتوجيه النصيحة لنا بعدم العودة إلى عن والتزام مناطقنا وأنهم سوف يذبحون أي شخص سيعود إلى عدن"، وفقا للمحتجز القاضي.

 

وقال "طلبنا منهم بطائقنا الشخصية فرفضوا رفضا مطلقا وهي بحوزتهم إلى هذه اللحظة".

 

وختم المحتجز حديثه بالقول "بعدها أمرونا بالاتجاه نحو الصحراء ومنعونا من السير على الطريق الإسفلتي أو بجواره، وبعد أن شاهدناهم يعودون إلى الخلف عدنا للسير على الطريق باتجاه طور الباحة".

 

وتستمر حملة التهجير القسري والاعتداءات والترحيل والممارسات ضد أبناء الشمال المتواجدين في العاصمة المؤقتة عدن.

 

وفي أغسطس/ آب من العام الماضي، نفذت مليشيات الانتقالي حملة ملاحقة وترحيل لمواطنين من أبناء الشمال من عمال وباعة ومتجولين، ونهبت محلاتهم ومملكاتهم في سلوك إرهابي انفصالي عنصري مناطقي مقيت خارج عن الوعي وعن الأخلاق والمسؤولية الوطنية.


التعليقات