الغارديان: حرب اليمن لن تنتهي قريبا.. جوع وكورونا ونزوح جديد محتمل من مأرب
- القدس العربي الثلاثاء, 09 مارس, 2021 - 10:18 صباحاً
الغارديان: حرب اليمن لن تنتهي قريبا.. جوع وكورونا ونزوح جديد محتمل من مأرب

قالت مراسلة شؤون تركيا والشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" بيثان ماكرنان إن الحرب على الأرض في اليمن "لن تنتهي قريبا". وأشارت إلى أن "اليمن وأصدقاءها اليمنيين لديهم مكانة خاصة في قلبها. وكل زيارة هي بمثابة تجربة حلوة مرة وكل الذكريات في المساءات الجميلة قد تنتهي بغلاف من الحزن".

 

وفي أثناء زيارة لها إلى اليمن في 2019، كانت تنتظر إذناً من المسلحين الحوثيين للسفر إلى شمال البلاد، ووجدت نفسها عالقة لعدة أيام في المدينة الصحراوية، مأرب. وقالت: "كنت متعبة من السفر والحرارة، ولم أتناول طعاما جيدا وحاولت الانتهاء من عمل تقارير جيدة، لكن لا شيء يحدث في اليمن سريعا، إن كان هناك شيء يحدث".

 

وتتذكر أن صديقا دعاها لزيارة أقاربه الذين شردتهم الحرب ويعيشون في المدينة لتناول طعام الغداء، حيث طبخت الأم فايزة أشكالا متعددة من الطعام، وربما بدأت بالطبخ بعد الفجر، وشملت على "سلتة" التي تفضله وكعك من العسل اسمه "بنت الصحن" لم تتناوله من قبل. وتصف كيف تحدثوا عن السياسة والحرب وكيف لعبوا ومازحوا الأطفال الذين كانت أصغرهم بنت جميلة اسمها خديجة لم تتجاوز الشهرين من عمرها، وكانت الزيارة تذكيرا لها بالحياة الطبيعية، وأن هناك عائلات تمارس حياتها بشكل يومي وتمنت لو كتبت تقارير عما عاشته، وأن الحياة ليست فقط موتا وكآبة في اليمن.

 

ولكنها شعرت بالتحطم عندما تلقت رسالة من أحد أفراد العائلة يخبرها أن خديجة مرضت وارتفعت حرارتها وتوفيت. وحاول والداها أخذها إلى المستشفى لكن لم يكن هناك طبيب للمساعدة. وتضيف ماكرنان: "أفكر بحياتها القصيرة كثيرا، وبالنسبة لليمنيين فالحرب موجودة دائما، ولا مجال لهم لتجاهلها لمدة طويلة. ولو أراد البعض مشاركة تجربتهم الصعبة والمؤلمة معي كما فعلت عائلة خديجة، فعلي واجب الاستمرار بالعمل. فالحديث هو ما لدى سكان البلد وهو ما يقومون به وهو شرف أتعامل معه بجدية".

 

وترى أن المحررين في الصحيفة أظهروا تعاونا مثيرا للإعجاب بما تقوم به لاعتقادهم أنه مهم، ولا تخصص الكثير من الصحف مصادر ودعم لجهود كهذه.

 

وتعتقد الكاتبة أن واحدا من الأسباب التي جعلت اليمن خارج الرادار لوقت طويل، هو إغلاق حدوده البرية ومجاله الجوي، حيث لم يخرج أي من المهجرين بسبب الحرب مع أن 3 ملايين يمني نزح بسببها. ولو وجد اليمنيون طريقهم إلى شواطئ اليونان ودول جنوب أوروبا وأخذوا يقصون ما تعرضوا له دونما خوف من الجماعات المتحاربة، لزادت الضغوط على الدول الغربية التي تبيع السلاح للدول المشاركة في الحرب لوقف الصفقات.

 

أحد الأسباب التي جعلت اليمن خارج الرادار لوقت طويل هو إغلاق حدوده البرية ومجاله الجوي

 

وقالت ماكرنان، إن الحصار السعودي هو معوّق كبير للعمل في اليمن، فمن الصعب الدخول، وعدد الطلبات المرفوضة للصحافيين أكبر من تلك التأشيرات الممنوحة لهم لدخول اليمن. ولا يتعدى عدد طائرات أسطول الخطوط الجوية اليمنية ست طائرات، ولهذا يعتبر الحصول على مقعد عليها مثل الحصول على تراب الذهب، وعادة ما تلغى الرحلات بدون إنذار وبأمر من التحالف. والحل هو استئجار سيارة والدخول من جنوب عُمان لو استطعت إقناع مسؤولي الحدود. وتأخذ الرحلة من هناك إلى عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة ثلاثة أيام.

 

وعادة ما تصبح النزاعات التي يطول أمدها عن عدة سنين أكثر تعقيدا، والنزاع اليمني ليس استثناء، فهناك القوات الموالية للحكومة اليمنية، وأخرى موالية للمتمردين الحوثيين وحركات أنشئت في 2017 وتريد فصل الجنوب عن الشمال، وهي ثلاثة حروب في حرب واحدة، بالإضافة لخلايا تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية في الصحراء.

 

وطغت الحرب والخسارة الإنسانية على جمال اليمن المذهل، فبعض أجزاء اليمن لا تختلف عن النمطية المعروفة عن المنطقة والصحراء الممتدة، ولكن عندما تدخل الشمال وجباله، تكون كمن دخل عالم الجنياّت: سحب الغيم التي تغطي المزارع الخضراء، والقلاع بلون حبر الزنجبيل، وتعود إلى القرون الوسطى التي تبدو وكأنها تحاول الإمساك بأطراف الجبال. وأفضل أنواع القهوة في العالم تأتي من الجبال اليمنية، وتتعالي حلقات الذكر والموسيقى من مساجد الصوفية.

 

فاليمن هو مكان متجذر في التاريخ والثقافة، وظاهرة طبيعية استثنائية، وفيه أرخبيل سقطرى المعروف بغالابوس المحيط الهندي. وبالطبع كان من الأفضل الاحتفال باليمن وعجائبه بدلا من الشفقة عليه بسبب حمام الدم فيه، وحتى بالدفعة الأخيرة من الرئيس جوزيف بايدن لوقف النزاع، فلن يتوقف في وقت قريب.

 

وزادت الحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية سوءا بداية العام الحالي كما كان الحال عام 2020. ومدينة مأرب التي تعيش فيها عائلة خديجة، كان واحة أمن لكل الفارين من الحرب. لكن الحوثيين يشنون عليها هجوما واسعا بشكل يعرض مليوني نسمة فيها للخطر ويدفع النازحين للفرار من جديد. وفي هذه المرة لا يعرف الكثيرون إلى أين المفر. وسيصبح الوضع الإنساني في الأشهر القادمة أسوأ، في ظل خفض الدعم الدولي، ونصف السكان في حالة جوع.

 

ويواجه اليمن موجة ثانية من فيروس كورونا، مع أنه من الصعب وصف الأثر الذي تركه كوفيد-19 على البلد نظرا لعدم وجود مراكز الفحص فيه. وكل هذا يجعل العمل وتغطية أخبار اليمن تجربة تستنزف الجهد والعاطفة، ولكن الشعور بأن هذا العمل يحدث فرقا هو دافع قوي.


التعليقات