مطار صنعاء.. سنوات من الإغلاق ومفاوضات معقدة تنتظر حلا
- الأناضول الاربعاء, 30 يونيو, 2021 - 11:55 صباحاً
مطار صنعاء.. سنوات من الإغلاق ومفاوضات معقدة تنتظر حلا

[ مطار صنعاء الدولي ]

تعثرت الجهود الدولية والأممية الرامية لحل قضية مطار صنعاء الدولي باليمن، إثر عدم التوصل إلى آلية توافق بين الحكومة والحوثيين لإعادة الرحلات الجوية المتوقفة في أكبر مطارات البلاد منذ سنوات.

 

وبدأ التحالف العربي بقيادة السعودية حظر الحركة الملاحية بمطار صنعاء في 9 أغسطس/ آب 2016، مع إبقاء الرحلات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ومنظمات أخرى مثل "أطباء بلا حدود"، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

 

وجاء قرار التحالف إثر اتهامه الحوثيين بأنهم يستخدمون المطار الحيوي لأغراض عسكرية وتهريب أسلحة ومستشارين.

 

لكن الحوثيين ينفون هذه الاتهامات، ويشددون على أنه مطار مدني بحت، متهمين التحالف بالتسبب بأزمة إنسانية كبيرة جراء إغلاق المطار الذي يخدم ملايين اليمنيين، خصوصا المرضى الراغبين بالسفر للخارج.

 

ومع مرور الذكرى الأولى لإغلاق مطار صنعاء، دعا التحالف العربي في 10 أغسطس/ 2017، الأمم المتحدة للمساهمة في استئناف تسيير الرحلات التجارية ونقل الركاب عبره، من خلال إدارة أمن المطار، وضمان مخاوف الحكومة اليمنية الشرعية.

 

وقال التحالف آنذاك في بيان لمتحدثه تركي المالكي، إنه "في حال توفر عوامل حسن إدارة المطار وضمان أمن وسلامة الطائرات التجارية وإيقاف عمليات التهريب، فإن قيادة التحالف على أتم الاستعداد لفتح حركة الملاحة الجوية أمام الطائرات التجارية".

 

ولم يعلق الحوثيون آنذاك على هذا العرض من قبل التحالف، لكن الجماعة ترفض بشكل قاطع إدارة المطار من أي طرف آخر، وتقول إن ذلك حق سيادي لليمن.

 

اتفاق ستوكهولم

 

في ديسمبر/ كانون الأول 2018، استضافت العاصمة السويدية ستوكهولم مفاوضات بين الحكومة اليمنية والحوثيين برعاية الأمم المتحدة.

 

وناقشت هذه المفاوضات، عدة ملفات بينها إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية.

 

وجرت نقاشات متعددة حول هذا الملف، غير أنها لم تحرز تقدما حقيقيا، وسط تباين وجهات النظر بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

 

ووافقت الحكومة اليمنية في حينه على إعادة فتح المطار، بشرط أن تخضع الطائرات التي تنطلق منه للتفتيش في مطار عدن (جنوب) أو مطار سيئون (شرق).

 

لكن جماعة الحوثي رفضت شرط الحكومة اليمنية، وشددت على ضرورة عودة المطار إلى وضعه السابق بدون إجراءات تفتيش.

 

مفاوضات دائمة حول المطار

 

بعد فشل مشاورات ستوكهولم بخصوص ملف مطار صنعاء، واصل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، التوسط بين الحكومة والحوثيين بهدف حل أزمة هذا المنفذ الجوي.

 

وعقد المبعوث الأممي مباحثات متكررة مع مسؤولين حكوميين وآخرين حوثيين بهدف التوصل إلى حل وسط لإعادة فتح المطار، للتخفيف عن معاناة ملايين اليمنيين الذين يرغبون بالسفر للخارج.

 

ويلجأ هؤلاء إلى السفر عبر مطاري عدن أو سيئون، بعد سفر بري طويل يستغرق أحيانا 24 ساعة، فيما يفارق بعض المرضى الحياة، أثناء رحلة السفر البري.

 

وخلق هذا الملف صعوبات كبيرة للمبعوث الأممي، حيث تصطدم جهوده الرامية لوقف إطلاق النار بمطالب الحوثيين بضرورة إعادة فتح مطار صنعاء ووقف الحصار بدون شروط كتعبير عن حسن نية للتفاوض حول حل شامل للأزمة تمهيدا لإنهاء الحرب، فيما تتهم الحكومة الحوثيين بـ"المتاجرة بالملف الإنساني" بما في ذلك المطار.

 

الوساطة العمانية

 

برزت الوساطة العمانية لحل الأزمة باليمن، بشكل أكبر خلال الأشهر الماضية، وتوسطت مسقط حول أبرز ملفات الصراع في البلاد، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي.

 

ومطلع يونيو/ حزيران الجاري، وصل وفد عماني رفيع للمرة الأولى إلى صنعاء، وعقد لقاءات مع مسؤولين حوثيين، بينهم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

 

وتطرقت المباحثات إلى عدة ملفات سياسية وعسكرية وإنسانية، وحظي ملف مطار صنعاء باهتمام بارز.

 

لكن هذه المباحثات التي أجراها الوفد العماني لم تحرز تقدما في عدة ملفات، بما في ذلك إعادة فتح المطار.

 

وفي الـ11 من ذات الشهر، أفاد مصدر مقرب من الحوثيين للأناضول، بأن "جماعة الحوثي أبلغت الوفد العماني بأن إعادة فتح مطار صنعاء ينبغي أن يتم دون أي مساومات كونه حق سيادي مشروع، دون تفاصيل أخرى".

 

وفي اليوم نفسه، قالت وزارة الخارجية اليمنية في بيان، إن "جماعة الحوثي ترفض فتح المطار إلا بشروطها، وأن الحكومة قدمت تنازلات كافية وضامنة للسفر الآمن لكافة المواطنين، وليس لتحويل المطار إلى منفذ خاص لتقديم الخدمات الأمنية والعسكرية واستقدام الخبراء".

 

وشددت الوزارة، أن "فتح الطرقات وضمان حرية حركة المواطنين ورفع الحصار عن المدن يقع في قلب القضايا الإنسانية الأساسية التي تضعها في مقدمة أولوياتها".

 

خسائر اقتصادية وآثار إنسانية

 

اقتصاديا، أدى إغلاق مطار صنعاء، إلى تكبد الاقتصاد اليمني الواقع تحت سيطرة الحوثيين خسائر كبيرة، إضافة إلى تأثيرات إنسانية على الكثير من السكان الراغبين في السفر إلى الخارج.

 

وفي مارس/ آذار الماضي، أعلن مدير مطار صنعاء خالد الشايف، أن الخسائر المادية والاقتصادية جراء إغلاق واستهداف المطار بلغت أكثر من 3.5 مليارات دولار، وفق ما نقلت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين.

 

وفي فبراير/ شباط 2021، قال الشايف في مؤتمر صحفي، إن إغلاق المطار تسبب بوفاة أكثر من 80 ألف مريض كانوا بحاجة ماسة لتلقي العلاج في الخارج.

 

وأوضح أن "أكثر من 450 ألف مريض ما يزالون بحاجة إلى السفر لتلقي العلاج في الخارج بسبب استمرار الحرب وتردي الظروف الصحية من جراء الحصار الشامل".

 

ولفت أن "أكثر من مليون مريض مهددون بالموت نتيجة انعدام أدوية الأمراض المستعصية، وأكثر من ثلاثة آلاف مريض مسجلون بوزارة الصحة يعانون من تشوهات قلبية بحاجة ملحة إلى السفر للخارج لتلقي العلاج".

 

وتشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 235 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

 

وللنزاع امتدادات إقليمية، فمنذ مارس 2015، ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.


التعليقات