قال محافظ مأرب سلطان العرادة إن الغالبية العظمى من مأرب تحررت من قبضة الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس اليمني السابق علي صالح، وإن ما تبقى هو جزء «بسيط» من مديرية صرواح، لافتاً إلى خطة عسكرية لتحريرها خلال أيام، نافياً بشدة وجود أي خيانة من الداخل في ضرب معسكر قوات التحالف بمأرب بصاروخ «توشكا» من الحوثيين.
واعتبر العرادة في حوار مع «الحياة» أن أي حوار مقبل بين اليمنيين يرتكز على ثلاثة أسس هي المبادرة الخليجية بآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، مبيناً أن من يحاول الخروج عنها فهو يحاول الخروج عن الإجماع الوطني، وسيغرد خارج السرب. محافظ مأرب حذر أيضاً من أن أي حوار أو تفاوض يبقي على السلاح مع الميليشيات، أياً كان، فهو بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في أي لحظة، وستعود بانتكاسة على الوضع المحلي والإقليمي بأخطر مما هي عليه اليوم،
وتطرقالعرادة كذلك لتفاصيل صاروخ توشكا الذي أطلقته الميليشيات على معسكر قوات التحالف في مأرب وأسبابه..
فإلى تفاصيل الحوار:
> بداية صف لنا الوضع الحالي في محافظة مأرب؟
- مأرب صمدت من أول لحظة، ولم تسلم للحوثي على رغم الحرب الشرسة التي فرضت عليها، إلا أننا بقينا محتفظين بالشرعية والمؤسسات الحكومية والمعسكرات، ودافعنا عنها على رغم قلة الإمكانات، وبمساندة الشرفاء من الجيش والأمن حتى جاء التحالف وساندنا كثيراً. والأمور في مأرب الآن جيدة، وهي شبه محررة من الميليشيات الحوثية وأعوانها، ما عدا جزء من مديرية صرواح ما زال في أيديهم.
> حررت مديرية حريب أخيراً، لكن كم يشكل الجزء المتبقي مع الحوثيين من محافظة مأرب؟
- نعم تحررت حريب بالكامل قبل أيام، ومحافظة مأرب تتكون من 14 مديرية، وما تبقى معهم هو جزء من مديرية صرواح، لظروف وأسباب، وستتطهر خلال الأيام المقبلة.
> هل لديكم خطة في هذا الخصوص؟
- نعم لدينا خطة عسكرية، وهي ماضية وسيتم تحريرها والوضع في مأرب طيب، والأداء الحكومي جيد، ربما ليس ما نطمح إليه، ولكن مقارنة ببقية المناطق المحررة فإن مأرب تعد أفضل من غيرها. ويوجد بها ما يزيد على 700 ألف من أبناء المحافظات الأخرى من دون استثناء، يعيشيون بأمن واستقرار وارتياح كامل.
> البعض يتساءل عن سر توافر الأمن في مأرب، على رغم ظروف الحرب التي فيها؟
- في الواقع، هناك أسباب وعوامل متعددة، فالحس الوطني لدى أبناء المحافظة هو الأرضية والأساس في هذا الجانب، وبالذات لمن يأتي إليهم من خارج المحافظة، وتعرفون القيم والأخلاق التي يتمتع بها أبناء اليمن.
والأمر الآخر هناك قوة أمنية وعسكرية موجودة تساعد في ضبط الأمن والاستقرار، إضافة إلى أن المقاومة الشعبية في مأرب لا تنفك عن الجيش والأمن، وهو ما ساعد في أداء مهامهم، ولم تركب المقاومة رأسها وتدعي أن لها الفضل في التحرير وحدها، وهذا حصل بعد جهود قمنا بها مع المقاومة الشعبية والسياسية في المحافظة، اجتمعنا مع القوى السياسية واتفقنا على أن مأرب هي حزبنا، واتفقنا مع القبائل على أن مأرب هي قبيلتنا، وترك الممحاكات والخلافات القبيلة حتى نصد العدوان الذي قامت به الميليشيات الانقلابية، وتحقق هذا الهدف بوعي أبناء المحافظة وبتكاتف الجميع.
> هل يسري على عناصر المقاومة الشعبية في مأرب قرار الرئيس بدمجهم في قوات الأمن والجيش؟
- طبعاً توجيهات الرئيس واضحة بشأن دمج المقاومة في قوات الجيش والأمن في جميع المناطق المحررة بالجمهورية، وهناك خطة لدينا في تقسميهم وفقاً لمؤهلاتهم وقدراتهم واستعداداتهم النفسية، جزء منهم في الأمن والشرطة، وآخر في القوات المسلحة، وسيوزعون على الوحدات العسكرية، وأنا أحبذ دائماً المزج بين أبناء الوطن، وألا يكون كل أبناء منطقة أو قبيلة أو فئة وحدة عسكرية بذاتها، لأن هذا سيشكل خطراً على المديين القريب والبعيد.
> كم يبلغ عدد عناصر المقاومة الشعبية في مأرب؟
- عددهم يقارب 16 ألف فرد، وبدأنا في دمجهم في الأمن والشرطة، أعطينا دورة لقرابة ألفي فرد في الجانب الأمني، وعندما تحررت حريب أرسلنا لها سريتين من العناصر المدربة لحفظ الأمن هناك، وعملية الدمج ستكون تدريجياً، لدينا المنطقة العسكرية الثالثة، تمتد من أطراف الجوف وصنعاء حتى بلحاف.
> هل لكم في مأرب أي دور في عملية تحرير مديرية بيحان بمحافظة شبوة؟
- نعم هناك تعاون، عملية تحرير حريب وبيحان تمت بشكل متواز وبتنسيق، وتمت السيطرة على حريب بسرعة، وبيحان في طريقها إلى التحرر، والمقاومة مستمرة والدعم متواصل، وضعنا ووضعهم واحد.
> الكثير حتى اليوم يتساءل عما حصل بالضبط إبان إطلاق الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي صالح صاروخاً على معسكر قوات التحالف في مأرب، ماذا حدث بالضبط؟
- المسألة واضحة لدى العسكريين والخبراء، العملية باختصار صاروح «توشكا» انطلق من إحدى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باتجاه معسكر التحالف الذي كان بجوار مبنى اللواء 107، والمسألة معروفة يمكن تحديد الموقع عبر «غوغل»، ولا تكلف العدو عناء كبيراً.
> ألم يحتط العسكريون لمثل هذا الاحتمال ورصد مواقعهم؟
- كانوا يظنون أن الصواريخ بعيدة المدى التي في حوزة الميليشيات انتهت عبر الضربات الجوية، واكتشفنا لاحقاً أن العدو كان يحتفظ بأعداد كثيرة من هذه الصواريخ. وكنا نظن أن المسافة بعيدة ولا يملكون صواريخ تصل إلى مسافة 120 كيلومتراً، وسمعنا روايات أن هناك شيئاً من الداخل وما إلى ذلك، إطلاقاً لا يوجد شيء من هذا القبيل، وهذا الكلام كان على مرأى ومسمع من القادة وقت حصول الحدث، وكلها روايات مغرضة ومغلوطة.
> هل سقطت صواريخ أخرى على المحافظة بعد هذه الحادثة؟
- نعم الكثير من الصواريخ تعرضت لها المحافظة، لكن نشكر التحالف الذي وفر لنا صواريخ «باتريوت» التي استطاعت صد جميع الصواريخ وتجنيب المدنيين ويلاتها، وتم اعتراضها جميعاً إذ كان بعضها موجهاً لمنشآت ومقرات حكومية.
> ماذا عن معركة تحرير صنعاء ودور مأرب فيها؟
- مأرب أساساً بعد تطهيرها أصبحت معقلاً ومنطلقاً للمقاومة والجيش الوطني، انطلق عدد من الوحدات العسكرية والمقاومة الشعبية باتجاه فرضة نهم، وجزء باتجاه صرواح وجزء باتجاه حريب، الدور واضح وملموس. ووفق ما يقول المثل «لا بد من صنعاء وإن طال السفر»، وتصفية صنعاء هي تصفية للبلد واستعادة للعاصمة السياسية ومؤسسات الدولة، ومن ثم الولوج والدخول لمخرجات الحوار الوطني والوصول للدولة الاتحادية.
> في هذه الجزئية، الدولة الاتحادية ومخرجات الحوار الوطني، هناك تسريبات إعلامية عن خطة لتغيير عدد الأقاليم، هل لديكم رؤية في هذا الشأن؟
- لدينا أسس ثلاثة لأي حوار أو حديث، المبادرة الخليجية بآلياتها التنفيذية، مخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، هذه الأسس التي لا يستيطع أن ينفك عنها أحد، ومن يحاول الخروج عنها فهو يحاول الخروج عن الإجماع الوطني، وبالتالي سيظل يغرد وحده. وهذا الأمر لم يعد إجماعاً وطنياً محلياً، بل إقليمي ودولي، وهي تحدد الرؤية والاتجاهات العامة في مستقبل اليمن. ونأمل أن يتحدد ذلك.
> على رغم أن مأرب تحوي الثروة في اليمن، إلا أن بعض سكانها يعتقدون أنها ظلت مهملة تنموياً لسنوات طويلة، برأيكم ما الأسباب؟
- مأرب كانت محاربة، تعرضت إلى حرب شعواء من النظام السابق للأسف، حرب تنموية وإعلامية، بل شوهت مأرب، ثلاث محافظات تعرضت إلى التشويه الممنهج، وهي: شبوة، ومأرب، والجوف، وأسموها «محور الشر»، بينما هي منبع الخير والطاقة والاقتصاد لليمن، وأيضاً مصدر تاريخي للبلد. وحاول نظام صالح تشويه هذه المحافظات، وأن يركز على محاربة مأرب كثيراً، واكتشفنا أن له هدفاً من هذه المحاربة، بأن تظل محرومة وبائسة وأن يستولي على ما فيها من خيرات، ويترك أهلها، لكن انتبهنا في المرحلة الأخيرة وتعاون معنا الرئيس عبدربه منصور هادي في رفع عائد التنمية الاجتماعية خلال توليه الرئاسة، وحاولنا أن نضع خطة تنموية شاملة لهذه المحافظة، لكن عاجلنا الانقلاب بما حدث.
> ما أبرز سمات خطة تنمية مأرب؟
- لدينا خطة شاملة للتنمية ونأمل المساعدة من دول التحالف، وعلى رأسها المملكة والإمارات، وإعادة البناء والتعمير، ومأرب واعدة بذاتها. وهناك تفهم من القيادة واستيعاب من أهلها، فلا بد أن يكون ابن المحافظة مستوعباً لهذه المشاريع، وعاملاً مساعداً لتحقيقها، ونأمل بأن تتحقق الخطة على المدى القريب.
> بشأن المفاوضات مع الميليشيات بشأن وقف الحرب، البعض يطرح أن أي تفاهمات لا تشمل نزع سلاح الميليشيات بمثابة تكرار لتجارب سابقة، حين أعادت ترتيب نفسها، وهاجمت الدولة، ما رأيكم؟
- لسنا دعاة حرب ولا نريدها، لأنها تأكل الأخضر واليابس، فهي من دمائنا وأموالنا وأبنائنا ومستقبلنا، وعلى حساب استقرارنا، لكنها فرضت علينا، وبالتالي أي حوار أو تفاوض يبقي على السلاح مع الميليشيات أياً كان، فهو بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في أي لحظة، بل ستعود بانتكاسة على الوضع المحلي والإقليمي بأخطر ما هو عليه الآن هذا ما يجب أن ننتبه إليه من الآن، أن ينزع السلاح ويطبق القرار الأممي 2216 بحذافيره وأن نعود مواطنين يمنيين في ظل سقف الدولة اليمنية والمؤسسات، وكلنا أبناء وطن واحد ولا ضير أن يحكمنا أي يمني يأتي عبر الطرق المشروعة. أما قضية ذر الرماد على أعيننا كذباً، وأن نصدق الميليشيات التي جربناها ووعودها فهذا أمر في غاية الخطورة، وينبغي أن يتنبه له الجميع.