خلال أشهر تم افتتاحها مرتين.. مدرسة "بلقيس" في مأرب تنفيذا لفكرة طُرحت قبل 3 عقود
- قناة بلقيس الاربعاء, 26 أكتوبر, 2022 - 11:35 صباحاً
خلال أشهر تم افتتاحها مرتين.. مدرسة

في العام 1989، التقى ستة وثلاثون فرداً في إحدى الغرف بالعاصمة صنعاء، معظمهم جاء من المملكة العربية السعودية.

 

كان ذلك حدثا سيغيّر لاحقا مجرى تاريخ شريحة من المجتمع. في ذلك الاجتماعِ لم تسمع أصواتهم مطلقا، وجرى كل شيء على أكمل وجه.

 

كانوا مجموعة من الصم الذين حصلوا على قدر من التعليم، كتب أحد الحاضرين عدة بنود، من بينها إقامة مدارسَ خاصة بهم. بعد مرور ثلاثة وثلاثين عاما احتفلت مدينة يمنية بتنفيذ ذلك البند..

 

ويا للمفارقة، لم تكن صنعاء بل مأرب، ولم يكن من بين الستة والثلاثين، الذين اجتمعوا، حاضراً واحداً، لقد تفرّقوا، وتُوفي بعضهم، والبعض الآخر ذهب إلى مكان بعيد.

 

قال المجتمعون، في تلك الظهيرة، نريد أن تكون للصم مدارس خاصة، لا يعانون فيها من صعوبة الدراسة، ولا من ندرة الكُتب والمدرّسين، يومها أُعلن عن تشكيل جمعية الصم والبكم اليمنية، وعادت تلك النُّخبة بإنجاز.

 

لاحقاً، أُقيمت مدارس لهم، لكنّها كانت جُزئية؛ اثنتان منها في صنعاء، كما أُصدر أول قاموس يمني للصم، بعد أزيدَ من ثلاثة عقود، افتُتحت في مأرب مدرسة مكتملة، خاصة بالصم والبكم، أقامها "حيث الإنسان"، واستغرق ذلك أشهرا، خلالها كانت المخاوف تكبر وتصغر، لكن الإرادة كانت أقوى من كلِ خوف، وتُرك للصم أن يفتتحوا مدرستهم، التي منها سيتخرّجون وينشرون لغتهم في كل أرجاءِ اليمن.. ويوما ما، سيرسم من لا يقدر على الحديث إشارته للجميع: لقد تخرّجت من مدرسة "بلقيس" في مأرب.. بلقيس، التي أقام أعمدتَها "حيثُ الإنسان - 4"، وموّلتها مؤسسة "توكل كرمان".

 

 

عمدا ترك البرنامج افتتاح المدرسة وقص شريطها للطلاب الذين لا يتحدّثون، للطلاب الهاربين من الحرب في مناطقهم، الذين مرت سنوات وهم يعانون في مدارس عامة لا يستفيدون منها غير الشعور بالقهر أثناء جلوسهم جوار من تعمل حواسهم باكتمال.

 

حدث ذلك قبل أشهر، حين وقف طلاب أمام المدرسة إلى جوار معلميهم وهم يقصون شريط الافتتاح، وقد كانوا طلابا وطالبات دخلوا إلى مدرسة مكتملة، تم توثيق ذلك كله، وشاهده الناس في منازلهم في إحدى ليالي رمضان.

 

خففت المدرسة من إحساس النازحين بالقهر، خاصة أولئك الذين يرتادون المدرسة كل صباح.

 

في الشهر الماضي، وتحديدا في 21 من سبتمبر، نشرت مواقع إخباريه نبأ افتتاح مدرسة "بلقيس" للصم والبكم، كان نائب وزير التربية والتعليم هو من يفتتح مدرسة، دشّن العمل فيها من قبل.

 

لم يهتم البرنامج كثيرا للأمر، وظنّ طاقم العمل أن مكتب التربية أراد إيصال رسالة إلى جهة ما لم نكن نعرف أن المقصود هو البرنامج، الذي أقام الأعمدة، ووفّر كل ما تحتاجه المدرسة، وسلمها مكتملة وفق عقود بيّنة.

 

لم يتم الانتباه لتصريح مدير مكتب التربية في مأرب، علي العباب، الذي تحدّث عن كل شيء: عن التكلفة البالغة 84 ألف دولار، وعن ضرورة إيجاد أكثر من مدرسة لهذه الشريحة، لكنه لم يقل كيف أقيمت الفصول الستة، التي تحدث عنها أيضا بحماس.

 

حين نشرت صور الافتتاح الجديد، كان كل شيء كما عرفناه، وكما وضعه البرنامج، المبنى بسوره العالي، ورايته العالية، وصولا إلى الطلاب ومعلميهم.

 

أيام بعد ذلك، وتبيّن هدف الافتتاح الجديد، "بلقيس" لم يعد اسم للمدرسة، وعلى التلاميذ أن يقولوا حين يقصدونها صباحا: "نحن في طريقنا إلى مدرسة التحدّى"، وهو اسم كُرّس منذ عقود لدى جهات مختلفة حتى تظل فئة من المجتمع في حالة حرب مع الحياة، وفي حالة تحدٍ لا آخر، له بينما توفّر المدرسة كل ما يجعل تعليمه يسيرا وعاديا، مثله مثل أقرانه في المدارس القريبة.


التعليقات