تحركات لإنعاش الهدنة في اليمن: تصعيد الحوثيين خطر دائم
- العربي الجديد السبت, 05 نوفمبر, 2022 - 09:01 صباحاً
تحركات لإنعاش الهدنة في اليمن: تصعيد الحوثيين خطر دائم

[ أي تصعيد قد يؤزّم الوضع الإنساني (خالد زياد/فرانس برس) ]

يدخل اليمن شهره الثاني بلا هدنة، مع استمرار توقّف القتال، في الوقت الذي تتواصل فيه جهود الدبلوماسية الأميركية والأممية من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لتمديد الهدنة، على الرغم من تعثرها في تحقيق أي تقدّم في مسار السلام حتى الآن على الأقل.

 

وفي الوقت الذي يسود فيه هدوء نسبي في اليمن، مع عدم وقوع أي تصعيد عسكري كبير، إلا أن المخاوف تبقى قائمة من عودة القتال الدامي، في ظل تصاعد التهديدات بين الأطراف اليمنية، وحالة التأهب والاستعداد لذلك.

 

جهود لتمديد الهدنة اليمنية

 

وانتهت الهدنة الأممية في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد ستة أشهر من استمرارها، بعدما أُعلنت في 2 إبريل/نيسان لمدة شهرين، وتم تمديدها مرتين. ومنذ شهر تعثّرت جهود تمديدها من جديد، فيما تستمر المحاولات لتخطي الاشتراطات المسبقة للموافقة على ذلك.

 

وبدأ المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أمس الأول الخميس، جولة جديدة في المنطقة، تشمل دولتي الإمارات والسعودية "لدعم جهود تجديد وتوسيع الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة في اليمن"، وفق ما أعلنت الخارجية الأميركية.

 

وقالت في بيان صحافي: "نذكّر الحوثيين بأن العالم يراقب أفعالهم، ونحثهم على التعاون مع الأمم المتحدة والاستماع إلى نداءات اليمنيين من أجل السلام". وأشارت إلى "أن السبيل الوحيد لإنهاء ثماني سنوات من الحرب المدمرة، هو من خلال وقف دائم لإطلاق النار وتسوية سياسية تسمح لليمنيين بتقرير مستقبل بلادهم".

 

والأحد الماضي، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، إنهاء زيارة قام بها إلى العاصمة العمانية مسقط، بعد أن التقى كبار المسؤولين في سلطنة عمان ورئيس وفد التفاوض الحوثي محمد عبد السلام. وقال في تغريدة عبر "تويتر": "ركّزت المناقشات على سبل تجديد الهدنة في اليمن ومواصلة إحراز التقدّم نحو تسوية سياسية للنزاع".

 

وتتواصل المفاوضات لتمديد الهدنة على الرغم من التهديدات بالتصعيد العسكري وهجوم الحوثيين على ميناء الضبة لتصدير النفط في حضرموت (شرق اليمن) قبل نحو أسبوعين. وتجري تلك المفاوضات حول شروط الحوثيين، وأبرزها دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم من عائدات صادرات النفط اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً.

 

وشككت خارجية حكومة الحوثيين في صنعاء، غير المعترف بها، بما وصفته "ادعاء الولايات المتحدة الأميركية حرصها على تحقيق السلام في اليمن". وقالت في بيان الخميس إن "الولايات المتحدة، تحاول حرق المراحل بهدف إعاقة أي جهود صادقة لتحقيق السلام المستدام"، وفق ما نقلت وسائل إعلام الحوثيين.

 

ورأى رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" التابعة للحوثيين، وعضو الهيئة الإعلامية لـ"أنصار الله"، نصر الدين عامر، أن "مطالب صنعاء (الحوثيين) ليست عادلة فحسب بل ملحّة وإنسانية، ولا يستطيع أحد أن يعلن أنه يريد خلافها، لأنه سيكون عدواً للشعب كله، ولأنها تصب في مصلحة الشعب وتخفف القليل من معاناته".

 

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المرتبات ليست من مال أحد، بل من مال الشعب وثرواته، بالإضافة إلى الشروط ذات الطابع الإنساني في رفع القيود عن المطارات والموانئ". وتابع: "إن استمر التعنّت وتجويع الشعب وحرمانه من ثرواته ومحاولة نهب عائدات النفط وتوريدها للبنوك السعودية (...) فإننا سنستمر في فرض حظر نهب النفط وتصديره، وقد نذهب إلى خطوات تصعيدية في أي لحظة"، على حد قوله.

 

وتدور مفاوضات ثنائية بين السعودية والحوثيين بوساطة عُمانية لم تعرف نتائجها، إلا ان عضو وفد الحوثيين التفاوضي، عبد الملك العجري، قال إن "المفاوضات مع السعودية لا تعني استبعاد الأطراف اليمنية الأخرى من الحل السياسي". وأضاف في تغريدة على "تويتر": "الحديث مع السعودية ينحصر في وقف الحرب، ورفع الحصار، وإعادة الإعمار، وفي المرحلة السياسية ستكون هذه الأطراف (الحكومة اليمنية) جزءا من الحل السياسي".

 

تداعيات هجوم الحوثيين

 

وتأتي التحركات الدبلوماسية لتمديد الهدنة، بعد نحو أسبوعين من هجوم الحوثيين على ميناء الضبة، وعلى أثره توقّفت عمليات تصدير النفط الخام اليمني. في المقابل رد مجلس الرئاسة اليمني بتصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية. وقالت الحكومة اليمنية في اجتماع لها، الخميس الماضي في مدينة عدن، إنها اتخذت عدداً من الإجراءات الخاصة للتعامل مع المتغيرات الجديدة بعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" التابعة للحكومة.

 

كما وجّه وزير الدفاع اليمني محسن الداعري، القوات العسكرية باليقظة ورفع الجاهزية القتالية، خلال لقاء موسع مع قيادات عسكرية الخميس في عدن. وقال "إن استمرار الهجمات الحوثية باستهداف المنشآت الحيوية وتهديد مصادر الطاقة العالمية وخطوط الملاحة الدولية، يستوجب حشد الطاقات وتوحيد الجهود لمواجهة هذه الاعتداءات السافرة والأخطار المحدقة"، وفق وكالة "سبأ".

 

في السياق، أعلنت شركة "كالفالي بتروليوم" الكندية وقف الإنتاج النفطي في قطاع تديره بمحافظة حضرموت (شرق اليمن)، اعتباراً من مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، بعد أيام من اعلان شركة بترومسيلة المشغلة لقطاعات نفطية في شبوة، إيقاف عملية الإنتاج، ضمن تداعيات الهجوم الحوثي على ميناء الضبة واستمرار تهديدها الشركات النفطية.

 

ورأى الكاتب الصحافي اليمني سلمان المقرمي، أن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة والأمم المتحدة فشلت في تمديد الهدنة، على الرغم من أن الحكومة اليمنية ما زالت ملتزمة بكل البنود المتعلقة بوقف العمليات العسكرية، وتشغيل ميناء الحديدة ومطار صنعاء.

 

وأضاف في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحوثي ملتزم بعدم تنفيذ هجمات جوية وصاروخية على التحالف (الذي تقوده السعودية)، وهو النقطة الحاسمة للمفاوضات خارجياً، لكنه هدد وقصف فعلاً موانئ التصدير اليمنية، وقد تنهار الحكومة إذا عجزت عن التصدير".

 

وقال إن "جهود السلام الأممية الأميركية حالياً، تسير نحو إبقاء اليمنيين شعباً يحتاج سلة شهرية من برنامج الغذاء العالمي، ويمنح حق السفر للعلاج كإنجاز". وأضاف: "اليمنيون يصارعون منذ عقود للتحول إلى نظام ديمقراطي قوي، بينما تركز أميركا على مكافحة الإرهاب، وتأمين مصادر الطاقة وخطوط الملاحة"، لافتاً الى أنه "لا توجه للاتفاق مع الأميركيين على الأولويات، في خضم الصراع الحالي في البلاد". وتابع: "أكثر من ذلك فإن أميركا لا تمانع وجود إيران في اليمن، وتقلل من خطورة استمرار سيطرة الحوثيين على صنعاء ولا تراه مشكلة، وتزعم أنه يمكن التعايش معهم".


التعليقات