هجمات على صناعة اليمن أشرسها الإغراق
- العربي الجديد - محمد راجح الإثنين, 13 فبراير, 2023 - 11:22 صباحاً
هجمات على صناعة اليمن أشرسها الإغراق

[ مصنع دمرته الحرب في اليمن (محمد حمود/Getty) ]

يواجه القطاع الصناعي في اليمن الكثير من التحديات التي تعترض نموه وتطوره مع تفاقم وضعيته بفعل الصراع الدائر في البلاد وتبعات الحرب الروسية في أوكرانيا، وما تسببت به من ارتفاع تكاليف الإنتاج واختلال سلسلة الإمدادات الصناعية، بالإضافة إلى عمليات الإغراق للسلع المستوردة للأسواق المحلية.

 

كما تعاني الصناعة اليمنية من زيادة تكاليف الحصول على الطاقة الكهربائية التي لا تلبي احتياجات ومتطلبات تطور الصناعات الوطنية المتعثرة.

 

وحسب عاملين في القطاع لـ"العربي الجديد"، يعاني القطاع من تعثر عديد الأنشطة والمصانع بسبب محدودية الطاقة الكهربائية، وارتفاع تكاليف البدائل المتوفرة لتوليدها، واختلال المنافسة في الأسواق المحلية التي تتعرض لإغراق كبير بالسلع المستوردة.

 

رئيس جمعية حماية المنتج المحلي في اليمن وليد الحدي، يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الصناعة اليمنية تتعرض لهجمة شرسة لم تواجهها طوال عقود، بسبب تبعات الحرب وحصر الاستيراد عبر ميناء واحد، وفرض سعر جمركي مرتفع والذي ضاعف من حدة التأثيرات على مدخلات الصناعة المحلية في اليمن، إضافة إلى تأثر المنتج المحلي بارتفاع أجور الشحن والنقل وأزمات الوقود.

 

ويشير إلى إغلاق كثير من المصانع في اليمن وتسريح عدد كبير من العمالة بسبب عدم قدرتها على تحمل هذه التبعات المتلاحقة، في ظل توسع دائرة الاستيراد والإغراق التي تتعرض لها الأسواق اليمنية. ويلفت الحدي إلى غياب تطبيق القوانين التي تحمي المنتج المحلي في اليمن، حيث إن معظمها غير مفعل، ما يسمح بفتح باب الاستيراد على مصراعيه.

 

واتبعت منشآت صناعية يمنية مختلفة استراتيجيات تكيف متعددة للاستمرار في العمل، والتغلب على التحديات التي واجهتها وفق نتائج مسح نشرت مؤخراً واستهدفت عينة من القطاع الصناعي، حيث استخدمت 41% من المنشآت الاقتصادية منها 64% من المنشآت كبيرة الحجم استراتيجيات متنوعة للاستمرار في عملها، تمثلت في إضافة منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات المجتمع وتلائم الوضع الراهن الذي تمر به البلاد.

 

كما اتبعت بعض المنشآت استراتيجية تخفيض حجم الأعمال لديها، أو الانتقال إلى مناطق أخرى داخل اليمن أو خارجه.

 

يشير رئيس لجنة الصناعة في الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية، أنور جار الله، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى بعض الدول المجاورة التي يشابه وضعها اليمن مثل الصومال التي حققت قفزات نوعية في مختلف المجالات ويتعدى حالياً إنتاجها من الطاقة أضعاف ما تنتجه اليمن. ويشدد على ضرورة أن يأتي الاستثمار في توليد الطاقة في طليعة اهتمامات الحكومة وفق استراتيجية عاجلة تشمل أيضا تحسين بيئة الاستثمار والشراكة مع القطاع الخاص حسب التزامات تضمن حقوق جميع الأطراف، لافتاً إلى أن الاقتصاد لن ينهض من عثرته ما لم يسعَ الجميع للتعاون بهدف رفع مستوى الناتج القومي للبلد عن طريق تشجيع الصناعة والاكتفاء الذاتي ثم التصدير.

 

وتقدر خسائر القطاع الصناعي الخاص في اليمن بنحو 4.5 مليارات دولار خلال السنوات الأخيرة، في حين وصل معدل التشغيل والإنتاج في القطاع الصناعي بشقيه الاستخراجي والتحويلي خلال الفترة 2015-2021، فقط 27% من الطاقة التشغيلية الممكنة للقطاع في ظل الظروف السائدة قبل الحرب.

 

وحسب مراقبين، يعني ذلك أن القطاع الصناعي في اليمن فقد حوالي 73% من ناتجه في المتوسط جراء ظروف الحرب وما نتج عنها من تحديات وصعوبات، فيما بلغ معدل التشغيل في جانب القطاع العام الصناعي في المتوسط حوالي 12% فقط من قدرة القطاع الإنتاجية.

 

ويوضح رئيس قسم العلوم المالية والمصرفية بجامعة ذمار اليمنية، محمد الرفيق، لـ"العربي الجديد" أنّ الاقتصاد اليمني يصنف من ضمن البلدان العشرين الأقل نمواً في العالم بسبب ضعف بعض القطاعات كالصناعة وغيرها بالإضافة إلى البيئة الاستثمارية الطاردة. وأضاف: بالتالي تدنى مستوى الإنتاج، وانخفض مستوى المعيشة، إذ إنّ الفرد العامل يعيل أكثر من أربعة أفراد في المتوسط، وبالمعيار الاقتصادي يعتبر اليمن من البلدان النامية ذات الدخل المنخفض جداً، إذ يبلغ معدل إنفاق الفرد اليومي أقل من دولار، ما يعادل أدنى مستويات خط الفقر العالمي.

 

وحسب الرفيق، فإن المشاكل المزمنة تقيد الاقتصاد اليمني الذي يعاني من بعض الإشكاليات التي انضمت إلى تبعات الحرب، كالنقص في المقومات الهيكلية المؤسسية، ومحدودية النشاط الصناعي وانخفاض قدراته الإنتاجية والتشغيلية، وقصور الموارد المالية، وانخفاض مستويات الادخار، وارتفاع معدل النمو السكاني الذي بلغ 3.02% وفق آخر نتائج التعداد العام للسكان في اليمن الذي أجري قبل أكثر من 10 سنوات.

 

الجدير بالذكر أن القطاع الصناعي في اليمن قد سرح ما مجموعه 260 ألف عامل خلال سنوات الصراع الدائر في البلاد منذ عام 2015، إلى جانب 479 ألف فرصة عمل كان يمكن أن يخلقها في حال كانت الظروف طبيعية، الأمر الذي انعكس على تراجع معدلات التشغيل في الاقتصاد اليمني وتراجع قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وبالتالي انزلاق مزيد من السكان تحت خط الفقر وتزايد حدة الأزمة الإنسانية.


التعليقات