"مركز كارنيغي" يسلط الضوء على التحديات التي تواجه قطاع الاقتصاد الهش في اليمن
- متابعة خاصة الاربعاء, 17 مايو, 2023 - 07:45 مساءً

سلط "مركز كارنيغي للدراسات" الضوء على التحديات التي تواجه الاقتصاد الهش في اليمن الذي يشهد حربا مدمرة منذ ثمان سنوات.

 

وقال المركز إن الصراع وتغير المناخ أثر على قطاعي الزراعة والمصارف في اليمن لدرجة تُهدد سبل عيش اليمنيين، غير أن العودة لزراعة البُن تُعد خطوة في المسار الصحيح.

 

ونشر المركز -ثلاث وجهات نظر لخبراء يمنيين في مجال الاقتصاد والزراعة- بخصوص الاقتصاد اليمني والتهديدات التي تواجه سبل عيش اليمنيين.

 

وأشار إلى أن سنوات من الصراع - والإدارات المتنافسة التي أقيمت في صنعاء وعدن - جنبًا إلى جنب مع آثار تغير المناخ، وضعت الاقتصاد اليمني في حالة هشة، ما أثر على اليمنيين على مختلف أطيافهم الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي أرغمهم على إجراء تعديلات وتغييرات على أعمالهم فقط من أجل البقاء والاستمرار.

 

في المقال الأول ، يحلل محمد علي ثامر قانونًا صدر مؤخرًا يهدف إلى حظر المعاملات الربوية في اليمن. واستكشاف أوجه القصور الهيكلية للقطاع المصرفي اليمني.

 

 يرى ثامر أن هذا القانون سيعقد تعاملات البنوك مع المؤسسات المالية الدولية ويهدد الأطر القانونية التي تحافظ على حقوق المستثمرين وأموالهم وودائعهم، ما قد يؤدي في النهاية إلى توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد ما لم يتم إجراء تعديلات مناسبة.

 

قانون منع التعاملات الربوية في اليمن

 

وتوقع أن يؤدي قانون منع التعاملات الربوية في اليمن إلى زعزعة المراكز المالية للبنوك وقد يعرضها للحجر والإفلاس.

 

وأشار إلى أن مجلس النواب اليمني أقر قانون منع التعاملات الربوية في مارس الماضي وضمَّ القانون 13مادة هَدَفَت لتحريم المعاملات الربوية بكافة أشكالها الظاهرة والمستترة في جميع التعاملات التجارية والمدنية التي تُجرى بين الأشخاص(الطبيعيين، والاعتباريين)، ووِجَّه بالأساس نحو التعاملات البنكية في البنوك التجارية والإسلامية؛ متجاهلاً التحذيرات التي أطلقها خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، والباحثين والمتخصصين في الشأن الاقتصادي والمصرفي بأن سريانه سيؤدي لانهيار وإغلاق البنوك، لكونه سيضعف مراكزها المالية المُتعثرة أصلاً منذ تسع سنوات عن دفع ودائعها، رغم انتهاجها سياسة الدفع بالتقسيط بشكل مبالغ بسيطة وبفتراتٍ زمنيةٍ مُتباعدة.

 

وبحسب ثامر فإن هذا الانهيار سيأتي بسبب اتخاذ الحكومة في عدن وصنعاء قراراتٍ اقتصاديةٍ خاطئة، أبرزها قرار نقل البنك المركزي إلى عدن في عام 2016، والتضارب والازدواج في اتخاذ السياسات النقدية، والتعامل بـما يشبه العملتين القديـمة والجديدة، وتذبذب قيمتها أمام الدولار، وآخرها إصدار هذا القانون وبدأ العمل به مع أول منشورٍ أصدره البنك المركزي (في صنعاء ينظم عمل البنوك بـموجبه.

 

ونظرا لثامر فإن هذه التداعيات المحتملة والتحذيرات المتتابعة تدعو للتساؤل بشأن ما إذا كان سيتم التراجع عن قانون منع التعاملات الربوية كما حدث في إيران وليبيا عندما لمستا الضرر الواقع على اقتصاديهما أم أن الوضع سيستمر كما هو عليه حاليا. 

 

هل نحن مقبلون على إغلاقٍ للبنوك؟

 

وفقا للتقرير فإن الدلائل والوقائع وآراء المتخصصين في الشأن المصرفي تؤكد على احتمال إغلاق البنوك. نظراً لكون البنوك ستصبح عاجزةً عن دفع ودائعها، ولن تستطيع تغطية نفقاتها؛ إلا إذا نوَّعت استثماراتها كالاستثمارات العقارية– مثلما توجَّه بنك التسليف التعاوني والزراعي مؤخراً–نحو الاستثمارات الصناعية والتجارية؛ الأمر الذي سيخلق مشكلةً قانونية تتمثل بحظر ممارسة هذه الأنشطة، بناءً على المواد (20،21،22) من قانون البنوك رقم(38) لعام 1998، ما سيتوجب إنشاء شركاتٍ تابعة ستحتاج للوقت والمال والخبرة؛ وهذا الأمر سيثقل كاهل البنوك، ومن ثم سيعرضها للإفلاس والإغلاق.

 

كيف سيؤثر تطبيق القانون على اقتصاد اليمن؟

 

ويرى أن تطبيق هذا القانون سيؤثر على الوضع الاقتصادي الهش في البلد، وعلى زيادة الأوضاع المعيشية سوءاً، وسيلتهم 1,7تريليون ريال؛ (3,3)مليار دولار إجمالي استثمارات البنوك في الدَّين العام البالغ 9 تريليونات ريال يمني؛ (17.4)مليار دولار، و 3,9 تريليون ريال؛ (7,5)مليار دولار إجمالي الأرصدة المودعة كاحتياطيات تخص البنوك، وهيئات التأمينات، وشركات الاتصالات والبريد.

 

وبحسب ثامر فإن القانون ينص على استراتيجيةٍ وطنيةٍ لسداد الدَّين العام، لا يُعرف متى ستنفذ ولا آلية عملها. سيعمل هذا القانون أيضاً على إيقاف القروض بـمختلف أنواعها؛ فمن المنطق ألا تمنح أي جهة أموالها إذا كانت لن تحصل على عوائد، وسيؤدي ذلك لانكفاء البنوك على حالها، واتخاذها سياساتٍ تقشفية أبرزها الاستغناء عن الكثير من كوادرها؛ الأمر الذي سيزيد معدل البطالة البالغ 14في المئة من إجمالي القوى العاملة عام 2022، أو 32 في المئة بحسب دراسةٍ موَّلتها اليونيسيف، أضف إلى ذلك عجز الحكومة، بشقيها في صنعاء وعدن، عن دفع مرتبات موظفيها البالغ عددهم 1.3مليون موظف منذ 2016.

 

ولفت إلى أن المؤشرات الدولية وأبرزها تقرير خبراء لجنة العقوبات تشير إلى أن 17مليوناً من اليمنيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، ومن هذه الأرقام يتضح لنا أن هذا القانون سيزيد الطين بلَّة، حيث سيتحول الشعب اليمني إلى أكبر تجمعٍ سكاني في العالم يُعاني الجوع والفقر، مالم يتجه اليمنيون نحو تحقيق السلام في وطنهم، وإيقاف العمل بهذا القانون

 

واعتبر إصدار هذا القانون ضربةً قاضية لما تبقى من القطاع الاقتصادي اليمني، والمصـرفي بشكلٍ خاص، لكونه سيخلق عقباتٍ كثيرة في تعامل بنوكها مع المؤسسات المالية الدولية، والأطر القانونية للمحافظة على حقوق وأموال المودعين والمستثمرين فيها، وطرق معالجة الدَّين العام في ظل الحرب الدائرة منذ عام 2014، وتغلغل الفساد في أوساط الحكومة، وعدم اتخاذها سياساتٍ اقتصاديةٍ مدروسة قبل تنفيذها.

 

 اليمن: الحرب والتغير المناخي ومستقبل المزارعين

 

من جانبه يقول الخبير عبدالله علي إن أزمة تغير المناخ قد تدفع القطاع الزراعي في اليمن الذي يعاني أصلا من تبعات الحرب إلى نقطة الانهيار.

وقال إن اليمنيين الذين يعملون في القطاع الزراعي يشكلون الشريحة الأوسع في البلاد. فهي المصدر الأول للدخل ل 73.5 في المئة من السكان، سواء بصورة مباشرة من خلال الأنشطة الزراعية أو غير مباشرة من خلال الأنشطة ذات العلاقة بالخدمات والتجارة أو التصنيع، وتساهم الزراعة بنحو 80 في المئة من الدخل القومي اليمني، وتوفر فرص عمل لنحو 54 في المئة من القوة العاملة في أنحاء البلاد.

 

وأفد بأن اليمن بعد تسع سنوات من الحرب لا يزال بعض المزارعين  يكافحون في زراعة المحاصيل الزراعية المتنوعة لتأمين الغذاء لأفراد عائلتهم، على الرغم من غياب الإمكانيات والتحديات التي يواجهونها في بلد تشهد حرباً أهلية تدخلت فيها دول خليجية وعربية وإقليمية تسببت بمقتل مئات الآلاف من المواطنين ونزوح الملايين وخلفت أسوأ أزمة إنسانية  في العالم إذ يحتاج ما يقرب من 21 مليون شخص، أي أكثر من 66 في المئة من إجمالي عدد السكان، إلى مساعدات إنسانية وحماية.

 

الحرب والمناخ

 

ولفت إلى أن المزارعين يواجهون في اليمن تحديات جمة، إذ شهد القطاع تدهورا كبيراً نتيجة القصف والحصار المفروض على البلاد من قبل قوات التحالف الذي تقوده السعودية. حيث كشفت وزارة الزراعة والري في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دولياً أن إجمالي الخسائر الناجمة عن الحرب والحصار، الذي لحق بالقطاع الزراعي، بلغ 111 مليار و 279 مليون و 271 ألف دولار خلال السنوات الماضية.

 

ووفقا للتقرير يشكو المزارعون في البلاد من ارتفاع أسعار الوقود، وغلاء الأسمدة، والمبيدات الزراعية، ومضاعفة الضرائب والجمارك الحكومية التي تفرضها السلطات المختلفة.

 

ومؤخراً التغيرات المناخية التي بدأت مؤشراتها في ارتفاع وتيرة موجة الجفاف يشير إلى أن ذلك انعكس سلباً على المحاصيل وتراجعها مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما سينعكس بصورة مباشرة على العاملين في الزراعة، وتوسيع دائرة المجاعة مع غياب البدائل، وتدهور الاقتصاد الوطني وإغلاق معظم المؤسسات الاقتصادية الكبرى أبوابها وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي.

 

إنقاذ القطاع الزراعي

 

ينصح الخبير الاقتصادي  اليمني رشيد حداد بضرورة إنقاذ القطاع الزراعي، وتقديم الدعم العاجل قائلاً إن العمل في الزراعة ودعم المزارعين في اليمن هو الحل للحد من تردي الأوضاع المعيشية، فهي تساهم في الحد من البطالة والفقر وتحسن الظروف الاقتصادية، على وجه الخصوص لسكان المناطق الريفية الذين يمثلون نحو 75 في المئة من السكان في اليمن.2

 

وطبقا للتقرير فإنه في الوقت الراهن مع غياب الدولة والانقسام السياسي الحاصل نتيجة لاستمرار الحرب، يمكن للمنظمات الدولية العاملة في البلاد أن تساهم في إنقاذ الزراعة عبر توفير الدعم، وتسهيل الحصول على الإمكانيات الزراعية، وتوفير الطاقة البديلة، والاستفادة من أنظمة حصاد المياه، والتوسع في الزراعة المطرية وذلك من شأنه أن يساهم في إنقاذ العاملين في الزراعة من شبح الفقر.

 

وذكر "في حال قادت أي مفاوضات سياسية مقبلة بين الأطراف المتنازعة في البلاد وهي تبدو قريبة الأجل، خاصةً عقب الاتفاق المفاجئ بين السعودية وإيران، باعتبارهما الدولتين اللتين تملكان قرار إيقاف حرب اليمن. ففي حال تم إدراج ملف الزراعة في قائمة المفاوضات وأجندات عملية بناء السلام سوف ينعكس هذا بصورة إيجابية على القطاع الزراعي والمزارعين. ويمكن القول إن من شأن توفير الدعم والاهتمام بالقطاع الزراعي أن يساهم في زيادة الدخل، وخلق فرص العمل، وتحسين الأمن الغذائي".

 

القات رفيق التصحر

 

وأشارت مقالة بحثية أعدها عبده بكري أن "كمية تصدير البن بين اليمن والعالم، في مطلع القرن الـ 18، وصلت لقرابة 20 ألف طن في العام".  هذا التراجع الذي نشهده الآن في إنتاج البن اليمني جاء بسبب انتشار زراعة شجرة القات المخدرة التي يتعاطاها معظم اليمنيين وتحقق عائدات مادية طائلة للمزارعين.

 

ولفتت إلى نبتة القات تستهلك ما لا يقل عن نصف المياه المستخرجة جوفياً للأغراض الزراعية، ما ينذر بارتفاع التصحر إلى 97 في المئة من الأراضي اليمنية، والذي يبلغ حاليا نحو90 في المئة. وفقا للإدارة العامة للغابات والتصحر.

 

وقال إن مساحة زراعة نبتة القات زادت في العقود الأخيرة على حساب شجرة البن حيث تراجعت الأخيرة بمقدار 415 هكتارًا، حيث تقلصت الأراضي المزروعة بالبن من 33,959 ألف هكتار في العام 2015، إلى نحو 33,544 ألف هكتار في أواخر 2017، حسب تقرير موقع حلم أخضر.

 

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، تراجع إنتاج القهوة بمقدار 490 طنا سنوياً، حيث أنتج البلد في العام 2015 19,257 طنا وتراجع إلى 18,856 طنا في العام2017.  

 


التعليقات