ما دلالات تقرير الامم المتحدة عن التحالف العربي؟
- خاص - متولي محمود الثلاثاء, 07 يونيو, 2016 - 12:52 صباحاً
ما دلالات تقرير الامم المتحدة عن التحالف العربي؟

[ بان كي مون ]

هكذا تجري الأمور إذا، إصدار بيان أممي يدين التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، بارتكاب انتهاكات. وبعد أسبوع فقط، تتلكأ الأمم المتحدة، وتقول إنها ستعيد صياغة التقرير المتعلق بالطرف الذي قام بالانتهاكات في اليمن.
 
منذ الوهلة الأولى، والأمم المتحدة تتصرف بتناقض مفضوح، تنفيذا لرغبات الدول الكبرى. فهي ظاهريا تدعم الحكومة الشرعية، وبالخفاء تستقي معلوماتها وتقاريرها المضللة من الانقلابيين، وعليها تصدر البيانات الخرقاء. لقد وصل بها الأمر إلى التحدث مع أحد الانقلابيين بلفظ "معالي الوزير". هل هناك وقاحة بعد هذا؟!
 
كم هو مخزٍ أن تصدر الأمم المتحدة قرارا تحت طائلة البند السابع الملزمة، ضد مليشيات انقلابية طائفية، تنفذ أجندات خارجية بالعلن، ومن ثم تتعامل معها كممثل رسمي للبلاد. ومؤخرا، تصدر بيانات تدين الطرف المعني وبالتنسيق معها، بتنفيذ قرار مجلس الأمن الذي تنصلت هي عن تنفيذه.
 
حسنا، لقد أعطت "الأمم المتحدة" الضوء الأخضر للمليشيات لارتكاب المزيد من الجرائم، ومنحتها صكوك غفران، عبر إدانة التحالف العربي. لم تستطع مليشيا الحوثي الإرهابية كبح جماحها في سفك الدم، فانهالت، بفتوى أممية، قصفا على الأحياء السكنية في مدينة تعز المحاصرة، والنتيجة عشرات القتلى والجرحى، معظمهم أطفالا.
 
لم تفعل المنظمة الأممية هذا إلا بعد سبق أمريكي، يعتبر مليشيا الحوثي حمامات سلام، وأنها تمثل فصيل من الشعب اليمني. إنها رسائل أمريكية لحليفها السابق السعودي، ولعب على المكشوف، فيما يبدو كتخلٍ نهائي عن لعبة المخاتلة، والوقوف، علنيا، مع حليفها الطائفي المُربح.
 
استطاعت المنظمة الدولية رصد تجاوزات التحالف بدون الحاجة للجان تحقيق محايدة على الأرض؛ لكنها لا تشاهد المجازر اليومية لمليشيات الحوثي، بل وتطالب بلجنة مستقلة للتحقق منها. تخلت عن مهمتها، وتحولت إلى عصا غليظة، وقفازات مطاطية بيد الدول العظمى، لتحليل حروبها العبثية هنا وهناك.
 
إنها عين السُخط، ليست عين الأمم المتحدة، بل عين الولايات المتحدة، والتي تتولى صياغة قرارات الأولى، بما يوافق توجهاتها المثيرة. لقد جعل التوجه الأمريكي في المنطقة، جعل الأمم المتحدة تتخبط، وتصدر قرارات مُجحفة، بل ومناقضة لوجودها، ولقراراتها التي لم يجف حبرها بعد.
 
لم تثير تلك القرارات حفيظة المملكة السعودية والبرلمان العربي وحسب، لكنها أثارت موجة سخط شعبية، تتهم راعية حقوق الإنسان بالانحياز في صف المليشيا، بل وشرعنة انقلابها على الدولة، فيما مثلت غطاءً حقيقيا للجرائم التي ترتكبها المليشيات. فقد أطلق ناشطون يمنيون هاشتاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، يتهمون الأمم المتحدة بقتل أطفال تعز. ليس مؤكدا أن كل هذا قد هزّ عرشها، لكن ما هو مؤكد على الأقل أنها حاليا ستعيد صياغة ذلك التقرير الفاضح؛ ببساطة لأنه إدانة واضحة لها، وتناقض رهيب لن يمر مرور الكرام.
 
إن الفجور في الخصومة لدى الولايات المتحدة ضد السعودية قد بلغ ذروته، حد الضغط عبر قنوات الأمم المتحدة، وإن كان ذلك التهور يجعل مصداقيتها على المحك. لقد جعلتها تتعامل طيلة الشهور الماضية مع المليشيات، وحولت عبرها جميع الشحنات الإغاثية المدفوعة مسبقا من دول الخليج، رغم معرفتها أنها تباع على قارعة الطرق، وأن مستحقيها يتضورون جوعا وحصارا منذ أكثر من عام.
 
لطالما ظلت الأمم المتحدة تأخذ شحنات الأغذية الخليجية، وترسلها إلى موانئ المليشيات، والتي مثلت لديها رافدا كبيرا لميزانية مجهودها العربي على الشعب. كل ما قامت به كان بدعم خليجي خالص؛ حتى الأمم المتحدة تمارس الابتزاز، وتأخذ الإتاوات الخليجية، وما خفي كان أعظم.
 
ثمة هواجس لا تبارح تفكيري. من أين يأتي الانقلابيون بهذه الأسلحة والذخائر طوال مدة الحرب، رغم تدمير معظم ترسانة الدولة العسكرية التي سطوا عليها. لطالما ساورتني الشكوك أن الحاويات التي ترسو على ميناء الحديدة تحمل الكثير من الأسلحة. لا يمكن أبدا الوثوق بتفتيش فرق الأمم المتحدة في جيبوتي، والخالية من ممثلين للتحالف. إن من يصدر بيانات مُضللة دعما للمليشيات، لن يتورع عن تحويل شحنات الأسلحة لها.
 
تذكّروا أن قوات التحالف البحرية قد اعترضت سفنا عديدة ممتلئة بالأسلحة، ومما لا شك أنها مرت عبر فرق التفتيش التابعة للأمم المتحدة. يا ترى كم من الشحنات مرّت؛ لا ندري، لكنها كثيرة، هذا على الأقل ما نلمسه من حروب المليشيات. إذا أرادت دول التحالف فعلا تجفيف منابع الأسلحة، وتحجيم قوة الانقلابيين، ينبغي عليها عدم الوثوق نهائيا بالأمم المتحدة، والتعامل معها كطرف فاعل في صف الانقلاب..
 
 
 
 
 
 


التعليقات