عائلة غزية "مبتورة الأطراف" تتحدى الإعاقة والحرب
- الأناضول الاربعاء, 17 يوليو, 2024 - 09:51 صباحاً
عائلة غزية

معتمدا على عكاز معطوب، يكافح الفلسطيني وائل النملة صاحب القدم المبتورة من أجل قضاء احتياجاته اليومية من تعبئة المياه وتجهيز الحطب اللازم لإيقاد نيران طهي الطعام.

 

يتذكر النملة (37 عامًا) الذي بُترت قدمه في حرب 2014، الأيام الجميلة التي مر بها أفراد عائلته قبل أن يتغير مسار حياتهم إلى الأبد بعد إصابته، لتبدأ العائلة رحلة معاناة جديدة منذ انطلاق شرارة الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

وفي القصف الإسرائيلي عام 2014 الذي فقد فيه الرجل الثلاثيني إحدى قدميه، فقدت زوجته كلتا قدميها، وفقد نجله أيضًا قدمه وإحدى عينيه، ما دفع أفراد العائلة إلى الاعتماد على الأجهزة المساندة والأطراف الصناعية لمواصلة حياتهم بشكل أسهل.

 

وبكلمات يملأها الحزن والأسى، يقول النملة لمراسل الأناضول: "نحن عائلة مبتورة الأطراف، تعيش تحديات كبيرة وظروفًا قاسية، لكن الحرب الجديدة غيرت حياتنا رأسًا على عقب".

 

ويضيف وهو يجلس إلى جانب زوجته وابنه: "المعاناة لم تنته بعد، رحلة الحياة شاقة، نحاول قدر المستطاع التكيف مع الظروف المحيطة، نعلم أن كل شيء يمكن أن يتغير بلحظة".

 

** رحلة نزوح شاقة

 

واضطرت العائلة المبتورة الأطراف إلى النزوح باتجاه مخيم النصيرات وسط قطاع غزة بعد تدمير منزلها في مدينة رفح (جنوب) رغم صعوبة الأوضاع والحركة.

 

واستند النملة إلى عكازه المعطوب أثناء النزوح من رفح، رغم حاجة العكاز إلى قاعدة جلدية لتثبيته وضمان استقراره.

 

وفي طريق النزوح، تعرض العكاز لكسر في الطريق؛ ما دفع النملة إلى تثبيته بطرق بدائية حتى يتمكن من الوصول به إلى وجهته الجديدة.

 

أما نجله شريف (11 عامًا) فقد استعان بطرفه الصناعي المصنع محليا في غزة أثناء النزوح مع بدء العملية العسكرية في رفح، في مايو/ أيار الماضي، متوكئا على كرسي والدته المتحرك الذي كان يدفعه بكلتا يديه الصغيرتين، والذي تعرض أيضًا لكسر في رحلة النزوح.

 

يقول الوالد وائل: "طرف شريف الصناعي مصنوع في غزة، لكنه تعرض للكسر في الحرب".

 

ويضيف: "بسبب إغلاق مركز الأطراف الصناعية في مدينة غزة بفعل الحرب وعدم تمكننا من الوصول إليه، أحضرنا مادة الفيبرغلاس، وقمنا بصيانة هذا الطرف الصناعي بشكل بدائي وبسيط".

 

ويتابع: "تعرض الطرف لكسر ثان وثالث، ومحاولاتنا المتكررة لصيانته فشلت مرات عدة، واضطررنا إلى تثبيته بقطع حديدية".

 

** طرف ثقيل

 

ويتساءل الوالد مستنكرا: "كيف لطفل صغير أن يرتدي طرفا صناعيا ثقيلا بعد صيانته وتركيب قطع حديدية؟".

 

ويشير إلى أنه "لم يعد بإمكان شريف السير بالطرف الصناعي" بشكل سهل.

 

ويبين أن "قدم الطرف الصناعي ليست أصلية، حيث اضطررنا إلى إحضار قدم كبيرة ومواءمتها للطرف بتصغير حجمها وتثبيتها وتركيبها لتناسب احتياجاته".

 

ويلعب الوالد بالكرة مع نجله شريف فوق سطح المبنى السكني الذي يتواجدون بداخله، ويتناقلون الكرة بأقدامهم.

 

ويقول وائل بصوت حزين وهو يلتقط الكرة بين يديه: "كنا عائلة سعيدة، وكانت لدينا حياة مليئة بالأمل والحب. لكن كل شيء تغير في لحظة".

 

شريف، الذي فقد قدمه اليمنى وعينيه، يعكس الروح نفسها، ويقول لمراسل الأناضول بابتسامة تظهر رغم المأساة: "أساعد والدي في رفع المياه وجمع الحطب. نلعب معا كرة القدم على سطح المنزل، رغم أن الطرف الصناعي يثقلني كثيرا".

 

ويضيف شريف: "قمنا بصيانة هذا الطرف 5 مرات بواسطة الفيبرغلاس، وتكلفنا أكثر من 300 دولار، وفي كل مرة يتعرض للكسر".

 

ويحلم الطفل بانتهاء الحرب الإسرائيلية وتركيب طرف صناعي جديد وأن يتمكن من اللعب كأطفال العالم بعيدًا عن القصف والخطر.

 

وخلفت حرب إسرائيل على غزة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر الماضي أكثر من 127 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

 

وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب غزة، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع.


التعليقات