آثار اليمن المهربة.. ملك قتبان "شهر هلال" في مستودع بضواحي باريس
- غرفة الأخبار الأحد, 21 يوليو, 2024 - 01:54 مساءً
آثار اليمن المهربة.. ملك قتبان

كشف الباحث اليمني المهتم بعلم الآثار، عبدالله محسن، عن قطع يمنية نادرة بينها تمثال "ملك قتبان" في مستودع بضواحي العاصمة الفرنسية باريس.

 

وقال محسن في منشور بصحته على فيسبوك- "إن ملك قتبان (شهر هلال) ظهر في مستودع بضائع في باريس، ضمن 15 تمثالاً وتحفة ونقشاً من آثار اليمن.

 

وأضاف الباحث المهتم بتتبع ىآثار بلاده المهربة في الخارج "في الأيام الأولى من يناير 2020م وأثناء تفتيش روتيني للشرطة في ضواحي باريس لا علاقة له بالآثار، وجدت في أحد المستودعات 15 تحفة من آثار اليمن، وفوراً أبلغت الشرطة مركز مكافحة الإتجار بالممتلكات الثقافية والآثار التابع لوزارة الداخلية الفرنسية، الذي تحقق من أصالتها، وتواصل مع سفارة اليمن في باريس لتقديم ما يؤكد أن هذه القطع يمنية، والتي بدورها أبلغت الخارجية في دورة عبثية استمرت عامين بسبب فقدان وزارة الثقافة للكفاءة والرغبة في الإنجاز بسبب عدم توفير الحكومة ميزانية كافية لعمل الوزارة بحسب إفادتهم وبالتالي فقدان هيئة الآثار الإمكانات اللازمة لأداء عملها".

 

وذكر أنه عقد اجتماع في باريس، في الخامس من مارس 2023م، بين الجانب اليمني والجانب الفرنسي، ضم وزير الثقافة اليمني، وسفير اليمن الدائم في اليونيسكو د.محمد جميح الذي كان الدور الأهم في هذه القضية، وسفير اليمن في باريس د.رياض ياسين، ومحامي السفارة ديفيد دومارشيه وممثلين عن وزارة الداخلية الفرنسية، وقدمت الأوراق والإثباتات اللازمة. وكان أهمها بيان أصالة الأعمال الفنية المقدم من سابينا أنطونيني وكريستيان جوليان روبن.

 

وأفاد محسن "مع قرب العام الخامس لضبط مجموعة الآثار في باريس وعدم البت فيها وإعادتها إلى اليمن، كان من المهم توضيح هذه التفاصيل للمهتمين وللناس الوطنيين الطيبين الذي ينتظرون بحسرة معرفة أوضاع آثارنا المغربة والمهربة في الخارج".

 

من المتحف إلى مستودع البضائع

 

وأكد الباحث أن كافة القطع الأثرية المضبوطة كانت من مجموعة الفرنسي من أصول إيطالية (فرانسوا أنتونوفيتش) للآثار اليمنية، والتي تضم أكثر من 100 قطعة أثرية أغلبها نشرت. ويعتبر عالم الآثار (فرانسوا برون إف) الأقرب إلى مقتنيات أنتونوفيتش.

 

 

وأضاف :كان جزء من المضبوطات مودعاً لدى متحف المعهد الشرقي للكتاب المقدس في ليون (إسبانيا). وحتى اللحظة لا يوجد معلومات كافية عن كيفية خروج هذه المضبوطات من المتحف الإسباني إلى مستودع بضائع في إحدى ضواحي باريس.

 

وإذا كانت مقتنيات قانونية لماذا تم تهريبها ضمن حاوية بضائع دون الإفصاح عنها؟

 

بيان أصالة الأعمال الفنية

 

في 23 نوفمبر 2022م أصدر عالمي الآثار سابينا أنتونيني (روما) وكريستيان جوليان روبن (باريس) بيان الأصالة قدم للسلطات الفرنسية عبر الجانب اليمني، أقتطف أهم  فقراته بتصرف:

 

• المنحوتات من 1 إلى 6 عبارة عن لوحات جنائزية ذات وجه إنساني بارز، من الحجر الجيري أو الحجر الرملي؛ من معين، من مقبرة في الجوف اليمنية (ربما من براقش / يثل، البيضاء / نَشق و/أو السودة / نشأن)، ويعود تاريخها إلى القرن الرابع - الثالث قبل الميلاد.

 

• اللوحات الثانية والثالثة والسادسة هي بالتأكيد صور لذكور بسبب وجود لحية بارزة. تحتوي اللوحة الثانية والخامسة على نقش كامل، بينما تحتوي اللوحة السادسة على نقش مجزأ؛ اللوحة الرابعة تحافظ على ترصيع العيون بالكامل.

 

• المنحوتات من الأرقام 7 إلى 10 عبارة عن لوحات جنائزية ذات رأس بقري بارز ومستدير؛ من قتبان، من مقبرة وادي بيحان، على الأغلب من حيد بن عقيل، تمنع. يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي.

 

• أما القطعة رقم 11 ، قاعدة لوحة جنائزية قتبانية أو رأس بشري، يعود تاريخها إلى ما بين القرن الأول قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.

 

• وتمثال المرمر رقم 12، يمثل امرأة جالسة، من قتبان، من مقبرة وادي بيحان، أو على وجه التحديد من حيد بن عقيل، تمنع؛ ومن المفترض أنه يعود تاريخه إلى ما بين القرن الثاني والأول قبل الميلاد.

 

• أما التماثيل من الأرقام 13 إلى 16 تمثل شخصيات بشرية تقف على قواعد منقوشة. من قتبان، من مقبرة وادي بيحان، أو على وجه التحديد من حيد بن عقيل، تمنع ؛ ومن المفترض أنها تعود إلى ما بين القرن الثاني قبل الميلاد والقرن الأول الميلادي.

 

باريس من جديد

 

الحديث عن آثارنا في اوروبا عموما وفرنسا خصوصا يقودنا إلى الحديث عن الأنماط المتعددة لوضع الآثار اليمنية هناك. النمط الأول، الأثار الموجودة في المتاحف الرسمية مثل متحف اللوفر وهذه في الغالب حصلت عليها المتاحف من نصيب البعثات الأثرية أو عبر الشراء منها أو من مزادات علنية. وتتنوع هذه الآثار بين نقوش مسندية وموائد قرابين وتماثيل مرمر وبرونزيات ترجع لما قبل وبعد الميلاد. وتغطي دول الحضارة اليمنية سبأ وحمير وحضرموت وأوسان وقتبان ومعين وما إلى ذلك.

 

والنمط الثاني، الآثار الموجودة في القصور الحاصة وتكون في الغالب من التماثيل الحجرية او البرونزية وتغطي في الغالب المراحل المزدهرة من فن النحت الصخري وتصميم وصب القوالب البرونزية. وهذه تثار الشكوك حول مصدرها.

والنمط الثالث، الآثار المعروضة في المزادات وفي متاجر وصالات بيع التحف الأثرية وهذه تحتاج لتدخل الحكومة اليمنية دبلوماسيا وقانونيا لاستعادتها والضغط لتحديد مصدرها.

 

ولا يمكن الجزم بعدد الآثار اليمنية في فرنسا، إلا أن تواجدها الواسع وانتشارها يلفت نظر الباحث والمتتبع. وبسبب الطلب عليها وعدم كفاية المعروض انشأ القطاع الخاص في فرنسا ورشاً لإنتاج آثار مقلدة مثل شركة قصر الفن الملكي الدولي التي تعرض تماثيل ومنحوتات شواهد قبور مطابقة للآثار اليمنية.

 

من يقوم بتهريب الآثار

 

عمليات الحفر والنبش العشوائي للمواقع الأثرية والتسويق للآثار المنهوبة والتفاوض لبيعها لا تتم في كوكب المريخ، وإنما أمام عين المجتمعات المحلية وقوات إنفاذ القانون والحكومة.

 

المهربون والسماسرة معروفون لدرجة أنهم يتواصلون مع بعض أساتذة الآثار، ومدراء المراكز البحثية، ورئاسة هيئة الآثار، ووصل الأمر بهم إلى مراسلة علماء آثار في الخارج بغرض تسويق ما لديهم من آثار اليمن. حتى أن هناك كتالوجات للقطع الأثرية المتاحة للبيع.

 

ولا يخفى علينا أن يد تجار الآثار والحروب طائلة، والباحث الحصيف من يقول كلمته لتوعية المجتمع وتشكيل ضغط على الحكومة لاستحداث استراتيجيات وآليات للحد من ظاهرة التهريب، دون التسبب بمقتله.

 


التعليقات