[ تعرض أتباع البهائية لعدة انتهاكات ]
في أغسطس/آب 2016 برزت إلى السطح قضية البهائيين، بعد اعتقال جهاز الأمن القومي الخاضع لسيطرة الانقلابيين لخمسة وستين شخصا نصفهم من البهائيين، الذين شاركوا في ورشة عمل نظمتها مؤسسة يمن جود ضمن إطار فعاليات الملتقي الشبابي الذي يهدف إلى ترسيخ قيم التعايش، كما ذكروا في بيان صادر عنهم.
وتذرع الانقلابيون حينها أن البهائيين يسعون لنشر عقيدتهم، وهو الأمر الذي نفاه أتباع ذلك الدين، الذي انتشر في اليمن بعد قدوم علي محمد الشيرزاي (حضرة الباب) عبر ميناء المخا إلى اليمن عام 1844، كما تذكر الكتب الخاصة بهم.
لم تكن القصة قد انتهت هناك، فقبل أيام تلقى عددٌ من البهائيين مكالمات هاتفية تطالبهم بالحضور والمثول أمام المحكمة، ثم أعقبها صدور الأوامر باعتقالهم.
واتهمت باني دوجال، ممثلة الجامعة البهائية العالمية بالأمم المتحدة، الانقلابيين بإصدار أوامر اعتقال لقرابة 25 بهائيا، في حملة وصفتها بـ"اضطهاد وقمع يتعرض لها البهائيون تستهدف إرغامهم على ترك دينهم، وتنذر بعواقب وخيمة".
في أبريل/نيسان 2016 نظم البهائيون للمرة الأولى وقفة احتجاجية أمام المحكمة الجزائية بصنعاء، للتضامن مع حامد كمال بن حيدرة، الذي يخضع هناك للمحاكمة بسبب معتقداته الدينية.
تم اعتقال حيدرة في ديسمبر/كانون الأول 2013 من قِبل الأجهزة الأمنية التي كانت موالية للمخلوع صالح، برغم الإطاحة به عقب ثورة فبراير 2011، بتهمة أنه مواطن إيراني اسمه حامد ميرزا كمالي سروستاني، يسيء للإسلام ويدعو إلى الردة وينتهك استقلال الجمهورية اليمنية ووحدتها، وهو ما يرفضه البهائيون، ويقولون إن الغرض من التضييق الممنهج هو القضاء عليهم.
واقع البهائيين
ويتعرض البهائيون في اليمن -كما يقول رئيس مؤسسة كل الشباب، والباحث في مجال حقوق الأقليات، سامي النجار- لمختلِف أنواع التنكيل، وأدى ذلك إلى سفر أغلبهم إلى خارج البلاد.
وأضاف لـ"الموقع بوست" أن البهائيين يعانون بسبب الممارسات التي يقوم بها المتطرفون، والمتشددون الذين يصفونهم بـ"الروافض"، وهم إحدى الفرق الشيعية التي تكفر كثير من الصحابة وتكيل لهم الشتائم.
ويحتجز الحوثيون عددا من البهائيين في سجونهم، بمزاعم أنهم يعملون ضد الإسلام، وعمالتهم للخارج منها دولة الكيان الصهيوني، كما يؤكد النجار.
وعن عدد البهائيين في اليمن ذكر النجار أنهم قرابة 300 أسرة، وعددهم حوالي ألفي شخص، موزعين في أكثر المحافظات اليمنية.
وفي معرض حديثه طالب الباحث بإيقاف تلك الممارسات ضد الأقليات في اليمن ومنها "البهائية"، وتعايش أبناء الوطن مع بعضهم بغض النظر عن معتقداتهم.
خداع وابتزاز
أثيرت كثير من التساؤلات حول البهائيين في اليمن الذين يصنفون كجماعة سرية، خاصة أن توقيت ظهورهم إلى العلن جاء عقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، وما أعقبه من حملات إعلامية واعتقال لبعض أولئك، برغم عدم اتخاذهم لأي مواقف مناوئة للمليشيا.
ويُشكك المحلل السياسي فيصل علي بالمظلومية والاضطهاد التي يدعيها البهائيون في اليمن، ويؤكد أنهم مجرد باحثين عن لجوء وخروج من اليمن، ولا علاقة لهم بذلك المعتقد، فهو مجرد وسيلة عبور نحو أوروبا.
ويذكر لـ"الموقع بوست" أن الانقلابيين يسعون من خلال إثارة هذا الأمر إلى زيادة عدد الأقليات في البلاد.
وعن سبب ذلك بيَّن أن الحوثيين يهدفون إلى الاتجار بالأفراد، ويقدمون لهم خدمة الخروج من البلاد، تحت مسمى أقلية أو لاجئين مضطهدين، وذلك بمقابل مادي أو ما شابه، بغرض ابتزاز المنظمات الدولية.
وأشار إلى انحدار ألقاب البهائيين إلى العائلات الزيدية والشيعة في اليمن، إضافة إلى تواجد أغلبهم في محافظة صنعاء والمناطق القريبة منها، وعدم انتشارهم في مدن أخرى.
رفض الحوثيين للتعايش
فيما ذهب المحلل السياسي همدان العليي إلى اعتبار ممارسات الحوثيين ضد البهائية، هي ذاتها التي تقوم بها الجماعة ضد أي فئة من فئات المجتمع مُخالفة لها في التوجُّه الديني وحتى الثقافي والسياسي.
وأكد لـ"الموقع بوست" أن الحوثيين لا يؤمنون مطلقا بالتعايش، فبدؤوا منذ وقت مبكر خلال الحروب المختلفة بالتنكيل باليهود، وما أعقب ذلك من تهجير لسكان صعدة أو حِرف سفيان بعمران.
ووفقا لـ"العليي" فإن استهداف مليشيا الحوثي لكثير من النشطاء ومناوئيهم، وعديد من المكونات المجتمعية والسياسية والثقافية التي تخالفها، ومنهم البهائيون، تأتي في إطار عدم إيمانهم بمن يعارضهم.
الجدير بالذكر أن البهائيين في مختلف دول العالم يمارسون عباداتهم في أماكن تسمى "مشرق الأذكار"، وتكفل وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكل فرد الحق بالتمتع بجميع الحقوق والحريات، دونما تمييز سواء بسبب اللون، أو الجنس، أو اللغة، والدين وغيره.