"مؤتمر وارسو".. محاولة لتطبيع عربي مع إسرائيل واليمن الحلقة الأضعف (تقرير)
- خاص الأحد, 17 فبراير, 2019 - 03:46 مساءً

[ انتقادات لجلوس اليماني بجوار نتنياهو خلال مؤتمر وارسو ]

عقد قبل أيام مؤتمر وارسو للشرق الأوسط في العاصمة البولندية، وجمع القادة العرب بالإسرائيليين لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي.

 

أكدت خطابات وزراء الخارجية العرب أن ذلك الاجتماع مع شأنه أن يساهم في مواجهة التدخلات الإيرانية، التي عملت على اضطراب المنطقة بسبب استمرار دعم طهران للمليشيات.

 

ولم تخرج كذلك تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ذلك الإطار، فقد اعتبر ذلك اللقاء "فرصة" للعمل مع الدول العربية لتعزيز "المصلحة المشتركة" في الحرب على إيران.

 

شارك في ذلك المؤتمر قرابة ستين من وزراء الخارجية ومبعوثي الدول من جميع أنحاء العالم. وجاء عقب زيارات عديدة قام بها نتنياهو إلى بعض الدول العربية بينها سلطنة عمان والإمارات.

 

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية نشرت مقطع فيديو للوزير البحريني خالد بن أحمد وهو يقول في وارسو، إن إقامة علاقات دبلوماسية بين بلاده وإسرائيل "ستحدث عندما يحين وقتها"، مشيرا إلى أن مواجهة ما وصفه بـ"التهديد الإيراني"، يعد "أخطر وأهم" من القضية الفلسطينية في الوقت الحالي.

 

تطبيع شامل

 

تشهد المنطقة العربية صراعات تُغذيها إيران، بينها الحرب باليمن التي أدت إلى ارتفاع نسبة الفقر والمجاعة في البلاد، ومقتل ما يزيد عن عشرة آلاف مواطن.

 

وحول جدية تلك الدول في التصدي لطهران، قال المحلل السياسي ياسين التميمي إن هذا المؤتمر خططت له إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إطار تعويم العلاقة مع الكيان الصهيوني، وإضفاء الشرعية على التحالفات السرية القوية التي أقامتها أنظمة شمولية في منطقتنا تتقدمها السعودية والإمارات، تأسيسا على نوايا هذه الأنظمة لفرض نفوذها على جيرانها والتآمر عليهم والتفكير الجدي في ابتلاع دول بكاملها كما حصل بالنسبة لقطر، فضلا عن المؤامرات التي لا تتوقف على الكويت وسلطنة عمان.

 

وأوضح لـ"الموقع بوست" أن إدارة ترامب استغلت المخاوف التي تراكمت حيال الدور الإيراني، لتجعل من مواجهة إيران واحتواء دورها، غطاء لتمرير الصفقة الأهم والمتعلقة بالتطبيع الشامل مع الكيان الصهيوني.

 

ووفقا للتميمي فقد كان المؤتمر كحفلة عرس -كما وصفها البعض-لزواج أريد له أن يكون شرعيا، وشهوده أكثر من خمسين دولة من دول العالم، لا تنظر للأمن في منطقتنا إلا من زاوية المصالح الإسرائيلية.

 

تمرير مشروع آخر

 

يشوب العلاقة بين إسرائيل وبعض الدول العربية والإسلامية التوتر بسبب الصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني المحتل. وفي ذات الصعيد رأى الكاتب الصحفي محمد اللطيفي أن مؤتمر وارسو كان مجرد واجهة لتمرير التطبيع مع إسرائيل تحت يافطة مواجهة إيران.

 

ولفت في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى إدراك واشنطن التي دعمت المؤتمر، أن العرب واقعين بين عدوين، إسرائيل وإيران، وهي تسوق لهم فكرة أن الأخيرة العدو الوحيد، وليس حتى الثاني أو الأقل خطرا، وعليه لا يمكن مواجهتها إلا بتحالف عربي إسرائيلي.

 

وبحسب اللطيفي فإن الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية بمعية الإمارات، تعتقد أن التماشي مع التوجه الأمريكي نحو التطبيع مع إسرائيل، سيمكنها من حل مشكلاتها العالقة في العالم، لكن ذلك تكرر بإصرار عجيب لنفس الأخطاء، فقد أدت سياسات الرياض وأبو ظبي لتمكين إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، مشيرا إلى سماح السعودية للحوثي بالتمدد في شمال الشمال بحجة إضعاف الإصلاح، فكانت النتيجة تسليم صنعاء لطهران.

 

وتوقع أن يؤدي توسع التدخلات الإسرائيلية في الأوطان العربية إلى مشاركات عسكرية تصل إلى البحر الأحمر بحجة مواجهة إيران.

 

التأثير على اليمن

 

أما بالنسبة للملف اليمني وإمكانية تأثير ذلك المؤتمر عليه، فيعتقد اللطيفي أن وارسو يعبر عن توجه الرياض وأبوظبي لجعل الدول التي شهدت ثورات ضد الأنظمة، كواجهة لتجميل قبح التطبيع العربي الراهن. مؤكدا أن الشرعية التي أضحت في تبعية مطلقة للتحالف السعودي الإماراتي، تعتقد "بغباء" أن كل ما تفعله الرياض يجب الموافقة عليه، لافتا إلى أنه لا مبرر لجلوس اليماني بجانب نتنياهو سوى حالة الارتهان للرياض.

 

وخلص بالقول "في النهاية لا علاقة لمؤتمر وارسو بمواجهة إيران، الأمر له علاقة بتحويل التطبيع مع إسرائيل إلى حقيقة سياسية متقبلة عربيا، كما أنه لا علاقة لحضور بلادنا بجانب إسرائيل في المؤتمر أيضا بمواجهة طهران، بالعكس تماما فإن مواجهتها في بلادنا تتطلب أولا التحرر من التبعية المطلقة للقرار السعودي والإماراتي، وليس الارتماء في موجة التطبيع المخزي مع إسرائيل".

 

من جانبه استطرد التميمي "لقد أريد لليمن أن تكون أحد الضحايا الذين تم استدعاؤهم للبرهنة على الدور الإيراني المخرب في المنطقة، لهذا وضع المنظمون وزير الخارجية اليمني في المكان الذي أثار انتقادات واسعة من قبل اليمنيين".

 

وفي تقديره فإن مؤتمر وارسو، هو التدشين الفعلي للتحالف الخطير الذي نسجته إدارة ترامب ليضم أطرافا هي الأسوأ في المنطقة، وتكرس دورها كأنظمة شمولية دكتاتورية توسعية وتقود المنطقة والعالم إلى الفوضى.

 

مشاركة مثيرة للجدل

 

أثارت مشاركة بلادنا بمؤتمر وارسو عبر وزير الخارجية خالد اليماني، جدلا واسعا، خاصة بسبب جلوسه إلى جانب نتنياهو.

 

وقال مساعد الرئيس الأمريكي والمبعوث للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات في تغريدة من داخل غرفة الاجتماع "لحظة تشرح القلب، لم يكن ميكروفون نتنياهو يعمل فقام وزير الخارجية اليمني بإعارته".

 

وأضاف أن "نتنياهو رد مازحًا بشأن التعاون الجديد بين إسرائيل واليمن.. خطوة بخطوة".

 

وعلق نتنياهو على جلوسه إلى جانب اليماني في مؤتمر وارسو، بعبارة كتبها بالعبرية "نصنع التاريخ".

 

وكان اليماني على هامش مشاركته بالمؤتمر ولقائه بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، المجتمع الدولي بأن يكون له موقف صارم لمواجهة النظام الإيراني وكبح جموح سياسته التخريبية في المنطقة والعالم.

 

من جانبه انتقد المتحدث الرسمي باسم الحكومة راجح بادي، أسلوب المُزايدة المكشوفة من قبل جماعة الحوثي على القضية الفلسطينية واستغلالها بشكل خبيث، في سياق التنفيذ الحرفي لأوامر إيران وأجنداتها التي تستخدم شعارات زائفة، خدمةً لأغراضها، مجددا التأكيد على موقف بلادنا الثابت في دعم الشعب الفلسطيني.

 

ولا ترتبط اليمن بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ولم يسبق الحديث عن لقاءات إسرائيلية-يمنية أو حتى سرية، لكن الحوثيين قاموا عام 2016 بترحيل 17 يهوديا ومعهم مخطوطة تاريخية نادرة.


التعليقات