اللاجئون الأفارقة.. ظاهرة ترسم المشهد اليومي في مدينة عدن (تقرير)
- أكرم ياسين الثلاثاء, 02 فبراير, 2021 - 05:03 مساءً
اللاجئون الأفارقة.. ظاهرة ترسم المشهد اليومي في مدينة عدن (تقرير)

[ مهاجرون أفارقة بموقع احتجاز في عدن يوم 24 أبريل 2019 - رويترز ]

تزايدت في الآونة الأخيرة أعداد المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بصورة تحولت إلى ظاهرة ترسم المشهد اليومي لمدينة عدن (جنوبي اليمن)، وبدأت تثير الكثير من التساؤلات على ألسنة سكان مدينة شواطئها مكشوفة  كما هو حال المدينة وبقية السواحل اليمنية لا تخضع لسيطرة سلطة حكومة الرئيس هادي الشرعية المقيمة في عدن منذ شهر تقريباً.

 

ينامون في الأرصفة والساحات والحدائق العامة ويقتاتون البقايا من المطاعم، غسل السيارات أشهر مهنهم وصفة "لاجئ" هي كل ما تحمله أجسادهم المتعبة السمراء النحيلة من هوية.

 

قوارب الموت باهظ الكلفة

 

مئة دولار دفعها آدم شتته (28عاماً) من إقليم جيجكا جنوب أثيوبيا لعصابات التهريب التي وجدت في تزايد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين تجارة مربحة مقابل نقله على قارب متهالك حشر فيه 20 مهاجراً آخرين إلى جوار "آدم"، في رحلة محفوفة بالمخاطر بدأت من السواحل الجيبوتية حتى ميناء "رأس العارة" وهو ميناء صغير على شواطئ البحر الأحمر ويتبع إداريا محافظة لحج اليمنية ويخضع لسيطرة ما يسمى "قوات حراس الجمهورية"، وهي مليشيات تدعمها الإمارات ويقودها العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق على عبد الله صالح، حيث تنتظر عصابات تهريب أخرى يمنية كل من حالفهم الحظ بالوصول بسلام وتوفر لمن يملك المال سيارات دفع رباعي لمواصلة رحلة إلى المجهول بلا وجهة محددة، فيما يواصل من يستطيع الدفع رحلته سيراً على الأقدام، بينما يدخل بعضهم عبر سواحل محافظة "شبوة ، ميناء "المخا".

 

آدم الذي صادفناه خارجاً من أحد المساجد في حي المنصورة بمدينة عدن قال لـ"الموقع بوست "بلغة استخدم فيها إشارات يديه وبعض كلمات عربية مكسرة، بينما ثيابه المتدلية من كتفه المغسولة للتو تقطر ماء ووجعا إنسانيا لا يشعر بمرارة وطأته سواه، أنه "قدم إلى اليمن قبل ثلاثة أشهر من أثيوبيا بحثاً عن رزق، وكان هدفه الوصول إلى المملكة العربية السعودية"، كما قال بشفاة مرتعشة وعيون زاغت في اقتفاء حلم سرابي بعيد المنال دونه آلاف الكيلومترات والمنايا أيضاً.

 

ونفى لـ"الموقع بوست "تعرضه لأي معاملة غير إنسانية، وهو كلام تدحضه تقارير منظمة الهجرة الدولية، وتصريح الناشطة "عفراء باناصح " المرفق في هذا التقرير.

 

"أدم" غلى غرار المئات من اللاجئين الآفارقة المتواجدين في مدينة عدن ينام على الأرصفة ويعيش على ما يجود به أصحاب المطاعم من بقايا، ويمارس أي عمل يطلب منه ويحلم بالوصول للسعودية.

 

الجانب المأساوي في المشكلة

 

لم يسمح الوضع الأمني في مدينة عدن الخاضعة لسيطرة مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي بأخذ تصريح من الجهات الأمنية حول ظاهرة انتشار المهاجرين الأفارقة في شوارع وأسواق المدينة.

 

الناشطة "عفراء باناصح" المهتمة بهذه الظاهرة قالت لـ"الموقع بوست" إن عملية تهريب المهاجرين الأفارقة منظمة ومتورط فيها مسؤولون أمنيون كبار وهم الذين يوفرون التسهيلات والحماية لهؤلاء المهاجرين مقابل مبالغ مالية.

 

وبحسب عفراء يوجد في مدينة عدن "زعيم" أو "شيخ" مقيم من المهاجرين الأفارقة يمثل حلقة وصل بين المهربين والمهاجرين والسلطات الأمنية في عدن مقابل مبالغ يتفق عليها مسبقاً.

 

كما أنهم يشكلون عبئا اقتصادياً لليمن التي تكاد أوضاعها الحالية لا تختلف كثيراً عن بلدانهم التي نزحوا منها سوى بفارق ضئيل.

 

وعبرت الناشطة "عفراء" عن استغرابها من صمت المنظمات الدولية ومنها منظمة الهجرة الدولية المعنية بقضايا المهاجرين غير الشرعيين وكذلك الحكومة اليمنية، كونها قضية عالمية ذات أبعاد إنسانية وأمنية واجتماعية خطيرة، فهؤلاء المهاجرون يدخلون الأراضي اليمنية بصورة عشوائية ودون ضوابط أو رقابة، ولا يخضعون للفحص الطبي، ومؤكد أنهم ينقلون معهم الأمراض المختلفة وبالذات وباء "كورونا" المنتشر عالماً ناهيك عن تعرضهم لسوء المعاملة القاسية، وقد رقدت حالات تعذيب واغتصاب تعرض لها هؤلاء المهاجرين من قبل عصابات التهريب والمتعاملين معها.

 

وعلم "الموقع بوست " من مصدر محلي مسؤول في مدينة عدن أن السلطات المحلية في المدينة شرعت مساء أمس الاثنين في تجميع عشرات اللاجئين الأفارقة من شوارع المدينة إلى ملعب 22 مايو الرياضي، ولم يوضح المصدر الغرض من هذه الخطوة.

 

أرقام بلا نهاية

 

وفق إعلان منظمة الهجرة الدولية، السبت الماضي، عن وصول 30 ألف لاجئ أفريقي غالبيتهم من اثيوبيا والباقي من الصومال إلى اليمن خلال العام المنصرم 2020، 94 بالمئة منهم وجهتهم السعودية، فيما 6 بالمئة منهم ينتهي بهم المطاف داخل اليمن، وهو رقم يفوق بكثير نسبة المهاجرين إلى أوروبا خلال نفس العام، ومؤشر خطير على مأساة إنسانية متفاقمة أدار لها العالم ظهره تاركاً هؤلاء المهاجرين سلعة مربحة لتجار البشر المجردين من الإنسانية.


التعليقات