صيادو حضرموت بين المعاناة والحرمان.. وارتفاع سعر الوقود يفاقم من مأساتهم (تقرير)
- إكرام فرج الأحد, 06 مارس, 2022 - 09:16 مساءً
صيادو حضرموت بين المعاناة والحرمان.. وارتفاع سعر الوقود يفاقم من مأساتهم (تقرير)

[ جرعة جديدة تلقي بعبئها على صيادي حضرموت ]

شكلت الثروة السمكية في اليمن مصدراً هاماً للدخل وفرص العمل، إذ ساهم القطاع السمكي بنسبة 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وثاني أكبر الصادرات بعد النفط والغاز، ولكن مع الارتفاع في أسعار المشتقات النفطية في الأشهر الماضية شكل عبئاً ثقيلا أمام الصيادين المحليين في محافظة حضرموت (شرق اليمن) إلى جانب الآثار الكبيرة التي تشكلت انعكاساتها في الأزمة السياسية والاقتصادية على حياة المواطنين.

 

"محمد أحمد"، من أبناء مدينة الشحر أحد العاملين في مهنة الصيد منذ عشرات السنين يقول "في السنوات الأخيرة أصبحنا نتكبد أسعار خيالية لأسعار المحروقات، الأمر الذي جعلنا نعزف عن مهنتنا الأساسية التي كنا نقتات منها، في يومنا أنا والكثير من الصيادين اتجهنا لمهن أخرى لكي نغطي الديون التي خسرناها.

 

في حديثه لـ"الموقع بوست" يشير أحمد إلى أن معظم المواطنين بينهم الصيادين أصبحوا ينتظرون على أبواب المنظمات لتلقي المساعدات الانسانية نظراً لتدهور الوضع المادي وعدم قدرتهم على توفير متطلبات الوجبات الرئيسية.

 

وتابع "أصبحنا نكتفي بوجبتين أو وجبة واحدة في معظم الأوقات، الأمر الذي يزيد من معاناتنا في ظل غياب الرقابة على الأسعار في جميع السلع".

 

معاناة مستمرة

 

تقول "أم أحمد" أنها لم يعد باستطاعتها تأمين الوجبات الضرورية لأطفالها الأيتام الذين لا يوجد لهم معيل غيرها، إذ نشهد يومياً ارتفاع في أسعار المواد الغذائية، الأمر الذي يجعلنا نستغنى عن الكثير من الأطعمة الرئيسية وأهمها الأسماك الذي لم نتناوله منذ فترة طويلة واستبدلناه بالخضار نظراً للارتفاع في أسعار الأسماك في الأسواق.

 

 

تضيف:" تدهورت أوضاعنا المعيشية بسبب الارتفاع في أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى فجعل حصولنا على أبسط الاحتياجات اليومية صعباً للغاية أمام هذه المنغصات التي أصبحت تحيط بنا".

 

مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والانهيار المتواصل للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية وانعدام الرقابة المحلية التي تشهده المحافظة يعجز الكثير من المواطنين وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود عن توفير أبسط مقومات الحياة، مما يجعل أوضاعهم تسوء أكثر.

 

تحذيرات من كوارث إنسانية

 

حذرت الأمم المتحدة في 10كانون الأول/ديسمبر 2020 من أن اليمن يتأرجح على حافة الانهيار الكامل، مع احتياج أكثر من 80 بالمئة من السكان إلى مساعدات إنسانية عاجلة وحماية، في البلد الذي يعاني من ويلات الحرب والجوع ومن تهديدات صحية تفاقمها جائحة كوفيد-19.

 

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، إنه يتم "تجويع" اليمنيين، بسبب حرب تدفع بالبلاد نحو المجاعة، إلى جانب اقتصاد ينهار وتمويل أقل بكثير من المطلوب.

 

حلول تخديرية

 

هاني صالح، من أبناء مدينة الشحر العاملين في القطاع السمكي هو  الآخر يقول "نحتاج لأكثر من 120 لتراً يومياً من الوقود لنقطع عشرات الأميال تصل إلى 70 ميلاً  لنصل إلى عمق البحر للاصطياد وهذا يستهلك معظم أرباحنا التي نكتسبها لشراء الوقود.

 

بصوتٍ مليء بالحزن  والحسرة يضيف صالح في حديثه لـ "الموقع بوست" بنزول سعر البنزين خلال الفترة السابقة استبشرنا خير، ولكن تفاجأنا أن هذا النزول كان حلا تخديريا لتهدئة الشارع ولم يدم طويلاً، إلا وأعلنت شركة النفط اليمنية في 13 فبراير الجاري جرعة جديدة -حسب بيان الشركة- وذلك بسبب الارتفاع غير المسبوق خلال الفترة الماضية في السعر العالمي للمشتقات النفطية المرتبطة بأسعار البورصة العالمية، الأمر الذي جعل الكثير من الصيادين يعزفون عن مهنتهم.

 

وفي هذا الجانب أكد عوض برعيه رئيس جمعية صفاء الخور السمكية وقوف الجمعية إلى جانب الصيادين خلال تقديمها لبعض المساعدات لمنتسبيها وأيضاً تشكيلها لقنوات تسعى للتخفيف من معاناة الصيادين الذين يصابون بأمراض الفشل الكلوي والسرطان، ولكن بحسب قوله ما نقدمه هو بجهود ذاتية ولا يوجد أي تدخل حكومي فيها.

 

 

موجه ندائه إلى السلطة المحلية لوقوفها إلى جانب الصيادين من خلال فرض الرقابة والتخفيض في أسعار المشتقات النفطية الارتفاع الذي قد ينذر بعواقب وخيمة على الصيادين باعتبارهم الفئة الأكثر في المحافظة.

 

إحصائيات

 

حسب إحصائيات نشرها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في مارس/ آذار 2020، فإن صناعة صيد الأسماك في اليمن قبل العام 2015، كانت توفر فرص عمل لأكثر من نصف مليون شخص يعيلون قرابة 1,7 مليون نسمة، فيما تعتبر هذه الصناعة ثاني أكبر صادرات البلاد بعد النفط والغاز.

 

وتشير الإحصائية إلى أن إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية يبلغ سنويًّا حوالي 200 ألف طن قبل اندلاع الصراع، حيث تم تصدير ما بين 40% إلى 50% من هذا الإنتاج، ما أدرّ عائدات تقدر بحوالي 300 مليون دولار. إلا أن الحرب الدائرة في البلاد، أدت لانخفاض حجم هذا الإنتاج السمكي إلى ما يقارب النصف، بينما تراجعت الصادرات في قطاع الأسماك إلى أقل من 70 ألف طن سنويًّا منذ اندلاع الحرب.

 

وأظهرت دراسة أجريت عام 2018، أن 60% فقط، من الصيادين اليمنيين يملكون قوارب صيد، بينما يعمل الباقون مقابل أجر يومي، وأن قرابة الثلث من هؤلاء يملكون القوارب بالشراكة مع آخرين.

 

 يتكون النشاط الإنتاجي للاصطياد الساحلي التقليدي من التعاونيات والجمعيات السمكية والصيادين الأفراد، ويبلغ عدد التعاونيات السمكية (129) تعاونية وجمعية سمكية على طول الشريط الساحلي للجمهورية اليمنية، وتمتلك حوالي (23582) قارب خشبي وفيبرجلاس وعبري حتى عام 2012، حيث بلغت قيمة مبيعات الأسماك والإحياء البحرية المصطادة (الصيد التقليدي) (115,365) مليون ريال عام 2012.


التعليقات