ميناء قشن بالمهرة.. لماذا تُخفي الحكومة هوية الشركة المستأجرة للميناء؟ (تقرير)
- خاص الأحد, 05 فبراير, 2023 - 03:40 مساءً
ميناء قشن بالمهرة.. لماذا تُخفي الحكومة هوية الشركة المستأجرة للميناء؟ (تقرير)

[ ميناء قشن بالمهرة كمشروع وهمي تستخدمه الإمارات لتوسيع نفوذها ]

عندما أقرت الحكومة اليمنية -المعترف بها دوليا- عقد إنشاء ميناء قشن بمحافظة المهرة (شرق اليمن) المخصص للنشاط التعديني واستثمار في مجال الاتصالات أواخر شهر ديسمبر الماضي، لصالح شركات إماراتية، ارتفعت الأصوات الرافضة لهذه الاتفاقية التي اعتبروها مشبوهة، وسط إبقاء التحالف بقيادة السعودية الموانئ مغلقة وقطاع الاتصالات تحت سيطرت الحوثيين.

 

وفي 31 ديسمبر الماضي، أعلن اجتماع مجلس الوزراء عقد إنشاء ميناء قشن بمحافظة المهرة والمخصص للنشاط التعديني، بعد مراجعته من اللجنة الوزارية المكلفة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليه، ومذكرة تفاهم للتعاون بين اليمن والإمارات بشأن إقامة مشروع استثماري مشترك في قطاع الاتصالات، مكلفا بذلك وزارة الاتصالات باستكمال الإجراءات اللازمة لصياغة اتفاقيات المشروع الفنية والقانونية.

 

رفض الاتفاقية

 

وتعد اتفاقية بيع وتأجير ميناء قشن بمحافظة المهرة انتهاكاً واضحاً وصريحاً للسيادة الوطنية وضمن استمرار التحالف السعودي الإماراتي في تمرير أجندته ومشاريعه التي تنتهك السيادة لذلك رفضت لجنة الاعتصام السلمي بالمهرة هذه الاتفاقية وفق متحدث اللجنة علي مبارك.

 

واتهمت لجنة الاعتصام الحكومة ووزارة النقل بالتهرب في الإعلان عن بنود الاتفاقية بشفافية وتوضيحها للرأي العام، نتيجة وجود تجاوزات غير دستورية وقانونية في الاتفاقية المشبوهة ، بينما شركة "أجهام" هي شركة إماراتية دعما وتمويلاً إلى جانب كونها شركة غير مؤهلة للقيام بمشروع إنشاء ميناء بحسب قانون الموانئ اليمنية.

 

ويضيف "مبارك" لـ"الموقع بوست" أن خلال سنوات الحرب الماضية، شاهد جميع أبناء المهرة واليمن رفض التحالف فتح المطارات والموانئ، بما في ذلك مطار وميناء عدن إلى جانب أكثر من 8 موانئ رئيسية يمكن من خلالها رفع الحصار عن الشعب اليمني.

 

ويعود تفاصيل هذه الاتفاقية إلى 6 يوليو 2021، عندما فازت شركة "اجهام" للتعدين بإنشاء وإدارة ميناء بحري في مديرية قشن بمحافظة المهرة بنظام "بي او تي" الذي يعني أن الشركة صاحبة الامتياز ستقوم بتمويل المشروع ثم تشغيله واستغلاله تجاريا لمدة زمنية محددة، قبل إعادته إلى الدولة.

 

كما تضمن العقد آنذاك بإنشاء ميناء لتصدير الحجر الجيري مكون من لسان بحري ورصيف لرسو السفن في مرحلته الاولى، من دون الكشف عن سنوات الامتياز والكلفة الاستثمارية للعقد الذي وقعه رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر العربي سالم عبدالله باسمير ونائب رئيس مجلس إدارة شركة اجهام علي بن متاش.

 

وواجه هذا الإعلان موجة عضب ورفض واسعان من ومكونات وشخصيات اجتماعية وسياسة عدة بالمحافظة على خلفية توقيع الاتفاقية لصالح شركة إماراتية، لكن وزارة النقل خرجت ببيان تؤكد فيه بأن الشركة المنفذة لمشروع ميناء قشن، يمنية متخصصة بالطاقة والتعدين وحاصلة على تراخيص من كافة الجهات المعنية وموافقة للقوانين المنظمة للاستثمار في الجمهورية اليمنية.

 

وتشير وزارة النقل إلى أن شركة اجهام للطاقة والتعدين ـ المشغلة للميناء ـ هي شركة يمنية حاصلة على كافة التراخيص من الجهات المعنية بما فيها السلطة المحلية في المحافظة لمزاولة مهامها في اليمن، ومملوكة لمجموعة من المستثمرين من الجالية اليمنية من أبناء "يافع في الخليج " تقدموا للاستثمار بموجب القوانين المنظمة للاستثمار في البلاد.

 

ووضع تقرير تقصي الحقائق التابع للجنة البرلمانية التي شكلها مجلس النواب ووضعت العديد من الملاحظات حول عقد امتياز وانشاء وادارة وتشغيل واعادة تسليم ميناء بحري في مديرية قشن محافظة المهرة بنظام "B.O.T"، بينما أوصت رئيس المجلس بمخاطبة الحكومة لاستيعاب الملاحظات المتعلقة بإلغاء بعض العبارات والكلمات في عقد الامتياز.

 

ويؤكد التقرير أن السلطة المحلية  بالمحافظة متوافقة مع رأي وزارة النقل والحكومة بشأن المشروع الذي يخدم المجتمع المحلي في المديرية وسيكون له اثر ايجابي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وتنمية المنطقة، في حين توصلت اللجنة بأن هيئة المساحة الجيولوجية منحت الشركة ترخيص محجر بمساحة واحد كيلو في منطقة وادي ادنوت ونبيد بالمديرية مدته عشر سنوات ابتداء من تاريخ التوقيع في 8 اغسطس 2022.

 

وعلى الرغم من هذه التوضيحان بشأن الشركة المشغلة إلا إن الشكوك لاتزال قائمة بخصوص هوية الشركة الذي تؤكد أنها إماراتية، في وقت تحمل في طياتها أجندة خارجية للإمارات بسجلها الحافل بمحاولات السيطرة على العديد من المواقع الحيوية في المحافظات الجنوبية، بما فيها سقطرى والمهرة، بحسب أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم.

 

نجاح الحراك السلمي

 

ويعول أستاذ علم الاجتماع السياسي على الحركة الاحتجاجية في المهرة، ممثلة في لجنة الاعتصام لإفشال الاتفاقية، بعيدا عن الحكومة التي اختارتها دول التحالف بعناية، لخدمة مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية، مؤكدا أنه لا تتمكن الشركة المشار إليها من إنجاز أي أعمال تنقيب أو تصدير للمعادن في ظل استمرار الرفض الشعبي من قبل أبناء المهرة الرافضين لمشروع ميناء قشن.

 

ويضيف "غانم" لـ"الموقع بوست" أن قيادة الاعتصام ليست ضد تحقيق المصالح المشتركة والمشروعة التي تقوم على التعامل الندّي، وتمر عبر القنوات الرسمية والأطر القانونية، وتحترم سيادة اليمن، مشيرا إلى الأصوات التي تتبنى مطالب عادلة ومشروعة، وتقف ضد استغلال وهيمنة القوة عادةً يكتب لها النجاح، لان رأس المال ليس بوسعه المجازفة بالمال في منطقة يرتفع فيها حجم المخاطر، وتواجه فيها مشاريعه بالرفض.

 

شراكة غامضة في الاتصالات

 

أما بخصوص الشراكة في قطاع الاتصالات بين الإمارات واليمن، يؤكد "غانم" أن التحالف السعودي/ الإماراتي فضل غض الطرف عن بقاء الشبكات والبنية التحتية للاتصالات وغرفة التحكم المركزية تحت سيطرة الحوثيين، حتى تبينت بعض نواياه في مطلع مايو 2022، عندما تم الكشف عن إبرام "اتفاقية" مع الإمارات لتطوير الاتصالات في المحافظات الجنوبية.

 

ويشير إلى أنه لم يصدر إعلان رسمي من الجانب الإماراتي حول الاتفاقية أو أي نوع من الشراكة التي ستتم بين البلدين، لكن نموذج الشراكة التي تعتزم أبوظبي عقدها تتمثل باستبدال شبكتي الإنترنت والاتصالات اليمنية بشبكتي الإنترنت والاتصالات الإماراتية كما حصل بجزيرة سقطرى الذي اعتمدت فيها شركات اتصالات إماراتية بدلا من الشركات اليمنية.

 

ويؤكد أن أبوظبي والرياض عجزتا على هزيمة الحوثيين، حيث ذهبتا لتحقيق مصالحهما عبر الصفقات المشبوهة عبر اتفاقات الغالب مع المغلوب، بعد أن أوصل حال اليمن إلى المرحلة تلاشت فيها الندية التي يصعب فيها الرفض، فيما ستتمكن الإمارات من إحراز مكاسب طفيفة، من قبل تأسيس شركة اتصالات مشتركة كسيلة لضمان تبعية اليمن لسياساتها.

 

ويرى أن الشراكة الإيجابية يجب أن تكون من خلال عقد اتفاقية تقترحها الحكومة اليمنية، وفقًا لاحتياجات اليمن لهذه الخدمات، ويقرها مجلس النواب، لإنشاء البنى التحتية لشبكة اتصالات حديثة، وشركات اتصالات بديلة، في المناطق المحررة، شريطة أن يتم تأسيسها لتستوعب احتياج المواطنين في مختلف المحافظات اليمنية بعيدة عن الأساس الشطري.


التعليقات