الصين.. نظرة جديدة للعالم
الإثنين, 30 سبتمبر, 2019 - 04:02 مساءً

 
على هامش حضوري البارحة حفل استقبال السفارة الصينية باليمن "مقرها الرياض مؤقتا" للعديد من الشخصيات السياسية والثقافية اليمنية رأيتُ على طاولة في آخر القاعة "مطبــوعًـا" صغيرًا، ضمن الأدبيات التي توزعها السفارة للحضور، وللأسف يبدو أن هذه المطبوعات بقيت مكانها، ولم يهتم بها إخواننا الضيوف على أهميتها.
عنوان المطبوع "يـدًا بيد لدفع علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية في العصر الحديث". شي جينبينج. "12 صفحة، قطع متوسط" أخذتُ نسخة منه، وقلت هذه وجبة صغيرة سأستمتع بها الليلة. وياااااااا للمتعة حقا.
المطبوع رؤية صينية استراتيجية عميقة المضمون والمحتوى، تجاه المنطقة العربية والشرق الأوسط، بروح العصر، منطلقة من أربع استراتيجيات كبرى، متمثلة في: تعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، تحقيق حلم النهضة، تحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وتعزيز التسامح والتنافع. صيغت هذه الاستراتيجيات بذهنية حضارية فلسفية تاريخية، وبمسؤولية أخلاقية، كما هو الشأن مع الدول والحضارات العريقة التي تتعامل مع غيرها من منطلق أخلاقي إلى جانب المنطلق البراجماتي.
الصين هنا خلاف الغرب في تعاطيها السياسي تجاه العرب والشرق الأوسط؛ إذ أن للبعد الأخلاقي حضوره الفاعل، كما هو الشأن مع اليابان تجاه النمور الأسيوية التي نهضت بها من وضعها المتردي، وأصبحت اليوم اقتصادا عالميًـا منافسًا بفعل هذه السياسة الرزينة؛ خلافا للغرب الذي لا يُعير البعد الأخلاقي أي أهمية تذكر في تعاطيه السياسي مع الغير.
المطبوع ركز بصورة واضحة على البعد التاريخي في العلاقات العربية الصينية، مقرونا بالبعد الجيوسياسي، كما ركز على عملية السلام في الشرق الأوسط، بعيدا عن كوارث الحروب ونتائجها، وعلى السياسة الرشيدة، ذلك أنه "عندما تُنفذ السياسة المستقيمة يكون العالمُ للجميع". مشيرا إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" التي تبنتها الصين هي جسر التواصل الصيني العربي، أو قل الصيني الشرق أوسطي. وهي مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية. وأن الصين قد خصصت 20 مليار دولار أمريكي قروضا للدول التي تحتاج لإعادة الإعمار في المنطقة العربية، إضافة إلى مبالغ أخرى لمشاريع إنسانية في كل من: سوريا والأردن ولبنان واليمن.
تساءلت: هذه استراتيجية الصين الشعبية تجاهنا، ولسانُ حالها: ساعدونا أن نساعدكم. فما هي استراتيجيتنا اليمنية تجاهها للاستفادة من هذه العروض المفيدة، خاصة ونحن في وضع استثنائي حرج؟
أهتبلُ الفرصة هنا لألفت نظر الحكومة والرئاسة للتعاطي الإيجابي مع هذه الاستراتيجية بروح المسؤولية؛ لاسيما وشعبنا في أمس الحاجة لهذا التعاون من قبل الأصدقاء. فهل يفعلون؟؟ فهل قرأ المسؤولون ممن حضروا هذا المطبوع؟؟! نأمل ذلك.
 

التعليقات