‏صراع اللصوص في قصر معاشيق
الاربعاء, 12 مارس, 2025 - 11:52 مساءً

‏ما حدث في اجتماع قصر معاشيق لم يكن مواجهة بين تيارات سياسية أو صراعاً بين رؤى مختلفة لإدارة الدولة  بل كان معركة مكشوفة بين لصوص يتنافسون  على نهب المال العام كل مكون يحاول تأمين مصالحه والحفاظ على امتيازاته ولم يكن هدف الوزراء الذين اجتمعوا هو إنقاذ البلد أو تحسين أوضاع الشعب بل كان هاجسهم الأكبر حماية المناصب التي تحولت إلى أدوات لجمع الثروات والتكسب .
 
‏اتفقوا في الاجتماع على مطلب واحد إقالة رئيس الوزراء أحمد  بن مبارك لكن ليس لأنهم يسعون لتحسين الأداء الحكومي بل لأنه أوقف التصرف بالموازنات المالية الغير خاضعة للرقابة والتي كانت تُنهب بطرق ملتوية وغير شرعية.لم يكن الفشل الحكومي الذي يتحدثون عنه هو مشكلتهم الحقيقية فالجميع يعرف أن الحكومة كلها غارقة في العجز والفساد لكن ما أزعجهم هو أن بن مبارك تجرأ على إغلاق مصادر دخلهم وأوقف حنفية نهب المال العام بطرق غير مشروعة.
 
‏قرار إيقاف هذه الأموال أثار جنونهم  فقرروا التصعيد ضده  وأعلنوا مقاطعة جلساته وبدأوا في تسريب الأخبار عن فشله رغم أنهم جميعاً شركاء في كل الإخفاقات والجرائم الاقتصادية ضد الشعب.
 
‏بالنسبة لمجلس القيادة الرئاسي فهو مجلس حكم بلا رؤية وقيادة بلا قرار كرست حالة الشلل والموات التي تسيطر على المشهد اليمني، والمتابع لأدائه منذ تشكيله يؤكد حقيقة أن الرئيس رشاد العليمي لا علاقة له بمعركة استعادة الدولة ولا الحفاظ على الثوابت ولا بإنقاذ الوضع الاقتصادي والمعيشي من التدهور، وقد قبل بأن يعمل كواجهة لتمرير أجندات المجلس الإنتقالي ومموليه مقابل حصوله على فرصة لتحويش أكبر قدر من الأموال له ولحاشيته.
 
‏وشكلت قضية بن مبارك التي تراوح على طاولة المجلس منذ أشهر نموذجاً لهذا الفراغ والتيه الذي يشكله مجلس القيادة ورئيسه إذ ظلت طاغية على أجندة اجتماعاته منذ أشهر دون نتيجة حقيقية حتى تم حسمها بالرياض الشهر الماضي بعدم إقالته ،ومع ذلك لايزال  رئيس المجلس وقوى النفوذ في البحث عن سكرتير يمرر مصالحهم لا عن رئيس وزراء يمتلك رؤية ولديه مساحة وصلاحية لاتخاذ قرار، وبالتالي فإن البدائل المقترحة ظهرت معطوبة وعجزت حتى عن إقناع القوى التي تقف وراء مجلس الرئاسة.
 
‏فيما يتعلق بالمجلس  الانتقالي فهو يسعى إلى الحصول على أكبر نصيب من الكعكة ويطالب ان يكون رئيس الحكومة تابع له ولذلك قاموا بمقاطعة الاجتماع بالكامل ولم يحضر منهم أحد والهدف فرض رئيس وزراء إذا لم يكن منهم  فيكون مجرد موظف ينفذ مصالحهم وليس شخصية قد تحاول الحد من نفوذهم و فسادهم.
 
‏ومن غير الممكن  تصوير الصراع داخل الحكومة أنه  بين الشرعية والانتقالي كما يروجه البعض بل بين شبكات مصالح متصارعة كل طرف يحاول تأمين حصته من النهب والسلطة.
 
‏أذكر لكم إحدى الفضائح التي تم كشفها مؤخراً  تتعلق بتزوير تواقيع مسؤولين متوفين لسنوات بغرض تمرير معاملات مالية مشبوهة تؤكيد على أن الفساد في الحكومة لا يتوقف حتى بوفاة المسؤولين بل يستمر عبر شبكات منتفعة لا تتغير ومسؤول آخر يرفض توضيح والرد على جهاز الرقابة والمحاسبة في قضية  صرف أكثر من أربعين مليون سعودي رغم المذكرات المتكررة من وزارة المالية هذا جزء من بحر الفساد والنهب للمال العام .
 
‏نحن اليوم أمام شرعية وحكومة بلا مشروع ودولة بلا مستقبل لا توجد حكومة بالمعنى الحقيقي بل مجرد مجموعة من المسؤولين تتقاتل على الموارد والمناصب دون أي رؤية لإدارة الدولة أو تحسين أوضاع الشعب.
 
‏لا المجلس الرئاسي لديه خطة ولا الأحزاب السياسية لديها مشروع  ولا الحكومة تمتلك سلطة حقيقية الجميع منشغل فقط بتأمين مكاسبه الخاصة قبل أن ينهار كل شيء.
‏اليوم  المواطن يعاني  من الجوع والفقر والتشرد والنزوح  وانعدام الخدمات وهؤلاء يجتمعون في معاشيق للتفاوض على من يسرق أكثر وليس على من يخدم الشعب أكثر.
 
‏بإختصار هؤلاء اللصوص يتقاتلون والشعب يدفع الثمن وما يحدث اليوم هو معركة بين فاسدين يختلفون على الغنائم فيما ينهار البلد أكثر تحت وطأة النهب والفوضى والشعب وحده  يدفع الثمن ليستمر اللصوص في صراعهم على المال والمناصب دون أي خجل أو إحساس بالمسؤولية.
 

التعليقات