مركز المخاطر العالمية: السعودية تخاطر بمصداقيتها في حرب اليمن (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الإثنين, 30 أبريل, 2018 - 11:05 مساءً
مركز المخاطر العالمية: السعودية تخاطر بمصداقيتها في حرب اليمن (ترجمة خاصة)

[ مركز المخاطر العالمية: جميع الأطراف تعمق الصراع باليمن ]

على مدى السنوات الثلاث الماضية، توسعت الحرب الأهلية في اليمن على المستوى الدولي، وفي الآونة الأخيرة، زاد الحوثيون من الهجمات الصاروخية ضد المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من أن الدفاعات الجوية السعودية قد نجحت في تحييد هذه الهجمات، إلا أنها تؤسس لمزيد من التصعيد للصراع في اليمن.
 
فهم الحرب
 
خلال الربيع العربي، تم التفاوض حول الانتقال السياسي في اليمن الذي يسعى للحفاظ على الاستقرار، ونقل السلطة من الرئيس علي عبد الله صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، وبسبب هذا التغيير في القيادة، أصبح من غير الممكن احتواء قوى الاضطرابات التي كانت تختمر تحت حكم صالح الطويل، وشكلت  مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي والبطالة والفساد تحديًا لدعم الحكومة، حتى مع اندلاع التمرد الذي قامت به الحركة الحوثية الانفصالية منذ نحو عقد من الزمن لمناصرة الأقلية الزيدية الشيعية.
 
في السابق، كان هذا التمرد يقتصر إلى حد كبير على محافظة صعدة  الشمالية، ولكن في عام 2014 استولى تحالف الحوثيين والقوات الموالية لصالح على العاصمة صنعاء، وانطلقت نحو  الجنوب نحو ثاني أكبر مدينة "عدن"، وقد دفع هذا السعودية إلى تشكيل تحالف مع عدة دول في المنطقة للتدخل، مع قيام الحلفاء إما بإرسال قوات أو تنفيذ غارات جوية في اليمن.
 
وبينما كان التحالف يصد هجمات الحوثيين من جنوب اليمن، استفادت الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية (داعش) من القتال وقامت بتنفيذ عمليات إرهابية في عدن، هذه الفصائل الإرهابية جعلت الخطوط الفاصلة بين الطرفين المتحاربين غير واضحة، فالصراع القائم هو بين الجماعات الدينية والقبلية، التي تدعمها في المقام الأول إيران أو المملكة العربية السعودية وحلفائها، ولكن في الوقت الذي تحاول فيه القاعدة في شبه الجزيرة العربية والدولة الإسلامية الاستفادة من فراغ السلطة، يصبح الوضع أكثر تعقيدًا، خاصة في ضوء المزاعم القطرية بأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تدعمان هذه المجموعات.
 
وبينما كان اللاعبون الدوليون يدفعون باتجاه المفاوضات، كانت محادثات السلام الضعيفة قد تخللتها الحرب، حيث قدم صالح مبادرات سلام إلى السعوديين في العام الماضي، لكنه قُتل أثناء محاولته الفرار من صنعاء في 4 ديسمبر 2017.
 
أزمة عميقة
 
تصاعد الصراع دون رؤية واضحة في الأفق، وتعرض الاستقرار الإقليمي في اليمن  للخطر، وحاول الحوثيون الانتقام من خلال الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية، والتي أدت بدورها إلى مزيد من الهجمات من قبل السعوديين، وكان أبرزها هجوم نوفمبر / تشرين الثاني 2017 عندما أصاب صاروخ الحوثي، الذي أفادت وسائل الإعلام السعودية أنه تم تحييده من قبل نظام الدفاع، مطار الملك خالد الدولي بالقرب من الرياض.
 
ينظر  السعوديون إلى هذا الهجوم على أنه مدبر من قبل إيران، وقررت تعزيز هجومها ضد الحوثيين من خلال الشروع في فرض حصار على جميع المعابر البرية والموانئ والمطارات اليمنية، في الوقت الذي أعيد فيه  فتح نقاط الدخول التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية الموالية للسعودية، تم إغلاق جميع المراكز الأخرى لأسابيع.
 
وحذر فريق الخبراء المعني باليمن من أن تنفيذ مثل هذا التكتيك هو استخدام "خطر التجويع كأداة للحرب".
 
وتجدر الإشارة إلى أن اعتماد اليمن على المواد الغذائية المستوردة والأدوية والوقود يتراوح ما بين 80 إلى 90% وجميع  موانئه أساسية من أجل تلبية احتياجات السكان.
 
بالرغم من أن الحصار خفف بعد بضعة أسابيع، إلا أن احتياجات السكان اليمنيين ظلت غير مستوفاة، مع أن معظم المساعدات والموانئ بيد السعودية وحلفائها، وبالرغم من أن الموانئ المهمة هي تلك التي تخضع لسيطرتها إلا أن القدرة على الاستيراد محدودة جدا بالنسبة لغيرها من الموانئ والواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
 
لقد تحمل المدنيون وطأة الصراع لأن كلا الجانبين قد تسبب في تفاقم واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم اليوم، يتركز معظم السكان اليمنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في شمال اليمن وهم معرضون لضربات التحالف الجوية، وبالتالي، يحتاج 22.2 مليون من أصل 27.5 مليون نسمة في اليمن إلى المساعدات الإنسانية، ومن بين هؤلاء الناس، هناك 8 ملايين شخص على حافة المجاعة، ويقدر أن مليون شخص يتضررون من تفشي الكوليرا.
 
وفي الوقت الذي سيطر فيه التحالف على نقاط الدخول الرئيسية وقام إما بحظر أو تحويل الواردات مثل الوقود، قامت القوات الموالية للحوثي أيضاً بمنع الإمدادات الغذائية والطبية وتقييد وصول عمال الإغاثة والتسليم.
 
تداعيات الصراع
 
مع مرور ثلاث سنوات على التدخل السعودي في اليمن التي تتخللها زيادة في محاولات شن هجمات الحوثيين على المدن السعودية، فإن احتمالية نهاية سريعة للنزاع منخفضة،  لم يحقق الائتلاف السعودي سوى مكاسب متواضعة من الأراضي، ولا تجري محادثات لإنهاء القتال بشكل جيد، وقد أظهر الحوثيون أنهم ما زالوا يملكون القدرة على تهديد الرياض، على الرغم من أن نظام الدفاع الصاروخي الوطني باتريوت يعترض تقريباً كل صواريخ الحوثي، تنظر الرياض إلى هذه الهجمات على أنها أعمال حرب تقوم بتنظيمها إيران، الأمر الذي يدفع السعوديين إلى الانتقام، إن شروطهم للسلام في اليمن هي النصر إلى جانب نزع سلاح المتمردين الحوثيين بالكامل ، وهي شروط غير مقبولة للأخير.
 
وبالنظر إلى رفض كلا الطرفين تغيير مطالبهما، فمن غير المحتمل التوصل إلى تسوية قريبًا، وهذا لا يبشر بالخير بالنسبة للكارثة الإنسانية، خاصة بالنظر إلى الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين بسبب تكتيكات السعوديين.
 
وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية ثلاثين غارة جوية أدت إلى مقتل 513 مدنيًا، هذا بالإضافة إلى احتكار نقاط الدخول المصيرية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية.
 
لقد خاطرت الحكومة السعودية بمصداقيتها في اليمن، لكن مطالبها غير مقبولة بالنسبة للمتمردين الحوثيين الذين تمكنوا من السيطرة على جزء كبير من الأراضي التي حصلوا عليها، وقد تكون الضربات الأكثر خطورة للسعودية ومواطنيها مسألة وقت فقط مع تزايد التوتر، وتفشل محادثات السلام، وتسود الأزمة.
 
*مركز المخاطر العالمية وهو مركز متخصص بالأخبار والتحليل المخاطر السياسية ويعمل من العاصمة البريطانية لندن
 
*لقراءة المادة الأصل على الرابط هنا
 
*ترجمة خاصة بالموقع بوست.


التعليقات