بعد 8 سنوات حرب.. هل تحققت الشرعية الدولية للجماعة بالفعل؟
فورين بوليسي: مشروع الحوثيين قائم على العنف والتنازلات في قاموسهم مستحيلة (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الثلاثاء, 20 سبتمبر, 2022 - 07:40 مساءً
فورين بوليسي: مشروع الحوثيين قائم على العنف والتنازلات في قاموسهم مستحيلة (ترجمة خاصة)

[ فورين بوليسي: هل الحوثيون على استعداد لتقديم تنازلات في اليمن؟ ]

قالت مجلة الفورين بوليسي إن جماعة الحوثي تتمتع بسجل حافل بنقض الاتفاقيات والمراوغة في عملية المفاوضات السياسية في اليمن الذي يشهد حربا منذ ثماني سنوات.

 

جاء ذلك في تقرير للمجلة المتخصصة في الشؤون الخارجية الأمريكية أعده سفير واشنطن الأسبق لدى اليمن جيرالد فايرستاين بالاشتراك مع "فاطمة أبو الأسرار" الباحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط وكبيرة المحللين في مركز واشنطن للدراسات اليمنية وترجمه للعربية "الموقع بوست".

 

وبحسب التقرير فإنه بعد ثماني سنوات من الجمود، أعيد تنشيط الجهود لدفع اليمن نحو تسوية سياسية- بمساعدة القيادة القوية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعطى الأولوية لإنهاء الصراع في اليمن في بداية ولايته.

 

وقال التقرير إنه تم تجديد الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة- المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران والتحالف العسكري بقيادة السعودية الذي يقاتل لاستعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا- والتي تم الاتفاق عليها في بداية شهر رمضان في أوائل شهر أبريل/ نيسان، فترة الشهرين الثالثة، وإن كان ذلك فقط بعد أن مارس المفاوضون العمانيون ضغوطًا هائلة على الحوثيين لقبول التمديد.

 

وطبقا لكاتبي التقرير فقد كان لاتفاق وقف إطلاق النار مكونان رئيسيان: وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه، وتجميد المواقع العسكرية الحالية على الأرض، مع إجراءات بناء الثقة التي من شأنها تهيئة البيئة من أجل تسوية سياسية مستقبلية بين الأطراف المتحاربة.

 

مشروع قائم على العنف

 

وأضاف "لكن العديد من اليمنيين ما زالوا متشككين بشأن آفاق محادثات السلام مع الحوثيين، وغالبًا ما يقولون إن الحوثيين ليسوا مخلصين في السعي إلى حل سلمي للصراع، نظرًا لاستمرار عنفهم وخطابهم ضد خصومهم".

 

وتابع "لم يعير الحوثيون أنفسهم أبدًا أي اهتمام بعملية سلام أو تسوية تفاوضية، ولا يسعون بنشاط للمشاركة في جهود خفض التصعيد. وعبر الحوثيون في بياناتهم العلنية واجتماعاتهم الخاصة، عن موقف ثابت جعل أي محادثات سلام تستجيب لمطالبهم، مثل فتح مطار صنعاء، مما يوفر لهم ميزة نسبية في حال تراجعوا عن تنفيذ جانبهم من الصفقة". 

 

وأردف "يثير هذا سؤالًا أساسيًا حول ما إذا كان الحوثيون على استعداد لتقديم تنازلات. إن صعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات إنسانية بسيطة، مثل تخفيف حصار مدينة تعز الذي دام سنوات، تجعل من الصعب أن نكون متفائلين بشأن استعدادهم لتقديم تنازلات في القضايا الأساسية المتعلقة بتقاسم السلطة والحكم وتنفيذ سياسة نظام يمكن لجميع اليمنيين المصادقة عليه.

 

ووفقًا لتحليل البيانات التي قدمها مرصد الهدنة اليمني، فإن استخدام الحوثيين لهجمات الصواريخ والطائرات بدون طيار والمدفعية شكل 97 بالمائة من انتهاكات الهدنة. علاوة على ذلك، أثار هجوم الحوثيين على حي سكني في تعز في يوليو، قبل أسبوعين فقط من تجديد الهدنة، حيث أصيب 11 طفلاً وقتل واحد، إدانة من الأمم المتحدة. وعززت عودة الجماعة السريعة إلى العنف الشكوك بأن الحو_ثيين ربما ينتظرون وقتهم ببساطة قبل تجديد هجومهم العسكري بمجرد انتهاء وقف إطلاق النار.

 

يقول تقرير فورين بوليسي "حتى إلى جانب التزامهم الأيديولوجي بمتابعة أهدافهم السياسية والدينية من خلال الصراع والعنف، استفاد الحوثيون مؤسسياً وشخصياً من صعود اقتصاد الحرب".

 

واستدرك "فكلما تمكن الحوثيون من مواصلة الحرب، زادت قدرتهم على التحكم في موارد الدولة مع الاعتماد على مساعدات المساعدات والضرائب غير القانونية والمزيد من التمكين الاقتصادي الذي يحافظ على المستوى الأعلى لمحتوى حركتهم مع الوضع الراهن".

 

وأكد أن ملايين الدولارات من المساعدات القادمة إلى مناطق الحوثيين من خلال سيطرتهم على خزائن البنوك والموارد الطبيعية والضرائب المفروضة على السفن التي ترسو في الحديدة، وتحصيل أرباح قطاع الاتصالات وكذلك الضرائب على الصناعات الرئيسية، ساعدت على إدارة بعض الآثار السلبية للفساد. وكذلك الحفاظ على دعم أتباعهم من خلال تحويل المساعدات لمقاتليهم والأسر التي تعتمد عليهم.

 

وأشار إلى أن مواردهم تتجه نحو المجهود الحربي، كما يظهر في العرض العسكري الكبير الذي أقيم في بداية سبتمبر، بعد شهر من تجديد الهدنة، وفي انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة الذي تم التوصل إليه في ستوكهولم نهاية عام 2018.

 

وفي حين أشار الخبراء في كثير من الأحيان إلى أن الحوثيين قد يرون في الحد من العنف وسيلة لتحقيق الشرعية الدولية، يمكن القول إن هذه الشرعية قد تم تحقيقها بالفعل. وتعترف الأمم المتحدة بهم على أنهم طرف الصراع الرئيسي في اليمن وعملت على تأمين مطالبهم في مبادرات السلام المختلفة. وقد تمت الإشارة إلى زعيمهم بلقبه الديني، "سيد"، والذي يرفض العديد من اليمنيين استخدامه بسبب الدلالة الطبقية والممتلكات اللاهوتية المرتبطة به. وبالمثل، أشارت الأمم المتحدة والوكالات الأخرى إلى الحركة باسم ("أنصارالله")، وهو اسم يعتقد العديد من اليمنيين أنه يضفي الشرعية على حركة الحوثيين كمؤسسة سياسية- يحاولون إعادة تسمية أنفسهم باستخدام هذا الاسم للابتعاد عن أن يُنظر إليها محليًا على أنها جماعة متمردة دون وطنية تقوم على سعي عشيرة الحوثيين إلى السلطة المطلقة من خلال التمرد والعنف.

 

ولفتت المجلة إلى أنه خلال ست جولات من الصراع مع حكومة علي عبد الله صالح السابقة من 2004 إلى 2010، توسطت الأمم المتحدة في المفاوضات مع حكومة عبد ربه منصور هادي في سبتمبر 2014، ومفاوضات ستوكهولم في ديسمبر 2018، سجل الحو_ثيون في تحقيق النجاح، ومن ثم يكون انتهاك الاتفاقيات راسخًا.

 

ففي حالة ستوكهولم، نصت الصفقة، التي كانت مستعجلة وغامضة في كتابتها، على وقف فوري لإطلاق النار في الحديدة، حيث استعد التحالف بقيادة السعودية بالتعاون مع القائد العسكري اليمني طارق صالح لمعركة برية لإخراج الحوثيين من المدينة الساحلية. لو كان الهجوم المخطط له ناجحًا، لكان قد قطع وصول الحوثيين إلى البحر الأحمر ويحد من وصولهم الإقليمي إلى صنعاء، العاصمة، وعدد قليل من المناطق الأخرى في الشمال التي يسيطرون عليها. ومع ذلك، مع إزالة التهديد الذي يتعرض له موقعهم في الحديدة، أعاد الحوثيون المدعومون من إيران نشر جميع قواتهم لتعزيز قبضتهم على الحديدة، والتوسع بشكل أعمق في الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة في الجوف والضالع، وبدء هجوم وحشي في مأرب. وأدى ذلك إلى نزوح ملايين الأشخاص وعرض للخطر أو عكس المكاسب التي حققتها الحكومة اليمنية منذ بداية الصراع.

 

الحوثيون يتجنبون التوصل لتسوية سياسية

 

وتوقع التقرير أن قيادة الحوثيين تتجنب التوصل إلى تسوية سياسية، لأن أي اتفاق لتقاسم السلطة سيترك جزءًا كبيرًا من مؤسستهم السياسية والاستخباراتية دون سيطرة كاملة. وهذا يعني أيضًا أنهم سيخسرون قدرًا كبيرًا من القوة السياسية والاقتصادية التي لن تكون متاحة لهم على الفور في تسوية سياسية تفاوضية.

 

وأكدت فورين بوليسي أن الانقسامات القائمة بالفعل بين أعضاء مليشيات الحوثي، وخاصة من جانب الأعضاء الذين لا يشعرون بأنهم مدينون بالفضل لإيران، تسببت في انعدام الثقة الداخلي الذي لا يريد الحوثيون فضحه. وتشير هذه الديناميات إلى أنهم ليسوا مستعدين تمامًا لتسوية سياسية.

 

تمضي المجلة بتقريرها بالقول "على الرغم من سجل الحوثي الإشكالي، فإن التخلي عن المفاوضات ليس خيارًا، لأن فشل المفاوضات قد يعني نتيجة أسوأ لمستقبل اليمن. كما أنه سيترك بلا شك سلطة الحوثيين دون منازع في المناطق التي يسيطرون عليها حاليًا، وهو ما لا يصب في مصلحة اليمن أو المنطقة الأوسع. وبالتالي، فإن القضية بالنسبة للحكومة اليمنية والمجتمع الدولي التي تدعم التوصل إلى حل تفاوضي للصراع هي كيفية ضمان أن أي اتفاق سلام يتضمن حواجز حماية مناسبة لمنع تراجع الحوثيين".

 

ونوه التقرير إلى أن التحسينات الأخيرة في المناخ الإقليمي قد تؤدي إلى زيادة احتمالات نجاح المفاوضات. فتوفر عودة السفراء الإماراتيين والكويتيين إلى طهران، وكذلك المقترحات السعودية للارتقاء بالحوار الثنائي مع إيران إلى المستوى الوزاري، قنوات ثنائية للتواصل مع النظام الإيراني، وفرصة للضغط من أجل التعاون الإيراني في السياسة اليمنية التي تتوسط فيها الأمم المتحدة. وبالمثل، فإن إمكانية العودة المتفق عليها إلى إنفاذ الاتفاق النووي الإيراني يمكن أن تعمل أيضًا على تقليل التوترات الإقليمية وتحسين احتمالات نجاح المفاوضات.

 

وتواصل المجلة "لا يزال من غير الواضح، بالطبع، ما إذا كانت الحكومة الإيرانية، حتى في بيئة أفضل، سيكون لديها الرغبة أو القدرة على الضغط على الحوثيين للتوصل إلى حل سياسي في غياب التزامهم. ولكن حتى قرار في طهران بسحب عناصر الحرس الثوري الإسلامي وحزب الله من اليمن، فضلاً عن إنهاء إمدادات الأسلحة للحوثيين- والتي تستمر على الرغم من وقف إطلاق النار- ستكون كافية لإمالة التوازن على الأرض نحو صفقة سياسية".

 

وأكدت أن التحدي الذي يواجه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سيتجاوز مجرد التوصل إلى اتفاق والتأكد من التزام الحوثيين بشروطه.

 

وقالت "يجب أن تضمن الأمم المتحدة تحييد الحوافز للعودة إلى العنف وأن الشروط لاتفاقية سلام مستدام من شأنها أن تعامل جميع الأطراف المعنية بشكل عادل. ولكي تكون العملية عادلة، يجب التعامل مع انتهاكات الاتفاقية على الفور، ويمكن الاتفاق على العقوبات مسبقًا لمعالجة عدم الامتثال. علاوة على ذلك، نظرًا للنشاط العسكري المتزايد حول مدينة تعز، يجب على الأمم المتحدة اتخاذ تدابير لحفظ السلام لمنع توسع الحوثيين في مناطق جديدة".

 

واختتمت فورين بوليسي تقرير بالقول "إن أي اتفاق سيتطلب مشاركة مطولة من قبل المجتمع الدولي لرصد التنفيذ. يجب أن يشمل ذلك عددًا كافيًا من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لفرض شروط الاتفاقية، والإشراف على أي مكونات سياسية للاتفاقية، والتمثيل المتساوي للمرأة والشباب والمجتمع المدني في المؤسسات الحاكمة، بالإضافة إلى أي جولة جديدة من المحادثات داخل المجلس الوطني في إطار الحوار".

 

"يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات