تتواصل ردود الأفعال الدولية المشككة والرافضة لرواية السعودية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حيث رفضتها ألمانيا، وأبدت فرنسا شكوكا، وتحدثت بريطانيا عن دراستها للخطوة المقبلة، بينما طالبت عدة دول غربية ومنظمات دولية بتحقيق شفاف وعادل.
وذكرت وكالة بلومبيرغ أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفضت التفسير السعودي لمقتل خاشقجي خلال مؤتمر لحزبها المسيحي الديمقراطي، وقالت إن "الأحداث المروعة" التي تحيط بمقتله هي تحذير من أن الحريات الديمقراطية أصبحت تحت الهجوم حول العالم.
وجاء في بيان مشترك لميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس "ننتظر من السعودية ممارسة الشفافية في ملابسات مقتل الصحفي وخلفياته.. يجب محاسبة المسؤولين عن الواقعة، والبيانات التي صدرت.. ليست كافية".
وفي حديث للتلفزيون الألماني، قال ماس "ما دامت التحقيقات جارية وما دمنا لا نعرف ما الذي حدث هناك، فلا يوجد ما يدعو لاتخاذ قرارات إيجابية بشأن صادرات الأسلحة للسعودية".
وفي الأثناء، قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان "نقدم تعازينا لأسرة جمال خاشقجي بعد هذا التأكيد لوفاته. ندرس التقرير السعودي وخطواتنا المقبلة... كما قال وزير الخارجية إن هذا عمل مروع يجب محاسبة جميع المسؤولين عنه".
أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، فقال في بيان "إن تأكيد وفاة جمال خاشقجي هو خطوة أولى نحو إقرار الحقيقة"، إلا أنه "لا تزال هناك أسئلة كثيرة من دون أجوبة"، منددا "بكل حزم بهذه الجريمة".
وطالب الوزير بإجراء تحقيق وافٍ في القضية ومحاسبة المسؤولين عن القتل، موضحا أن هذه التطلعات تصبح أكثر إلحاحا عندما تؤخذ بالاعتبار الشراكة الإستراتيجية التي تربط بين البلدين.
وأيضا طالب وزير الخارجية البلجيكي ديدي رايندرس السعودية بالكشف عن الحقيقة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان عدم تكرار هذا الحادث.
وفي كندا، قالت وزيرة الخارجية كريستيا فريلاند إن الرواية السعودية "تفتقر إلى الاتساق والمصداقية"، مضيفة في بيان "نكرر دعوتنا إلى إجراء تحقيق شامل بالتعاون الكامل مع السلطات التركية.. يجب محاسبة المسؤولين عن القتل".
من جانبه، قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إن الأمر يتطلب مزيدا من التحقيقات لكشف طريقة القتل والمسؤول عنه بأسرع وقت ممكن، أما وزارة خارجية النرويج فقالت إنها تنتظر تحقيقا سريعا ومفتوحا وذا مصداقية حول مقتل خاشقجي.
وجاء في بيان لمسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني "يشدد الاتحاد الأوروبي وشركاؤه على ضرورة إجراء تحقيق شامل وشفاف يوضح ظروف مقتل (خاشقجي) ويضمن محاسبة جميع المسؤولين عنه"، كما دعا رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تيجاني إلى تحقيق دولي عاجل عبر فحص الأدلة الخاصة وتوضيح الملابسات.
منظمات دولية
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش شعر بانزعاج شديد بعد تأكيد السعودية وفاة خاشقجي، وحث على محاسبة المتورطين في ذلك بشكل كامل.
أما المقررة الأممية الخاصة بحالات الإعدام خارج القانون آغنس كالامار، فقالت في تغريدة إن تفسير السعودية للإعدام التعسفي لخاشقجي غير معقول، وطالبت بفتح تحقيق جدير بالثقة ونزيه وشفاف.
وجاء رفض منظمة العفو الدولية أكثر وضوحا عندما قالت إن نتائج التحقيقات السعودية "غير جديرة بالثقة"، معتبرة أن "إجراء تحقيق مستقل هو الضمانة الوحيدة في وجه ما يبدو أكثر فأكثر إخفاء سعوديا لظروف قتل خاشقجي".
يأتي ذلك بينما أدانت اليونسكو قتل خاشقجي، ودعت إلى ضمان مثول مرتكبي الجريمة أمام العدالة، معتبرة أن "المحاسبة على هذه الجرائم أمر غير قابل للتفاوض".
وطالبت 16 منظمة أفريقية للدفاع عن الحريات الصحفية، قادة العالم بتحقيق العدالة في قضية اغتيال خاشقجي ومعاقبة الجناة.
كما حذر الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف دولوار، من "المساومة" مع السعودية بشكل قد يعطي "ترخيصا بالقتل لمملكة تحبس وتجلد وتخطف وحتى تقتل صحفيين يتجرؤون على القيام بتحقيق وطرح نقاش".
وفي السياق نفسه، قال توران قشلاقجي رئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب في تركيا -التي كان خاشقجي عضوا فيها- "نحن لا نطالب بالعدالة فقط بحق 18 متورطا، بل يجب معاقبة من أعطى الأوامر لهؤلاء أيضا".
وكانت السعودية قد أقرت فجر السبت بأن خاشقجي توفي، ولكن إثر شجار داخل قنصليتها في إسطنبول، بعد أن صرحت سابقا بأنه خرج من القنصلية في الثاني من الشهر الجاري.