"لقاحات الإمارات" تثير جدلا في تونس ومطالب بإرجاعها
- الأناضول السبت, 06 مارس, 2021 - 07:20 صباحاً

تشهد تونس منذ مطلع الأسبوع الجاري، جدلا واسعا في الأوساط السياسية أثارته أنباء غير مؤكدة حول تطعيم مسؤولين حكوميين بلقاحات قدمتها الإمارات كـ"هبة"، متعدين أولوية تطعيم الكوادر الطبية المعتمدة عالميا.

 

وبينما دعت أطراف عدة، بينها سياسيون ومسؤولون سابقون، بإعادة هذه اللقاحات إلى الإمارات معتبرين طريقة تناول الإعلام في البلد الخليجي لها "مهينة" للتونسيين، أقرت الرئاسة التونسية بتلقي 500 ألف جرعة لقاح من الإمارات كـ"هبة"، نافية في الوقت ذاته تطعيم الرئيس أو أي من موظفيها بها.

 

الجدل بدأ في 28 فبراير/شباط الماضي، عندما كشف عن وصول اللقاحات الإماراتية بدر الدين القمودي، النائب عن حركة "الشعب" رئيس لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة ومكافحة الفساد بالبرلمان التونسي.

 

وقال القمودي، عبر فيسبوك: "لقاح كورونا (لم يحدد نوعه) وصل منذ مدة من دولة خليجية، وتم توزيع اللقاح على كبار المسؤولين والسياسيين وقيادات أمنية".

 

** أزمة سياسية لا أزمة لقاحات

 

وفي تصريح للأناضول، اعتبر القمودي أن "جدل اللقاحات الإماراتية كشف عن أزمة على مستوى الشفافية، وأزمة علاقة بين أقطاب الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان)، وهي أزمة سابقة لموضوع التلقيح".

 

وأضاف: "الموضوع أخذ حيز اهتمام وأحدث ضجة كبيرة، ليس لوصول اللقاحات عبر سفارات معينة في حد ذاتها، وإنما لعدم وصول اللقاحات عموما (إلى تونس)، التي كان يُزمع وصولها قبل فترة".

 

واعتبر أن "أساس المشكل هو عدم نجاح الحكومة إلى حد اللحظة في توريد اللقاح المضاد لكورونا"، واستطرد قائلًا: "الجدل يلقي بضلاله على أزمة سياسية بأكملها".

 

وأوضح: "الأزمة تتجلى أيضا بالنظر إلى بيان رئاسة الحكومة (حول اللقاحات الإماراتية) الذي كان ردا على بيان رئاسة الجمهورية، ونفيها أي مسؤولية، وأيضا إعلان الحكومة عدم علمها بالموضوع، وأنها ستقوم بتحقيق في الغرض يحدد المسؤوليات".

 

وأفاد قائلا: "بعض الأطراف العاملة تحت إشراف رئاسة الحكومة على غرار الصيدلية المركزية ووزارة الصحة والجمارك على علم بالموضوع، وبالتالي فإن عدم علم الحكومة بذلك مناف للصواب".

 

ويوجه سياسيون تونسيون انتقادات للتجاذبات السياسية بين رئيس الحكومة هشام المشيشي والرئيس قيس سعيد، معتبرين أنها تعيق عمل الدولة في مجالات عدة، وبينها مكافحة وباء كورونا، وجلب اللقاح.

 

ومنذ 16 يناير/كانون الثاني الماضي، تسود خلافات بين سعيد والمشيشي، عقب إعلان الأخير تعديلا حكوميا جزئيا، لكن الأول لم يوجه دعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته "خروقات".

 

من جانبها، نفت رئاسة الحكومة علمها بهبة اللقاحات الإماراتية، وقالت في بيان الإثنين إنه "لا علم لها بوصول هذه اللقاحات ولا بمصدرها ولا بمدى توفرها على الشروط الصحية والقانونية الضرورية ولا بمآلها".

 

وأعلنت "فتح تحقيق حول دخول اللقاحات للبلاد وكيفية التصرف فيها وتوزيعها".

 

وأفادت بأن "إدارة عملية التلقيح تبقى من مسؤولية اللجنة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا (حكومية)".

 

وأردفت: "وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية الخاصة بهذا الغرض، والتي حددت الفئات المعنية بالتلقيح بصفة أولوية".

 

كما نفت وزارة الصحة التونسية، علمها أو علم اللجنة العلمية "بوصول جرعات من لقاح كورونا إلى تونس"، وفق تصريحات إعلامية للمتحدثة باسم الوزارة، نصاف بن علية، الإثنين.

 

فيما أعلنت رئاسة الجمهورية، في بيان الإثنين، تلقيها "500 جرعة من لقاح كورونا من الإمارات (..) وتم بأمر من الرئيس سعيد، تسليم هذه الجرعات إلى الإدارة العامة للصحة العسكرية".

 

ونفت الرئاسة أن يكون أي أحد من موظفيها قد تلقى التطعيم ضد كورونا.

 

** أعيدوا للإمارات لقاحاتها

 

الجدل لم يتوقف حول الشفافية بشأن وصول اللقاحات وتجاوز أولوية التلقيح، بل تجاوزه إلى مطالب بإعادة اللقاح إلى الإمارات، معتبرين أن إعلامها تناول الأمر بـ"صورة مهينة" للشعب التونسي.

 

ومن هؤلاء، وزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، الذي قال في تدوينة عبر "فيسبوك"، الخميس: "أرجعوا لحكام الإمارات لقاحاتهم (..) المنّ الحقير لا يكون على التونسيين".

 

واعتبر أن "طريقة تناول الإعلام الإماراتي للهبة كانت مهينة".

 

الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، أعرب في تدوينة عبر "فيسبوك"، الجمعة، تأييده لمطلب المكي بإرجاع اللقاحات إلى الإمارات.

 

وأضاف المرزوقي: "نعم، أوافق على اقتراح المكي وأقاسم كل تونسي وتونسية غضبه من تسريب القصة إلى استغلالها إعلاميا".

 

** تأخر وصول اللقاحات

 

الجدل أيضا ساهم في تكثيف الانتقادات حول تأخر الحكومة في الحصول على اللقاحات؛ إذ اتهم نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الطبقة السياسية بالمسؤولية تجاه ذلك.

 

بدوره، أكد سهيل العلويني، رئيس لجنة الصحة بالبرلمان سابقا، أن "تأخر وصول اللقاحات إلى تونس يعود لعدم الاستقرار الذي تعيشه البلاد".

 

وأوضح العلويني، للأناضول، أن "تأخر سن قانون تطالب به المختبرات الدولية المنتجة للقاحات (قبل تسليم اللقاحات)، لضمان التكفل بمخلفات اللقاحات، راجع للأزمة السياسية في تونس".

 

يأتي هذا الجدل، في وقت كان من المفترض أن يشرع التونسيون بتلقي جرعات لقاح كورونا منذ منتصف فبراير/شباط الماضي.

 

بدورها، تقول الحكومة التونسية، إنها تتابع على كثب مسألة وصول اللقاحات إلى تونس .

 

وكان يُتوقع حصول تونس على آلاف الجرعات من لقاح "بيونتيك/فايزر" الألماني الأمريكي، منتصف الشهر الماضي، ضمن مبادرة "كوفاكس" العالمية، إلا أن تلك اللقاحات لم تصل البلاد.

 

ووفق آخر حصيلة رسمية، بلغت إصابات كورونا في تونس، 235 ألفا و643، منها 8 آلاف و106 وفيات، و200 ألف و984 حالة تعاف.


التعليقات