هل ضاعفت الأزمة الخليجية من انقسام فصائل الحراك الجنوبي؟
- خاص الخميس, 16 نوفمبر, 2017 - 07:32 مساءً
هل ضاعفت الأزمة الخليجية من انقسام فصائل الحراك الجنوبي؟

[ استقطاب حاد لمكونات الحراك الجنوبي من جهات خارجية - أرشيفية ]

اختتم المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، بزعامة حسن باعوم، مساء الاثنين الماضي، أعمال مؤتمره العام الثاني، والذي انطلق يوم السبت في مدينة عدن.

مؤتمر حراك باعوم أحدث جدلاً واسعاً في أوساط الحراك الجنوبي وعزّز من حالة الانقسام الذي تشهده الساحة الجنوبية منذ تشكيل المجلس الانتقالي في مايو الماضي، في حين نأت قيادات لها وزن من الانخراط في أي من المكونات مثل المحامي علي هيثم الغريب والعميد عبده المعطري وقاسم الداعري وغيرهم كثير من مؤسسي الحراك.

باعوم الذي كشف في كلمة تلفزيونية ألقاها رفضه عرضاً في أبو ظبي لخوض هذه الحرب قبل اندلاعها دعماً للتحالف وخدمة للشرعية، مقابل "مكاسب مادية ودعم لوجستي فقط، دون أي وعود أو ضمانات سياسية لقضيتنا الوطنية".
 
انقسام حاد

وكان القيادي فؤاد راشد نفى ارتباطه بـالمؤتمر الذي عقده حراك باعوم، مشيراً إلى أن "توجهاتنا تختلف عن توجهاته تماماً، وكشف راشد عن جهود لعقد مؤتمر سينتج عنه إجراءات كثيرة، منها تغيير اسم المجلس الذي يستغل مكانته الكثير وينتحلونه وأربكوا المشهد كثيراً" في إشارة إلى حراك باعوم.

من جهته طالب القيادي الحراكي يحيى صالح سعيد، في لقاء ضم عدد من القيادات في مدينة عدن الاثنين، بتوحيد جميع المكونات تحت أي مسمى أو تحت إطار المجلس الانتقالي"، معتبراً أن "العداء للانتقالي أو التحالف مجرّد أكاذيب ودسّ".

تعدد المكونات والفصائل في الجنوب ليس وليد اللحظة الراهنة لكن الذي يمكن وصفه بالتطور الملحوظ هو دخول اللاعب الخارجي في مواقف وتوجهات تلك المكونات أو ما يمكن تسميته اصطلاحا بـ (تدويل القضية الجنوبية) حيث يخوض كل فصيل حربا بالوكالة عن دول ضد فصيل آخر لغايات وأهداف بعيدة عما يتصوره الشارع الجنوبي.

هذا الاستقطاب الذي تشهده الساحة الجنوبية استدعى العميد عبده المعطري أحد مؤسسي الحراك الجنوبي لإرجاع أسباب هذا الانقسام إلى التبعية التي كانت بالأمس لأحزاب وجهات داخلية وتطورت اليوم لدول وجهات خارجية.

وعلى ما يبدو فإن حراك (باعوم) قد استند في بيانه الأخير الذي وصف السعودية والإمارات بدولتي (احتلال) على خطاب رفع السقوف الذي استمرأت القيادات الحراكية على مخاطبة الجماهير به حتى أضحى صفة لازمة لهم.

ومن جهة ثانية فإن التدخل العربي لتحرير المناطق الجنوبية من مليشيا صالح والحوثي لم يستلزم إقحام القضية الجنوبية في الانقسام الخليجي فحركات التحرر على مدى التاريخ كانت تتلقى دعما من جهات خارجية لكن ذلك لم يستدعِ معاداة خصوم الدول الداعمة، فمن تلقي الدعم الإيراني ثم الإماراتي دأبت قيادات الحراك على استدعاء الجنوب وقضيته في الخصومات بين الدول الممولة لها وخصومها.
 
تدويل الجنوب

إذن ما يحدث حاليا هو إحدى تجليات تدويل القضية الجنوبية وإقحامها في الانقسام الخليجي مما جعلها عرضة للاستقطاب والتجاذبات الإقليمية التي يشهدها الخليج والمنطقة العربية وأضحى معه جنوب اليمن ساحة صراع لهؤلاء.

فالمجلس الانتقالي الذي تدعمه الإمارات ويتبنى خطابها المهاجم لمحور قطر وتركيا مثلا وحركات الإسلام السياسي استدعى تواجد آخرين من داخل الحراك يتبنى خطابا وهجوما مضادا ضد الإمارات والسعودية، وهنا يمكن الحديث بأن خطوة تشكيل المجلس الانتقالي دون تهيئة حقيقية له واقصاءه لأطياف مختلفة من اللون الجنوبي ضاعف من حالة التشظي الذي تعاني منه القوى الجنوبية، وهنا يمكن الخطر.

ويسود الاعتقاد بأن الثقل المطلوب لأي مكون أو فصيل في الجنوب ليس في مدى القدرة على الحشد أو المواجهة العسكرية لكن بقدرته على أن يحظى بإجماع مختلف الأطياف الجنوبية والتمثيل داخل هيئاته، وبقدرته على النأي بالقضية الجنوبية عن أي تفاريع وتداعيات أي صراع خارجي والحفاظ على الإجماع لا التمترس مع طرف ضد آخر، وكان الأولى الإبقاء على الخطاب المؤيد للشرعية الجامع لكل الجنوبيين.
 
تشكيك في نوايا أبو ظبي

لكن القلق من موقف الإمارات وحقيقة موقفها تجاه مطلب استقلال الجنوب ربما هو الوتر الحساس الذي يلعب عليه خصوم (الانتقالي) وكان القيادي الجنوبي د. "حسين لقور" شن هجوما على دول التحالف، مطالبا "بموقف واضح وحقيقي للتحالف العربي تجاه قضية الجنوب كون ذلك أصبح ضرورة للجميع"، متهما التحالف بإبقاء الموقف "في حالة من الغموض والوعود اللفظية"، في إشارة إلى الدعم الإماراتي لـ"المجلس الانتقالي"، وموجها تهديداته للتحالف بأن إبقاء الأمور بهذا الغموض والوعود اللفظية "سيأتي بنتائج سلبية على الجميع".

وكان تقرير أمريكي صدر عن (معهد الخليج العربي في واشنطن) أواخر أكتوبر الماضي طالب عيدروس الزبيدي وزملائه للاتعاظ جيداً من تجربة كردستان العراق.

فمع أن حكومة إقليم كردستان شبه المستقلة كانت شريكاً أمريكيا لمكافحة الإرهاب، وقد أدّت دورًا هامًا في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وفي الحالتين، دعمت حكومة إقليم كردستان الأهداف الإقليمية للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في حين كانت مصدرًا للمشاكل بالنسبة إلى تركيا وإيران، اللتين تربطهما علاقات متوترة مع دول الخليج.

 ومع ذلك رفضت كل من واشنطن والرياض، وأبو ظبي، الاستفتاء الكردي الأخير حول الاستقلال، كما راقبت استيلاء القوات العراقية على كركوك من الميليشيات الكردية في منتصف أكتوبر من دون أي تدخل منها (انسحبت القوات العراقية منذ ذلك الحين من بعض المدن الكردية).

ويضيف التقرير لذلك يشكك بعض الجنوبيين بأهداف الإمارات العربية المتحدة، إذ يرون أنها تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة في جنوب اليمن وذلك من خلال استخدام الانفصال كأداة إقناع من دون نية فعلية لدعم استقلال الجنوب.


التعليقات