السلفيون والإصلاح ... خيوط التقارب وملامح الاختلاف
- خاص السبت, 28 أبريل, 2018 - 07:06 مساءً
السلفيون والإصلاح ... خيوط التقارب وملامح الاختلاف

[ صورة أرشيفية من مؤتمر لسلفيي اليمن عام 2012 ]

كثيرا ما اجتمع حزب التجمع اليمني للإصلاح مع السلفيين في اليمن، حول العديد من القضايا الوطنية، ووقفوا منها موقفا موحدا بما يضمن مصلحة البلاد.
 
ظل ذلك التوجه قائما حتى اليوم، فقد رفض الجانبان انقلاب الحوثيين عام 2014، وقاتلا في إطار الشرعية تلك المليشيات في مختلف المحافظات، ودعما الشرعية عبر انخراطهما بتحالفات سياسية مؤيدة لها.
 
وبرغم حالة التوافق بين الإصلاح والسلفيين، إلا أنه ظهر بعض التباين في المواقف بينهما، خاصة من قِبل التيار السلفي الذي لا يؤمن بالعمل السياسي ويُبدي نوعا من التشدد.
 
كان ذلك ملاحظا في كلٍّ من محافظتي عدن وتعز، اللتين لاقت فيهما بعض التيارات السلفية دعما خارجيا، يهدف إلى خلق نوع من توازن القوة بين الإصلاح والسلفين، ونتج على إثره كسب الإمارات لولاء بعض السلفيين.
 
وكانت السلفية منذ بداية نشأتها تركز على العمل الدعوي قبل أن يظهر فيها تيار يجمع بين العمل الدعوي والخيري من خلال الجمعيات الخيرية، ثم أصبحت -مؤخرا- أكثر انفتاحا، وأسست بعض التيارات فيها أحزاب سياسية هي: حزب السلم والتنمية، وحركة النهضة للتغير السلمي، وحزب اتحاد الرشاد اليمني.
 
تيارات مختلفة
 
وعن طبيعة العلاقة بين السلفيين والإصلاح، يوضح الإعلامي أحمد الصباحي، أن السلفيين ينقسمون إلى عدة تيارات، منها التي تؤمن بالعمل السياسي كحزب الرشاد، والسلم والتنمية وحركة النهضة، وأخرى تعزف عنه، لكنها لا تمنعه على من يشارك فيه، وهناك من تحرم العمل السياسي.
 
في ضوء ذلك قال لـ"الموقع بوست" إن عمق المشكلة بين الإصلاح والسلفيين، يعود إلى رفض أحد التيارات السلفية للعمل السياسي وحتى المشاركة فيه، فأصبح عداؤهم للإصلاح منهجيا وفكريا، استغلته بعض القوى من أجل النيل من الحزب.
 
وأضاف الصباحي بأن التيارات السلفية الأخرى التي تشارك بالعمل السياسي، التقت مع الإصلاح في الكثير من القضايا السياسية والاجتماعية والدينية، مؤكدا أن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما، وإن كان هناك خلافات في بعض القضايا لكنها غير جوهرية.
 
ودعا إلى اصطفاف سلفي إصلاحي لمواجهة التحديات التي برزت مؤخرا، وكسر الفجوة الحاصلة بينهما، وإيقاف المهاترات الجانبية، والخروج بمشروع واحد يلم الصف ويجمع الكلمة.
 
وفاق
 
ولا يذهب بعيدا عن ذلك نائب رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح عدنان العديني، الذي أكد أن الحزب يلتقي مع التيار السلفي في مجمل القضايا الوطنية، وهم في وفاق تام معهم.
 
وأوضح لـ"الموقع بوست" أنهم يقفون مع حزب الرشاد، وحركة النهضة، على أرضية واحدة، ولا تكاد تجد فرقا بينهما.
 
وحول أحداث تعز الأخيرة، أفاد العديني بأن ما يحصل في المدينة هو خلاف بين السلطة المحلية وإحدى الفصائل، معتبرا التعامل مع الصراع على أنه بين السلفية والإصلاح هو استجابة لخطاب تصدره جهات لا تريد حل المشكلة الحقيقية، وتبحث عن عناوين تلهي الناس بها.
 
وتابع: هناك دولة تريد أن تصبح هي صاحبة السلطة دون منافس، وتريد حماية مواطنيها من الاغتيالات، مستطردا "عليكم أن تتوجهوا بالسؤال للمحافظ، هل يريد ذلك بالفعل أم لا؟ فإذا قال لكم إنه غير معني بحماية مواطنيه وغير مهتم بسلطة الدولة وإنه ليس وراء هذا الأمر، حينها ابحثوا عن الأطراف التي تقف خلف هذا".
 
خصومة أحادية الجانب
 
بدوره يقول المحلل السياسي محمد الغابري، إن السلفية -من حيث المبدأ- تعتبر أي حركة إصلاحية سياسية تنطلق من الإسلام خصما، مع تفاوت الخصومة من فصيل سلفي إلى آخر.
 
ولفت في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى أن السلفية يسهل اختراقها وتوجيهها من قبل أجهزة وحكومات، والإصلاح من جهته لم يضع نفسه في مواجهة السلفية ولا أيضا أي حزب سياسي.
 
وأردف: إذا أصبح لفرد ينتمي للسلفية مليشيات ومسلحين، فإنه وبناء على التعبئة المسبقة والمركزة، يكون الإصلاح هو الخصم، مشيرا إلى أن الخصومة من طرف واحد.
 
وأضاف: "الإصلاح لتفوقه ميدانيا بامتداده جغرافيا على الأرض وفي النسيج الاجتماعي اليمني، والتزامه بالدولة، أوجد خصوما كثر لكل منهم دوافعه وأهدافه".
 
ورأى الغابري أن المشكلة ليست بين الإصلاح والسلفيين الآن -خاصة بتعز- بقدر ما هي بين الدولة والخارجين على القانون والمليشيات أيا كانت.
 
إقصاء
 
ويعود الكاتب محمد اللطيفي، إلى ثورة فبراير التي فرزت السلفية إلى سلمية وجهادية، وقال: "انضم السلفيون الذين قرروا العمل السلمي إلى ثورة فبراير، والتي استطاعت أن تخلق بشكل واضح ما يمكن أن نسميه بالسلفية الوطنية، وهي التي قررت الإيمان بفكرة الدولة والتحرك تحت إطارها، بينما ذهبت الجهادية باتجاه نظام المخلوع صالح".
 
وتطرق في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى مشاركة "السلفية الوطنية"، في حكومة التوافق الوطني، وفي الحوار الوطني، عبر حزب الرشاد، واختيارها فيما بعد مساندة الشرعية ومحاربة الانقلاب، فضلا عن مساهمتها بشكل واضح في تحرير عدن من مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية.
 
وبيَّن أن السلفية الوطنية، تم تجاهلها من قِبل الشرعية والأحزاب السياسية، وأجريت لها عمليات الإقصاء المتعمد بعد تحرير عدن، من قبل التحالف، والسكوت عن عمليات الاغتيالات التي طالت رموزا سلفية معتدلة في عدن وحضرموت.
 
بالمقابل فإن السلفية الجهادية، التي عادت فبراير ووقفت مع المخلوع صالح، تم استقطابها من قبل التحالف، وتجنيدها كبديل للسلفية الوطنية، وسلمت لها مواقع عسكرية خارج الشرعية كما في عدن، وداخل الجيش الوطني كما في تعز ممثلة بـ"أبي العباس"، وفق اللطيفي.
 
إمكانية التقارب أكثر
 
واتفق الكاتب اللطيفي مع ما طرحه العديني، وأكد أنه لا يوجد بين السلفية الوطنية وبين حزب الاصلاح، حالة صدام، حتى يمكن الحديث عن محاولة احتوائه، وفي ذات الوقت لا يمكن الجزم بوجود تحالف معلن.
 
وتساءل "عندما نتحدث عن حالة تقارب بين السلفيين والإصلاح، فعن أي سلفية نتحدث، عن السلفية الوطنية، التي يجمعها مع الإصلاح مساندة الشرعية، أم عن السلفية الجهادية، التي لها موقف عدائي من الدولة والجمهورية؟".
 
وهو يعتقد أن من الصعب الحديث عن إقامة تقارب بين الإصلاح وجماعات سلفية متشددة كالتي لا تؤمن بالعمل السياسي، معتبرا أن مواجهة الإصلاح في هذه الحالة، هي شماعة لتحقيق مآرب سياسية، كون تلك الجماعات هي تشكيلات دخيلة ومصنوعة لخدمة أجندة خارجية.
 
وأشار إلى إدخال السلفية الجهادية عمدا إلى جغرافية الشرعية، لإحداث إرباك للانتقال نحو الدولة، وهو ما بدا واضحا بوقوفها في المناطق المحررة ضد الجيش الوطني.
 
يُذكر أن الحركة السلفية تأسست في اليمن مطلع ثمانينيات القرن الماضي، بعد عودة الشيخ مقبل الوادعي من المملكة العربية السعودية إلى البلاد.


التعليقات