معلمو اليمن في يومهم العالمي.. معاناة مستمرة وحياة بين المنفى والسجون والمقابر (تقرير)
- خاص السبت, 05 أكتوبر, 2024 - 07:46 مساءً
معلمو اليمن في يومهم العالمي.. معاناة مستمرة وحياة بين المنفى والسجون والمقابر (تقرير)

يعيش المعلمون اليمنيين، ظروفا معيشية واقتصادية غاية في التعقيد والصعوبة، جراء تدهو الأوضاع المعيشية والإقتصادية في البلاد الغارقة بالحرب منذ عشر سنوات.

 

يحتفل العالم باليوم العالمي للمعلم، اليوم السبت، والذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل عام، في الوقت الذي لا يجد المعلم اليمني ما يسد رمقه فضلا عن أطفاله وأسرته التي يعولها، بالتزامن من استمرار قطع مرتبات المعلمين وبقية موظفي الدولة منذ أكتوبر 2016م، في مناطق سيطرة الحوثيين.

 

يتشابه الحال للمعلم اليمني في مناطق سيطرة الحكومة، إذ أن الحكومة الشرعية تقوم بصرف المرتبات بعكس جماعة الحوثي التي قطعت الرواتب منذ قرابة تسع سنوات، غير أن راتب المعلم في مناطق الحكومة تضاءلت قيمته الحقيقة وتراجعت بشكل غير مسبوق نتيجة الغلاء وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، في الوقت الذي لم يطرأ على الرتب أي زيادة توازي الغلاء وانهيار العملة الوطنية.

 

اليمنيون بكل مكوناتهم الإجتماعية المختلفة بمن فيهم شريحة المعلمين، ومنذ عقد كامل من الإنقلاب والحرب التي تشهدها البلاد، عانوا الكثير من الأزمات المختلفة والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها من ضمن أسوأ الأزمات في العالم.

 

حياة هي الأقسى

 

"أمين البعداني" أحد المعلمين بمحافظة إب وسط اليمن، قال لـ "الموقع بوست"، إن حياة المعلم باتت مفضوحة أمام الملأ حيث لا رواتب ولا كرامة للمعلمين منذ عقد كامل، مشيرا إلى أن توقف صرف المرتبات ألقت بتبعاتها الكارثية على حياة المعلمين خلال السنوات الماضية.

 

البعداني أكد أن استمرار قطع المرتبات جعل حياة المعلمين هي الأسوأ والأقسى داخل المجتمع المحلي، وأن مواصلة قطع الرواتب يقود لأجيال تعيش الجهل، حيث تسرب آلاف التلاميذ من مدارسهم للعمل في مهن لا عائد حقيقي منها، غير أن تبعات الوضع جعلت الأسر ترضى بالقليل من العوائد المادية، لافتا إلى الرسوم التي تفرض داخل المدارس تحت مسمى المشاركة المجتمعية جعلت الكثير من الأسر تخرج أبناءها من المدارس وتزج بهم في العمل بالشوارع لمساعدة الآباء في توفير لقمة العيش.

 

حراك قابله قمع وتنكيل

 

حاول العديد من المعلمين خلال السنوات الماضية، إيجاد حراك حقوقي لنيل مرتباتهم المتوقفة، غير أن القبضة الأمنية الكبيرة لجماعة الحوثي وعمليات القمع حالتا دون نجاح الحراك الحقوقي لصرف مرتبات المعلمين وجرى الزج بقيادة نادي المعلمين في السجون خلال مطلع العام الماضي، الأمر الذي ساهم في زيادة المعاناة للمعلمين الذين لم يجدوا أي وسيلة ضاغطة لصرف مستحقاتهم المالية.

 

بدأ العام الدراسي في مناطق الحوثيين هذا العام باكرا، بعكس مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وسط دعوات خافتة للإضراب للمطالبة بصرف المرتبات، غير أن الأصوات الخافتة ضاع تأثيرها في ظل عمليات القمع والتنكيل التي طالت قيادة نادي المعلمين العام الماضي، الأمر الذي ساهم في إنهيار العملية التعليمية بشكل واسع.

 

حياة بين المنافي والسجون والمقابر

 

نقابة المعلمين اليمنيين، قالت في بيان لها، "يحتفل العالم اليوم بمناسبة اليوم العالمي للمعلم (5 أكتوبر) وهي مناسبة يُشيد بها الجميع بمكانة المعلم وبما يقدمه من بذل وعطاء لرفعة الشعوب وتقدم الدول إضافة إلى تكريم المعلم بما يتواكب مع نضاله وتضحياته".

 

وأضافت النقابة، بأنه ومع احتفال العالم بيوم المعلم إلا أن المعلم اليمني وللأسف الشديد يعيش منذ 9 سنوات وضعا ماديا مأساويا تجاوز فيه مستويات المعاناة والألم التي لم تقف عند شخص المعلم فقط وإنما تجاوزته إلى مئات الآلاف من الأسر التي يعولونها والتي تعدت خط الفقر إلى خط القبر.

 

 

وأوضحت النقابة أن غالبة منتسبي المجال التعليمي والتربوي يعيشون حياة توزعت بين المنافي والسجون والمقابر، ومن كُتبت له الحياة فإنه يُمارس مهنته المقدسة محروما من أبسط حقوقه وهو الراتب الشهري والذي لا يستلمه اصلا في مناطق سيطرة الحوثي وإن صُرف نصف الراتب الزهيد ففي أوقات غير منتظمة وقد تمر الثلاثة الأشهر وأكثر من ذلك والمعلم يقتات المعاناة والألم".

 

وأكدت أن المعلم اليمني ورغم المعاناة التي يكابدها، فإنه يظل مؤديا لواجبه في تربية وتعليم النشء إيمانا منه بالواجب الوطني والإنساني وحرصا منه على ديمومة الحياة التعليمية في ظل الوضع الكارثي الذي حل باليمن والأزمة التي عصفت بحقوق المعلم المشروعة والتي كفلها الدستور والنظام والقانون المحلي والدولي والعهود والمواثيق الدولية في أوقات السلم والحرب.

 

وبينت النقابة، أن المعلم اليمني في مناطق سيطرة الشرعية وان صرف له راتبا كاملا ومنتظما الا انه لا يسد الحاجة بحكم تدهور العملة وضعف القيمة الشرائية للريال اليمني.

 

ودعت نقابة المعلمين اليمنيين في هذا اليوم العالمي للمعلم، المجتمع الدولي والضمير العالمي فيه والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية ذات العلاقة الى ممارسة كافة أشكال الضغط على الجماعة المتحكمة في صنعاء بسرعة صرف رواتب المعلمين ومنتسبي قطاع التربية والتعليم وفق القانون الدولي والتي تم حرمانهم منها منذ تسع سنوات وإعادة جميع المعلمين والمعلمات الذين اسقطت أسماؤهم من كشوفات الراتب وحرمانهم من وظائفهم دون أي مسوغ قانوني وصرف مستحقاتهم كاملة باثر رجعي ومستمر.

 

مطالبات بزيادة الرواتب

 

وطالب بيان نقابة المعلمين، سلطات الدولة الشرعية ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي واعضاء المجلس؛ ورئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك بإيلاء المعلم اليمني في جميع ربوع البلاد كافة الاهتمام والرعاية مؤكدا أن أقل هذا الاهتمام هو "اعتماد راتبا يوفر له حياة إنسانية كريمة ليتمكن من مواجهة شبح الجوع والفقر الذي يحيط به وبأسرته وحتى يتمكن من اداء واجبه التربوي والتعليمي بإيجابية أكثر محققا الأهداف التربوية والتعليمية والقيم النبيلة".

 

كما طالبت النقابة الحكومة اليمنية، بسرعة صرف مستحقات المعلمين والمعلمات النازحين، في عدد من المحافظات الخاضعة للشرعية اليمنية.

 

وجددت النقابة، مطالبتها بسرعة إطلاق سراح المختطفين من المنتسبين لقطاع التربية والتعليم مشيرة إلى المختطفين في سجون الحوثيين، والذين يقبعون في المعتقلات منذ تسع سنوات وعلى رأسهم النقابي البارز الأستاذ سعد النزيلي نقيب المعلمين بأمانة العاصمة إضافة إلى الذين تم اختطافهم مؤخرا بالتزامن مع احتفالات الشعب اليمني بالذكرى الثانية والستين لثورة 26 سبتمبر بسبب تعبيرهم عن فرحتهم بهذه المناسبة الخالدة في نفوس كل اليمنيين

 

167 ألف معلم

 

ويهدد توقف الرواتب لقرابة 167 ألف معلم ومعلمة بمناطق الحوثيين، منذ قرابة تسع سنوات، بمواصلة التراجع غير المسبوق في العملية التعليمية والتحصيل الدراسي للطلاب وتسرب التلاميذ من المدارس.

 

ومنذ نقل البنك المركزي في أكتوبر 2016م، من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية عدن، بعد استنزاف جماعة الحوثي للاحتياطي الأجنبي، لم يتقاضَ 166 ألف و443 معلما ومعلمة في 13 محافظة خاضعة لسيطرة الحوثيين رواتبهم، خلافا للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

 

معاناة وسجون

 

الشاب منير المنجري، سرد معاناة والده المعلم، حيث كتب في صفحته على منصة فيسبوك: في يوم المعلم سأحكي لكم قصة والدي المعلم اليمني والانسان التربوي الذي جاهد معظم حياته في تنشئة الأجيال وتعليمهم لأكثر من 20 عاما وجزاء لذلك انقطعت مرتباته منذ حوالي 9 سنوات مما أوصل حالة هذا المعلم الى اصابته بذبحة قلبية حادة واضطرارنا لتركيب قسطرة قلبية ليستمر معها في حياة لا تفرق عن الموت شيء ، ولكنه وبرغم ذلك كان حامدا شاكرا لربه ولم تهزمه الظروف قط".

 

 

المنجري أضاف بالقول: "لم تنتهي الحكاية بعد، هذا المعلم وبرغم صبره والتزامه لمنزله تم اعتقاله ـ من قبل الحوثيين ـ في 20 سبتمبر من العام 2024 والزج به بسجن لا نعلم عنه شيئاً ولم يسمح لنا بزيارته او الاطمئنان عليه حتى لحظة كتابة هذه الكلمات".

 

وأشار إلى أنهم تجنبوا الكتابة عن اختطاف والده بغية الإفراج عنه غير أن تلك المحاولات والوساطات المحلية لم تنجح بالإفراج عنه بالرغم من وضعه الصحي، مطالبا الحوثيين بسرعة إطلاق سراح والده، محملا إياهم كامل المسؤولية عن سلامة وصحة المعلم "عبد الخالق المنجر".

 

تدهور التعليم وتفشي الجهل

 

الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أكدت أن الأوضاع المأساوية للمعلمين اليمنيين، أدت إلى تدهور حاد في مستوى التعليم في اليمن، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب.

 

وطالبت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا في بيان لها، بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، بالتزامن مع اليوم العالمي ليوم المعلم والذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل عام.

 

وقال بيان صادر عن الشبكة اليمنية لروابط الضحايا: "يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للمعلم، تقديراً لدوره المحوري في بناء الأمم وتطوير المجتمعات. إلا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحول هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء".

 

وأضاف البيان أنه ومنذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها إنقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم اليمني من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

 

وأدانت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا، بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرض لها، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، مطالبة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

 

ودعا البيان، لتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظًا على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين من سجون الحوثيين وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات. مطالبا بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

 

رشاد الراشدي كتب قائلا: 5 أكتوبر يوم المعلم العالمي، وبهذه المناسبة اتوجه بالتحية لكل معلم، أينما كان وتحت أي سماء، سلام إلى أعظم شريحة في المجتمع إلى كل معلم ومعلمه، الى صناع الامل وصناع المستقبل، سلام إلى من زين العقول بأروع المعاني، وألف سلام الى صناع المستقبل المشرق".

 

وأضاف الراشدي: "مما يؤسف أن يأتي هذا اليوم والمعلم اليمني يمر بظروف قاهرة بالغة الصعوبة خلافا على معلمي الأرض كلها، أنهكته الأوضاع، وأصبح في عداد الأشد فقراً، لم يعد يحلم بامتيازات ولا علاوات ولا تحسين وضع بقدر ما يحلم براتبٍ يسدُ بِه جوع أبنائه..".

 

وأردف: "ما نهض بلد ولا ازدهرت أرض إلا وكان  المعلم أُس البناء ولبنة النهضة، مطالبا بمعاملة المعلم بما يليق بمكانته ومنحه راتب وزير، وأن تكون له امتيازات لا يحصل عليها غيره، حد قوله.


التعليقات