"الحارس القضائي".. طريقة الحوثيين لتدمير القطاع الخاص في اليمن (تقرير خاص)
- طلال الشبيبي الثلاثاء, 14 مايو, 2019 - 10:06 مساءً

[ الحارس القضائي.. حيلة حوثية للسيطرة على القطاع الخاص ]

"الحارس القضائي" سلاح جديد تستخدمه جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء لتدمير القطاع الخاص والتشريع لنهب ومصادرة الأموال والممتلكات الخاصة.

 

وتواجه الكثير من شركات القطاع الخاص ما توصف بأكبر عملية ابتزاز ونهب ممنهج من قبل الحوثيين منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، آواخر العام 2014، الأمر الذي يهدد تلك الشركات بالإفلاس والتوقف عن العمل، وبات القطاع الخاص يلفظ أنفاسه، بينما أعلنت عشرات الشركات والمؤسسات الخاصة إفلاسها التام نتيجة ممارسات وتعسفات الحوثيين.

 

والأسبوع الفائت أغلقت جماعة الحوثي مبنى شركة "سبأفون" للاتصالات بالعاصمة صنعاء، وطردت موظفيها، وذلك بعد تصنيفها ضمن قائمة الخونة والمكونات الاقتصادية الواجب مصادرتها وتأميمها بتهمة التخابر مع الشرعية والتحالف.

 

وقالت مصادر في الشركة إن السلطات القضائية الحوثية طردت الموظفين، الخميس، وأغلقت الشركة باستثناء بعض الإدارات الهامة التي تركتها تعمل لكي تستمر خدمة الاتصالات.

 

وأضافت أن المليشيات طالبت بوجوب وصول كل إيرادات الشركة إليهم. وأكدت أن الشركة مغلقة حتى الآن، وأن هناك تحقيقاً يجري مع نقابة الموظفين ومحامي الشركة وتصنيف الموظفين حسب ولاءاتهم.

 

وكانت محكمة أمن الدولة التابعة للحوثيين في صنعاء، أمرت بحجز أموال شركة "سبأفون للهاتف الخليوي" المنقولة وغير المنقولة، وإيراداتها وأرصدتها لدى المصارف والشركات ووكلائها، وطالبتها بتسديد مبلغ 72 مليون دولار و11 مليار ريال إضافة إلى مبالغ محجوزة.

 

ومطلع فبراير الماضي، ضمت جماعة الحوثي مستشفى "سيبلاس للتجميل وأطفال الأنابيب"، ومستشفى "الأمومة والطفولة" ومستشفى "مغربي" التابعين لرجل الأعمال الدكتور زيد حسن إلى أملاكها الخاصة، ووضعت محاسبين من عناصرها يقومون بنهب الإيرادات يومياً، بدعوى أن ملاكها من حزب الإصلاح.

 

وفي السياق ذاته فرضت الجماعة أحد مشرفيها كحارس قضائي في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، أكبر مستشفى أهلي في اليمن، في خطوة تهدف للاستيلاء على جزء كبير من عمليات المستشفى وإيراداته.

 

وبحسب مصادر طبية لـ"الموقع بوست"، فإن ما يسمى بـ"الحارس القضائي" المعين من الحوثيين في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا، يفرض تدخلا مباشرا على العمل الإداري والمالي في المستشفى.

 

وكانت الجماعة ألزمت مستشفى جامعة العلوم بخصم ما يصل إلى 50% من إيرادات المستشفى بما فيها رواتب العاملين لصالح المجهود الحربي للجماعة.

 

وتحدثت تقارير اقتصادية في وقت سابق عن أن 60% من شركات ومؤسسات ومنشآت القطاع الخاص غادرت خارج البلد، بسبب التضييق والابتزاز المُمارس ضد رؤوس الأموال في الداخل اليمني من قبل الحوثيين.

 

رغم التنكيل الحوثي بالقطاع الخاص، إلا أن الغرف الصناعية والتجارية واتحاداتها ونقابات العمال ومنظمة العمل الدولية والتجارة العالمية والبنك الدولي وكل مؤسسات الأمم المتحدة والمؤسسات المعنية بالعمل والمال جميعها لم تحرك ساكناً، ولم تصدر حتى بيانا يدين هذا التدمير الحوثي الممنهج لأصول ومقدرات القطاع التجاري والصناعي والعقاري في اليمن.

 

حيلة للسيطرة على القطاع الخاص

 

اعتبر الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، مدير مركز الإعلام الاقتصادي، فكرة الحارس القضائي بأنها حيلة جديدة انتهجها الحوثيون للسيطرة على ممتلكات المعارضين لهم.

 

وقال نصر في تصريح لـ"الموقع بوست" إن "الحارس القضائي يأتي في سياق الإجراءات الحوثية للسيطرة والاستحواذ على كثير من القطاع الخاص في اليمن"، مشيرا إلى أن الجماعة اتخذت الكثير من الإجراءات المشابهة سواء فيما يتعلق في وضع اليد على الأملاك لمن تتهمهم بالخيانة، أو لمن لم تقم بمصادرة أملاكهم.

 

ويرى نصر أن "فكرة الحارس القضائي، جاءت بعد تغييرات إدارية كبيرة في مصلحة الضرائب وفي مؤسسة القضاء وغيرها من المؤسسات التي جعلت كل هذه المؤسسات تحت سيطرتها".

 

وتابع الخبير الاقتصادي: "هي عملية نهب منظمة ليس أكثر، تحمل مسميات متعددة، تأخذ أحيانا طابع أنها رسمية لكنها في الحقيقة تسعى لمصادرة أموال وممتلكات المعارضين لها دون محاكمات حقيقية أو دون أن يكون هناك حق الدفاع أمام هذه الإجراءات المجحفة بحق القطاع الخاص الذي تسعى لمصادرة أملاكه".

 

وأردف: "من الواضح أن هذا نوع من الاجتثاث لاقتصاد كان قائما ويعمل لاستبداله بآخر تابع للجماعة وهي من تسيطر عليه". وقال: "في كل الأحوال لدى الجماعة نظرة مستقبلية في هذا الجانب بأنها حتى وإن كان هناك حل سياسي أو أي إجراءات معينة تكون هذه الجماعة قد خلقت أو أوجدت اقتصادها الخاص".

 

واعتبر ذلك جزءا من التمهيد لهذه العملية باجتثاث القطاع الخاص المنافس لها، بدليل أنه حتى القطاع الخاص الذي كان يدعمها وصلت يد العبث إليه بالإجراءات المجحفة وغير المبررة، وفق تعبيره.

 

تجريف للاقتصاد الوطني

 

المحامي والحقوقي عبد الرحمن برمان يرى أن إجراءات الحوثيين وتعيينهم حارسا قضائيا للقطاع الخاص يعد تجريفا للاقتصاد الوطني وتدميرا كاملا لكل مقومات الحياة.

 

وقال برمان لـ"الموقع بوست" إن "الإجراءات التي تقوم بها جماعة الحوثي من خلال إغلاق شركة سبأفون للاتصلات والتي تعتبر من الشركات العملاقة والرائدة في اليمن هي عملية تجفيف لكل منابع الحياة في اليمن".

 

وأضاف: "بداية بدأ الحوثيون بقطع رواتب الموظفين الحكوميين ثم قاموا بمضايقة القطاع الخاص بشكل كبير، أدى إلى إفلاس كثير من الشركات وإغلاقها وحتى الشركات التي صمدت أمامهم قاموا بمداهمتها ومصادرتها والسيطرة عليها".

 

وتابع المحامي برمان "نحن أمام تجريف للاقتصاد الوطني بشكل عام وتدمير كامل لكل مقومات الحياه، دمروا التعليم، دمروا القضاء الأمن وكل مؤسسات الدولة، والآن يدمرون القطاع الخاص من خلال الإتاوات والمجهود الحربي وما إلى ذلك من مسميات، إلى درجة أن صاحب البسطة الذي في الشارع يتضرر منها".

 

يقول برمان: "اليوم أعلنوها صراحة وبشكل واضح أنهم يسعون للاستحواذ على كل مقومات الاقتصاد حتى يصبح بيد الأسر الحوثية أو من ينتمون إلى جماعة الحوثي وبقية أفراد الشعب يعيشون حالة من الجوع والفقر كما كان حاصلا في عهد الأئمة".

 

مخاطر

 

وأشار المحامي برمان إلى أن نسبة البطالة والمجاعة سترتفعان نتيجة لإجراءات الحوثيين، لافتا أن هناك عشرات آلاف من الأسر ستكون بدون رواتب أو دخل، والكثير من موظفي الشركات الخاصة سيصبحون بلا عمل.

 

وقال: "الاستثمارات في اليمن لن تأتي إلا بعد سنوات طويلة بعد القضاء على المليشيات وبعد أن يتأكد المستثمرون أن هناك دولة حقيقية توفر الحماية لهذه الاستثمارات".

 

واستدرك أن "شركة سبأفون وغيرها من الشركات، هناك رأس مال أجنبي مشارك فيها وهذا بحد ذاته توجيه رسالة سلبية أنه لا يقترب أحد من اليمن ولا الاستثمار فيه".

 

واستطرد: "محاولة إغلاق اليمن على هذه الجماعة بمعنى أن اليمن أصبحت ملكا لهذه الجماعة التي تريد أن يعيش بقية اليمنيين في حالة من الفقر والعوز ويظلوا ينتظرون ما تجود به هذا الجماعة أو أفرادها".


التعليقات