من مهندس ميكانيكي إلى مقعد مبتور الأقدام.. قصة أحد ضحايا الألغام في حجة (فيديو)
- خاص السبت, 23 يناير, 2021 - 02:30 مساءً
من مهندس ميكانيكي إلى مقعد مبتور الأقدام.. قصة أحد ضحايا الألغام في حجة (فيديو)

[ شويع أبكر أحد ضحايا الألغام في حجة ]

شكلت الألغام الأرضية بمختلف أنواعها أحد أبرز التحديات التي تترصد حياة المدنيين اليمنيين بعد ست سنوات من الصراع المستمر والمرير بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين.

 

على امتداد الشريط الحدودي بين اليمن والمملكة العربية السعودية زُرعت عشرات الآلاف من الألغام الأرضية بأحجام وأشكال مختلفة في الطرقات والمنازل والمزارع وعلى نطاق واسع وبطريقة عشوائية من قبل الحوثيين وفقا لشعبة هندسة الألغام في القوات الحكومية المعترف بها دوليًا.

 

في كوخ دائري الشكل بمديرية حرض محافظة حجة شمال غربي اليمن وعلى كرسي متحرك يعيش ويعمل النازح خمج شويع أبكر حيران (39 عامًا)، ورب أسرة مكونة من سبعة أفراد، وهو واحد من آلاف اليمنيين الذين فتكت الألغام الأرضية بحياتهم.

 

"ليتني لم أذهب مع أصدقائي إلى قريتي ومنزلي" يقول شويع أبكر حيران لـ"الموقع بوست" وهو يطلعنا على مأساته والحزن يملأ عينيه.

 

وأضاف شويع حيران قائلاً: "قرار العودة بعد خمس سنوات من النزوح والحرب التي لا زلت متواصلة إلى المنزل والقرية التي ترعرعت فيها غير مجرى حياتي، لكن ليس إلى الأفضل، اليوم أصبحت بدون ساقين بعد أن بترتا بانفجار لغم أرضي". 

 

 

ويعمل شويع في هندسة السيارات (ميكانيكي) منذ 19 سنة، وفقد في بداية الحرب مصدر رزقه ورشة بسيطة لصيانة وإصلاح السيارات، لتبدأ رحلته مع المعاناة منذ ذلك حين لينتقل من أطراف قريته "الخضراء" بمديرية حرض على وقع الاشتباكات العنيفة إلى عزلة الذراع شمالاً.

 

وفي فبراير من هذا العام، فقد شويع كلتا رجليه جراء انفجار لغم أرضي وهو يتفقد منزله بعد سيطرة القوات الحكومية المعترف بها دوليًا على قرابة 15 كيلومترا ومنها قرية خمج في يونيو من عام 2019.

 

يقول وهو يقوم بإصلاح قطعة من سيارة بعد تحويل كوخه المتواضع إلى ورشة صيانة لإصلاح سيارات أهالي القرية، لـ"الموقع بوست"، إن "خطر الألغام أصبح كابوسًا يؤرق الجميع.. لا أنا ولا الأهالي قادرين على الذهاب إلى مزارعنا وبيوتنا.. نحن في حصار والموت يتربص بنا من كل جانب، والسبب الألغام".

 

وأضاف وهو ينظر إلى كرسيه المتحرك قائلاً: "أنا كواحد من ضحايا الألغام الأرضية أتمنى أن يتم تطهير مناطقنا من هذه الألغام، مأساتنا ومعاناتنا كبيرة وتتعاظم مع سقوط المزيد من الضحايا".

 

وبحسب الإرشادات الطبية، فإن شويع بحاجة لأطراف صناعية وزراعة جلد للفخذ الأيسر في مركز متخصص خارج البلاد، لكنه رجل معوز ولا يجد ما يمكنه من السفر لتلقي العلاج أو شراء أطراف صناعية.

 

ووفقاً لشعبة هندسة الألغام في القوات الحكومية بالمنطقة العسكرية الخامسة، فقد تم تفكيك وإتلاف أكثر من 37 ألف لغم أرضي وعبوة ناسفة.

 

ويقول العميد ياسر الروحاني رئيس شعبة هندسة الألغام في القوات الحكومية لـ"الموقع بوست": "حتى الآن نفذنا سبع عمليات إتلاف وتفجير لآلاف الألغام والعبوات الناسفة، حيث تم إتلاف أكثر من 37 ألف لغم متنوع المهام والأحجام وعبوة ناسفة في مناطق متفرقة من مديريات ميدي وحيران وحرض وأجزاء من مديرية عبس بمحافظة حجة منذ نحو أربع سنوات".

 

ولفت إلى أن "الفرق الهندسة التابعة للجيش تعمل على تطهير وفتح ممرات آمنة أمام القوات وتطهير هذه المناطق من الألغام يحتاج لسنوات بسبب كثافة الألغام وعدم توفر خرائط زراعتها".

 

وأكد أن "جماعة الحوثي عملت على زراعة الألغام في القرى والمدارس ومزارع المواطنين بطريقة عشوائية وعلى شكل حقول في بعض المناطق".

 

وفي سياق متصل، قال مدير مشروع مسام لنزع وتطهير الألغام في اليمن أسامة القصيبي إن المشروع تمكن منذ انطلاقه وحتى الآن من تنفيذ 94 عملية إتلاف وتفجير لآلاف الألغام والعبوات الناسفة.

 

وأشار القصيبي في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن الفرق الهندسية للمشروع منذ انطلاقته وحتى 11 من ديسمبر الجاري تمكنت من نزع 204.507 ألغام وذخائر غير منفجرة وعبوات ناسفة خلال 30 شهرا.

 

وذكر أن الفرق تمكنت من نزع 59663 لغما مضادا للدبابات و2510 ألغام مضادة للأفراد و5795 عبوة ناسفة، بالإضافة إلى 136539 ذخيرة غير منفجرة، لافتا أن المساحة الإجمالية التي طهرتها فرق المشروع بلغت  17.305.158 مترا مربعا.

 

وفيما يخص نوعية الألغام التي تم نزعها من قبل فرق مسام الهندسية، أكد القصيبي أن 70 بالمئة من إجمالي عدد الألغام المنزوعة هي ألغام محلية الصنع أو تم تعديل خواصها الفنية محليا.

 

وبخصوص عدد ضحايا الألغام من جانب فرق المشروع أوضح القصيبي قائلاً: "نعم قدم مسام إلى الآن 21 شهيدا خمسة منهم من خبراء مسام الأجانب، بالإضافة إلى 16 جريحا أغلبهم تعرضوا لإعاقات دائمة".

 

وأشار إلى أن مهارات الحوثيين في صناعة وتمويه الألغام في تطور مستمر حيث يعملون على تغيير الخواص الفنية للألغام وتحويل الألغام الخاصة بالدبابات إلى ألغام فردية من خلال إشراكها بدواسات تنفجر تحت أدنى ضغط تتعرض له، بالإضافة إلى استخدامهم تقنيات ذكية مثل الكاميرات الحرارية والمزودة بالأشعة تحت الحمراء وغالبا ما يتم استخدامها للعبوات الناسفة كونها أكثر تأثيراً على الأفراد والآليات.

 

وتنتشر فرق مسام الهندسية في تسع  محافظاتٍ يمنيةٍ هي: مأرب، الجوف، شبوة، تعز، الحديدة، لحج، البيضاء، الضالع، وصعدة.

 

ويمثل الأطفال والنساء الغالبية الكبرى من الضحايا، إضافة إلى المسنين وأصحاب المهن والحرف مثل الصيادين والمزارعين.

 

بينما كان اليمن يرتجي الشفاء من ألغام صراعات النصف الأخير من القرن المنصرم، جاءت الحرب التي تصاعدت بعد سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في 2014، وتدخل التحالف بقيادة السعودية، ليبدأ فصلٌ هو الأخطر من تاريخ البلاد مع تهديد الألغام، حيث انتشرت مئات الآلاف من الألغام المضادة للأفراد والآليات بنسب متفاوتة في جميع المناطق التي شهدت مواجهات مباشرة، ابتداءً من عدن ومحيطها جنوباً وحتى صعدة والحدود مع السعودية أقصى الشمال، مروراً بمحافظات لحج وتعز والحديدة ومأرب والبيضاء والضالع وأبين والجوف وحجة وغيرها من المحافظات المتضررة.


التعليقات