[ عناصر من مليشيا الحوثي - أرشيفية ]
دعت منظمة "سام" للحقوق والحريات، لإقرار قائمة سوداء تتضمن كافة مرتكبي جرائم العذيب من أطراف الصراع تمهيدًا لتقديمهم للمحاكمة.
وشددت المنظمة -في بيانها بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، السبت- على أن استمرار الصمت الدولي تجاه الانتهاكات المتكررة يشكل غطاءً ضمنيًا لتلك الأطراف للاستمرار بجرائمها ضد المدنيين.
وقالت إن هذا اليوم يأتي بينما يتعرض آلاف المعتقلين والمخفيين قسريا في اليمن، في كل من سجون جماعة الحوثي، والسجون غير القانونية التي تشرف عليها قوات مدعومة من الإمارات في جنوب اليمن والقوات السعودية، وسجون الحكومة الشرعية في مأرب، وسجون الجماعات المسلحة، لأنواع متعددة وقاسية من التعذيب النفسي والجسدي ويقبعون في سجون تفتقر لأبسط الشروط القانونية والآدمية، ولا يحصلون على الاحتياجات الأساسية من غذاء وكساء ودواء.
ودعت "سام" إلى التضامن مع ضحايا التعذيب لدى أطراف الصراع في اليمن، وفتح تحقيق شفاف ومستقل في جرائم التعذيب، وإعلان قائمة سوداء بالسجون والشخصيات التي ارتكبت جريمة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة السيئة، والعمل يدا واحدة على وقف هذه الجريمة، وتعويض ضحايا أهالي من توفوا تحت التعذيب.
وشددت "سام" في بيانها على أن كثيراً من المعتقلات أصبحت نقاطاً سوداء قاتمة في تاريخ التعذيب في اليمن، حيث تنتشر عشرات المعتقلات غير القانونية والسرية المكرسة للإخفاء القسري وممارسة التعذيب الممنهج والقاسي، كسجون الأمن السياسي والأمن القومي وقلعة العامرية في رداع وقلعة الكورنيش بالحديدة ومعتقل الصالح بتعز التابعة لمليشيات الحوثي.
وأضافت أن "سجون بئر أحمد وقاعة ضاح في عدن ومطار الريان سابقا في حضرموت وسجن الطين في سيئون وسجني عزان وبلحاف التابعة للقوات الاماراتية وللميلشيات التابعة لها، ومعتقل المعهد في مدينة مأرب التابع للحكومة الشرعية، وسجون أخرى تتبع جماعات مسلحة، حيث يمارس في هذه السجون شتى أنواع التعذيب والتعذيب المفضي إلى الموت بحق المعتقلين تعسفيا والمخفيين قسريا"..
وأكدت المنظمة على أن جريمة التعذيب أضحت ممارسة خطيرة في اليمن، شملت كافة شرائح المجتمع بمن فيهم الصحفيون الذين حكم عليهم بالإعدام بعد تعرضهم للتعذيب القاسي وضروب أخرى من المعاملة السيئة، فعلى مدى سنوات الحرب الخمس رصدت منظمة "سام" ووثقت حالات تعذيب مروعة، وكشفت الأساليب التي تمارسها الجهات المختلفة في التعذيب، وأصدرت البيانات والتقارير التي كشف هذه الممارسات.
كما وثقت المنظمة تعرض المئات من اليمنيات إلى الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في سجون مليشيا الحوثي، وتعرضن خلال فترة الاعتقال والإخفاء إلى التعذيب القاسي والمعاملة غير الإنسانية، في سجون سرية وغير قانونية كسجن الدار والسجن المركزي في صنعاء وعمران والحديدة.
وأشارت إلى أن النساء في سجون الحوثي "تعرضن لأساليب غير أخلاقية وتعذيب جسدي ونفسي بشع، كحرمانهن من الشمس، والحرمان من استخدام دورات المياه إلا مرة أو مرتين في اليوم، والتحقيق الطويل في ساعات متأخرة من الليل، والصاعق الكهربائي، والضرب بالعصي أو الهراوات، ورش الماء البارد، والضرب في الوجه وقلع الأظافر، بالإضافة إلى التعذيب النفسي الذي حصل لهن".
وكانت منظمة "سام" قد رصدت خلال أربع سنوات من الحرب تمتد من عام 2014 وحتى نهاية 2020، أكثر من 3200 حالة تعذيب، منها (200) حالة تعذيب خلال عام 2020، ، في السجون التابعة لمليشيا الحوثي، وقوات المجلس الانتقالي التي تشرف عليها الإمارات، وسجن الأمن السياسي بمدينة مأرب، وسجون الساحل الغربي التابعة لما يسمي المقاومة الوطنية، بعضها مورس بصورة فردية وأخرى بصورة جماعية، حيث أدى التعذيب إلى الموت.
وشملت أساليب التعذيب التي وثقتها المنظمة: الركل، الضرب بالهراوات والقضبان المعدنية، الحرق، والحرمان من الطعام والمياه، وشملت أيضاً الإعدامات الوهمية، والتعليق لساعات طويلة، والتحرش الجنسي، واستخدام الكلاب البوليسية، والدفن في حفر رملية، واستخدام العقاقير المنبهة، والرش بالماء البارد، والحرمان من الزيارة، والمحاكمات الصورية.
كما أكدت المنظمة الحقوقية رصدها لتزايد حالات التعذيب في سجون سعودية أو لقوات وجماعات موالية للسعودية في كلٍ من محافظتي المهرة وحضرموت إضافة إلى سجون في ألوية الحد الجنوبي وسجون الاستخبارت السعودية في منطقتي جيزان ونجران، وأنها بصدد إصدار تقرير تفصيلي عن تعذيب تعرض له يمنيون، أدى في بعض الحالات إلى الوفاة.
وبّينت إحصائية منظمة "سام" أن عدد المدنيين الذين قتلوا تحت التعذيب خلال هذه الفترة المذكورة أعلاه بلغ (205) حالات منهم (56) معتقلاً توفوا تحت التعذيب في عام 2018. بينما سجلت المنظمة وفاة (53) معتقلا تحت التعذيب عام 2017، في حين سجلت وفاة 70 معتقلا بسبب التعذيب في عام 2016.
وأبرزت المنظمة رصدها وتوثيقها تعرض المئات من المعتقلين تعسفيا، والمخفيين قسرا -بسبب التعذيب- لإصابات دائمة أو مؤقتة في سجون جماعة الحوثي، والقوات المسلحة المدعومة من قبل الامارات، ويعانون من آثار نفسية واجتماعية بسبب هذه الممارسات المجرَّمَة وفقاً للقانون.
ونوهت "سام" الى أن الآلاف من الضحايا وأسرهم يحتاجون إلى مساعدة خاصة طبية ونفسية وإنسانية واجتماعية وقانونية مباشرة، ولذا تقترح منظمة "سام" إنشاء هيئة مستقلة لشؤون المعتقلين والمخفيين قسرياً وضحايا التعذيب، تعمل على تقديم الدعم المادي والنفسي والقانوني لضحايا التعذيب في السجون وأسرهم.
وشددت المنظمة من جانبها على ضرورة قيام المقرر الخاص بالتعذيب، بفتح تحقيق جدي في جرائم التعذيب في اليمن، والعمل على ضمان فرض العقوبات الملائمة ضد المتسببين بها، كما دعت المبعوث الأممي إلى الضغط لتحريك ملف المعتقلين وفقا لاتفاقية ستوكهولم، مؤكدة بأنها على تواصل مع لجان التحقيق بشأن اليمن لإدراج المنتهكين ضمن قوائم الاتهام.
وطالبت منظمة "سام" للحقوق والحريات في بيانها لليوم العالمي لمناهضة التعذيب، بتشكيل قائمة سوداء تشمل جميع مرتكبي جرائم التعذيب من كافة الأطراف في اليمن، والعمل على تقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية استنادًا لميثاق روما الدولي.
كما دعت المنظمة جميع الأطراف إلى الالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية وتجنيب المدنيين قدر الإمكان الانتهاكات غير المبررة من قبل أطرف الصراع، وضرورة تحمل المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن والأمم المتحدة، لمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه حماية حقوق الأفراد في البلاد.