[ قوات من ألوية العمالقة اليمنية المدعومة إماراتية في إحدى جبهات القتال بمدينة الحديدة غربي اليمن يوم 12 سبتمبر أيلول 2018 (الأوروبية) ]
تغيرت موازين القوة في محافظة مأرب (شرق العاصمة صنعاء) لصالح القوات الحكومية، بينما قصفت جماعة الحوثيين السعودية والإمارات، لتعود حرب اليمن إلى الواجهة مجددا.
حدث ذلك بعد أيام وجيزة من وصول قوات ألوية العمالقة المدعومة إماراتيا إلى محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، واستعادت مديرياتها الثلاث التي كانت تحت سيطرة الحوثيين، ونقلت مربع عملياتها إلى جنوب محافظة مأرب.
وأثار تقدم قوات العمالقة غضب جماعة الحوثيين الذين ردوا على الفور بهجمات انتقامية على العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وفق تصريحات سابقة لمسؤوليهم.
وقدِمت قوات العمالقة من الساحل الغربي للبلاد بعد أن نفذت عملية إعادة تموضع منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وانسحبت من مشارف مدينة الحديدة إلى الجنوب بنحو 90 كيلومترا على طول الشريط الساحلي.
ويربط البعض قوات العمالقة السلفية بألوية القوات المدرعة التي كان يقودها شقيق الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي في السبعينيات، غير أن الأمر لا يعدو عن كونه تشابه أسماء فقط، إذ إن القوتين ليس لديهما ارتباط.
كيف ظهرت قوات العمالقة؟
بحسب مصدر في قيادة ألوية العمالقة -فضّل عدم الكشف عن هويته كونه غير مخوّل بالحديث للإعلام- فإن تلك القوات شُكلت من الشباب السلفيين الذين قاتلوا الحوثيين في مدينة عدن منتصف 2015 حتى سيطرتهم على مدينة المخا، غربي البلاد، مطلع 2017.
وقال المصدر للجزيرة نت إن السيطرة على مدينة المخا وتوسع العمليات العسكرية، فرضت على المقاتلين السلفيين الذين كانوا يقاتلون تحت قيادة ضباط إماراتيين التكتل في 5 ألوية، وبرز حمدي شكري الصبيحي وعبد الرحمن اللحجي، كأبرز القادة.
عقب ذلك، اتحدت ألوية العمالقة تحت قيادة أبو زرعة المحرمي، وهو أحد خريجي معهد دار الحديث السلفي في دماج بصعدة. وحسب تقارير صحفية فإن المحرمي كان يعمل بائعا للعسل في مدينة عدن، وبرز اسمه حين قاد مواجهات ضد الحوثيين.
ورغم ذلك، فإن المحرمي لا يملك إلا صورا قليلة في الإعلام، ولا يتعامل مع الصحافة، ويكتفي بالبيانات فقط، وحاولت الجزيرة نت التواصل معه مرارًا لكنه لا يرد.
هل باتت قوات العمالقة قوة مهددة؟
بدت قوات العمالقة قوة ضاربة وما لبثت أن تقدمت على طول الساحل الغربي، وكانت على وشك السيطرة على مدينة الحديدة الإستراتيجية، قبل أن يوقف الهجوم اتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والحوثيين نهاية 2018.
وتوسعت قوات العمالقة بشكل أكبر، ووفق المصدر فإنها تضم حاليا 13 لواء عسكريا، ويضم اللواء بين 3600 إلى 1800 جندي، أبرزها اللواء الأول والثاني والخامس.
مُولت تلك القوات عسكريا من التحالف وبدرجة رئيسية من الإمارات، غير أن الوضع اختلف بعد أن أنشأت أبو ظبي قوات المقاومة الوطنية بقيادة نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، طارق صالح، الذي صار هو القوة الأثيرة لدى أبو ظبي.
أُجبرت قوات العمالقة على الانضواء إلى جانب المقاومة الوطنية والمقاومة التهامية تحت مظلة قيادة القوات المشتركة التابعة للقوات الإماراتية منتصف 2019، في مدينة المخا، رغم ممانعتها في البداية التحالف مع طارق صالح الذي قاتلهم إبان تحالفه مع الحوثيين قبل أن تنفك عرى التحالف في ديسمبر/كانون الأول 2017.
لمن تدين قوات العمالقة بالولاء، وممن تُموّل؟
يقول المصدر في قيادة قوات العمالقة للجزيرة نت إن نسبة كبيرة جدا من قيادات وأفراد قوات العمالقة لا تعترف إلا بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، كونه ولي الأمر، وطاعته بالنسبة لقيادة وأفراد تلك القوات أمر لا جدال فيه.
ويضيف "نتلقى الأوامر من التحالف والإمارات كحلفاء الضرورة، إذ يقدمون لنا كل التمويل العسكري واللوجستي، يمنحوننا الأسلحة الثقيلة والمدفعية ويدعموننا بالطيران الجوي".
ووفق المصدر، فإن قوات العمالقة يرون أن العدو الأوحد لليمنيين هو الحوثيون فقط، كونهم "فئة باغية".
ولم تخلُ علاقة قوات العمالقة من الصدام مع الإماراتيين أبرزها رفض ألويتها الانخراط في قيادة القوات المشتركة، وإقالتها قائدها العام أبو زرعة المحرمي، قبل أن تعيده الإمارات منتصف 2020، ليتسبب ذلك في استقالة القائد البارز عبد الرحمن اللحجي قائد اللواء الثالث.
كما حاولت ألوية العمالقة مرارا أن تنفرد بقرارها، ويستشهد مصدر آخر في تلك الألوية في حديث سابق للجزيرة نت بمحاولة قوات العمالقة التقدم في مديرية الدريهمي، جنوب الحديدة، نهاية 2018 بدون موافقة الإماراتيين، لكن تلك القوات تعرضت لكمين حوثي ورفض الإماراتيون نجدتها بالطيران الجوي، ما تسبب بكارثة من القتلى والأسرى.
ما الذي يعزز قوات العمالقة؟
كبدت قوات العمالقة جماعة الحوثيين هزائم كبيرة في محافظتي شبوة ومأرب، ووفق المصدر في ألوية العمالقة فإن ذلك يعود إلى العقيدة القتالية في أفرادها.
ويقول للجزيرة نت "نقاتل بقوة واستبسال، إضافة إلى التسليح الجيد الذي نمتلكه والقيادة الموحدة، كما أننا نقاتل بدون أي أجندة مسبقة أو خلاف أو تضارب مع قوى أخرى، وليس لدينا أي طموح سياسي، وحين تنتهي الحرب سنعود لمساجدنا وأعمالنا".
وبحسب المصدر، فإن قوات اللواء الثاني بقيادة حمدي شكري تعد القوة الضاربة في العمالقة وهي من استعادت مديرية حريب، كما تخوض حاليا المعارك ضد الحوثيين في الجبهة الجنوبية جنوبي مأرب، إضافة إلى قوات اللواء الأول والثالث.
وحاولت الجزيرة نت التواصل مع حمدي شكري أو قيادات العمالقة إلا أن ذلك تعذر، ووفق مقربين منهم فإن كل القيادات في الخطوط الأمامية بمديرية حريب التي انقطعت فيها شبكة الاتصالات والإنترنت.
ويرى الباحث اليمني عدنان هاشم أن التقدم السريع للعمالقة في شبوة ومأرب يعود إلى توافق إماراتي سعودي على وقف تقدم الحوثيين، لذلك تسير العمليات العسكرية بتنسيق غطاء جوي كامل.
وقال للجزيرة نت "التقدم السريع يعود أيضا إلى استنزاف المقاتلين الحوثيين خلال العامين الماضين خاصة في مأرب دون تحقيق أهدافهم المرجوة، لذلك وجود قوة منظمة ومسلحة جيدا مثل ألوية العمالقة يغيّر خارطة الحرب التي فرضها الحوثيون لصالحهم خلال العام الماضي".
هل ستتوغل قوات العمالقة في محافظات أخرى غير شبوة ومأرب؟
يتحدث المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والساعي لفصل جنوب اليمن عن شماله، بأن تلك القوات ستكتفي بالسيطرة على مديريات محافظة شبوة فقط، التي تعد محافظة جنوبية قبل توحيد اليمن عام 1990.
وقال علي الكثيري المتحدث باسم المجلس الانتقالي في بيان أمس الأربعاء، إن عملية "إعصار الجنوب" حققت أهدافها بشكل كامل، من دون أن يورد مزيدا من التفاصيل، لكنه يشير إلى استعادة السيطرة على مديريات محافظة شبوة.
وقالت ألوية العمالقة في بيان لها إن استعادة مديرية حريب في مأرب هو تأمين لمديرية عين في شبوة، وإن العملية تكللت بالنجاح الكامل، في تلميح إلى أن العملية انتهت.
لكن المصدر في ألوية العمالقة قال إن ذلك يمثل المرحلة الأولى فقط من جانب العملية العسكرية، وإن "المرحلة الثانية كما هو مخطط لها، التقدم في محافظة البيضاء ومحافظات أخرى".