[ مؤتمر في واشنطن يناقش حرب اليمن وسبل إنهائها ]
أكد البيان الختامي لمؤتمر واشنطن لتحقيق السلام الدائم والديمقراطية في اليمن على التمسك بوحدة اليمن والنظام الجمهوري، وعدم التفريط في سيادته ووحدة أراضيه.
وشدد البيان على الحاجة الملحة إلى عقد مؤتمر وطني يمني يضم كافة الأطياف اليمنية لإنتاج قيادة يمنية جديدة تعبّر عن مصالح الشعب اليمني، بآليات تتفق مع روح الدستور اليمني، وبتوافق وطني شامل لقيادة المرحلة القادمة.
ودعا بيان المؤتمر مليشيا الحوثي إلى الامتثال لطموحات وآمال اليمنيين في السلام الشامل المُستدام، القائم على المرجعيات الأساسية.
وقال إن "سحب سلاح المليشيات، وجعل كل القوات في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، هو خارطة الطريق الأمثل للخروج من هذا التشظي الذي يعيق الوصول للسلام".
ودعا إلى تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن، وإطلاق سراح جميع المختطفين، ورفع الحصار عن الجمهورية اليمنية بشقيه الداخلي بين المدن، الذي تفرضه مليشيا الحوثي، والخارجي، الذي تفرضها الإمارات والسعودية، وبما فيه رفع الحظر عن تصدير الغاز والمشتقات النفطية.
وشدد البيان على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية من اليمن، وتسليم الموانئ والجزر والقواعد العسكرية الأجنبية لليمنيين، معتبرا أن أي تسوية سياسية مقبلة في اليمن يجب أن تتأسس على ما تم التوافق عليه في مخرجات الحوار الوطني، كما طالب بأن تشمل العملية السياسية جميع اليمنيين دون استثناء.
وقال البيان إن "وجود مسار واضح للعدالة الانتقالية هو أحد سبل القضاء على مسببات إعادة إنتاج الحروب وعوامل التفكك".
وأوضح أن للسلام متطلبات اقتصادية ملحة تنتشل اليمنيين من وهدة الجوع والفقر وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وأشار البيان إلى أن موافقة الحوثي على وقف الحرب والانخراط في مفاوضات جادة ستكون أقصر الطرق لإخراج اليمن من حالة الاقتتال والحرب إلى السلام، وقطع الطريق على محاولات تمزيق وتفتيت البلاد.
وكانت أعمال المؤتمر حول اليمن في العاصمة الأمريكية واشنطن قد انطلقت بمشاركة نخبة من السياسيين اليمنيين والباحثين والمسؤولين الغربيين.
وبحث المؤتمر، الذي نظمته مؤسسة توكل كرمان ومركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون ومنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، أمس الاثنين 9 يناير 2023، حالة الحرب في اليمن وسبل إنهائها، وصولا إلى تحقيق السلام والعدالة.
وتضمن المؤتمر أربع جلسات نقاش لتقييم الوضع الحالي في اليمن، وسبل تحقيق السلام والديموقراطية، والعدالة الانتقالية، ودور المجتمع الدولي.
وقال المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينج، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر : "إن واشنطن تعتقد أنعام 2023 سيقدم فرصة لإنهاء الصراع بشكل نهائي. وأنه سيكرس جهوده للوصول إلى حل للأزمة، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي ملتزم بتحقيق هذا الهدف.
وأكد أن الحوار هو الطريق الوحيد لإيجاد حل في اليمن، وليس هناك أي حل عسكري للصراع في اليمن، مضيفا ان مطالبات الحوثيين هي من تسببت بتفاقم الصراع، خلال أكتوبر العام الماضي، وفي أوقات مختلفة كان هناك أطراف مختلفة تسببت في تفاقم الأزمة، وأن الهجمات الحوثية على الموانئ والمطارات والمرافق أدت إلى توقف الصادرات، ومنع اليمنيين من عدد من الموارد الضرورية لتقديم الخدمات.
وأكد على أن "الحكومة اليمنية لديها فريق للتفاوض، ولكن الحوثيين يرفضون الجلوس معه، ولكن يتوجب علينا تغيير هذه المقاربة، والعالم ينظر إلينا وينتظر العمل".
كما دعا إلى ضرورة تضافر المجتمع الدولي مع بقية دول المنطقة، لبذل جهود قوية لإعادة بناء اليمن، لتحقيق الرفاهية والديموقراطية، بمشارك كل اليمنيين بما فيهم النساء والمهمشون.
في المقابل، قالت الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان على إن "خطأ المقاربة الدولية للأزمة اليمنية واضح للعيان، وبإمكان أي متابع لجهود المجتمع الدولي والدول الكبرى والمبعوث الأمم، خلال سنوات الحرب، أن يخرج باستنتاج بسيط مفاده بأن جوهر هذه التوجهات يصّب في اتجاه ترك اليمن كليا لمليشيات الحوثي من جهة، وللتحالف السعودي - الإماراتي من جهة أخرى"
وأكدت كرمان على أنه "من المهم أن يفضي أي اتفاق سلام إلى عدم المس بوحدة الدولة اليمنية، أو التنازل عن سيادتها".
وشددت على أنه "ينبغي أن يؤدي أي اتفاق سلام إلى كف يد أمراء الحرب والدويلات، ونزع سلاح المليشيا، وإنهاء الانقسامات وتعدد سلطات الأمر الواقع، ورفع الحصار الداخلي على المدن والخارجي على اليمن، وإنهاء كافة أشكال التدخل والوصاية السعودي - والإماراتي".
وقال نائب رئيس مجلس النواب، عبد العزيز جباري: "الحوثيون يديرون الحرب على أساس أنهم يمتلكون اصطفاء وحقاً إلهيا بحكم اليمن وفق مرجعية الولي الفقيه"، مشيرا إلى أن السعودية والإمارات تعملان على تمزيق اليمن إلى كنتونات، وتشكيل تشكيلات مليشاوية تتبع هذه الدول.
وأضاف أن الوصول إلى السلام يجب إلزام الحوثيين وبقية المليشيات الأخرى بالتحول إلى أحزاب سياسية تحت سقف الجمهورية اليمنية، والتخلي عن السلاح لصالح الدولة، والامتثال للإرادة الشعبية.
ودعا إلى عقد حوار وطني تشترك فيه جميع الأحزاب والقوى السياسية، يتم فيه تقرير مصير اليمن، بعيدا عن التدخلات الخارجية، يرتكز هذا الحوار على مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها.
وأشار وزير النقل السابق، صالح الجبواني، إلى أن الحرب بين الحوثي والسعودية والإمارات قد انتهت، وأن مهمة التحالف السعودي - الإماراتي هي تقاسم مناطق النفوذ في جنوب اليمن، وإعادة تشكيل البلاد بما يخدم أهدافهما في تقسيم اليمن وتقاسمها.
ودعا إلى اعادة صياغة الشرعية اليمنية بعقد مؤتمر وطني يمني يختار قيادة وطنية من كل ألوان الطيف السياسي التي تمثل اليمن ومصالحه.
فيما أوضح السفير خالد اليماني -وزير الخارجية الأسبق- أن الحوثي الذي يدعي الدفاع عن السيادة وهو من اغتصبها، ولا مشروعية دستورية له، يحقق مكاسب متزايدة، نظرا لضعف خصومه السياسيين. وهو يعتقد اليوم أنه بصدد تحقيق اختراق هام باتجاه الاعتراف به من قبل التحالف في ضوء الحوار الجاري عبر الوساطة العمانية، مؤكدا أن المجلس الرئاسي لم ينجز ما يبرر الدخول في مرحلة ما بعد الرئيس هادي، فلا إصلاحات مؤسسية، ولا استقرار لمؤسسات الدولة داخل الأراضي اليمنية، ولا حكومة قادرة على تقديم معالجات إنسانية وعمل حلول للتعافي الاقتصادي.
وتطرق محافظ سقطرى السابق، رمزي محروس، (عبر تقنية الزوم من العاصمة العمانية مسقط)، إلى ما تتعرض له بيئة الجزيرة المميزة والثرية بالتنوع الحيوي وكذلك ثقافتها، بسبب التجريف والاعتداء والتحريف والنقل والتدمير، نتيجة تصدير الأزمات إلى الجزيرة والمشاكل من خارج الأرخبيل واليمن.
وأكد على أن اليمنيين يتطلعون إلى سلام دائم يحفظ لليمن سيادته ووحدته وسلامة أراضيه، ولن يكن ذلك إلا من خلال بسط نفود الدولة وتحقيق الشراكة والمواطنة المتساوية وتنفيذ العدالة الانتقالية.
وقال وزير الثقافة السابق عبد الله عوبل، في مشاركته عبر تقنية الزوم من محافظة عدن:
"إن الحوثي لا يرغب في إنهاء هذه الحرب إلا منتصرا، وتصلح له مقولة؛ إما كل شيء أو لاشيء .ولذلك نأمل بوحدة كل قوى الشرعية لتكون ندا يستطيع الحوثي أن يعمل لها حسابا"، مشيرا إلى أن الحرب رسمت خارطة ليمن مفتت، وفقا لرغبات سلطات الأمر الواقع التي تكونت في سياق الحرب بمساعدة التحالف، تمويلا وتسليحا وتدريبا، تحت شعار محاربة الحوثي، وبدا الأمر وكأن البلد يتقاسمها أمراء الحرب، الذين صار لكل طرف منهم أجندة خاصة ومشاريع متناقضة ومتحاربة في الغالب.
وأكد على "أهمية التحقيق في انتهاكات النظام السابق مضافا إليها الانتهاكات التي ترتكب في هذه الحرب من قبل جميع الأطراف، وعلى ضرورة صياغة قانون العدالة الانتقالية وقانون استعادة الأموال المنهوبة لكي تنتفي كل أسباب الصراع والمظالم".
وشدد الدكتور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع في جامعتي صنعاء وعدن، في مشاركته عبر تقنية الزوم من صنعاء، على ضرورة رفض كل أشكال التدخل والعدوان الخارجي ومقاومته، والعمل على إقناع كل المتدخلين والمعتدين المعنيين في المحيط الإقليمي العربي والإسلامي (السعودية، إيران، الإمارات) بأن مكاسب ومنافع السلام المشتركة مع اليمن واليمنيين واحترام سيادتهم الوطنية على أرضهم هي أجدى ألف مرة من خسائر الحرب، وأوهام السيطرة بالقوة والتآمر.
وأكد على اهمية استئناف الحوار اليمني - اليمني والعملية السياسية من حيث توقفت في العام 2014، وبتعاون ودعم المجتمع الإقليمي والدولي والأممي، كمعين لا كبديل أو وصي على إرادة اليمن واليمنيين.
ولفتت رئيسية مركز الدراسات العربية في جامعة جورج تاون، فيدا أديلي، إلى أن اليمن تمر بعد 8 سنوات من الحرب بعملية تدمير كبيرة، وهناك الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان واستهداف متعمد للمدنيين، وأن الحصار المفروض من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية إدى إلى أن 19 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وأضافت "يجب علينا أن نقر بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي جزء من هذه الأزمة، وهي تتحمل مسؤولية كبيرة في إنهاء هذه الحرب".
وذكرت المديرة التنفيذية لمنظمة "داون"، سارة ليي وايتسون، بأنها "مسؤولية كبيرة أننا ناقش السلام والديمقراطية في اليمن عام 2023، وأن مؤتمر واشنطن يمثل فرصة فريدة تتيح لقاء خبراء يمنيين ودوليين من خلفيات متنوعة وخبرات متخصصة أن يطرحوا رؤيتهم في كيف تحقيق السلام والديمقراطية في اليمن"، مشددة على "أن هناك أصوات يمنية يجب أن تُسمع".
وأكدت على أن هذه الحرب العبثية الممتدة منذ 8 سنوات في اليمن يجب أن تتوقف.
وقد قدمت في المؤتمر 22 ورقة عمل حول سبل الوصول إلى السلام المستدام في اليمن، مقسمة على أربع حلقات نقاشية.