النكتة والطرافة متنفس اليمنيين في زمن الحرب (تقرير)
- تعز - فخر العزب الأحد, 30 يوليو, 2017 - 06:16 مساءً
النكتة والطرافة متنفس اليمنيين في زمن الحرب (تقرير)

[ كاريكاتير ساخر من خطابات زعيم الحوثيين - acci ]

يزيد استخدام النكتة السياسية باعتبارها أدبا ساخرا في المجتمعات التي تعاني من أزمات سياسية أو حروب، وتعاني من صنوف القهر، حيث يلجأ إليها المجتمع باعتبارها وسيلة من وسائل التنفيس والتعبير عن حالة السخط، ورفض الواقع والدعوة إلى ضرورة تغييره.
 
وفي اليمن يلجأ المواطنون إلى النكتة للتخلص من حالة الكبت النفسي وللتنفيس عن أنفسهم والتحرر من الآثار السلبية التي يعانون منها، بفعل الحرب التي تشهدها البلاد منذ ما يقرب من العامين والنصف، حيث يعبرون بالأسلوب الساخر عن حالة سخطهم من الانقلابيين الذين تسببوا بإشعال الحرب وقاموا بسلب ونهب البلاد والعباد على حد سواء.
 
للنكتة أشكال عديدة
 
والنكتة تكون مكتوبة أو محكية أو قد تكون كاريكاتيرا أو صورة تحكي عن نفسها، وقد تأتي أيضا على هيئة برامج تلفزيونية ساخرة مثل برنامج "عاكس خط" للمبدع محمد الربع الذي يعد من أكثر البرامج اليمنية مشاهدة، حيث يعتمد البرنامج على النكتة في تفنيد مواقف وخطابات زعيم جماعة الحوثيين التي تناقض الواقع دوما.
 
ومن النكات المتداولة هذه النكتة التي يتم تداولها على نطاق واسع والتي تقدم تعريفات سياسية "الاشتراكية : أن تكون لديك بقرتان، فتأخذ الدولة بقرة واحدة وتعطيها لجارك وتترك لك واحدة، الشيوعية: أن تكون لديك بقرتان، فتأخذهما الدولة وتعطيك بعض اللبن، الحوثية: أن تكون لديك بقرتان، فتأخذهما الدولة وتحلبك أنت".
 
ومن النكات المتداولة أيضا "قيل لعبدالملك الحوثي: أصحابك قتلوا ونهبوا وسرقوا ودمروا كل شي جميل باليمن، قال: أصحابي في صعدة ولم يفعلوا شيئآ، قالوا: ومن هؤلاء إذاً؟ قال: أولئك أحبابي الذين آمنوا بي ولم يروني، قالوا: ومن هم؟ قال: المؤتمريون".
 
كما أن النكتة السياسية في اليمن لا تنحصر بمهاجمة الانقلابيين فقط بل إن هناك بعض الانتقادات التي تطال قوى محسوبة على الشرعية، كصاحب الباص الذي كتب على زجاج الباص "زوجوني وإلا بقطع شارع جمال" في إشارة إلى عملية قطع شارع جمال عبدالناصر بتعز والذي يلجأ إليه المحتجون بين الحين والآخر.
 
والنكتة سريعة الانتشار والتأثير خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تحمل الرسائل عبر فضاء حر لا يمكن تقييده، وتعبر عن جمهور واسع من الناس لأنها تعبر عنهم وعن همومهم فهي لسان حالهم، وسلاحهم في مواجهة سياسة القمع التي تتبعها الأنظمة السياسية، كما أنها الوسيلة الأكثر أمانا من وسائل التمرد والرفض للسلطات القمعية باعتبارها لا تخضع للرقابة.
 
مقاومة بالحيلة
 
وتعد النكتة السياسية أيضا نوعا من أنواع المقاومة بالحيلة التي تتجاوز المقاومة بالصمت وتقترب من المقاومة المدنية التي يعبر عنها بالاحتجاجات والمظاهرات السلمية، فهي وسيلة من وسائل النقد السلمي البعيد عن العنف والتطرف.
 
من وجهة نظر الدكتور وديع العزعزي أستاذ الإعلام المشارك في جامعتي صنعاء وأم القرى -في حديثه لـ"الموقع بوست"-"فالشعوب المقهورة تلجأ إلى سلاح النكتة كنوع من التنفيس عن حالة الإحباط التي قد تعانيها، نتيجة انسداد الأفق وإيجاد الحلول للأزمات التي تواجهها في حياتها، وبالتالي تجد في النكتة نوعا من الترويح عن نفسها، وإدخال البهجة والتعبير عن حالة السخرية من الظروف والحكومات والمسؤولين فيها، كما أن الشعب أو المجتمع يمارس النكتة السياسية إذا انعدمت الحريات السياسية والصحفية وكانت القبضة الأمنية هي المسيطرة".
 
وحول جدوى النكتة السياسية يرى العزعزي أن "النكتة السياسية قد تجدي في تغيير وتوعية الرأي العام لاسيما إذا كانت موجهة وتطلق من مصدر محدد يستهدف تحقيق أهداف معينة، وبالتالي فتعاطي الناس مع النكتة السياسية تنبههم إلى وجود اختلالات ومشاكل وفساد، ولهذا فهي لا تقتصر على إحداث التسلية والسرور فقط، وإنما تستهدف أبعد من ذلك وهو التأثير في الاتجاه والسلوك والموقف لدى الرأي العام".
 
فالنكتة السياسية أكثر جدوى في ايصال الرسالة إلى المتلقي، كما أنها تستهدف أكبر قدر من الجمهور الذين تصل إليهم بسرعة وبلا أي عوائق، وهي بذلك أكثر نفعا في نقد الممارسات والسلوكيات الخاطئة والدعوة إلى تقويمها، كما أنها تقوم بدور حملات المناصرة والحشد لصالح أحد الأطراف ضد الطرف الآخر.
 
قياس للرأي العام
 
وتعد النكتة السياسية وسيلة لقياس الرأي العام حيال الظروف المعيشية، ووسيلة للتعبير عن مشاعر المواطنين حيال الحكام في مجمل القضايا، فهي بذلك وسيلة للنقد اللاذع والسخرية من السلطة، وتهدف لتغيير الواقع وصناعة واقع جديد بوسائل سلمية.
 
وللنكتة السياسية تأثيرها على الشخص أو الجهة المستهدفة والذي يتحول في نظر الناس إلى مادة للتندر والسخرية، فتتحطم بذلك الصورة النمطية المرسومة عنه وتتكسر هيبته، كما أنها تزيل عنه الغلاف الواقي من نقد وسخرية الناس.
 
فبحسب حديث الكاتب الساخر سلمان الحميدي لـ"الموقع بوست" تمثل النكتة السياسية ملاذا لمواساة الذات، خاصة عند الاضطرابات التي تحدث في البلاد، فمثلا وفي أجواء الحرب التي نعيشها، لا يمكنك مصارحة من يحمل البندقية بحقيقته خاصة إذا أخطأ، فضلا عما إذا كان شخصية مرموقة أو كيانا سياسيا معروفا، في هذه الأجواء نخاف من الرصاص، لذا يمكن تغليف المصارحة بالضحك لنضرب عصفورين بحجر: نربك المستهدف الذي نضحك عليه، ونواسي أنفسنا من الواقع الذي نعيشه، ونصل إلى نتيجة قد تكون مذهلة.
 
ويضيف "لا ننسى أن النكتة تسقط العروش الهشة للطغاة، فالسخرية السياسية واحدة من الأسلحة الفعالة للشعوب كما يصفها مارك توين، ولا ضير أن نسخر بين الرصاص، ربما نموت ضاحكين، كتب برنارد شو: إذا أردت قول الحقيقة لأحد، فاجعله يضحك وإلا قتلك".


التعليقات