نهب السيارات.. صورة أخرى للفساد الذي تمارسه مليشيا الحوثي في صنعاء (وثائق)
- صنعاء - خاص الاربعاء, 16 أغسطس, 2017 - 05:24 مساءً
نهب السيارات.. صورة أخرى للفساد الذي تمارسه مليشيا الحوثي في صنعاء (وثائق)

[ مارست المليشيا فسادا ماليا في مختلف مؤسسات الدولة ]

عندما تحضر المليشيات، تحضر كل الممارسات والسلوكيات المعبرة عن النهب والفيد والسطو بشتى أنواعه، وعندما تحضر أيضا تتحول كل إمكانيات وممتلكات الدولة والمال العام إلى مشروع فيد بدرجة رئيسية.
 
ولعل المؤشرات والشواهد التي تظهر إلى السطح يوما بعد آخر، تثبت بأن مليشيات الحوثي ومنذ إسقاطها للعاصمة صنعاء، لا تمارس إلا نهب المال العام بمختلف الصور والأشكال، ولم تستثنِ شيئا.
 
وليست أموال البنك المركزي الذي نهبته المليشيا فقط، وليس المتاجرة بالنفط والغاز ونهب أراضي الدولة وحدها فقط أيضا من مارستها وتمارسها هذه الجماعة حتى الآن، بل هناك فصل من فصول الفساد الذي طال الدولة، وطال ممتلكاتها ومحتوياتها، وهي عملية نهب السيارات المملوكة للدولة وللمؤسسات وللوزارات وللدوائر الحكومية.
 


من سيارات الرئاسة إلى سيارات رئاسة الوزراء إلى سيارات وزارتي الزراعة والداخلية وما إليها من مؤسسات قامت المليشيات الانقلابية بنهبها، ومن ثم تغيير اللوحات التابعة لها والوثائق الأخرى، وهناك سيارات تابعة لشركات كشركة النفط نهبت، وهناك وثائق تؤكد على ذلك، إلى جانبها سيارات مدرعة مملوكة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي نهبتها المليشيات من مقر الشركة بمنطقة حدة جنوبب العاصمة صنعاء.
 
7 ألاف سيارة للجان الشعبية
 
هذه الوثيقة الرسمية والصادرة من المجلس السياسي، تشير إلى توجيه رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي التابع لمليشيا الحوثي، صالح الصماد، والذي وجه فيه بجمركة 7 ألاف سيارة ونقل ملكيتها للجان الشعبية، مؤكدا على إعفائها من رسوم الجمارك.
 
وتؤكد مصادر بصنعاء لـ"الموقع بوست" أن هذه السيارات تم نهبها من الوزارات والهيئات والسفارات والمعسكرات وكل مؤسسات الدولة.

 
وتؤكد مصادر في الإدارة العامة للمرور بصنعاء لـ"الموقع بوست" سحب مليشيا الحوثي آلاف اللوحات المعدنية (نقل) لترقيم سيارات نوع (شاص) وأخرى وهيلوكسات وسيارات النقل التي تم نهبها من معسكرات ومؤسسات الدولة.
 
وأوضحت المصادر الخاصة لـ"الموقع بوست" أن الهدف من أخذ اللوحات هو تمليك السيارات المنهوبة لأشخاص يتبعون جماعة الحوثي وصالح، كما كشفت المصادر أن مليشيات الانقلاب استخرجت وثائق جمركية من مصلحة الجمارك.
 
وثائق نهب سيارات شركة صافر
 
وثائق أخرى تحمل عنوان "محضر" بلاغ من شركة صافر للإنتاج النفطي بالمخالفات المرتكبة وجرائم الفساد والنهب لممتلكات شركة صافر، ممتلكات أبناء الشعب اليمني والتي قام بنهبها وسرقتها قيادات الحوثيين، وفي مقدمتهم ما يسمى برئيس اللجنة الثورية بالشركة فيصل الجبري المكنى "أبو نايف"، وهو أحد القيادات الحوثية المقربة من علي العماد ومحمد علي الحوثي ومحمود الجنيد.

 
البلاغ الموقع من إدارات شركة صافر ونقابة الموظفين بتاريخ 10/5/2017 يتحدث عن قيام القيادي الحوثي مسؤول اللجنة الثورية بالشركة بمخالفات أبرزها الاستيلاء والنهب لعدد 10 سيارات تابعة للشركة وكذلك كميات من المشتقات النفطية ومنقولات أخرى.
 
وتوضح الكشوفات المرفقة بمحضر البلاغ أن مشرف اللجان الحوثية قام بالاستيلاء على عدد عشر سيارات بينها سيارتان صوالين، وسيارة صالون مدرعة نهبت بناء على مذكرة مدير مكتب الرئاسة محمود الجنيد الذي تحت تصرفه عشرات السيارات المدرعة التابعة للرئاسة، إلا أنه قام وعبر الجبري بنهب سيارة الشركة المدرعة وبيعها لأحد الشخصيات واختلاس قيمتها التي تتجاوز مبلغ 100 ألف دولار.
 
إضافة إلى سيارات أخرى قام بأخذها القيادي الحوثي "أبو نايف" وقام بإعادتها للشركة عند تشكيل لجنة برئاسة السكرتير الأمني لرئيس المجلس السياسي الصماد للنظر في بلاغ الشركة ضد "أبو نايف" الذي قام بإعادة عدد من السيارات خلال التحقيق، ومن ثم قام بنهبها مرة أخرى والاستيلاء عليها بالقوة مرة أخرى، وكأن عملية نهبها والاستيلاء عليها بموافقة وتوجيهات القيادة العليا للحوثيين.
 
نهب سيارات وزارة الزراعة
 
وزارة الزراعة كانت واحدة من مؤسسات الدولة التي طالها النهب للسيارات. مصادر في الوزارة كشفت لـ"الموقع بوست" قيام الحوثيين بنهب ما يقارب ألف سيارة (طقم)، وجميعها سيارات جديدة.
 
وأكدت المصادر بأن تلك السيارات التي تم أخذها بعضها تستخدم في الجبهات وبعضها الآخر تم الذهاب بها إلى صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة الانقلابية.
 


ما يؤكد حديث هذه المصادر، هي تلك الوثائق التي توضح وتكشف حصول نهب للسيارات التابعة لوزارة الزراعة، وهي وثائق رسمية وصادرة من قبل وزير الزراعة في حكومة الانقلابيين أنفسهم. 
 
وكشف وزير الزراعة والري في حكومة الحوثي صالح عن قيام الحوثيين بنهب 139 مركبة تابعة للوزارة تحت ذريعة "المجهود الحربي".
 
وبعث الوزير الموالي لصالح (غازي أحمد محسن) برسالة الى رئيس مصلحة الجمارك، شاكياً هذا النهب الكبير لسيارات ومركبات وزارته بكامل بياناتها من قبل أفراد ما تسمى بـ"اللجنة الثورية" فيها، مطالباً إياه بموافاته بما سبق ترسيمه من المركبات إن وجد، والتوجيه إلى المعنيين في جميع المحافظات بحجز التي لم يتم ترسيمها بعد.



وتؤكد هذه الوثائق بما لا يدع مجالاً للشك حجم النهب المهول لموارد الدولة من قبل المليشيات، واستنزافها تحت ذرائع كثيرة.
 
نهب سيارات مؤسسة القرآن الكريم بصنعاء
 

مؤسسات أخرى تعرضت هي الأخرى للنهب من ممتلكات وسيارات أيضا، ومن بين تلك المؤسسات، مؤسسة القرآن الكريم بصنعاء، والتي أكدت خلال الفترة الماضية قيام مسلحي الحوثي باقتحام مقرها الكائن شرق جسر جولة مذبح ونهب محتوياتها والاستيلاء على مبانيها.
 
وأشارت المؤسسة في بلاغ صحفي لها أن جماعة الحوثي المسلحة قامت باقتحام مقرات المؤسسة والاستيلاء على مبانيها، ونهب ممتلكاتها ومحتوياتها ومصادرتها إلى جهة مجهولة.
 
وأوضحت المؤسسة أن المنهوبات التي قامت جماعة الحوثي المسلحة بنهبها، ومن بينها فرن آلي حديث مع جميع مستلزماته، تبلغ قيمته بأكثر من 18 مليون ريالاً، وكانت المؤسسة قد استلمته قبل شهرين ولم تستعمله بعد، إضافةً إلى خزان غاز سعة 3 ألاف لتر.

 
ومن بين منهوبات مؤسسة القرآن الكريم، مولد كهربائي قوة 60 كيلووات، مع سيارة دينا، وباصين وسط وحافلة موديل حديث، وكذا حاسوب تعليمي، وأجهزة كمبيوترات لإدارة المؤسسة، وطابعات، وجهاز سيفر الأنظمة، فضلاً عن نهب مسلحي الحوثي لمواد غذائية، وأثاث الإدارة، وسكن الطلاب.
 
وأوضح مصدر مسؤول في المؤسسة أن السيارات التي تم نهبها هي بالإيجار من بعض الجهات، وتطالب حالياً بحقها، كما أن معمل الحاسوب المنهوب أيضاً إيجار من شركة إم تي إن.
 
نهب سيارات وزارة الصحة
 
سيارات مؤسسات الصحة هي الأخرى كانت وما زالت معرضة للنهب من قبل المليشيات الانقلابية، وهناك تكتيم كبير على ما يجري، وما يتم تسريبه من وثائق ومعلومات ما هو إلا جزء من مسلسل كبير ومؤكد.
 
الكاتب الصحفي الموالي لجماعة الحوثي محمد عائش، كان من ضمن الذي كشفوا قيام أفراد تابعين للمليشيات الانقلابية بنهب سيارات من وزارة الصحة بعد فترة من إسقاط المليشيات صنعاء بفترة.
 
اقرأ أيضا: الفساد سلوك حوثي يطال مؤسسات الدولة (وثائق)

وكان عايش الإعلامي الوحيد من الحوثيين الذي تطرق إلى اختفاء السيارات، بالتزامن مع وجود مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء، وهو ما دفع قيادة تلك المليشيات إلى إعادة تلك السيارات مبررة نهبها من قبل عصابة مسلحة مجهولة.
 
بعد يوم واحد من كتابة عائش خبر اختفاء السيارات أعيدت السيارات، وبعد يوم واحد من إعادة السيارات كتب عائش في صفحته على الفيسبوك منشورا قال فيه "أنصار الله، عبر موقعهم الرسمي، أعلنوا أن اللجان الشعبية تمكنت من إعادة أربع سيارات من سيارات التلقيح التي نُهبت من حوش وزارة الصحة".
 
سيارات السفارات لم تسلم من النهب
 

سيارات السفارات والملحقيات الدبلوماسية لم تسلم من النهب، وما نشرته وكالة رويترز من صور وأحاديث لمسؤولين أمريكيين ما هو إلا دليل آخر لمسلسل نهب سيارات السفارات وما خفي كان أعظم.
 
 بعد مغادرة الأمريكان صنعاء، نشرت وكالة رويترز صورة للسيارات الدبلوماسية التابعة لسفارة أمريكا بصنعاء والتي نهبها مسلحو الحوثي بعد مغادرة الدبلوماسيين وإغلاق السفارة بصنعاء.
 
وقالت الوكالة إن جماعة الحوثي المسلحة قامت بنهب سيارات الدبلوماسية الأمريكية التابعة للسفارة الأمريكية بصنعاء بعد مغادرة الدبلوماسيين وإغلاق السفارة.
 
وأكدت الوكالة الأمريكية أن عدد المركبات التي تم الاستيلاء عليها في السفارة الأمريكية أكثر من 20 مركبة من قبل مقاتلين حوثيين بعد أن غادر الأمريكيون مطار صنعاء.

وأوضحت أن الحوثيين استولوا على السيارات التي أقلت الدبلوماسية التابعة للسفارة الأمريكية أثناء مغادرتهم البلاد.

وكانت السفارة الأمريكية وكل من سفارات روما وباريس ولندن قد أغلقت سفاراتها في اليمن وأجلت موظفيها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية بعد سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة.
 
سلوك المليشيات
 

مسلسل نهب مليشيات الانقلاب للسيارات التابعة للدولة مسلسل كبير تؤكده الوثائق، وتؤكده أيضا المؤشرات على الأرض وتؤكده مصادر المعلومات في مؤسسات الدولة، إلى جانب ذلك محاولة الحوثيين إخفاء ملامح السيارات المنهوبة، وذلك عن طريق تغيير رنج السيارة المسروقة أو رشها بالرماد الأبيض.
 
وأنت مارٌ بشوارع صنعاء ستلاحظ عشرات السيارات إن لم تكن بالمئات مرشوش عليها رنج آخر، وعليها مسلحين من الحوثيين، وهذا دليل واضح لمسلسل النهب للسيارات المملوكة للدولة.
 
يقول الناشط السياسي والصحفي وليد الأبارة في تعليقه لـ"الموقع بوست" عن سلوك وتصرفات الحوثيين في هذا الجانب بالقول "شهد العالم حالات انهيار الدولة أو سقوطها بيد جماعات مسلحة كسقوط روما في العصر القديم إلا أن ظاهرة الحوثيين تعد جديدة في أساليبها وطرائقها، كما تحتاج مصطلحات الفيد والسرقة والريع إلى إعادة تعريف، لأن ما تقوم به الجماعة القادمة من خارج أسوار الدولة والمجتمع المتحضر يفوق كلما حدث أثناء انهيار الدول وتلاشي أنظمتها وتراجع وعيها الأخلاقي عبر العصور".
 
ويضيف أن "الحوثية كفكرة عنصرية تقوم في جوهرها على الاستغلال والسطو والقسر وهي تُمارس تلك السلوكيات بهدف الإثراء اللامشروع والحفاظ عليه ومثل هكذا سلوك ليس بغريب على المليشيات".


التعليقات