ذمار .. توغل حوثي يطال كل شيء وتدهور يقود المحافظة للهاوية (تقرير)
- ياسر ضبر الثلاثاء, 20 فبراير, 2018 - 11:06 مساءً
ذمار .. توغل حوثي يطال كل شيء وتدهور يقود المحافظة للهاوية (تقرير)

[ مليشيا الحوثي - أرشيفية ]

منذ أكثر من ثلاثة أعوام ومحافظة ذمار ترزح تحت وطأة احتلال المليشيات الحوثية، التي تمعن كل يوم بجرائمها المختلفة بحق أبناء المحافظة، التي تزداد يوماً بعد يوم معاناة المواطنين، جراء غياب الخدمات الضرورية في الحياة العامة، وانقطاع الرواتب وشحة مصادر الدخل لديهم ، وتجريف المليشيات للحياة العامة.
 
الوضع الاقتصادي والمعيشي
 
يعاني أبناء المحافظة من انقطاع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين للشهر الخامس عشر على التوالي، وتسببت هذه المشكلة بفقدان مصادر الدخل لكل منتسبي الجيش والأمن وموظفي القطاعات الحكومية المختلفة.
 
ويمثل أعداد منتسبي الجيش والأمن من ابناء محافظة ذمار ما يقارب منتصف تعدادها السكاني من الذكور، وتتصدر مديريات ضوران وجبل الشرق والمنار المنضوية تحت لواء "آنس" صدارة منتسبي أبنائها للأجهزة الأمنية والعسكرية، بينما يمثل موظفو القطاعات الحكومية في المحافظة النسبة الأقل عدداً من الأجهزة الأمنية والعسكرية، والتي أصبحت كلها تشكل بطالة ومستوياتهم المعيشية تحت خط الفقر، الأمر الذي دفع معظمهم إلى الانخراط في صفوف جماعة الحوثي، بحثاً عن لقمة العيش.
 
وتمثل نسبة الانضمام للشرعية والالتحاق بصفوفها في مختلف المحافظات المحررة النسبة الأقل، نتيجة القبضة الأمنية المشددة من قبل ميليشيات الحوثي في المحافظة والملاحقات والمضايقات التي يتعرض لها كل من التحق بصفوف الشرعية، إضافة إلى عدم انتظام رواتب الجيش الوطني ، وانقطاعها لعدة شهور.
 
بينما لجأ أغلب موظفو القطاعات الحكومية وأساتذة الجامعات إلى الحرف اليدوية كالدكتور "فؤاد جعدان" الأكاديمي في كلية اللغات بجامعة ذمار، والذي تحول من أستاذ جامعي يحمل حقيبته الخاصة، المملوءة بالمذكرات والمدونات العلمية، إلى عامل بسيط يبيع الذرة الشامية على عربيته التي يتجول بها في شوارع وأزقة مدينة ذمار، في مهنة جديدة فُرضت عليه نتيجة وضعه المعيشي، وانقطاع راتبه، وآخرون لجؤوا إلى مزاولة بعض المهن الحرفية والشاقة كأعمال البناء والزراعة والإتجار بشجرة القات.
 
ويتعرض التجار من أبناء المحافظة إلى ابتزاز متواصل وفرض إتاوات مالية كبيرة، تفرضها عليهم عناصر المليشيات بقوة السلاح، إضافة إلى ما تتعرض له البضائع التجارية من إخضاع للفحص والتدقيق والتثمين على مداخل المحافظة، وفرض جمارك جديدة عليها تصل نسبتها إلى 100% ، مما أدى إلى ارتفاع جنوني للأسعار ، فقد معها المستهلك قدرته الشرائية ، وإفلاس بعض تجار المحافظة.
 
الأوضاع الصحية
 
لا تقل مأساة الوضع الصحي في المحافظة عن غيرها من المستويات المعيشية، وذلك لتردي الخدمات الطبية وتدهور وضع المستشفيات الحكومية بسبب نهب ميليشيات الحوثي لميزانياتها، والمساعدات الطبية المقدمة لها، وتحويلها لصالح "مجهودهم الحربي".
 
 وفي مطلع العام الجاري، أطلق كل من مستشفى الوحدة التعليمي، ومركز الغسيل الكلوي بهيئة مستشفى ذمار العام، نداءات استغاثة إلى وزارة الصحة، والمنظمات الإنسانية والإغاثية لتوفير أبسط المستلزمات الضرورية، بما يمكنهما من الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية وإنقاذ حياة المرضى.
 
وطالب المستشفيات  ميليشيات الحوثي بالتوقف عن نهب ومصادرة مخصصات المستشفيات الحكومية، والمساعدات الطبية المقدمة من المنظمات الإنسانية والإغاثية المقدمة لأبناء المحافظة.
 
فيما المستشفيات الخاصة والتي تعتبر أفضل حالا من المستشفيات الحكومية في تقديم الرعاية الطبية لأبناء المحافظة، إلا أنها تتعرض لابتزاز ممنهج من قبل ميليشيات الحوثي، كما فرضت إتاوات ومبالغ مالية كبيرة تحت مسمى "المجهود الحربي"، والتي بدورها تؤدي إلى ارتفاع تكلفة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، الأمر الذي يؤدي إلى حرمانهم منها، ورضوخهم تحت سطوة الأمراض المختلفة، التي قد تتسبب بعضها بالوفاة.
 
الوضع التعليمي
 
تشهد العملية التعليمية بالمحافظة تدهوراً كبيراً وحرمان عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات من التعليم نتيجة تسيب المدرسين من المدارس جراء توقف رواتبهم، فيما تستغل ميليشيات الحوثي هذا التسيب والفراغ لدى الطلاب، وتقوم باستقطابهم للتجنيد في صفوفها، والزج بهم في جبهات القتال.
 
وما تبقى من العملية التعليمية خصوصاً في المدارس الواقعة في مركز المديريات أو عاصمة المحافظة تعمل المليشيات على توظيفها بما يتطابق مع أهواء وتوجهات الجماعة، وإلزام المدرسين والمدرسات بتدريس المناهج التي أدخلت عليها تعديلات طائفية ومذهبية متطرفة، ومن خالف يتعرض للطرد والإهانة من قبل عناصر المليشيات، كما حدث في مدرسة بلقيس للبنات وسط مدينة ذمار، والتي أقدمت مديرة المدرسة المعينة من قبل ميليشيات الحوثي "أمة القدوس الغرباني" بطرد مدرسات المادة الإسلامية بالمدرسة واستبدالهن "بزينبيات" يقمن بنشر الأفكار الطائفية الحوثية الإيرانية المتطرفة.
 
فيما حولت المليشيات الحوثية بعض المدارس الحكومية بالمحافظة استقطاب وتجنيد الفتيات، كمدرسة "حفصة للبنات" بمدينة ذمار التي حولتها إلى معسكر خصصته، "للزينبيات" التي تقوم باستقطابهن للتجنيد في صفوفها من مختلف مديريات ومناطق المحافظة وإقامة لهن دورات تثقيفية طائفية متطرفة، ودورات تدريبية على مختلف أنواع الأسلحة .
 
الأوضاع الامنية
 
تشهد محافظة ذمار التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، انفلاتا أمنيا كبيرا وارتفاع منسوب ارتكاب الجريمة، وانتشار ظاهرة السرقات والسطو بقوة السلاح من قبل نافذين في ميليشيات الحوثي على أموال وممتلكات عامة و خاصة تابعة للمواطنين.
 
فيما تشهد المحافظة حالة قمع واختطافات واخفاءات قسرية متواصلة من قبل المليشيات، والحاق الأذى النفسي والمادي بالأهالي ، فيما يكون سبب الاختطافات أو الإخفاءات القسرية في الغالب ابتزازات مالية، تجنيها قيادات وعناصر ميليشيات الحوثي من ذوي وأهالي الضحايا .
 
وأصبح الإتجار بالمعتقلين إلى حد إطلاق معتقلين متهمين بالسرقات والقتل وغيرها من الجنايات مقابل دفع مبالغ مالية لقيادات حوثية، أو كون الجاني ينتمي لأسرة هاشمية، فـ "محمد احمد العرقبان" الصادر بحقه حكم قضائي بالإعدام من محكمة ونيابة جبن الابتدائية بالضالع، بتهمة القتل، والذي كان مسجونا في السجن المركزي بذمار، تم تهريبه من السجن بواسطة مدير أمن محافظة ذمار المعين من قبل ميليشيا الحوثي "أحمد الادريسي".
 
النازحون
 
تسببت ملاحقات ومضايقات المليشيا وارتكابها أبشع الجرائم مثل القتل والاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري ونهب الممتلكات وتفجير المنازل، وغيرها من الأعمال الإجرامية بحق كل من يخالفها الرأي، إلى موجة نزوح كبيرة إلى أغلب المحافظات التي تقع تحت سلطة الشرعية.
 
وتعتبر محافظة مأرب من أكبر المحافظات التي استقبلت النازحين من أبناء محافظة ذمار، ويتواجد فيها حالياً ما يقارب (100) أسرة نازحة من ابناء المحافظة، مقسمة على ثلاثة مخيمات نزوح بمدينة مأرب. كما أنها تعاني أوضاع إنسانية صعبة، وانعدام المقومات الأساسية للحياة، ومعرضة للأمراض والأوبئة وسوء التغذية.
 
وتسير المليشيا بالمحافظة إلى المجهول، في ظل تزايد حالات الانتحار في أوساط المواطنين نتيجة تردي أوضاعهم المعيشية، وانعدام فرص العمل، وارتفاع الأسعار والانقطاع المتواصل للرواتب، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، والارتفاع الجنوني للمشتقات النفطية، وارتفاع معدلات السرقة والسطو على ممتلكات المواطنيين من قبل نافذين في صفوف المليشيات.


التعليقات