القضاء في صنعاء.. إعدامات وتصفيات سياسية بتهم ملفقة (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 17 يوليو, 2018 - 04:43 مساءً
القضاء في صنعاء.. إعدامات وتصفيات سياسية بتهم ملفقة (تقرير)

[ يستخدم الحوثيون القضاء أدلة عقاب ضد المعارضين لهم ]

تستمر مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء، بملاحقة خصومها السياسيين ومعارضيها، وإيداعهم السجون والمعتلات بدون تهم واضحة.
 
وتتطور أساليب الجماعة القمعية من التعذيب في السجون إلى الإخفاء القسري، إلى المحاكمات وإصدار أحكاما بالإعدام على بعض المتهمين، بعد تلفيق لهم تهم لا أساس لها من الصحة.
 
وخلال اليومين الماضيين أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكما بالإعدام بحق أربعة اشخاص، وهم أحمد ضيف الله أحمد الحمزي، محمد يحيى محمد حجر، عبد الرحمن ربشان حسن العامري، صالح عباس صالح سليمان، وحكمت عليهم المحكمة بالإعدام بتهمة التخابر مع السعودية، وهي تهمة لا تحمل أي صفة قانونية، بحسب محامين وحقوقيين، بل إن المحكمة ذاتها تعد محكمة غير قانونية وملغية، طبقا لأصحاب التخصص، وتأكيدات المهتمين.
 
يقول الكاتب والصحفي عامر الدميني في تعليقه على هذه الخطوة بالقول: "توقف القضاء في صنعاء ولم يعد يعمل إلا في جانبين. الأول سلسلة التعيينات التي يقوم بها الحوثيون بالوزارة وأجهزة القضاء. والثاني محاكمة أشخاص بتهم مختلفة أبرزها التخابر الخارجي، والحكم عليهم بالإعدام، في مسعى لإرهاب الآخرين".
 
ويذهب الدميني بوضع مقارنة بين التهم التي تنسب لمدنيين وبين السلوك الذي تمارسه الجماعة، ويقول: "اليوم المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء حكمت بإعدام أربعة أشخاص بذات التهم، وهي التخابر مع ما يصفونه بالعدوان وهي السعودية، مع أن زعيم الحوثيين وإعلامهم يشيدون بالعلن بحزب الله اللبناني".
 
وبحسب الدميني: "من ضمن التهم التي وجهت لأحد الأشخاص حيازة السلاح والتجول به. ومن التهم أيضا تهمة كتابة منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن مواقع الجيش التابع للحوثي وما يسمى باللجان الشعبية، ويقول الحكم إن تلك المعلومات التي كتبت وصلت للتحالف وقام بقصف المواقع".
 
محكمة غير قانونية
 
وفي تصريح لـ "الموقع بوست" يقول المحامي والحقوقي، عبد الرحمن برمان، طبعا المحكمة الجزائية المتخصصة هي محكمة غير قانونية هي قضاء استثنائي لا يجيز القانون اليمني إنشاء مثل هذه المحاكم وكذلك أيضا القوانين الدولية التي تؤكد على أنه يجب أن يحاكم كل متهم بارتكاب أي جرم أمام القاضي الطبيعي والقاضي المختص في الاختصاص المكاني والاختصاص النوعي، مكان ارتكاب الجريمة ونوعية الجرم الذي ارتكب".
 
ويعود برمان في حديثه عن هذه المحكمة ويكشف لـ "الموقع بوست" قائلا: "منذ إنشاء هذه المحكمة كان هناك قرار من نقابة المحاميين اليمنيين في نهاية التسعينيات من القرن الماضي بمقاطعة هذه المحكمة وقاطعناها سنوات طويلة وقمنا بحملة كبيرة جدا خصوصا نحن في منظمة هود ومنظمات عديدة لإلغاء وإسقاط هذه المحكمة وفي حروب صعدة قام النظام السابق باستغلال هذه المحكمة وقام بزج الكثيرين من جماعة الحوثي إلى هذه المحكمة ومحاكتهم".
 
ويضيف برمان "أذكر أنه في كل فعالية كانوا يستدعوني وأنا كنت ناشطا في هذا الأمر وكنت أقدم في كل مهرجاناتهم وألقي كلمات حول الوضع القانوني لهذه المحكمة وعدم مشروعيتها ولكن اليوم انقلبت الأمور على المعادلة وعلى الموازيين، انقلبت جماعة الحوثي على السلطة واستخدمت هذه المحكمة التي كانت تطالب بإلغائها في عملية الانتقام السياسي لخصومها".
 
200 شخص تم إحالتهم إلى المحكمة بانتظار أحكام مشابهة
 
وبحسب المحامي برمان فإنه "هناك إسراف في المحاكمات لكثيرين، والصحفي الجبيحي صدر بحقه حكم إعدام بجلسة واحدة وعقدت جلسات المحاكمة داخل جهاز الأمن السياسي، ما يدل على تبعية هذه المحكمة لأجهزة الاستخبارات التابعة لجماعة الحوثي.

وقال إن " هناك أعدادا كبيرة جدا من المدنيين قد تم إحالتهم إلى المحكمة ربما يتجاوز 200 شخص، وأعتقد أن كافة الأحكام التي قد صدرت حتى الآن تكاد تكون جميعها بالإعدام، في يوم واحد حكم على ثمانية أشخاص ويوم على أربعة ويوم على أربعة ويوم على ستة واعتقد أنه هناك أكثر من 40 حكم إعدام صدرت حتى الآن".
 
الرئيس هادي في لائحة الإعدام
 
وطبقا للرجل، هذه المحكمة ونفس القاضي الذي أصدر حكما بإعدام الرئيس عبدربه منصور هادي وستة أشخاص من قيادته الشرعية ومستشاريه ورئيس القضاء الأعلى قد أصدر قرارا بنقل كافة الاختصاص بهذه المحكمة إلى محكمة جزائية في مأرب وتعتبر اختصاصات هذه المحكمة قد انتقلت من صنعاء.
 
محكمة مغسلة للقذارات
 
ويقول برمان بشأن الموقف العام للوسط الحقوقي والقانوني اليمني من هذه المحكمة: "طبعا نحن بصفة عامة ضد إنشاء محاكم جزائية في أي محافظة من المحافظات، باعتبار أن هذه القضاء قضاء استثنائي لا ينال فيه المتهمون حدود الدنيا وكل إجراءات المحاكمة العادلة يعني ما يجري فيها عملية أحكام سريعة في ظرف جلسة جلستين وتصدر أحكام إعدام.

ويضيف " نحن نعلم أن أحكام الإعدام الجسيمة يجب أن تتاح للمتهم كافة السبل في الدفاع عن نفسه وأيضا لمحاميه حرية الالتقاء فيه والسماع له والحصول على صورة من ملف القضية كثير وتمارس هذه المحكمة انتهاكات جسيمة ضد المتهمين".
 
ويختم برمان: "هذه المحكمة هي أداة من أدوات القمع التي تمارسها جماعة الحوثي وهذه المحكمة مغسلة للقذارات التي تتم في السجون من عملية اعتقالات وتعذيب ومن ثم تأتي إلى هذه المحكمة لإضفاء عليها مشروعية الأحكام بالإعدام".
 
منظمة العفو الدولية تؤكد استخدام الحوثي القضاء للتصفيات السياسية
 
وفي مطلع فبراير من العام الجاري، وجد بحث أجرته منظمة العفو الدولية أن امرأة ورجلين قد اختفوا قسرا، وتعرضوا لسوء المعاملة، قبل أن يحكم عليهم بالإعدام إثر محاكمة بالغة الجور أمام إحدى محاكم العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون؛ بتهمة إعانة العدوان، حسبما زُعم.
 
وقالت منظمة العفو الدولية إن هذه القضية هي أحدث مثال على أن الحوثيين يستخدمون السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية، وسط النزاع المسلح القائم ضد التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم حكومة اليمن، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
 
ففي 30 يناير/ كانون الثاني، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة المرتبطة بالحوثيين في صنعاء، والتي تنظر في قضايا "الإرهاب" و "أمن الدولة"- حكمت بالإعدام على كل من: أسماء العميسي، وسعيد الرويشد، وأحمد باوزير.
 
وقد حكم بالسجن 15 عاماً على المتهم الرابع، وهو ماطر العميسي، والد أسماء العميسي، بعد إدانته بتهمة "فعل مناف للأخلاق" وتتعلق بهذه القضية.
 
وقالت راوية راجح كبيرة مستشاري برنامج الاستجابة للأزمات بمنظمة العفو الدولية: "فبينما يستمر النزاع المسلح في اليمن، فإن المحاكمة الجائرة لأسماء العميسي والمتهمين الثلاثة الآخرين ما هي إلا جزءاً من نمط أوسع يستخدم فيه الحوثيون السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية".
 
واختتمت راوية راجح قائلة: "ليست هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الجزائية المتخصصة في اليمن، التي لا توفر الضمانات اللازمة للاستقلال والإجراءات القانونية الواجبة، أحكام الإعدام بعد محاكمات جائرة، ونحن نعارض باستمرار عقوبة الإعدام في جميع الظروف ككونها عقوبة قاسية ومهينة في طبيعتها".
 
وتقول منظمة العفو الدولية إن "الحكم على أي شخص حتى الموت بعد هذه الإجراءات المعيبة إلى حد بعيد بمثابة انتهاك واضح للقانون الدولي. ويجب إسقاط هذه الأحكام دون أدنى تأخير".
 
وفي يناير/كانون الثاني، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء على حامد حيدرة بالإعدام، الذي إثر محاكمة غير عادلة، وهو ينتمي إلى الأقلية البهائية اليمنية، ويعتبر سجين رأي يحاكم بسبب معتقداته التي وقرت في ضميره وأنشطته السلمية، بصفته تابع للديانة البهائية.
 
سيطرت جماعة الحوثيين المسلحة على أجزاء كبيرة من اليمن منذ أواخر عام 2014. وبالاشتراك مع القوات الموالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح وأجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للدولة، قامت الجماعة بعمليات اعتقال واحتجاز تعسفية لمعارضيها، إلى جانب حالات الإخفاء القسري وتعريض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وقد اشتدت حملة الحوثيين بعد بدء حملة القصف الجوي التي قادتها السعودية في مارس 2015.


التعليقات