بعد قرار نقل البنك وتغيير العملة .. الشرعية تنقل هيئة الأدوية إلى عدن .. ما تداعيات ذلك؟
- عامر الدميني الاربعاء, 25 يوليو, 2018 - 11:11 مساءً
بعد قرار نقل البنك وتغيير العملة .. الشرعية تنقل هيئة الأدوية إلى عدن .. ما تداعيات ذلك؟

[ من اجتماع لهيئة الأدوية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء ]

قالت وكالة الأنباء اليمنية التابعة للحكومة الشرعية إن مجلس الوزراء الذي  عقد اجتماعه اليوم في العاصمة المؤقتة عدن برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري وافق على مشروع قرار نقل الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية إلى عدن.

ووفقا للوكالة فالمشروع مقدم  من وزارة الصحة العامة والسكان في الحكومة الشرعية، وجرت الموافقة عليه اليوم، تمهيدا للبدء في نقله من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى عدن.

ويعد هذا ثالث قرار للحكومة الشرعية في نقل مؤسسة حكومية من العاصمة صنعاء إلى عدن، بعد قرار نقل البنك المركزي اليمني في العام 2016م، إضافة لقرار تغيير العملة النقدية المحلية، والتي لايزال الحوثيون يرفضون التداول بها في مناطق سيطرتهم.

وتحولت مؤسسات الدولة إلى صراع بين الشرعية التي تعمل صوريا من عدن والحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، ويديرون حكومة خاصة بهم غير معترف بها دوليا هناك.

ومن أبرز ملامح الصراع تلك التي تجلت في أزمة السجائر بين صنعاء وعدن، إضافة إلى مساعي الحكومة الشرعية في تأسيس شركة اتصالات خاصة بالإنترنت في عدن، للتخلص من هيمنة الحوثيين على قطاع الاتصالات في صنعاء.

وأدت طول فترة الحرب إلى سباق استحواذ وسيطرة من كلا الجانبين، ما يشير إلى أن الحرب لا تزال تلقي بظلالها على أداء الطرفين، ويشير إلى أن الحرب نفسها وخيارات الحسم لا تزال بعيدة المدى.

وتعد هيئة الأدوية إحدى المؤسسات المستقلة، ويناط بها تنظيم عملية استيراد الأدوية، ومراقبة سوق الدواء، والإشراف على الصناعة الدوائية المحلية، وهي المعنية بالموافقة على الأصناف الدوائية التي تصنع محليا، وتلك التي يتم استيرادها.

كما تعد الهيئة هي الجهة المعنية بتنفيذ السياسات الصحية ذات القيمة العلاجية الوطنية الشاملة، المتعلقة بالأدوية والمستلزمات الطبية، والمواد الكيماوية والمخبرية، ومواد التجميل ذات التأثير الطبي وغيرها مما يدخل ضمن مهامها واختصاصاتها.

وأنشئت الهيئة بموجب القرار الجمهوري بالقانون رقم (44) لسنة 1971م، ثم أعيد تنظيمها بموجب القرار الجمهوري بالقانون رقم (30) لسنة 1975م، ثم القرار الجمهوري رقم(231) لسنة 1999م الخاص بإعادة تنظيم الهيئة، وتعتبر الهيئة بفروعها مستقلة مالياً وإدارياً ذات شخصية اعتبارية.

وتتكون الهيئة من تسع إدارات هي: إدارة التسجيل، إدارة الاستيراد والتسعيرة، إدارة الإحصاء، إدارة المخدرات، إدارة الرقابة والتفتيش الدوائي، الإدارة العلمية للبحوث والإعلام الدوائي، إدارة المختبر الوطني للرقابة على الأدوية، إدارة الصناعة الدوائية المحلية، وإدارة الأدوية النباتية ومستحضرات التجميل.

وتوجد في اليمن أكثر من خمس شركات أدوية محلية، وسيؤدي هذا القرار إلى مضاعفة المصاعب أمامها، وإيجاد العراقيل أمام عملية التصنيع المحلي، وإنتاج الأصناف الدوائية، واستيراد مستلزمات التصنيع من المواد الخام وغيرها، وستكون هي المتضرر الأكبر.

وظلت الصناعة الدوائية المحلية صامدة رغم ظروف الحرب والحصار والتدهور الاقتصادي الذي تعيشه اليمن منذ العام 2015م، وتقوم بتغطية السوق المحلي بأبرز الاحتياجات الدوائية المهمة.

ما يضاعف الكارثة هنا -وفقا لمختصين في الدواء استطلع الموقع بوست آراءهم - أن نقل الهيئة إلى عدن سيضاعف العراقيل أمامهم، خاصة مع الفوضى الأمنية التي تعيشها عدن، وصعوبة الوصول إليها، خاصة مع الممارسات المناطقية الموجودة فيها، وتعطل ميناء عدن، وعجزه عن القيام بدوره المفترض قياسا بميناء الحديدة الذي تصل عبره مستلزمات الصناعة الدوائية.

كما سيؤثر القرار على عملية استيراد الأدوية، إذ ستصبح هيئة الأدوية برأسين أحدهما في صنعاء، والآخر في عدن، مما يقلل من فرص استيراد الدواء خارجيا، وقد يمتد ليشمل منع وصول الدواء إلى مناطق سيطرة الحوثيين، إن لم يطال التواصل مع الشركات الأجنبية لمنع تعاملها مع فروعها من الشركات المتواجدة في العاصمة صنعاء.

وتتواجد في صنعاء العديد من الشركات الأجنبية التي يمثلها وكلاء محليون، يستوردون منتجات تلك الشركات العربية والأجنبية، ويسوقون منتجاتها في السوق المحلي اليمني، بعد تسجيلها في الهيئة العليا للأدوية.

وأحكم الحوثيون قبضتهم على الاقتصاد الداخلي بعد صعودهم للحكم، وأجروا العديد من التغييرات في الوظائف المتصلة بالسوق الدوائي، ومن تلك التغييرات تعيين شخصية محسوبة على الحوثيين رئيسا للهيئة العليا للأدوية، وهو الدكتور محمد المداني، وتعيين وزير للصحة العامة والسكان هو الدكتور طه المتوكل، المحسوب أيضا على الحوثيين.

ويفرض الحوثيون مبالغ مالية على الشركات المصنعة للدواء محليا، وتلك التي تستورد الأدوية المصنعة خارجيا، تحت مسمى المجهود الحربي، غير أن هذا القطاع استطاع أن يحافظ على نفسه، رغم العقبات الاقتصادية التي يواجهها.

يقول أحد المتخصصين إعلاميا بقطاع الأدوية للموقع بوست إن الحكومة الشرعية ربما هدفت من خلال هذه الخطوة إلى سحب البساط من يد الحوثيين في هذا القطاع الحساس، لكن ذلك سيخلق العديد من المتاعب أمام المصنع المحلي، والمستورد، وسيتحمل المواطن العبء الأكبر من هذا القرار.

وعن تأثيرات هذا القرار على الحوثيين أكد بأنه لن يؤثر عليهم بشكل مباشر، فهم ما زالوا مسيطرين على هذا القطاع، ويتحكمون فيه، ومع بقاء ميناء الحديدة مفتوحا، فيبدو قرار الحكومة الشرعية بعدن عديم القيمة.

لكنه أشار إلى وجود تداعيات مستقبلية في حال اتخذت الحكومة الشرعية إجراءات بحق الشركات التي تتعامل مع السوق الدوائي في اليمن، سواء تلك التي تصدر المواد الخام، أو تلك التي تورد الأدوية إلى وكلائها المحليين.


التعليقات