ارتفاع الأسعار في عدن يُعمق معاناة المواطنين وموظفون يبحثون عن بدائل (تقرير)
- عدن - أدهم فهد الثلاثاء, 11 سبتمبر, 2018 - 10:55 صباحاً
ارتفاع الأسعار في عدن يُعمق معاناة المواطنين وموظفون يبحثون عن بدائل  (تقرير)

[ مظاهرات في عدن ضد غلاء المعيشة ]

أضحت الآلة الحاسبة ملازمة لعبود الحضرمي وهو مالك محل تجاري (بقالة) في العاصمة المؤقتة عدن، فمع انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار، بات من الضروري على عبود وزملائه من تجار التجزئة مجاراة الأسعار الجديدة، وذلك حتى يظل رأس مالهم ثابتاً قدر الإمكان، في ظل استمرار تأرجح العملة المحلية.
 
وخلال أقل من شهر، ارتفع منسوب الأسعار بشكل جنوني، فنسبة الارتفاع تتراوح ما بين 25% وتصل إلى 40%، فيما تقلصت قيمة متوسط راتب الموظف الحكومي لأقل من 100$، وهو ما يكشف عن وضع معيشي كارثي، يُنذر بقرب حلول كارثة إنسانية قد تصل لحد المجاعة.
 
يسير الجندي في قوات الأمن الخاصة بعدن (ع.ا.م) بخطوات ثقيلة وبطيئة ليست كتلك التي يسير بها خلال الطابور الصباحي في معسكره، فالخطوات البطيئة ضرورية ومهمة خلال عمله الإضافي والمتمثل في البحث عن العلب البلاستكية.
 
ويذهب الجندي(ع.ا.م) لمعسكره صباحاً لغرض التحضير ومن ثم الانصراف في حال لم توكل له أي مهام، ليُكمل بعد ذلك مشوار البحث عن لقمة العيش، فالراتب الحكومي الذي يحصل عليه ليس كافياً لأسرة لا يتجاوز عدد أفرادها العشرة.
 
حال ذاك الجندي لم يُعد بالغريب، فالكثير من موظفي قطاعات الدولة مدنيون وعسكريون باتوا اليوم غير قادرين على الإيفاء بالتزاماتهم من خلال ما يتحصلون عليه من رواتب حكومية أصبحت لا تساوي شيئاً أمام الدولار، مما حدا بهم للخروج إلى الشوارع والبحث على فرصٍ للعمل.
 
أديب، معلم مادة رياضيات بإحدى ثانويات عدن، راتبه ليس ببعيد عن راتب ذاك الجندي الذي لم يجد بداً من الخروج لجمع العلب البلاستيكية وجمع النفايات من المنازل، لكنه أفضل حالاً فهو يعمل سائقاً لباص نقل صغير (دباب)، ويوفر من خلاله ما عجز أن يوفره الراتب الحكومي.
 
مواقف صعبة تمر على المعلم أديب خصوصاً عندما يصادف طلابه أثناء عمله على الباص، لكن تلك المواقف تهون على أديب مقارنة بالمواقف التي يكون فيها عاجزاً امام زوجته وأطفاله وغير قادرٍ على توفير أدنى احتياجاتهم؛ فشعور العجز حد قوله ليس بالأمر السهل، لكنه تجاوز أزمته وعمله جيد مقارنة بغيره والحمدلله على كل حاله يضيف لـ"الموقع بوست" بنبرة ممزوجة بالقهر.
 
إجراءات الحكومة
 
وفي بلد يشهد حرباً طاحنة منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات، تزداد الأوضاع المعيشية للمواطنين سوءاً فوق ما هي عليه من سوء، فيما تقف الحكومة بموقف العاجز عن وقف الأزمة الاقتصادية والتي تتدحرج ككرة الثلج في طريق سالك خالٍ من أي عوائق.
 
فقبل نحو أسبوع أقرت الحكومة الشرعية مصفوفة قرارات لعل أبرزها وقف استيراد الكماليات والسيارات وتقليص أعداد موظفي السفارات والملحقيات، وكذا زيادة رواتب موظفي الدولة حسبما قضت توجيهات الرئاسة بنسبة 30%، لكن كل تلك القرارات وما عداها، لا تبدو كحلول ناجعة ولو حتى مؤقتة للمساهمة في تعافي العملة المحلية والاقتصاد الوطني على النحو القريب، حسبما يرى خبراء اقتصاديون.
 
ومن جهته يُفيد الأكاديمي والخبير الاقتصادي د.يوسف سعيد أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في سياق مجاراة الأزمة الاقتصادية تُعد خطوة جيدة لكنها غير كافية، فتلك الإجراءات بحاجة إلى آليات مُعينة كي تنفذ على أرض الواقع.
 
ونبَّه الأكاديمي سعيد في سياق حديثه لـ"الموقع بوست" أن أي إجراءات تُتخذ في زمن الحرب لن تؤدي الى تعافي الاقتصاد، كون أسباب تردي الاقتصاد وتراجع قيمة الريال ستظل على حالها.
 
وأضاف "كنا نعول أيضاً على أن تحتسب الحكومة كُلفة الفرصة البديلة فيما يتصل بتصدير نفط شبوة، ففي تقديري من الأجدى إعادة تشغيل مصافي عدن وفي أقرب فرصة، وفي حال ما تمكنت الحكومة من إعادة تشغيل المصفاة للعمل مع نهاية العام 2018  فإن هذا سيحقق هدفاً مزدوجاً ومتمثلاً في تشغيل العمالة وتقليل الطلب على الدولار، وذلك إذا ما تخصص عمل المصفاة في تكرير النفط للسوق المحلي كما كان متبعاً في السابق.
 
وأما عن إجراء زيادة في الرواتب، قال الأكاديمي سعيد "إن تلك الزيادات في رواتب موظفي الدولة المدنيين ومعهم المتعاقدين والمتقاعدين، إذا لم تؤمن لها موارد حقيقية من المصادر الإيرادية العامة فسيحصل تضاعف للتضخم الحاصل، وبالتالي استمرار تراجع قيمة الريال.
 
وأردف "نأمل أن الحكومة لم تتخذ مثل هكذا القرار إلا بعد أمنت هذه الموارد وليس اعتماداً على مصادر تضخمية.
 
وتابع "فيما يختص بإجراء منع استيراد الكماليات فهي خطوة ممتازة، لكن بعد أن تتم دراسة وتوصيف وتعريف ما هي السلع الكمالية التي لا يحتاجها الاقتصاد ويتطلب هذا أن يترافق مع إجراءات لوقف مصادر التهريب.
 
وأشار إلى أنه كان من الأفضل ألا يصدر قرار منع استيراد السيارات بشكل عام، فيكفي أن يمنع استيراد فئات وأنواع معينة من السيارات المستهلكة بشكل أكبر للنفط وتلك التي استهلكت ويقصد بذلك المستخدمة.
 
 واستطرد بالقول "هناك خيار أو بديل من خلال رفع أسعار الضريبة الجمركية لأن المنع الكامل لاستيراد السيارات لا يحل المشكلة وإن كان مؤقتاً لأن منافذ التهريب كثيرة وكبيرة.


التعليقات