ما مدى جدية الأطراف اليمنية في التعامل مع اتفاق الحديدة؟ (تقرير)
- خاص السبت, 22 ديسمبر, 2018 - 06:29 مساءً
ما مدى جدية الأطراف اليمنية في التعامل مع اتفاق الحديدة؟ (تقرير)

[ الجنرال الهولندي باتريك كاميرت يصل اليمن ]

مع وصول باتريك كاميرت رئيس لجنة التنسيق والمراقبة الأممية بشأن تسليم محافظة الحديدة، إلى العاصمة المؤقتة عدن، برزت الكثير من التساؤلات حول جدية الحوثيين والشرعية بالتعامل معه.
 
جاء هذا بالتزامن مع تبني مجلس الأمن أمس الجمعة (21 ديسمبر/كانون الأول) للقرار البريطاني بشأن الأزمة اليمنية، والذي يتكون من عشرة عناصر أسياسية، أبرزها السماح للأمين العام بنشر فريق أممي في ميناء ومدينة الحديدة، لفترة أولية مدتها 30 يوما من اعتماد القرار.
 
يدعم هذا القرار مخرجات مشاورات السويد التي تمت بين وفدي الشرعية والانقلابيين، والذي يمنح باتريك القوة لتنفيذ اتفاق الحديدة.
 
يؤكد القرار الجديد كذلك دعمه لقرارات مجلس الأمن بشأن اليمن بينها 2216، والمرجعيات الأخرى، فضلا عن التزامه القوي بوحدة وسيادة واستقلال اليمن.
 
رحبت السعودية والكويت باعتماد مجلس الأمن القرار البريطاني، واعتبره نائب المندوب الدائم لوفد السعودية لدى الأمم المتحدة الدكتور خالد منزلاوي، بأنه تأكيد على نجاح الضغط العسكري من قبل التحالف، والجهد الدبلوماسي للرياض.
 
ذات الموقف صدر من مبعوث اليمن في مجلس الأمن عبد الله السعدي، الذي أوضح أن الحكومة لا ترى أي جدوى لجولة ثانية من المشاورات مع الحوثيين إلا بعد انسحابهم من موانئ الحديدة والحفاظ على ترتيب السلطة اليمنية وفق مشاورات السويد.
 
دوافع مختلفة
 
في صعيد ذلك، يرى الإعلامي عبد الكريم الخياطي أن المشاورات لم ترقَ إلى المأمول منها، لكنها تختلف عن سابقاتها، بعد رمي الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بثقلهم للضغط على الأطراف المختلفة.
 
ولفت في تصريح خصه "الموقع بوست" إلى استغلال لندن والاتحاد الأوروبي للأزمة الأمريكية الإيرانية، لتفعيل ملفات معينة ومقايضتها مع طهران، بينها ملف اليمن.
 
وقال إن هناك رغبة بريطانية لإبقاء الوضع العسكري على الجغرافيا كما هو في اليمن، لأسباب اقتصادية وجيوسياسية تتعلق بأمن الممرات البحرية وتفعيل التأمين البحري.
 
وبناء على ذلك توقع الخياطي أن يكون هناك ضغط إيراني على الحوثيين للحفاظ على مكاسبهم الحالية واستغلال فرصة الخروج من العزلة الدولية، واستغلال ارتباك السياسة الخارجية للتحالف السعودي الإماراتي، برغم عدم قدرة الأخيرة على إيجاد موطيء قدم لحليقها طارق صالح.
 
واستدرك "لكن ارتباط الجانب الإماراتي بعلاقات أمنية مع بريطانيا، قد يسهل عملية تنفيذ الاتفاق، وبخاصة إن كانت هناك قوات أممية كبيرة في الحديدة".
 
ووفقا للخياطي فالاتفاق يفيد الحوثيين معنويا، لأنه سيقلل من فرص عزلهم، كما أنه سيخفف الضغط الشعبي عليهم في المناطق التي يسيطرون عليها، باعتبار أن الحديدة ستصبح ممرا سهلا لإيصال المواد الغذائية لتلك المدن التابعة له.
 
مؤشرات سلبية
 
وبرغم التفاؤل إزاء الاتفاق الذي تم التوصل إليه، إلا أن هناك مؤشرات قد تعني فشل الجهود الأممية مبكرا بشأن الحديدة والأزمة في البلاد.
 
فقد أعلن التحالف العربي يوم أمس الجمعة، أن خروقات الحوثيين لوقف إطلاق النار في الحديدة بلغت 62 خرقًا خلال الـ72 ساعة الماضية، في خرق واضح لاتفاق السويد.
 
وأشار في بيان له إلى أن "الخروقات الحوثية شملت عددا من المناطق، والمليشيات استخدمت الهاونات والآربي جي وصواريخ الكاتيوشا والصواريخ البالستية، والرماية بكافة أنواع الأسلحة".
 
وفي وقت سابق تبادلت الحكومة والحوثيين الاتهامات بشأن خرق اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك منذ الدقائق الأولى لبدء سريانه، لكن تلك الخروقات تقلصت بعض الشيء لاحقا. كما أن أي خرق من قِبل الانقلابيين سيتيح للتحالف تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضدهم في الحديدة.

في سياق ذلك، لم يستبعد الباحث السياسي عدنان هاشم -في ورقة بحثية له- فشل اتفاق الحديدة، مؤكدا أنه سيعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر ويدخل الحديدة وبقية الجبهات في دوامة عنف جديدة ستكون تكلفتها باهظة.
 
ويتوقف ذلك على المضي بعيدًا بشأن الخلاف حول التفسير المتناقض للطرفين بشأن الاتفاق من جهة وعدم توقع ردة الفعل من الأطراف الأخرى التي لا يمكن السيطرة عليها من قِبل الحكومة مثل كتائب "طارق صالح" و"قوات المقاومة التهامية"، خاصة وأنها تعتبر وقف إطلاق النار أمرًا خاطئًا، وتطالب بمقعد على طاولة المفاوضات، وتهدد في حال عدم تحقيق ذلك بلجوئها لخيار الحرب منفردةً، وهو ما قد يؤدي إلى نشوء كيان يطالب بدولة في تهامة على غرار دعوات المجلس الانتقالي في الجنوب، على حد قوله.
 
جبهات ساخنة
 
بالتزامن مع ذلك، شهدت أمس الجمعة جبهة دمت شمال الضالع معارك عنيفة بين الحوثيين والشرعية، قتل فيها 18 مسلحا من الانقلابيين، فضلا عن سقوط آخرين كجرحى.
 
وفي مأرب شنت طائرات التحالف ثماني غارات جوية على مواقع وتجمعات الحوثيين في جبهة صرواح غربي مأرب، استهدفت تعزيزات عسكرية تابعة للانقلابيين في خط صرواح صنعاء.
 
الجديرة بالذكر أن اتفاق الحديدة الذي تم توصل إليه في السويد، ينص على نقاط عدة أبرزها إعادة انتشار للقوات من موانئ الحديدة المختلفة ومواقع خارج المدينة، فضلا عن إزالة جميع المظاهر العسكرية من المحافظة، وانسحاب الحوثيين إلى شمال طريق صنعاء خلال أسبوعين كمرحلة أولى، ويتم إعادة نشر القوات الحكومية جنوب الخط، كما سيتم إيداع جميع إيرادات الموانئ هناك إلى البنك المركزي اليمني لدفع رواتب الموظفين.
 
أما الجانب الأمني بالحديدة وموانئها، فتقع مسؤوليته على عاتق قوات الأمن وفقا للقانون اليمني. وسيتم تشكيل لجنة تنسق إعادة الانتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، وستشرف على عملية إزالة الألغام من هناك، فضلا عن لجنة أخرى لمراقبة وقف إطلاق النار.
 
يُذكر أن وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو اجتمع مع وزير خارجية عمان يوسف بن علوي، دعا الطرفان من خلاله الحكومة والانقلابيين إلى عقد المشاورات والاتفاقات وتخفيف حدة التوترات، ووضع حد للأعمال العدائية الجارية في اليمن. كما أكدا دعمهما لمبعوث الأمم المتحدة الخاص مارتن غريفيث والجولة القادمة من المشاورات.


التعليقات