والدة يمنية تلاحقها الفواجع من صنعاء إلى ديترويت
- منير الماوري (العربي الجديد) الإثنين, 11 يناير, 2016 - 04:39 مساءً
والدة يمنية تلاحقها الفواجع من صنعاء إلى ديترويت

جابهت سيدة يمنية في أواخر العقد الخامس من عمرها سلسلة فواجع لاحقتها خلال الأيام الأخيرة من العام المنصرم، ومطلع العام الجديد، بدءًا من صنعاء ومروراً بالجزائر، قبل أن تستقبلها آخر المحن في مطار ديترويت الدولي.
 
ففي فاجعة تلو أخرى اعتقلت سلطات الهجرة الأميركية أمس السيدة فاطمة مصلح جوبح لدى قدومها من الجزائر لتشييع جثمان ابنها الذي سقط قتيلاً الأسبوع الماضي برصاص شاب أميركي، في أول جريمة ترتكب ضد مهاجر عربي في 2016.
 
وقال القنصل الفخري للجمهورية اليمنية بولاية ميتشغن مختار الفضلي لـ "العربي الجديد" إن المعتقلة هي والدة الشاب اليمني الأميركي وليد القحيف (29 عاما) الذي سقط قتيلاً الأربعاء قبل الماضي في ولاية لويزيانا برصاص شاب أميركي، مخلفاً وراءه فاجعة مؤلمة لوالدته بعد وصولها إلى الجزائر فراراً من فواجع اليمن اليومية الناجمة من الحرب الأهلية.
 
وأوضح القنصل الفضلي أن وجود والدة القتيل في الجزائر جاء بغرض استكمال معاملة جمع شملها مع أبنائها في الولايات المتحدة، بعدما أحالت الخارجية الأميركية إلى سفارتها لدى الجزائر معظم ملفات وطلبات الهجرة المقدمة من مواطنين يمنيين.
 
وتابع الفضلي "منحت القنصلية الأميركية في الجزائر للسيدة المكلومة تأشيرة زيارة تمكنها من دخول الولايات المتحدة لفترة مؤقتة، كي يتسنى لها إلقاء النظرة الأخيرة على فقيدها وحضور مراسم دفنه. واختارت السيدة فاطمة جوبح ديترويت محطة للوصول، بعد قرار أبنائها المقيمين هناك نقل جثمان شقيقهم إلى ولاية ميتشغن ليتم دفنه في مقبرة إسلامية.
 
لكن بدلاً من أن يستقبلها أبناؤها في أرض المطار، استقبلتها محنة جديدة فاقت المآسي التي عاشتها في بلادها وفي مسقط رأسها مديرية الشعر بمحافظة إب.
 
فضمن الأجواء التي انتجتها مذبحة كاليفورنيا، نظر موظف الجوازات والهجرة الأميركي إلى وجه المرأة القادمة لتوها من بلد إسلامي، فرأى فيها وجه الباكستانية تاشفين ملك، ويضاف إلى ذلك الحاجز اللغوي والثقافي الذي لم يمكن المرأة من قراءة أفكار موظف الهجرة الأميركي، والقيام بخطوة استباقية مثل الكشف عن قرار القنصلية الأميركية في الجزائر بمنحها تأشيرة دخول استثنائية، أو إعلامه بأنها والدة قتيل بريء قاتله أميركي غير بريء.
 
نظر الموظف الأميركي مرة أخرى في عيني المرأة المتلعثمة أمامه، وتوصل إلى قناعة بأن وراء هذه السيدة قصة قد تحيله إلى التحقيق لو سمح بدخولها، فما كان منه إلا أن ألغى تأشيرة الدخول المختومة على جواز سفرها.
 
كانت حجة الموظف بمنع دخول السيدة، أنها لمّحت إلى رغبتها في البقاء بالولايات المتحدة بصورة دائمة وهو ما يتناقض مع تأشيرة الزيارة المؤقتة، ما اعتبره الموظف بمثابة ارتكاب جنحة الكذب، ويجعل السيدة تستحق التوقيف والإحالة للقضاء. ولم يكن الترحيل الفوري خياراً مطروحاً، لأن الحكومة الأميركية أصدرت قراراً منحت بموجبه مواطني اليمن الموجودين بصورة غير شرعية داخل الأراضي الأميركية حق الحماية من الترحيل لمدة 18 شهرا، مراعاة للظروف الأمنية السائدة في بلادهم، ما يؤهل بعضهم طلب حق اللجوء السياسي والحصول على حق العمل ثم الإقامة الدائمة.
 
ولكن ما خفف من مصاب المرأة المكلومة، المحتجزة في زنزانة تابعة لدائرة الهجرة، أنها تلقت نبأ إلقاء مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركي القبض على قاتل وليدها. وبحسب القنصل مختار الفضلي فقد تم نقل الخبر إلى والدة القتيل كما تم توكيل محاميين اثنين من قبل أولادها الذين يأملون أن يقرر قاضي الهجرة الإفراج الفوري عنها.
 
وعلم "العربي الجديد" أن نائبة في الكونغرس الأميركي عن ولاية ميتشغن علمت بأمر اعتقال المرأة، فناشدت قادة الجالية الإسلامية في الولاية بعدم تصعيد الموقف، والامتناع عن الإدلاء بتصريحات إعلامية، أو الخروج للتظاهر، معربة عن أملها بإطلاق سراحها بهدوء.
 
تجدر الإشارة إلى أن زوجة القتيل وليد القحيف، وطفلها الرضيع لا يزالان في الجزائر بانتظار الحصول على فيزا الهجرة التي كانا موعودين بها، فإذا بالحلم يتراجع، ولا يزال تحقيقه حتى اللحظة بعيد المنال. 


التعليقات