بين الطموح للانفصال بدعم إماراتي وإصرار الحكومة على الوحدة.. إلى أين يتجه الجنوب اليمني؟ ( تقرير )
- عدن - خاص الأحد, 15 سبتمبر, 2019 - 07:51 مساءً
بين الطموح للانفصال بدعم إماراتي وإصرار الحكومة على الوحدة.. إلى أين يتجه الجنوب اليمني؟ ( تقرير )

[ أجندات الإمارات في اليمن ودعمها للانفصال ]

في ظل تنازع السيطرة وأطماع أبو ظبي وإصرار الحكومة اليمنية على بسط سلطتها على كل المحافظات اليمنية، يقف جنوب اليمن اليوم على مفترق طرق.

 

وبرغم كون النزعة الانفصالية ليست وليدة اللحظة، بل هي هدف يسعى الحراك في جنوب اليمن لتحقيقه منذ 2007، فإن تصاعد الأحداث وازدياد الاضطرابات في جنوب اليمن لأسباب متعددة، أهمها سعي دولة الإمارات للسيطرة على أهم المنافذ والموانئ والموارد فيه، ودعمها المتواصل للمجلس الانتقالي لبسط سيطرته على عدة محافظات أهمها العاصمة المؤقتة عدن، بات يهدد وحدة البلاد، وأدى لانحراف المشروع العربي لحرب جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

 

فما هو مستقبل الجنوب اليمني؟ وما مدى إمكانية تحقيق أبو ظبي وأدواتها لأهدافهم في تقسيم البلاد، وفرض أمر واقع بانفصال جنوب اليمن عن شماله؟

 

هل اتضحت الرؤية؟

 

كشفت الأحداث الأخيرة، وعلى وجه الخصوص تدخل الطيران الإماراتي لقصف القوات الحكومية في عدن وأبين، بعد أن كانت على وشك إنهاء التمرد المسلح لمليشيات المجلس الانتقالي -كما تصفه الحكومة اليمنية- في عدن، أن أبو ظبي مستمرة في تنفيذ مخططها وغير مستعدة للتخلي عن أدواتها في جنوب اليمن، ولو اقتضى الأمر التضحية بشرعية الرئيس والحكومة اليمنية التي جاء تدخل التحالف العربي العسكري في اليمن بناء على طلبها.

 

وبرغم بيان المملكة الأخير الذي وصف بالقوي نوعا ما والذي أكد أن المملكة لن تقبل بفرض واقع ينتقص من الشرعية، وأن لا بديلا عن شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ودعوته لعدم التصعيد والانسحاب من المعسكرات وتسليم المؤسسات للحكومة اليمنية في عدن، فإن البيان المشترك للدولتين نسف كل ذلك وأوضح الموقف الحقيقي من التمرد الانفصالي، وإضافة إلى استمرار أبو ظبي في دعمها بالمال والسلاح للمجلس الانتقالي فإن الرؤية تبدو واضحة، فأبو ظبي ماضية في فرض واقع جديد يؤدي بالتأكيد لتقسيم البلاد.

 

توافق

 

ما يعزز من مخاوف فرض واقع انفصالي في جنوب اليمن، أن تحالف أبو ظبي مع المجلس الانتقالي الجنوبي بات إستراتيجيا، لتوافق طموحات الجانبين مع بعضهما.

 

فطموح أبو ظبي الساعي لمد النفوذ والسيطرة على الموانئ والسواحل، وتحقيق ذلك من خلال دعم كيانات انفصالية ودول هشة يمكن السيطرة عليها تجربة قامت بفرضها في جمهورية الصومال ومناطق أخرى، وفي اليمن يتوافق طموح أبو ظبي مع طموحات المجلس الانتقالي المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.

 

ومن الصعوبة بمكان أن يتخلى المجلس الانتقالي عن هذا الطموح بسهولة، فهذا الخيار وحده من يمده ويجعله قادرا على التحرك والمواجهة باعتباره الفكر الأسهل لشحن وإثارة جماهير الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال منذ نشأته في العام 2007.

 

وهو ذات الطموح بالنسبة لأبو ظبي ومن الصعوبة أن تتخلى عن ذلك، وبحسب المعطيات فإن أبو ظبي بإمكانها أن تتخلى عن حرب الحوثيين والخروج من التحالف العربي، لكنها غير مستعده للتخلي عن طموحاتها وأهدافها.

 

تقاسم

 

وفي طريق سعي أبو ظبي وأدواتها في جنوب اليمن لتحقيق ما يصبو إليه فإن عدة عوائق تقف في طريق ذلك.

 

ونظرا لقدرة أبو ظبي على تغيير جلدها ونسج تحالفات متناقضة وتغيير مواقفها من النقيض إلى النقيض، فإن الخطر الحوثي يبدو باستطاعة الإمارات التعامل معه، من خلال ترويضه وتحييده، فعلاقة أبو ظبي بإيران كفيلة بأن تصل بها إلى نسج اتفاق بين الجانبين، وليس بغريب أن تبدل أبو ظبي جلدها، فقد فعلت في الأزمة السورية، أن كانت داعمة للمعارضة المسلحة تخلت عنها بين عشية وضحاها وذهبت إلى تطبيع العلاقة مع النظام السوري وقامت بفتح سفارة لها في دمشق.

 

وفي الشأن اليمني يلاحظ مقدار التقارب الذي بدأ يطفوا إلى السطح بين أبو ظبي وطهران، فالعلاقات أصبحت مشتهرة ومعلومة وتتداول على مرأى ومسمع في وسائل الإعلام، فيما تتواصل الاجتماعات في مسقط مع الإيرانيين والحوثيين، وقد كشفت عنها كبار الصحف والوكالات الإخبارية العالمية، ولم تعد خافية.

 

وبالتالي ففرضية تخلي أبو ظبي عن التحالف العربي وحرب الحوثيين تبدو واقعية، وتجدر الإشارة هنا إلى دعوة أبو ظبي في بيانها الأخير لتحالف دولي لمحاربة الإرهاب في اليمن، في حين لم يذكر البيان التحالف العربي مطلقا وهو ما يرجح سعي أبو ظبي لاستمرار بقائها في اليمن تحت لافتة جديدة هي التحالف الدولي.

 

علاوة على ذلك أن تقاسم الشمال لطهران والجنوب اليمني للإمارات يبدو عرضا مريحا ومقبولا ورابحا بالنسبة لأبو ظبي.

 

كوابح

 

لكن كل ذلك تقف أمامه عدة عقبات وكوابح، أهمها مصلحة السعودية والرئاسة والحكومة اليمنية التي تؤكد أن القضية الجنوبية باتت محل إجماع بين كل اليمنيين، وأن حلها تضمنته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وهو الخيار الوحيد لكل اليمنيين وأجمع على كل ذلك كل الشعب ودعمته القرارات الدولية، وهذه تعد أهم العقبات أمام تحقيق طموح الانفصاليين وأبو ظبي في المضي بمشروع تقسيم اليمن.

 

فالمشروعية الدولية التي تمتلكها سلطة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بإمكانها مقارعة طموح أبو ظبي والانفصاليين، ومواجهته، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني هو السبيل الأمثل لحل كل مشاكل اليمن كما ترى ذلك الحكومة اليمنية وكل المكونات السياسية في البلاد.

 

ويلاحظ في هذا السياق التصعيد الأخير من قبل الحكومة والرئاسة اليمنية في مواجهة تدخلات أبو ظبي في الشأن اليمني، وعلى ضوء ما قد ينتج عن ذلك فإن مستقبل الجنوب اليمني سيكون مرهونا بما سيسفر عن ذلك من نتائج.

 

فصول جديدة

 

وفي سياق القضية فإن العلاقات بين أبو ظبي والرياض تعد من أهم العوامل التي ستؤثر في مستقبل الجنوب اليمني ومستقبله.

 

وحتى اللحظة فإن الإجابة عن السؤال المعلن مواقف أبو ظبي والرياض من أحداث جنوب اليمن هي تبادل أداور أم بوادر خلاف لم تزل عالقة. وبانتظار ما تؤول إليه العلاقات بين الرياض وأبو ظبي فإن الواقع لا يزال على ذات الحال.

 

ومن المخاوف التي تثار في هذا السياق أن تتصادم مصالح وطموحات الرياض وأبو ظبي وتكون اليمن وقودا لفصل جديد من فصول الحرب.

 

ولعل الأيام القادمة ستنكشف من خلالها الكثير من الخفايا وتشهد الكثير من الأحداث، فمن الواضح أن مسار التصعيد قائم وسط تعنت أبو ظبي وتمسك الأطراف اليمنية كلٌّ بمسار أهدافه، وفي ظل انحراف التحالف العربي عن مسار أهدافه المعلنة في اليمن.

 

جذر الأزمة اليمنية

 

الكاتب والصحفي صلاح السقلدي يرى أن الجنوب والقضية الجنوبية ليست مرتبطة بذهاب أو بقاء شخص أو كيان.

 

وأضاف في حديث لـ"الموقع بوست" أن المجلس الانتقالي هو مظلة سياسية وليس قضية، ووسيلة لتحقيق هدف، فإن ذهب لأي سبب كان، فالجنوب زاخر بقوى وشخصيات مخلصة أيضا لتنتصر للقضية الجنوبية انتصارا عادلا والخروج من هذا الوضع العنيف الذي يعصف بالجميع سواء بالجنوب أو بالشمال.

 

واختتم السقلدي حديثه بالتأكيد على أن القضية الجنوبية هي جذر الأزمة اليمنية، ولن يكون هناك حلحلة لهذه الأزمة إلا بحل جذرها الرئيسي وهو هنا قضية الجنوب.

 

سقوط مشروع الانفصال

 

الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني قال إن مشروع انفصال جنوب اليمن سقط بفعل ثلاثة أسباب.

 

وأوضح أن السبب الأول هو أن ممارسات الإمارات وصناعتها للأدوات المحلية كالمجلس الانتقالي والأحزمة والنخب العسكرية ارتد بشكل عكسي عليها.

 

وذكر الهدياني أن ممارسات الإمارات ضد الوطن الواحد والوحدة اليمنية أفرزت تعاطفا والتحاما شعبيا كبيرا يدافع عن اليمن، ويرفض التشطير والتقسيم، وعلل ذلك بالتأكيد على أن المشروع الذي يأتي من الخارج مرفوض ويستفز اليمنيين بطبيعتهم.

 

وأشار إلى أن ذلك هو ما يفسر ما وصفه بالالتحام الشعبي والتغيير في القناعات حتى في الشارع الجنوبي من شبوة وأبين وحضرموت وسقطرى والمهرة، والتي قال إنها خرجت فيها مظاهرات كبرى ترفع علم اليمن.

 

وأما السبب الثاني فأوضح أن صناعة الإمارات للأدوات المحلية كالمجلس الانتقالي والذي يتحرك بشعارات التشطير والانفصال، جعلته قفازا قذرا لأخطائها ومطامعها وسجونها السرية والاغتيالات وتخريب المؤسسات.

 

وأضاف الهدياني في حديث خاص لـ"الموقع بوست" أن تلك الإجراءات أسقطت فكرة الانفصال ومزاج الانفصال في نفوس الناس.

 

وأرجع الهدياني السبب أيضا أن قيام الإمارات بضرب وقتل الجيش الوطني حرك الرئيس والحكومة والسفراء والإعلام عمل بوتيرة أفضل وهو ما يعجل بسقوط مشروع أبو ظبي والانتقالي.


التعليقات