المعينون أكاديميا بجامعة عدن.. حكومات متعاقبة وتوجيهات عليا والمعاناة ثابتة
- عدن - خاص الاربعاء, 26 فبراير, 2020 - 08:36 مساءً
المعينون أكاديميا بجامعة عدن.. حكومات متعاقبة وتوجيهات عليا والمعاناة ثابتة

[ صورة أرشيفية لإضراب موظفي جامعة عدن ]

عقدٌ كامل مضى على عمل المئات من الأكاديميين بجامعة عدن دون تسوية أوضاعهم المالية، فحالهم ما بين عامل بالمجان، وآخر راتبه لا يتجاوز 50 دولارا أمريكيا، بحسب د.علي محمد القحطاني وهو رئيس اللجنة التنسيقية العليا للمعينين أكاديمياً بجامعة عدن.

 

يُفيد القحطاني، وهو أكاديمي يعمل منذ 2006 في كلية التربية بجامعة عدن، ورئيس اللجنة التنسيقية للمعينين أكاديمياً، بأنه "طال ظلمنا وتهمشينا وقهرنا، فنحن نعمل بالمجان وبعض زملائنا مرت عليهم 15 عاما دون تعيينهم مالياً في الجامعة".

 

واستدرك بالقول: "في الوقت الذي وفرت الدولة 65 ألف وظيفة عسكرية عجزت عن إيجاد 400 درجة وظيفة لأكاديميين يحملون مؤهلات ماجستير ودكتوراه، أما باقي المعينين أكاديمياً فلديهم وظائف بمرافق أخرى كالتربية والتعليم والصحة وغيرها، ومع ذلك لم يتم نقلهم مالياً للجامعة".

 

وأشار القحطاني في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أنه ومعه 111 أكاديمياً لديهم فتاوى بالنقل من وزارة الخدمة المدنية وموجهة لوزارة المالية، كما لديهم توجيهات سابقة من الرئيس المشير عبد ربه منصور هادي حينما كان نائباً لرئيس الجمهورية، فضلاً عن توجيهات من رؤساء حكومات سابقة من د. علي محمد مجور ومن محمد سالم باسندوة ومن وزير تعليم العالي يحيى الشعيبي سابقاً ومن رئيس مجلس النواب يحيى الراعي.

 

وتابع بالقول: "لكن أياً من التلك التوجيهات وجدت طريقها للتنفيذ، ومضى أكثر من عقد والملفات ما تزال معلقة والحقوق مهدرة".

 

وأوضح د. علي القحطاني أن المعينين أكاديمياً موزعون في 21 كلية في أربع محافظات هي عدن ولحج والضالع وشبوة، وهم على أربعة فئات موزعة كالآتي:

 

- الفئة الأولى هم الموظفون في مرافق خارج جامعة عدن، ولديهم فتاوى بالنقل إلى الوحدة الإدارية جامعة عدن من وزير الخدمة المدنية وهذه الفتوى موجهة لوزير المالية لاستكمال إجراءات النقل مع التسويات المالية بحسب مؤهلاتهم.

 

- الفئة الثانية هم الموظفون الذين يشغلون وظائف إدارية في جامعة عدن، الذين واصلوا دراستهم وحصلوا على مؤهلات ماجستير والبعض دكتوراه ومطلوبٌ نقل وضعهم من إداريين إلى أكاديميين من ضمن الهيئة التدريسية والتدريسية المساعدة في الجامعة.

 

- الفئة الثالثة هم الموظفون خارج الجامعة الذين بدون فتاوى نقل؛ هؤلاء مطلوب نقل وضعهم المالي من مرافقهم السابقة إلى جامعة عدن مع التسويات المالية.

 

- الفئة الرابعة هم الذين بدون وظائف، والغالبية منهم من الأوائل على مستوى الدفعات وهم بحاجة لتوفير درجات وظيفية.

 

 

ولفت إلى أن المشمولين ضمن الفئات الأربع هم ضمن الهيئة التدريسية والتدريسية المساعدة، ويمارسون عملهم في الأقسام العلمية في الكليات ويُشكلون نسبة لا تقل عن 50% من الهيئة التدريسية والتدريسية المساعدة، وهناك كليات معتمدة على المعينين أكاديمياً بنسبة 85% مثل كلية العلوم وكلية الأسنان وكلية الصيدلة وكليات التربية (الضالع - ردفان - يافع - طور الباحة - شبوة) وكذلك كلية النفط في شبوة.

 

وتحدث القحطاني عن تنظيمهم "عدة وقفات في ساحات الكليات والجامعة، وكذا ثلاث وقفات في بوابة قصر معاشيق وكانت الوقفة السابقة بتاريخ 2019/12/10 وحضرها تقريباً 400 منتدب ومنتدبة وتم ترتيب اللقاء للجنة التنسيقية برئيس الوزراء اليوم الثاني الموافق 2019/12/11  وعند اللقاء شرحنا له قضيتنا بشكل واضح وساعتها تفهم لقضيتنا رئيس الوزراء ووعدنا اللقاء بوزيري المالية والخدمة ورئيس جامعة عدن".

 

 

وتابع: "وعدنا رئيس الوزراء بالإنصاف، وبعد انتظار شهر كامل لم نرَ أي جدية أو بوادر لتنفيذ الوعود، وتم التواصل مع مدير عام المراسيم حسين هديل، وطلبت منه إبلاغ رئيس الوزراء بأنه إذا لم توضع أي حلول، فسنعلن عن وقفة احتجاجية في بوابة معاشيق، وبعدها اتصل بي رئيس الوزراء د.معين أكثر من ثلاث مرات، وقال سوف نرتب لكم لقاء مع وزير المالية والمختصين خلال أسبوعين مقابل وقف التصعيد".

 

ويظهر مدى الاستخفاف الذي تُبديه الحكومة تجاه قضية المعينين أكاديمياً، من خلال ما أظهره رئيس الوزراء من لامبالاة وتسويف، فبالرغم من وقف التصعيد بناءً على طلبه، إلا أنه وكالعادة كان وعداً عرقوبياً كسابقيه، ما جعلنا نُقدم على الوقفة الاحتجاجية الأخيرة بتاريخ 18فبراير الجاري، يُضيف د. علي القحطاني.

 

ولوح رئيس اللجنة التنسيقية للمعينين أكاديمياً د. علي القحطاني بتنفيذ خطوات تصعيدية إذا ما استمر التجاهل الحكومي لقضيتهم ومظلوميتهم، ومن ضمنها الإضراب الشامل عن التدريس وهو ما يُهدد استمرار عمل كليات جامعة عدن.

 

شهادة التفوق العلمي معلقة بالحائط

 

الدكتورة ميسون أحمد حسين كليب، أستاذ مساعد في كلية الهندسة بتخصص الرياضيات البحتة في قسم العلوم الأساسية، وهي واحدة من المعينين أكاديمياً الذين لم يجدوا منذ بداية عملهم بالجامعة إنصافاً لحقوقهم المالية.

 

تُفيد د. ميسون كليب قائلة: "التحقت بدراسة البكالوريوس تخصص رياضيات، وكنت الأولى على الدفعة على مدار الأربع السنوات وكنت على ثقة بتقدير تلك الجهود بالتعيين ضمن الهيئة التدريسية المساعدة للجامعة عدن ولكن فوجئت بعدم تقدير ذلك".

 

شهادة التخرج والتفوق العلمي تعلق على الحائط فقط، تُضيف د.ميسون في حديثها لـ"الموقع بوست".

 

 

وأشارت إلى أنها التحقت بامتحان المفاضلة لوظيفة معيد في كلية ريفية لكن العائق الذي حسم الوضع هو شهادة الخبرة كونها خريجة حديثة، ولا توجد لديها سنوات خبرة.

 

وانتدبت في كلية الاقتصاد للعام الجامعي 2004_2005 لمساق أساسيات الرياضيات.

 

وتابعت: "وتم فتح برنامج الماجستير للرياضيات البحتة والتحقت بالدراسة وحصلت على تقدير عام جيد جداً وهو تقدير عام لدفعة كاملة، وبعدها عدت للتدريس في كلية الاقتصاد للأعوام الجامعية 2006_2007  و2007_2008 ولم أتمكن من الاستمرار  بالانتداب لحصولي على وظيفة حكومية بقطاع التربية والتعليم، ونظراً لإعطائي 4 صفوف بمعدل 6 حصص لصف الواحد ولم استسلم لذلك".

 

ولفتت إلى تقدمها بعدة رسائل لرؤساء جامعة عدن، "وحصلت على موافقة في أكتوبر 2012 بحاجة الجامعة لي للعمل كعضو في الهيئة التدريسية المساعدة، وأكملت الإجراءات في وزارتي التربية والخدمة المدنية وحصلت على الفتوى بالنقل، لكن ونظراً للأوضاع التي مرت بها البلاد لم أتمكن من المكوث في صنعاء لإكمال المعاملة في وزارة المالية، وكلفت أخا لي بالمتابعة لكن فوجئت بعدم موافقة وزير المالية آنذاك وهو صخر الوجيه".

 

واستدركت: "التحقت ببرنامج الدكتوراه في الرياضيات البحثة في جامعة عدن وحصلت على تقدير عام ممتاز، وواصلت الانتداب في كلية الهندسة من العام الجامعي 2012_2013  وحتى عامنا هذا".

 

وطالبت د. ميسون كليب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بإنصافها ومعها المئات من زملائها الذين أفنوا سنينا من أعمارهم في التدريس بالجامعة دون أن تكون لهم حقوق مُقابل ما يؤدونه من واجبات.

 

متى تنتهي معاناتنا؟

 

أما صوفيا سليمان الكثيري، فهي نموذج للمعينين أكاديمياً الذين ليست لديهم وظائف البتة، وهي حاصلة على ماجستير طرائق تدريس، والآن في مرحلة إعداد رسالة الدكتوراه في نفس التخصص.

 

تُفيد صوفيا الكثيري في سياق حديثها لـ"الموقع بوست" بأنها تخرجت في العام 2010 م من البكلاريوس تخصص حاسوب، و2014 من الماجستير، وأنهت الدكتوراه تمهيدي 2018، "أما عام الانتداب في كلية التربية صبر جامعة عدن فهو في العام 2012 وما زلت حتى الآن، أما قرار التعيين فصدر في 2018 لكن دون أن يتبعه التعزيز المالي".

 

"حرصت منذ بداية عملي في العام 2012 وحتى الآن على قيامي بمهام التدريس في الكلية دون أي تقاعس أو قصور على الرغم من كونه بمثابة عمل مجاني، على أمل أن يأتي يوم تنصفني فيه الحكومة وأجد فرصتي في التوظيف، وأعيش حياة كريمة تليق بنا كمعلمين ومحاضرين يتخرج على أيدينا الآلاف من الكوادر"، تُضيف صوفيا.

 

وبكل أسى وحسرة تقول صوفيا الكثيري: "مرت السنوات ونحن نحلم ونحلم حتى أفقنا من الحلم ولما نرى أي شيء من الوعود بالثبيت في الوظيفة والتعزيز المالي الذي يضمن لنا الحياة الكريمة؛ مما اضطرني للعمل في أماكن أخرى مثل المدارس الأهلية والحكومية مقابل مبالغ زهيدة جدا، لأجل توفير أبسط متطلبات الحياة كالمواصلات، كوني بدون أي دخل".

 

وتابعت: "فكيف أستطيع الذهاب والتنقل من عدن إلى لحج وأنا لست موظفة ولا إمتلك راتبا، وهذا العجز سبب لي الكثير من المشاكل النفسية، ففي نهاية كل يوم أتساءل: كيف سأوفر تكاليف المواصلات لليوم التالي، وكيف سوف أطبع أوراق اختبارات مادتي للطلاب، وغيرها من متطلبات العمل".

 

وبخصوص ما وجدته من الجهات الرسمية، أفادت: "بالنسبة لرئاسة الجامعة تم وعودنا مرات ومرات كثيرة منذ العام 2016، وقبلها كانت لدينا توجيهات من الحكومات السابقة ووعود بإنهاء معاناتنا نحن المعينين والمنتدبين بشكل عام، وتسوية أوضاعنا وإدخالنا في موازنة العام 2019".

 

وتضيف صوفيا: "استشبرنا خيراً لكن أياً من تلك الوعود نُفذت، وقمنا بالعديد من الوقفات من أجل المطالبة بحقوقنا والتي تضم الأربع الفئات من المعينيين وتم إعطاؤنا وعود من قبل دولة رئيس الوزراء معين عبد الملك بالجلوس مع وزير الخدمة ووزير المالية ولكن للأسف انتهى العام 2019 وشهرا المهلة في 2020، ومجدداً لم نلمس أي جدية لرفع مظلمتنا".


التعليقات