في يومهم العالمي.. المخفيون قسريا باليمن معاناة مستمرة في ظل الحرب وتعقيدات المشهد (تقرير)
- خاص الإثنين, 31 أغسطس, 2020 - 05:18 مساءً
في يومهم العالمي.. المخفيون قسريا باليمن معاناة مستمرة في ظل الحرب وتعقيدات المشهد (تقرير)

[ وقفة احتجاجية لأمهات المخفيين بعدن - أرشيفية ]

يقضي مئات اليمنيين المخفيين قسريا يوما جديدا في سجون ومعتقلات مختلفة، دون أن يعلم أحد عن وضعهم شيئا، وتزاد تعقيدات هذا الملف مع استمرار الحرب التي غابت فيها الدولة وحضور القانون.

 

تعيش كثير من الأسر اليمنية هذه المأساة، خاصة مع تكرار حدوث جريمة الإخفاء في ظل الحرب، وغالبا ما تذهب محاولات بحثهم عن أهلهم دون جدوى.

 

توجه المنظمات الحقوقية المختلفة أصابع الاتهام لأطراف كثيرة في اليمن يقومون بجريمة الإخفاء، أبرزهم جماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وقوات التحالف العربي.

 

في بيان صدر عن منظمة سام للحقوق والحريات والمركز الأمريكي للعدالة، تحدثا عن إخفاء الحوثيين قرابة 500 شخص، و40 شخصا قامت الإمارات بإخفائهم.

 

بينما تذكر منظمة مواطنة أنها رصدت 770 حالة إخفاء قسري، وتقول رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسريا إنها وثقت 236 حالة إخفاء لمدنيين، بينهم 90 مخفيا منذ عام 2015، اختطفوا من بيوتهم ومقار أعمالهم والشوارع العامة.

 

وترى منظمة سام والمركز الأمريكي للعدالة أن عدم مصادقة الحكومة اليمنية على "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، قد أغرى مختلف أطراف النزاع بممارسة الإخفاء القسري في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني.

 

وخلال فترة الحرب انتشرت كثير من السجون غير الرسمية، تتحدث تقارير حقوقية مختلفة عن تعرض المعتقلين فيها للتعذيب بمختلف أشكاله، ورصدت رابطة أمهات المختطفين وحدها 81 حالة إخفاء توفيت بسبب ذلك، دون أن يتمكن أهلهم حتى من رؤيتهم.

 

مأساة الإخفاء وتعقيداتها

 

يظل حتى اليوم ملف المخفيين قسريا من أكثر القضايا بالغة التعقيد، فهو كما يرى الناشط الحقوقي ورئيس المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) عبدالرحمن برمان، المأساة الأكبر، لأنه لا أحد يعرف مصيرهم، ولا يعلم أهلهم كيف وضعهم الصحي وما إن كانوا أحياء أو ماتوا، ولا حتى أين يتواجدون، ومن الجهة التي قامت بإخفائهم.

 

وأرجع في تصريحه لـ"الموقع بوست" سبب وجود كثير من التعقيدات في هذا الملف، إلى عدم جدية المجتمع الدولي أو الدول الراعية لمفاوضات اليمن، في التعامل مع الملف اليمني وفقا للقوانين وقواعد حقوق الإنسان.

 

ويوضح أن "هذه الجهات تنظر إلى الوضع في اليمن من منظور سياسي، ولا تهتم لقضايا حقوق الإنسان، فهي تقوم فقط ببعض التذكير أو عرض للموضوع أو تناول إعلامي، لكن دون وجود ضغط فعلي على الواقع يحل هذا الملف".

 

وقال برمان عن صعوبات هذا الملف: "نحن نتعامل مع جهات لا تحترم أي قوانين، وتتعامل بوحشية مع المعتقلين، وتتجاهل مناشدات أقاربهم أو مناشدات المنظمات".

 

وأشار إلى نجاح بعض وسائل الإعلام والمنظمات في تحقيق بعض التقدم في ملف المخفيين، لكن بشكل محدود للغاية.

 

صعوبات توثيق إخفاء النساء

 

ويشمل الإخفاء القسري في اليمن حتى النساء، لكن الأمر مرتبط بكثير من التكتم، بسبب العادات والتقاليد، وطبيعة وضع المرأة الخاص في المجتمع.

 

وبخصوص ذلك، تذكر الناشطة الحاصلة على جائزة مارتن إينالز، هدى الصراري، أن هناك عقبات كثيرة تواجههم أمام رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان فيما يتعلق بالنساء وخاصة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.

 

وتعود أسباب ذلك كما تفيد لـ"الموقع بوست" إلى إحجام أهالي الضحايا وذويهن من التصريح للناشطين الحقوقيين وإعطائهم إفادات، وذلك بسبب الثقافة المرتبطة بعادات وتقاليد اليمنيين فيما يتعلق بالمرأة، وثقافة العيب والمحظور، خوفا من وصمة العار التي سوف تلاحق الضحية وذويها.

 

وبرغم ذلك، تؤكد الناشطة الصراري أنهم كناشطين يحاولون بشتى الوسائل إقناع أهالي الضحايا من النساء بالتبليغ عن الوقائع، ليتسنى متابعتها وتوثيقها وتقديم الحماية القانونية والدعم النفسي، خاصة مع ارتفاع مؤشر الانتهاكات الواقعة على المرأة والفتيات في عموم اليمن في الوقت الذي تنعدم فيه آلية الحماية المؤسساتية التي تقدمها الدولة.

 

حلول

 

مع استمرار حدوث جريمة الإخفاء القسري، وإمكانية تعرض الكثيرين لها خاصة في ظل غياب الدولة، ومرور سنوات عديدة دون أن يتم حل ملف المخفيين الذي يزداد تعقيدا يوما بعد آخر، يؤكد الناشط الحقوقي برمان على أهمية دور وسائل الإعلام والمنظمات المختلفة، قائلا إن عليها الاستمرار بالضغط على الجهات التي تقوم بالإخفاء، وألا يكون عملها موسمي فقط في المناسبات، أو مرتبط بشخصيات سياسية بارزة، دون الاهتمام بالحالات المماثلة التي يتعرض لها الناس البسطاء.

 

وأمام الوضع الحرج الذي تعيشه المرأة في اليمن، تشير الناشطة الصراري إلى دورهم كناشطين ومنظمات محلية، والذي يتمثل بالتنسيق مع المنظمات الدولية العاملة في اليمن، وذلك من أجل تقديم الدعم في المسار القانوني والنفسي بشكل سري لضحايا الإخفاء والاعتقال خوفا من الانتقام من قبل المنتهكين أو ذوي الضحية، خاصة أن البعض منهن واجهن الموت أو الطرد من المنزل.

 

"نحن أمام ملف انتهاكات شائك ويحتاج لتكاتف الجهود والتنسيق فيما بيننا، خاصة بالتعاطي مع هذه الانتهاكات ومناصرتها حتى يتحقق الإنصاف للضحايا"، بحسب الصراري.

 

وتحتفل كثير من الدول في الثلاثين من أغسطس/آب باليوم العالمي للإخفاء القسري، لمساعدة الضحايا وأهاليهم، لكن في اليمن، يبدو من الصعب للغاية حل ملف كهذا كان صعبا حتى في حضور الدولة قبل الحرب، فكيف الآن في ظل وجود سلطات أمر واقع مختلفة، وغياب دور القانون.


التعليقات