في يومهم العالمي.. معلمو اليمن معاناة أفقدتهم متعة التدريس (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 06 أكتوبر, 2020 - 09:47 صباحاً
في يومهم العالمي.. معلمو اليمن معاناة أفقدتهم متعة التدريس (تقرير)

[ الصورة للبراء منصور - مدرسة في جبل حبشي، تعز ]

يحتفل الآلاف حول العالم بعيد المعلم في مثل هذا اليوم من كل عام، لكنه أصبح مناسبة للمدرسين في اليمن لتذكر أوجاعهم ومعاناتهم بعد أن تحولت كل معالم الحياة حولهم بسبب الحرب التي يعيشونها والأوضاع غير المستقرة منذ 2014.

 

المعاناة هي العنوان الأبرز عند الحديث عن وضع المعلمين في اليمن سواء في مناطق سيطرة الحكومة أو جماعة الحوثي، مع اختلاف نوعها فقط أحيانا.

 

وبعيدا عن التكريم بالشهادات كما كان يحدث قبل الحرب، أصبح المعلم مجرد رقم لا تخلو منه الإحصائيات التي تتحدث عن الفقر والمرض والموت والإصابة وغيره.

 

لا قيمة لرواتبنا

 

تعد مشكلة الرواتب أبرز ما يعاني منه المعلم في اليمن، ففي بداية الحرب انقطعت عنهم مستحقاتهم فأنفق أغلبهم كل ما كانوا يدخرونه، وأصبحوا يعيشون على معونات أقاربهم في الخارج أو الداخل.

 

أما اليوم فأصبح المعلمون في مناطق سيطرة الحكومة يستلمون رواتبهم، لكن ذلك لم يعد كافيا لعمل أي شيء كما تقول الأستاذة مها نصر التي تذكر أن راتبها اليوم أصبح (105 دولارات)، وذلك لا يساعدها إلا بنسبة قليلة لتدبر شؤون حياتها بعد أن فقدت زوجها الذي أصيب بشظايا قذيفة سقطت على حيهم قبل عامين.

 

ونتيجة لذلك، تقول مها لـ"الموقع بوست" إن "عملتنا فقدت قيمتها، ولم يعد يكفينا راتبا، وأصبحت هموم الحياة تحاصرنا، وتشغلنا حتى عن التدريس الذي كنت أحبه، ولولا خوفي من انقطاع راتبي لما داومت".

 

وأشارت إلى تحسن وضعهم وإن كان بنسبة لا تتعدى 10% مع استلامهم الرواتب التي تتأخر لأسبوع وأحيانا أسبوعين، مستطردة "هذا بعض ما نعانيه فقط، فما بالك بما يتعرض له زملاؤنا في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يظلون لأشهر دون أي مستحقات".

 

تأثر نفسياتنا

 

تأثرت نفسيات الأساتذة كثيرا بسبب الحرب وتبعاتها كما أكد لنا المعلمون الذين استطلع "الموقع بوست" آراءهم، ومن بينهم محمد مهيوب الذي يشكو من الشرود وتشتت الذهن، برغم أنه معلم رياضيات.

 

يروي قصته لـ"الموقع بوست" قائلا: "أصبح هناك كثير من الأمور تشتت تفكيرنا، رواتبنا التي لم تعد شيئا، إضافة إلى القصف الذي يمكن أن نواجهه من حين لآخر، وقلقنا كذلك على أطفالنا الذين يدرسون، وأحيانا نكون وسط الفصل ونسمع القذائف تطير من فوقنا وأحيانا تتطاير شظاياها حولنا".

 

كل ذلك، أدى إلى فقدان الأستاذ مهيوب تركيزه كثيرا، وعدم تحمله الطلاب، أو الاستعداد لقضاء وقت كافٍ لتوضيح الدرس لهم، مشيرا كذلك إلى تمرد بعض التلاميذ وعدم تقديرهم معلميهم، ولجوءهم للعنف لحل كثير من مشكلاتهم معهم دون أي تقدير للمدرسة.

 

أما الأستاذ عبد الباسط الشرعبي فتساءل: "هل لك أن تتخيل ما الذي سأفعله براتبي الذي يذهب الكثير منه للتنقل بين المواصلات لأصل إلى المدرسة؟ وكيف لي أن أتدبر مصاريف أسرتي؟ وتريد منا أن نركز ونقوم بعملنا على أكمل وجه؟".

هموم الطلاب

 

يتشارك تلك المشكلات التي يواجهها المدرسون، الطلاب الذين يسمعون مرارا من معلميهم أنهم يقومون بواجبهم هذا بصعوبة بالغة، بسبب ظروف الحياة القاسية، وعدم كفاية راتبهم للعيش.

 

وبحسب طالبة الثانوية آية منتصر، فإن المعلمين خاصة من يضطرون لركوب وسائل المواصلات للقدوم إلى المدرسة، يكونوا شديدي الغضب ولا يحتملوا الطلاب أبدا.

 

ولفتت في حديثها مع "الموقع بوست" إلى مرض بعض أساتذتهم بأمراض مزمنة، وتدريسهم وهم بذلك الوضع، قائلة إن ذلك يؤثر على أدائهم أثناء التدريس كثيرا، متمنية أن يتم حل مشكلات المعلمين في اليمن.

 

وأفادت أن بعض المعلمات لم يعدن قادرات على توصيل المعلومات للطالبات، بعكس ما كن عليه قبل الحرب، متابعة "آخر مرة اختبرنا فيها حدث قصف بالقرب من مدرستنا وفقدت كل ما ذاكرته، لذلك لا ألوم المدرسات".

 

معاناتهم بالأرقام

 

تحدثت نقابة المعلمين اليمنيين في بيان لها، عن قتل جماعة الحوثي 1579 تربويا بينهم 14 قضوا تحت التعذيب في المعتقلات، وإصابة 2642 منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014.

 

وذكرت أن نحو 20 ألفا و142 تربويا نزحوا إلى مناطق سيطرة الحكومة، وتعرض 621 تربويا و36 آخرين للإخفاء القسري على يد الحوثيين.

 

وبحسب النقابة فهناك 160 ألف معلم في مناطق سيطرة الحوثيين يعانون من انقطاع رواتبهم بشكل كلي منذ 2016.

 

أما منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ومنظمة التربية والثقافة والعلوم الأممية "يونيسكو"، فأكدتا في بيان مشترك أن العديد من المعلمين اضطروا إلى إيجاد مصادر بديلة للدخل لإعالة أسرهم، نظرا لتعليق دفع الرواتب وتعرض المدارس للهجوم باستمرار، وأن تأخير دفع رواتب المعلمين في مناطق سيطرة الحوثي من المرجح أن يؤدي إلى الانهيار التام لقطاع التعليم.

 

وتشهد العملية التعليمية في مناطق سيطرة الحوثيين تدهورا واضحا، بسبب تغيير الحوثيين المناهج بما يخدم مشروعهم، والتجنيد الذي يتعرض له الطلاب وحتى المعلمين، وفقدان الأستاذ لمكانته في ظل الحكم بالقوة.


التعليقات