لماذا تسعى الإمارات لتحويل "اليمن" إلى "ليبيا " ثانية؟
- تعز - خاص الإثنين, 28 مارس, 2016 - 05:10 مساءً
لماذا تسعى الإمارات لتحويل

[ نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح مع جنود اماراتيين في عدن ]

تتحرك أبوظبي بصمت في اليمن، جنوباً، وشمالاً، بخطوات مريبة، لا صدى إعلامي إلا ما ندر، بالرغم من كون الخطوات غير المحسوبة قد تؤدي إلى خسارة الشرعية اليمنية وإعادة نظام "صالح" من جديد، مع بقاء الحوثيين قوة مميتة لليمنيين، ومعول هدم مستمر لبنيان الدولة، ومصدر قلق وتهديد لكل دول الجوار.
 
 في ديسمبر الماضي نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريراً قالت فيه إن أبوظبي تقوم بخطوات غير مُعلنة وتسحب قواتها من محافظة عدن، في ذات الشهر كانت ذات الدولة تؤسس لتحركات موازية للإمساك بتعز عن طريق السلفيين تغريدات متتابعة لـوزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش نقلت دعمهم للسلفيين وأنهم أفضل من "الإخوان" حسب قوله.
 
تعز نموذجا

مؤخراً قامت المقاومة الشعبية بتحرير أجزاء واسعة من تعز فكت الحصار عن الجبهة الغربية للمحافظة الواقعة وسط اليمن، ومنفذ طويل نحو البحر الأحمر من جهة "المخا" وبوابة "محافظة عدن" عاصمة اليمن المؤقتة.
 
المقاومة لم تكتفي بتحرير المناطق العسكرية، في اليوم التالي بل قامت بتسليم المؤسسات الحكومية والتابعة للدولة للجيش الوطني اليمني، على مرمى من العالم، كانت تلك حادثة غير مسبوقة أن تقوم حركات مقاومة محلية مسلحة بتسليم مؤسسات الدولة بهذه السرعة وبدون شروط أو مفاوضات، في عدن استمر الوضع لأشهر عديدة ولا تزال مستمرة.
 
كانت أبوظبي تتابع عن كثب ما يجري، وسط دعوات عديدة بالإسراع وتأمين المنفذ الغربي للمدينة، وفك الحصار على المدينة، انسحب السلفيون "فرقة أبو العباس" وبدأت المقاومة تصارع الحوثيين العائدين بقوة أكبر بعد أن حشدوا معظم قواتهم إلى غرب تعز، أبوظبي لا تريد تحرير "تعز" لأنها ستذهب للدولة اليمنية ولن تتحاصصها الحركات المسلحة؛ أبوظبي تريد أن تعيش المدينة في قلق للغاية.
 
تحاول الإمارات إدارة المعركة في اليمن كنظام موازي وشبيه بما يحدث لإدارتها للمعركة في ليبيا، تدعم جماعات مسلحة تسيطر على الأراضي وتكون أبوظبي متزعمة الموقف، وتحصل على الصفقات التجارية والنفطية من دولة غنية بالنفط، الأوضاع في اليمن مختلفة لكنها تسعى لأن تضع مقاربات بين الوضعين حتى تتمكن من السيطرة.
 
الأسبوع الماضي نقلت صحيفة "عربي 21" عن مصدر يمني قوله إن قيادة القوات الإماراتية في عدن، رفضت منذ أيام، الإفراج عن شحنة أسلحة وصلت إلى ميناء عدن بغرض تسلميها إلى مدينة تعز لدعم المقاومة والجيش الوطني، رغم طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ذلك. مضيفاً: "إن كلا من المقاومة والجيش الوطني في تعز ما فتئا يوجهان نداءات متكررة بأهمية دعم المقاتلين بالسلاح لمواجهة محاولات مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح باستعادة مناطق سيطروا عليها في الجبهة الغربية".
 
بعد أيام أعاد الحوثيون وقوات صالح حصار تعز من جديد مسيطرين على الخط الرئيس الواصل إلى المدينة بعد معارك شرسة مع القوات الحكومية.
 
لكن لماذا تتدخل الإمارات في اليمن بهذه الطريقة؟!
 
تحتفظ الإمارات بعلاقات تجارية ممتدة مع إيران تتجاوز الثورة الإيرانية والعقوبات والعداء السعودي. إنهم لا ينظرون إلى إيران باعتبارها الفتى المشاغب كما تفعل الدول المجاورة. فالرحلات الجوية بين طهران وأبوظبي 37 رحلة أسبوعياً!.
 
"ولمدة طويلة أيضا، ألقى الإماراتيون نظرة طامعة على مدينة عدن؛ حيث ينظرون إليها باعتبارها امتداد طبيعي للمرافق الساحلية لدبي، وهو ما سوف يمنحهم سهولة الوصول إلى المحيط الهندي، وبديلا لمضيق هرمز الذي تتشاركه هي ودول الخليج الأخرى بصعوبة مع إيران" يقول بيل لو المتخصص في الشرق الأوسط في مقال له على موقع "ميدل ايست آي" منتصف مارس الحالي.
 
وجود الدولة يهدد مصالح أبوظبي يبدو واضحاً ذلك، فوجود حكومة مستقلة تتخذ قرارها بما يتوافق مع الشعب كان مهدداً وسيظل كذلك منذ ثورة الربيع العربي؛ وهو ما يفسر غضب أبوظبي عام 2012م من إلغاء اتفاقيه ميناء عدن.
يقول بيل لاو في مقاله "وفي وقت سابق، عقدت شركة موانئ دبي العالمية الضخمة، ومقرها دبي، صفقة مع ميناء عدن والرئيس السابق علي عبد الله صالح ولكنها ألغيت في العام 2012 عندما حاول خليفته هادي التفاوض على شروط الصفقة".
 
مع ذلك، كشفت شركة موانئ دبي العالمية في شهر أكتوبر من العام الماضي عن خطة لإحياء الصفقة مرة أخرى، حيث قال سلطان بن سليم، رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية “نحن ندرس المجالات التي يمكننا أن نساعد فيها جارتنا في مبادراتها لاستعادة البنية التحتية التجارية والبحرية المهمة في عدن، ونتطلع إلى تطوير مناقشاتنا في المستقبل القريب “.
 
حتى اليوم لا يبدو أن الحكومة وافقت على شروط دولة الإمارات بشأن هذا الميناء الحيوي الذي يمكنه تشغيل نصف مليون عامل، والواضح أن اتفاقهم مع صالح كان إيقافه أو أن تستخدمه "أبوظبي" لتجارتها وحدها مع انهيار أسعار النفط مصدر موازنة الدولة الرئيسي.
 
بيل لو استبعد ذلك بالقول: "ولكن قبل أن يحدث هذا، لابد من التوصل إلى نوع من الترتيبات، وأحد أفضل هذه الترتيبات بالنسبة  لدولة الإمارات هي العودة إلى الأيام السابقة: يمن منقسم الى جزئيين كما كان قبل عام 1990. وسوف يقع الجنوب ،مع استعادة عدن كعاصمة له مرة أخرى، في مجال نفوذ إماراتي"، مستبعداً للغاية مثل هذه النتيجة خاصة بالنظر إلى قوة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يسيطر بهدوء على حضر موت المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط مدينة تلو الأخرى بالتنسيق مع القبائل المحلية. كما أن تنظيم داعش لازال يشكل تهديدا مستمرا وقويا، والحوثيين وصالح ليسوا على وشك الرحيل في هدوء".
 
ستسعى أبوظبي جاهدة من أجل تحويل اليمن إلى "ليبيا" ثانية إن رفضت الحكومة اليمنية والسعودية، أن تكون عائلة صالح الموجودة في الإمارات جزءامن المرحلة الانتقالية المُقبلة، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على نتائج التحالف وبقاء الحوثيين.
 


التعليقات