"عتاب" طفلة معاقة تتحدى الواقع وتعيش مع أشقاء معاقين في بيت بلا سقف داخل تعز
- آية السوائي الاربعاء, 29 ديسمبر, 2021 - 05:41 مساءً

[ عتاب مع أحد اشقائها - الموقع بوست ]

"عتاب" طفلة ذات ثمان سنوات، وهي صماء وبكماء، وتواجه ظروفا صعبة، وتتحدى كل ماحولها لتتغلب على تلك الإعاقة التي أصابتها، لتتمكن من العيش كباقي الأطفال.

 

العيش في منزل بلا سقف

 

تسكن عتاب وعائلتها المكونة من سبعة أفراد في أعالي جبل جرة بمحافظة تعز، وبمنطقة لم تُعبد طريقها بعد، داخل منزل غير صالح للعيش فيه، وينقصه الماء والكهرباء، كما أنه مفتوحا على الهواء، وبدون ابواب ونوافذ.

 

عتاب واحدة من عائلة تعاني كثيرا من أمراض الأعاقة، ولديها أخاً يصغرها بعام اسمه (صابر) و شقيق ثاني يعاني هو الأخر من حالة الصم والبكم، وشقيقة تدعى "زهور" عمرها عشر سنوات، وهي أيضا صماء وبكماء وتعاني منضمور في الدماغ.

 

تتميز عتاب عن باقي أشقائها بكونها طفلة طموحة، وتحب التعلم، وتسعى لاستكمال تعليمها، ولم تمنعها اعاقتها من الذهاب للمدرسة، وهي الآن في الصف الثاني الأساسي بمدرسة السعيد للصم والبكم، وتثابر كل يوم بوجه مبتسم، غير آبهة بما تخبئه لها الأيام .

 

تعيش عتاب مع أسرتها حياة قاسية

 

بدايات المرض

 

تقول أم عتاب في حديثها لـ "الموقع بوست" عن البدايات الأولى لعتاب، قائلة بأنها لاحظت وجود سائل قيحي يخرج من أذنها عندما كانت في الشهر الرابع من عمرها، مضيفة بالقول: "كلما كبرت أكثر كُنت ألاحظ بأنها لا تستجيب لكلامي، ولاتلتفت، ولاتحرك عينيهاا".

 

تواصل أم عتاب حديثها قائلة بأنها لم تكن تنتبه لخطورة هذه المؤشرات، لاسيما أنهم كانوا من سكان ريف الوازعية بالمشاولة التابعة لمحافظة تعز، ومن ثم أجبرتهم الحرب على النزوح لمدينة تعز.

 

التعليم مشكلة يومية

 

تعيش عتاب حالياً معاناة لاتنتهي بل أنها تكبر معها يوماً بعد يوم، لكنها ورغم كل الظروف تتمسك ببراءة أحلام الطفولة لتجني في يوم ما ثمار تعليمها .

 

و عن هذا الوضع تحكي أم عتاب مشيرة إلى صعوبات كبيرة تواجها في نقلها للمدرسة كل يوم، وتحتاج يوميا لمبلغ ألف ريال يمني، بما يوزاي إثنين دولار، حتى تتمكن من إيصالها مدرسة السعيد التي تدرس فيها، ثم العودة إلى المنزل للاعتباء بباقي إخوانها، ثم العودة مجددا للمدرسة عند الظهيرة لاصطحابها للمنزل من جديد.

 

تعلق بحسرة قائلة: "في أغلب الأحيان لا أجد المال الكافي لنستأجر باص ونضطر للمشي حتى المدرسة تحت الشمس الحارقة وتعاني عتاب من هذا كثيرا، لكن ما باليد حيله!"

 

خلود إبنة عم عتاب قالت في حديثها لـ"الموقع بوست" إنها لاحظت على عتاب وشقيقها صابر في طفولتهم عدم قدرتهم على النطق، بل يصدرون أصوات غريبة، وأغلبها صراخ عالي وغير مفهوم، وهو ما سبب الكثير من المتاعب لوالديهم، إذ طرده مالك المنزل الذي كان يستأجر منه بسبب الأصوات الصادرة من الأطفال، باعتبار ذلك مصدر ازعاج للجيران.

 

زوج مشلول

 

تصف أم عتاب عيشها مع أولادها المرضى بأنه عبارة عن قلق يومي في ظل ارتفاع الأسعار، ويعتمدون في حياتهم اليومية على راتب زوجها الذي  يعمل كجندي، ويتسلم راتبه شهر، ويتأخر لأشهر أخرى عديدة، وزادت المعاناة بعد إصابة الزوج برصاصة شلت حركته، واصبح طريح الفراش في المنزل قبل أربع سنوات خلال المعارك التي اندلعت في الوزاعية.

 

أم عتاب نفسها لا تستطيع أن تلتحق بالعمل بسب وضع أطفالها، والحاجة الماسة لمن يقوم عليه باستمرار، ويراقب تحركاتهم وحاجتهم.

 

ووسط هذا الحال المكثف من الألم الذي تعيشه هذه الأسرة، تفتخر أم عتاب بتفوق ابنتها في المدرسة، وتثني بلهجة الأم الصابرة وبشاشة المرأة الريفية على بعض فاعلي الخير الذين ساندوا أسرتها في هذه الأوضاع الصعبة التي حلت بهم.

 

مغادرة هذه الأسرة الريف ذو الطبيعة الأمنة واستقرارها في المدينة المليئة بالأحداث المتقلبة كان عبارة عن قرار يؤدي إلى مصير مجهول، خاصة مع الظروف المتعبة التي تعيشها الأسرة، ولكنه كان قرارا حتميا بحثا عن حياة جديد ومدرسة ترسم لأطفالها أحلاماً بأن كل شيء سيصبح أجمل عمّا قريب .


التعليقات