الألغام الأرضية باليمن.. كابوسًا يؤرق المدنيين وتحدياً كبيراً لفرق نزعها (تقرير)
- محمد الوافي الأحد, 27 نوفمبر, 2022 - 03:27 مساءً
الألغام الأرضية باليمن.. كابوسًا يؤرق المدنيين وتحدياً كبيراً لفرق نزعها (تقرير)

[ فرق نزع الألغام في اليمن ]

أفضت الحرب في اليمن بعد ثمانية أعوام من الحرب المستمرة والمتصاعدة بين الحكومة المعترف بها دوليًا والمتمردين الحوثيين إلى تشرد الملايين وسقوط الآلاف من القتال معظمهم من المدنيين فضلاً عن ضحايا الألغام الأرضية التي لازلت تتربص وتفتك بحياة الرعاة والمزارعين بدرجة أعلى وسط دعوات من نشطين وحقوقيين  للضغط على المتمردين الحوثيين لتسليم خرائط الألغام التي تم زرعتها.

 

وبخطوات أكثر حذراً، يعمل المهندس أحمد صوفان مع فريق مكون من ستة أشخاص على مساحة تزيد عن (19) كيلومتر مربع في واحدة من أبرز المناطق تلوثًا بالألغام، شمال غرب اليمن، للتطهير ونزع الألغام من الحقول والمزارع والطرقات في ظل ظروف بيئية قاسية وإمكانيات محدودة .

 

ويقول صوفان ونحن في طريقنا معه إلى منطقة زراعية يشتبه بوجود ألغام بها بعد أن أدى انفجار لغمًا أرضيًا إلى نفوق (12) رأسًا من الأغنام  لـ "الموقع بوست" "نزعنا أكثر من (4) ألف لغم وعبوة متفجرة وأنواع مختلفة من الألغام  خلال أقل من عامان"، مؤكدًا على أن "  الكمية التي تم نزعها من الحقول والطرقات قليلة مقارنتاً بالمساحة المترامية والكميات الكبيرة من الألغام التي زرعت بطرق عشوائية وبأساليب أكثر فتكًا". 

 

 

وعن التحديات التي تواجه الفرق الهندسية، أردف صوفان وهو مهندس في اللواء السابع التابع للمنطقة العسكرية الخامسة والمتمركزة في المنطقة الحدودية بمحافظة حجة اليمنية مع المملكة العربية السعودية قائلاً " تعد الألغام التقليدية التي تم تحويلها  إلى أنواع مختلفة وأشد تربصاً بضحاياه  بواسطة خبرات أجنبية من قبل المتمردين الحوثيين من أبرز التحديات التي تواجهنا كفرق نزع الألغام علاوة على ذلك ضعف الكادر الهندسي في تلقي التدريبات والتأهيل وشح الإمكانيات ".

 

وأوضح صوفان أن السيول الجارفة شكلت عائق امام الفرق الهندسية في العودة والعمل مجدداً في  مناطق تم تطهيرها مسبقًا.

 

وفي ذات السياق أشار النقيب عبدالله الشويع وهو ركن هندسة نزع الألغام في اللواء السابع المتمركز في جبهة مديرية عبس بمحافظة حجة لـ "الموقع بوست" إلى أن "أكثر من خمسين ألف لغم وعبوة ناسفة تم نزعها وإتلافها خلال الفترة السابقة من أربع مديريات محررة بمحافظة حجة، وتعد مديريتي ميدي وحرض الأكثر تلوثاً بالألغام الأرضية".

 

 

وتابع قائلاً "حوادث انفجارات الألغام خصوصًا في مساحة الرعي والزراعة كانت الأعلى في سقوط مدنيين ونفوق عدد كبير من الحيوانات نهيك عن المخاطر المحيطة بالفرق الازالة الهندسية خلال الستة الأشهر من الهدنة المنقضية".

 

وبالقرب من حفرة ناتجة عن انفجار لغماً أرضياً يقول إبراهيم أحمد عبده كديش "قرابة 16 رأس من ماشيتي نفقت نتيجة الألغام، أخرها 12 رأسًا من الماعز خلال الأيام الماضية".

 

في حديثه لـ"الموقع بوست" يصيف كديش وهو واحد من عشرات الرعاة الأكثر تضرراً "ماضي أكثر من ثلاثة أعوام  بعد سيطرت الشرعية على عزلة بني حسن ومازالت الألغام تتربص بكل شيء"، لأفتاً إلى أن "انحسر مساحة الرعي والزراعة بالإضافة إلى الحصار القائم من قبل الحوثيين شكل مصدر تهديد حقيقي في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية لمعظم الأهالي".

 

 

وناشد كديش وهو يتملك أكثر من (450) رأس من الماشية المنظمات الإنسانية والحقوقية والمراكز الفعلة في نزع الألغام إلى النظر لمعاناتهم المستمرة إزاء حوادث انفجارات الألغام المتكررة .

 

 من جانبه قال محمد حسن كديش وهو في نهاية العقد الربع من عمره لـ "الموقع بوست" لدينا حالات مسجلة لمبتوري الأطراف من بينهم ثلاثة أطفال و رجلان احدهما كبير في العمر بالإضافة إلى امرأة في العقد الخامس نتيجة الألغام المزروعة بطرق عشوائية وفي إمكان الأنشطة اليومية لأهالي القرية.

 

وفي أعقاب فشل التوصل لاتفاق لتمديد الهدنة بين أطراف الصراع في اليمن بواسطة أممية والتي انتهت في 2 أكتوبر / تشرين الأول الجاري، قال المرصد اليمني للألغام الذي يُعنى بتوثيق ضحايا الألغام والذخائر غير المنفجرة " منظمة غير حكومية"، في سلسلة تغريدات على موقعه في 1 أكتوبر 2022 " لقى (273) مدنيين حتفهم نتيجة حوادث الألغام والذخائر المتفجرة والعبوات والمقذوفات من مخلفات الحرب في مناطق واسعة من اليمن، خلال فترة الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة منذ الـ 2 أبريل الفائت وحتى الأول من أكتوبر الجاري".

 

 

وأكد أنه تمكن من رصد وتوثيق (81) قتلاً مدنياً منهم (43 ) طفلاً وخمس نساء، إضافة إلى (192) جريحاً بينهم (82) طفلاً و (13) امرأة،  مشيراً إلى ان " معظمهم أصيبوا بجروح بليغة، وكثير منهم مجبرون للتعايش مع إعاقاتهم المستديمة".

 

وفيما يتعلق بالخسائر المادية، أوضح المرصد اليمني للألغام " خلال فترة الهدنة الأممية سُجلت خسائر مادية  تسببت بها حوادث انفجارات الألغام والذخائر و المقذوفات، تمثلت في تدمير (12) مركبة مدنية، و (4) حراثات  زراعية، و (16) دراجة نارية ونفوق نحو (60) رأسا من الماشية ( أغنام وإبل).

 

 

وتصدرت تسع محافظات يمنية قائمة ضحايا الألغام الأرضية من بينها محافظة حجة، و احتلت محافظة الحديدة التي تقع على ساحل البحر الأحمر المرتبة الأولى من حيث عدد الضحايا بواقع (93) ضحية وفقاً للمرصد اليمني للألغام .

 

وتؤكد تقارير منظمات دولية ومحلية أن اليمن شهد أكبر عملية زرع للألغام في الأرض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث كشف تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في 4 من أبريل الماضي عن أن 1800 مدني لقوا حتفهم أو أصيبوا من بينهم 689 امراة وطفلاً بسبب ألغام وذخائر لم تنفجر في عدد من محافظات اليمن خلال أربع سنوات.

 

 

 


التعليقات