أكواخ وخيام.. وسيلة أطفال لمواصلة تعليمهم في حجة وسط ظروف قاسية (تقرير)
- محمد الوافي الأحد, 20 نوفمبر, 2022 - 03:56 مساءً
أكواخ وخيام.. وسيلة أطفال لمواصلة تعليمهم في حجة وسط ظروف قاسية (تقرير)

[ الطلاب والمعلمين اضطروا لهذه الخيام جراء انعدام الدعم للتعليم ]

على تلة مرتفعة نوعًا ما، ينهمك المعلمون مع طلابهم بمختلف أعمارهم للبناء وتشيد فصولاً بديلة، ويشدون حِبال خيامهم المتداعية بفعل الرياح والإمطار، فضلاً عن قرابة أربعة أعوام من المعاناة وسط ظروف بيئية قاسية وغياب تام للمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق التعليم، إضافة إلى الدعم الحكومي.


ومع دخول الأسبوع الخامس من العمل الدؤوب، استطاع أكثر من 150 طالب من كلا الجنسين مع معلمهم في تشيد (10) فصول دراسية مختلفة، منها أربعة أكواخ وخمسة خيام، إضافة إلى فصل دارسي مشيدًا من الألواح الخشبية.


ويترجل الطلاب كل يوم مع ساعات الصباح مشيًا على أقدامهم من مسافات بعيدة وجهتهم الأخيرة مدرسة اليرموك بقرية الروزم بمديرية عبس محافظة حجة، شمال غرب اليمن، والتي تبعد عن خط المواجهات بين القوات الحكومية المعترف بها دوليًا  والمتمردين الحوثيين  أكثر من (7) كليو متر مربع.

 


وبينما وهو يتجول لمتابعة سير العملية التعليمة في مدرسة اليرموك يقول يحيى وحيش كديش لـ "الموقع بوست": "استطعنا بجهود الكادر التعليمي وبمساعدة الطلاب وأهاليهم في تكوين هذه المدرسة المتواضعة رغم معاناتنا في ظل الانقطاع المستمر للمرتبات والتحديات التي تواجهنا في تسرب وانتشار الجهل في أواسط الأطفال نهيك عن الأوضاع الاقتصادية المتردية سوءًا للكادر التعليمي  وأسر الطلاب".


وأكد كديش وهو يعمل مديرًا لمدرسة اليرموك ومعلمًا تربويًا منذ (28) عاماً إلى أن "الفصول الدراسية البديلة بمثابة طوق نجاة لاستمرار العملية التعليمية وسط ظروف مناخية قاسية فضلاً عن التشتيت والضوضاء الناتجة عن أصوات الدرجات النارية بالإضافة إلى  أصوات الحيوانات اثناء عبورها فناء المدرسة".


وحتى تحقق حلمهم، عمل الطلاب مع معلمهم لساعات طويل تصل إلى غروب الشمس فالبعض منهم يذهب لقطع أغصان الأشجار من المناطق الزراعية والبعض الأخر يعمل مع أهاليهم في تشييد الأكواخ المبنية من القش وأغصان الأشجار.

 


يقول الطفل البالغ من العمر (13) عامًا، حسن محمد عبده مبارك في حديثه لـ "الموقع بوست" استغرقنا أيامًا و نحن في تقطيع أغصان الأشجار مع زملائي وبعضًا من معلمينا ناهيك عن قطع مسافات بعيدة للوصول إلى المناطق ذات كثافة الأشجار على الرغم من مخاطر الألغام الأرضية المنتشرة بشكل أكبر في الحقول والمزارع.


وعن دافع هؤلاء الطلاب، أردف مبارك قائلاً "هدفنا الحصول على التعليم، ولذلك عملنا على تطويع الظروف المحيطة بنا حسب الإمكانيات المتاحة"، مشيرًا إلى أن "العملية التعليمية بدأت في مدرسته متأخرًا قرابة أكثر من شهر". 


ودفعت الحرب في البلد الذي يرزح تحت وطأة الحرب منذ ثمان سنوات، ملايين الأطفال اليمنيين خارج مقاعد الدراسة لأسباب مختلف ومتنوعة، منها الفترة الزمنية للصراع الدائر في اليمن والنزوح المتواصل الذي يقدر بأكثر من (4) مليون نازح بحسب المنظمات الأممية، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية. 


وعطفًا على ذلك، وصفت المتحدثة الإقليمية اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الوسط و الأدنى، إيمان الطربلسي لـ ((الموقع بوست)) " على امتداد السنوات الأخيرة يعاني اليمن  من بين  أكثر و أخطر الأزمات  الإنسانية في العالم".

 


وأشارت إلى أن "الأخطار الاقتصادي المحدقة بالبلد الذي مزقه الحرب وأزمة الأمن الغذائي بالإضافة إلى الأزمة الصحية أدى إلى تهمش أزمة التعليم التي تمس الفئات الأكثر تضررًا وهم الأطفال ".


 ونوهت الطربلسي إلى أن "حولي 2 مليون طفل في سن التعليم  خارج مقاعد الدراسة" وأوضحت في حديثها إلى أن "هذا الرقم يشمل عموم اليمن ولا يقتصر على المناطق التي شهدت نزعًا مسلحًا ".


وعن الأسباب التي خلفت تدهورًا في العملية التعليمية، قالت الطربلسي "هناك مكونات خاصة أدت إلى تعميق الأزمة وأبرزها النزع القائم الذي لم يرحم المدارس والمعلمين وكذلك الطلاب". 


وأضافت "أكثر من 2800 مدرسة دُمرت أو تضررت جزئيًا خلال السنوات الأخيرة، ونتيجة لذلك تعرض المئات من المعلمين وحتى الطلاب إلى القتل والإصابة وهم في طريقهم إلى المؤسسات التعليمية ".

 


وتابعت " تسببت الأثر الاقتصادية وأزمة الغذاء في عدم قدرة العائلات على الدفع بأبنائهم إ‘لى المدارس وأصبح نوع من الرفاهية والترف".


وأردفت "مع إعلان انتهاء الهدنة، هناك تخوفات من عودة وتيرة تصاعد أعمال العنف، وبالتالي سوف يكون هنا إعداد كبيرة من الأطفال ليس بمقدورها الذهاب إلى المدارس فضلاً عن المخاطر المحيطة بهم".


وبشأن الأطفال في مخيمات النزوح، قالت الطربلسي "مع تصاعد الأزمة الإنسانية والظروف التي تحيط بالنازحين بمخيمات النزوح يمكن ان يؤدي إلى عدم قدرة  الأطفال للحصول على التعليم المناسب داخل هذا المخيمات".


وأكدت أن "نحو 70 في المائة من النازحين يعشون في محافظة مآرب "شمال شرق اليمن" والتي تشهد نزعًا دمويًا منذ بداية الحرب".
 

وأضافت "مع سنوات الصراع  وتصاعد الأزمة الإنسانية في اليمن نحن نعيش اليوم واقعًا أدى إلى  تناقص التعاطف المجتمع الدولي و قلة الاهتمام بأزمة اليمنية من قبل  الفاعلين الدوليين".

 


ونتيجة لذلك، أشارت الطربلسي إلى أن "التناقص الكبير للدعم من أجل تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن، بالتالي سوف يكون خلال الأشهر والسنوات القادمة معوقات أضافية بالنسبة للفعلين الإنسانيين". 
وأوضحت إلى أن الحل في اليمن لا يمكن ان يوفره المجتمع الدولي بل يجب أن يكون سياسيًا و مع إعلان انتهاء الهدنة يعد أحد مؤشرات التي تثير مخاوفنا وقلقنا .


ووفقًا لمنظمة الطفولة ( اليونسيف) في 18 أكتوبر الماضي 2022 ، فإن "من الممكن أن يصل عدد الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات التي تلحق تعليمهم إلى (6) ملايين طالب وطالبة، وهو ما سيكون له تبعات هائلة عليهم على المدى البعيد.".


وأكدت المنظمة الأممية في إحصائية لها  إلى أن أكثر من (2900) مدرسة دٌمرت (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئيًا أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة 7 سنوات من النزاع في البلاد الفقير.


وأشارت إلى أن "الهيكل التعليمي يواجه مزيداً من العوائق تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين ما يقرب من  (172,0000 ) " معلم و معلمة" على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016 أو أنهم انقطعوا عن التدريس بحثًا عن أنشطة أخرى مدرة للدخل".

 


وأرجع معلم مادة اللغة العربية، خالد جابري لـ "الموقع بوست" سبب الاشتباكات العنيفة حولت مدرسة أطفال القرية إلى خط تماس بين أطراف النزع فضلاً عن مخاطر مخلفات الحرب  وأصبحت الخيام والأكواخ ملاذنا الوحيد  للتدريس وسط وهيج حرارة الشمس".

 

وأشار إلى أن تراكم معوقات كثيرة منها المكان الغير ملائم للتعليم و انعدام الوسائل التعليم، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور للمعلمين قد يؤدي إلى تسرب إعداد كبيرة من الأطفال وانخراطهم في الأعمال الشاقة.


واستدرك جابري "يعانون معظم الطلاب من سوء تغذية و تقزمًا في أجسامهم وبعضهم يعاني من مشاكل نفسية وانعزال عن محيطهم". 

 

 


التعليقات