ما تداعيات اختطاف الحوثيين سفينة إسرائيلية على الملاحة في البحر الأحمر؟ (تقرير)
- خاص الإثنين, 20 نوفمبر, 2023 - 10:27 صباحاً
ما تداعيات اختطاف الحوثيين سفينة إسرائيلية على الملاحة في البحر الأحمر؟ (تقرير)

[ سفينة غالاكسي ليدر - مالكها إسرائيلي ]

يعود تبني جماعة الحوثي عملية اختطاف سفينة اسرائيلية في البحر الاحمر أمس الأحد، بتداعيات عديدة محتملة على مصير استمرار تدفق السفن التجارية والنفطية نحو الموانئ الحديدة الخاضعين لسيطرتها وتحويل المياه الاقليمية اليمنية إلى قواعد عسكرية دولية، فضلا عن توسع رقعة الحرب التي تقودها أمريكا لمساندة الكيان الصهيوني في قطاع غزية لليمن.

 

وأعلنت جماعة الحوثيين عبر متحدثهم العسكري يحيى سريع تنفيذ قواتهم البحرية عملية عسكرية في البحر الأحمر كان من نتائجها الاستيلاء على سفينة إسرائيلية واقتيادها إلى السواحل اليمنية، بعد أيام من تهديد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي باستهداف السفن الاسرائيلية في البحر الاحمر.

 

وعلى الفور، أكدت إسرائيل احتجاز جماعة الحوثي سفينةَ الشحن "غالاكسي ليدر" مُرتبطة بإسرائيل في مسارٍ حيوي للشحن في البحر الأحمر، حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن 25 من أفراد الطاقم من جنسيات مختلفة، بما في ذلك بلغار وفلبينيين ومكسيكيين وأوكرانيين، ولكن لا يوجد أشخاص إسرائيليين على متن السفينة المُختطفة التي تحمل علم البهاما، واصفا الاختطاف  بأنه "عملٌ إرهابي إيراني".

 

ويُثيرُ هذا الهجوم مخاوف من أن التوترات الإقليمية التي تصاعدت بسبب حرب إسرائيل وحماس تنتقل إلى جبهةٍ بحريةٍ جديدة، بعدما أرسلت جماعة الحوثيين صواريخ وطائرات بدون طيار فوق المسار الحيوي للشحن في البحر الأحمر.

 

تداعيات مكلفة

 

ويقول الباحث المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب إن تداعيات الهجوم مرتبطة بالاستجابة التي ستبديها اسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في المنطقة، لكن يبدو ان ردود الافعال لم تكن بالحجم العنيف المحتمل.

 

ويضيف "الذهب" لـ"الموقع بوست" أن الدول الكبرى ستكثف من حضورها في البحر الاحمر، متوقعا أن يكون هناك ردود باستهداف قيادات حوثية، مما قد يزيد من شعبية الجماعة الذين يواجهوا تشوها وانتقاصا كبيرا بسبب ممارساتهم داخل اليمن وضعف ادائهم الاقتصادي والسياسي سيئ السمعة.

 

ويتسبب أيضا اختطاف الحوثيين لسفينة اسرائيلية بزيادة رسوم الشحن البحري وضعف تدفق التجاري من السفن والامداد في البحر الاحمر، وارتفاع تامين السفن التي تدخل الموانئ اليمنية، في حين يشير الذهب إلى أنه "لايمكن لاي سفينة بالمغامرة بدخول إلى هذه الموانئ وهي منطقة حرب"، فضلا عن مضاعفة التأمين على هذه السفن وينعكس ذلك على ارتفاع قيمة السلع الغذائية.

 

مسؤوليات الهجوم

 

ويؤكد أنه في حالة اندلاع حرب اوسع سيكون له آثار كبيرة على قناة السويس، ما سيفتح قنوات تواصل بين الجماعة والسلطات المصرية، أما في حالة تعرضهم لردود افعال عنيفة فان ذلك سيكسب قضيتهم بعدا وطنيا اعمق واوسع مما كان من قبل، محملا التحالف بقيادة السعودية مسؤولية هذا التمادي الحوثي بفعل إعادة التموضع وانسحاب القوات الحكومية قبل سنوات من أكثر من 100 كم، الأمر الذي فتح المجال للحوثيين باستهداف الملاحة.

 

وتشير تفاصيل الملكية للسفينة في قواعد البيانات العامة المتعلقة بالشحن إلى أن أصحاب السفينة مرتبطون بـ "راي كار كارييرز"، التي تأسست على يد (إبراهام "رامي" أونغار)، الذي يُعد واحداً من أغنى الرجال في إسرائيل، بحسب وكالة الأسوشيتد برس.

 

واظهرت تتبع الأقمار الاصطناعية من MarineTraffic.com والتي تم تحليلها بأن سفينة "غالاكسي ليدر" كانت تسافر في البحر الأحمر جنوب غرب جدة في المملكة العربية السعودية، قبل أكثر من يوم، بينما افادة اسرائيل كانت السفينة في كورفيز بتركيا مُتجهةً إلى بيبافاف الهند.

 

الكسب السياسي والحضور

 

ويستبعد الصحفي اليمني شاكر أحمد خالد أي عملية عسكرية في الوقت الراهن على اليمن، على خلفية هجوم الحوثيين على سفينة في البحر الاحمر، لكنه يعتبره مدخل لتصدير جماعة الحوثيين كجماعة متقدمة لتنفيذ هجمات خارج الحدود، لكسب حضور سياسي أكثر في المشهد السياسي اليمني على حساب دماء الضحايا المدنيين.

 

ويضيف خالد لـ"الموقع بوست" أن الملاحة الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ستكون محل اهتمام وتواجد عسكري كبير للدول العظمى، ومن المحتمل أيضا أن تظل عرضة للعمليات والتهديدات كأوراق ضغط في الملفات الإقليمية العديدة، مهما كانت النتائج التي ستذهب إليها الأوضاع في قطاع غزة.

 

ويشير إلى أن العملية الحوثية لاتزال محاطة بكثير من السيناريوهات والحبكات غير الواضحة، في وقت كانت تخادم وراءها إستخبارات دولية وإقليمية أو محاولات حقيقية منفردة تقوم بها الجماعة، لكن الهدف منها تعزيز من شأنها في المشهد اليمني بدعم خارجي إقليمي ودولي.

 

ترويض أمريكي للحوثيين

 

كما يستبعد استاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور عبدالكريم غانم تحمل الحوثيين أي تبعات عسكرية على إثر هذا الحادث، على المدى القريب، نتيجة توكيل إسرائيل مهمة التعامل مع الهجمات الحوثية للإدارة الأمريكية التي ليس لديها نيه حتى الآن لمعاقبتهم على هجماتهم.

 

ويؤكد "غانم" لـ"الموقع بوست" أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تفقد الأمل بعد في قدرتها على ترويض الحوثيين ودفعهم نحو خيار السلام، مشيرا إلى أن هذه المرونة الأمريكية اللامتناهية تجاههم قد تغريهم للقيام بالمزيد من التهديد لسفن الشحن المشتبه في ارتباطها باسرائيل.

 

ويقول إن هذه الطريقة ستدفع إلى رفع كلفة الشحن البحري لإسرائيل، دون أن تدفع الجماعة ثمن أفعالها، لكنه في حالة تكرار هذه العمليات سيسهم في بلورة كتلة مؤيدة لمعاقبة الحوثيين داخل الكونجرس الأمريكي، مضيفا حين تتكون هذه الكتلة المؤثرة على قرارات البيت الأبيض ستتمكن الجماعة في  "تحسين رصيدهم الشعبي ورصيد محور إيران بشكل عام، حتى أن لم يلحقوا أي ضرر فعلي بأمن إسرائيل".

 

وتقوم العمليات التجارية البحرية للمملكة المتحدة في القوات البحرية الملكية البريطانية -التي توّفر تحذيراتٍ للبحارة في الخليجِ الفارسي والمنطقة الواسعة- بوضع عملية الاختطاف على بُعد حوالي 150 كيلومترًا (90 ميلاً) قبالة ساحل مدينة الحديدة اليمنية، بالقرب من السواحل الإريترية.

 

ومنذ عام 2019، تعرضت سلسلة من السُفن لهجماتٍ في البحر بينما بدأت إيران في تجاوز كل القيود المفروضة عليها في الاتفاق النووي المتهالك مع القِوى العالمية. ومع توسع إسرائيل لحملتها المدمرة ضد حماس في قطاع غزة المحاصر بعد هجوم الجماعة المسلحة غير المسبوق على جنوب إسرائيل، تتزايد المخاوف من أن تتصاعد العمليات العسكرية وتؤدي إلى نشوب صراع إقليمي أوسع.


التعليقات