في اليمن والمنطقة.. كيف تحول التنافس بين الإمارات والسعودية إلى شقاق (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الثلاثاء, 11 يوليو, 2023 - 10:08 مساءً
في اليمن والمنطقة.. كيف تحول التنافس بين الإمارات والسعودية إلى شقاق (ترجمة خاصة)

[ محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ]

سلط باحث غربي الضوء على الخلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في التنافس سواء على الجانب الاقتصادي أو النفوذ.

 

وقال الباحث "تشارلز دن" في تقرير نشرته منصة المركز العربي بواشنطن" وترجمه للعربية "الموقع بوست"، كثيرا ما بدت السعودية والإمارات كوجهان لعملة واحدة، بالنسبة للأعين الغرب على الأقل: بنظامين ملكيين قويين غنيين بالنفط، كلاهما حليفتان للولايات المتحدة ومستهلكان متعطشان لأسلحتها، متحدان في تصميمهما على الحفاظ على أمن واستقرار الإقليم بشروطهما وبالتعاون مع واشنطن.

 

 وأضاف فإذا كان هناك اختلافات في السياسة أو النظرة، فإنها تبدو تجميلية في أحسن الأحوال. متابعا "لقد كان البلدان على نفس الجانب في اليمن منذ العام 2014، فقد عارضا إيران واتفاقها النووي مع الغرب، واتحدا لعزلة قطر وحصارها في العام 2017".

 

وأكد أن خلافات حقيقية وخطيرة ظهرت خلف الكواليس. مشيرا إلى أن البلدين يخوضان حاليا صراعا على نار هادئة لتحديد أيهما سيظهر كقوة بارزة في الخليج العربي- وربما العالم العربي- والاستفادة من اقتصاداتهما وسياستهما الخارجية ليس فقط لممارسة النفوذ داخل مجلس التعاون الخليجي، ولكن للبروز على المسرح العالمي.

 

وذكر أن "ما بدا ذات يوم كتنافس أخوي تقليدي، اتخذ في السنوات القليلة الماضية مظهر الصدع".

 

وأردف "لطالما كان البلدان الأكبر من حيث عدد السكان وأكبر اقتصادين في دول مجلس التعاون الخليجي، منافسين طبيعيين. وتعود أصول بعض هذا التنافس إلى الصراعات الإقليمية وسياسات السلالات الحاكمة التي سبقت فترة طويلة قبل استقلال الإمارات عام 1971. ومع ذلك، خلال السنوات الأخيرة، أضافت الضغوطات في سوق النفط العالمية، والمشهد الجيوسياسي المتبدل، والمفاهيم المختلفة للبعثات الوطنية، أضافت التوترات. يمكن أن يكون للخلاف الأولي بين البلدين آثاره العميقة على سياسة الخليج وعلى الإستراتيجية الأمنية الأمريكية في المنطقة.

 

نقاط التوتر الاقتصادية: أوبك، النفط، وتوظيف الأموال

 

تعود الاختلافات المتزايدة إلى سنوات ماضية وهي راسخة بقوة في المنافسة الاقتصادية. وفي لمحة مسبقة عن الأشياء القادمة، ساعدت الاعتراضات الإماراتية في عام 2009 على تحديد المقر الرئيسي لبنك مركزي خليجي مقترح في الرياض على قتل خطط للبنك نفسه. ومؤخرا، أحدثت السياسات النفطية شرخا بين البلدين. ففي يوليو 2021، قادت السعودية خطة داخل أوبك + لتمديد تخفيضات الإنتاج، التي كان من المقرر أن تنتهي في أبريل 2022، حتى نهاية ذلك العام في سبيل التعويض عن الانهيار الوشيك لأسعار النفط خلال أزمة كورونا. واعترضت الإمارات على الاقتراح واصفة إياه بـ "غير عادل" لأنه كان سيطلب منها استيعاب خفض غير متناسب للإنتاج، وهو خسارة محتملة في الدخل تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.

 

وقد تم حل النزاع الفوري لاحقا من ذلك الشهر عندما وافقت الكارتل على رفع حدود الإنتاج لخمسة من أعضائها، بمن فيها الإمارات؛ لكن التوترات استمرت إلى درجة أن المصادر الإماراتية اضطرت إلى نفي تقارير في مارس عن أن البلاد تفكر في مغادرة أوبك. وقللت جميع الأطراف من أهمية الخلاف، لكنها كشفت كيف أن الإمارات، من ناحية أخرى، غاضبة من الافتراض السعودي بالتفوق في أوبك +، وبالتالي، قضايا أخرى. وحددت القضية نمط التوترات التي لم تأت بعد بين البلدين الخليجيين من العياري الثقيل، داخل أوبك وخارجها.

 

ليس الخلاف النفطي لوحده

 

لم يكن الخلاف حول النفط سوى جانب واحد من منافسة أكثر تعقيدا تنطوي على رؤى اقتصادية مختلفة أجبرت الرياض وأبو ظبي على المنافسة الشديدة. حيث يسعى كل منهما لتحديث وتنويع اقتصاداتهما، غالبا على حساب البعض الآخر.

 

وتحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، "شرعت الرياض في تحدي الإمارات كمركز الأعمال والمواصلات الرائد في الشرق الأوسط،" وفقًا لما ذكره ديفيد أوتاوي، الباحث في مركز ويلسون. ويشير إلى أن محمد بن سلمان يخطط لإنفاق 147 مليار دولار "لجعل المملكة المحور اللوجستي الجوي والبحري الرئيسي في المنطقة"، لتنافس الإمارات كرائد تجاري رئيسي في منطقة الخليج. وكجزء من هذا المخطط، أعلنت الحكومة السعودية في مارس عن إطلاق شركة طيران جديدة، طيران الرياض، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة. ومن خلال عملية شراء أولية لـ 72 طائرة بوينج 787 دريملاينر، من المتوقع أن تنافس طيران الرياض مباشرة مع شركات الطيران الرائدة في الإمارا ، كطيران الخليج ،طيران الإمارات، والاتحاد للطيران.

 

ولتشجيع المستثمرين الأجانب على إنشاء متجر فيها، تنفذ المملكة سياسات ترقى إلى مستوى تحدٍ مباشر آخر لاقتصاد الإمارات. فقبل عامين، خلال النزاع على إنتاج النفط، فرضت الرياض قيودا جديدة على الاستيراد لإلغاء الوصول إلى الأسواق المعفاة من الرسوم الجمركية للسلع المصنوعة في المناطق الاقتصادية الحرة، والتي تعد العمود الفقري للاقتصاد الإماراتي. فضلا عن ذلك، تضمنت القواعد تحديدا السلع المصنعة بمدخلات إسرائيلية، وهو توبيخ للعلاقات التجارية الإماراتية الإسرائيلية المتنامية الناشئة عن اتفاقيات أبراهام لعام 2020 بوساطة إدارة ترامب.

 

كما قررت المملكة تحدي الإمارات باعتبارها المقر المفضل لمعظم الشركات الأجنبية التي تعمل في الخليج. ففي عام 2021، بدأت الحكومة السعودية في مطالبة الشركات الأجنبية العاملة في المملكة بإنشاء مقر لها بحلول عام 2024، بهدف دفع حوالي 480 شركة للقيام بذلك بحلول عام 2030. بينما أشار المسؤولون السعوديون إلى أن هذا يهدف إلى ضمان التزام الشركات العالمية بالنسبة للمملكة على المدى الطويل. ومن غير المرجح أن يرى المسؤولون الإماراتيون الأمر على هذا النحو، حيث تستضيف أبو ظبي ودبي الآن حوالي 76 بالمائة من المقار الإقليمية للشركات الكبرى العاملة في الخليج.

 

بعض هذه التحركات من قبل السعوديين هي نتيجة اندفاع المملكة إلى تنفيذ رؤية 2030، وهي إطار إنمائي شامل مصمم لتنويع الاقتصاد السعودي وتطوير الخدمات العامة. وكان من المحتم أن تدفع الخطة المملكة إلى درجة ما من المنافسة المباشرة مع بقية دول الخليج، وخاصة الإمارات، التي قفزت على متن قطار التنويع باستراتيجيتها بعيدة المدى قبل سنوات. لكن هذه المنافسة بدأت الآن تبدو إلى حد كبير مثل صراع على السلطة، حيث يحاول السعوديون إعادة تأكيد هيمنتهم الإقليمية في لعبة محصلتها صفر، وستساعد نتائجها في تحديد من سيبرز كقوة في الخليج.

 

انقسامات جيوسياسية: بروز اليمن وإسرائيل

 

فيما يخص القضايا الاستراتيجية والسياسية الإقليمية التي سارت فيها الدول في يوم من الأيام على قدم وساق، ظهرت الانقسامات أيضًا. وأبرز مثال على ذلك اليمن، الذي يواصل تعكير العلاقات بين السعودية والإمارات عقب ثماني سنوات من تدخل قواتهما المسلحة لإعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليًا ودحر المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. واعتبرت الإمارات مشاركتها في هذا الجهد جزئيا وسيلة لإظهار الدعم للمملكة، ولكن أيضا كوسيلة لتوجيه ضربة للإسلام السياسي، وربما الأهم من ذلك، حماية مصالحها الاقتصادية من خلال تأمين طرق التجارة البحرية الحيوية القريبة من اليمن بما في ذلك مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر.

 

بالإضافة إلى تحمل الكثير من القتال العنيف، دربت الإمارات حوالي 90 ألف جندي في الجنوب، وتحتفظ الآن بالسيطرة العملياتية على عدد من الجماعات المسلحة.

 

وأصبحت هذه القوات العمود الفقري العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو حركة انفصالية تدعمها الإمارات وتواصل ممارسة نفوذها من خلالها. ومما أثار فزع الحكومة اليمنية وداعميها السعوديين، أن أبو ظبي استمرت في بناء منشأة عسكرية في سقطرى، وهي جزيرة يمنية تسيطر على مدخل خليج عدن، وقاعدة جوية في ميون، وهي جزيرة تقع في وسط مضيق باب المندب.

 

وعقب تحقيق هدفها المتمثل في حماية مصالحها الأمنية وتحقيق دور مهم في المستقبل السياسي لليمن- تشعر بالقلق من أن الانتقادات الدولية المتزايدة للحرب وتأثيرها الإنساني جعل مشاركتها غير محتملة بشكل متزايد- سحبت الإمارات معظم قواتها في الجنوب والغرب، وأجزاء من البلاد في عام 2018، مما يمثل تحولا كبيرا في ديناميكيات الصراع. وأصبحت السعودية وحليفتها السابقة الآن على طرفي نقيض من الحرب، وهي حقيقة اعترفت بها المملكة عندما اعترفت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية بالمجلس الانتقالي الجنوبي في عام 2020، مما أدى إلى ضمه إلى الحكومة.

 

 كان هذا التحول في الأحداث مثالا صارخا، ليس فقط على الوضع المتغير في اليمن، ولكن للعلاقات المتغيرة بين القوتين الخليجيتين. وحتى لا يتفوق عليها السعوديون، في يونيو، شكل السعوديون تجمعا سياسيا جديدا، هو المجلس الوطني في حضرموت، ليكون بمثابة ثقل موازن للمجلس الانتقالي الجنوبي.

 

كما لعبت مقاربات الدولتين المتباينة تجاه إسرائيل دورًا في التنافس المتزايد. ومنذ أن قامت الإمارات بإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهام، نمت العلاقات بين البلدين على قدم وساق. وانطلق التعاون الاقتصادي، حيث وصلت التجارة الثنائية إلى 2.5 مليار دولار في عام 2022 من قاعدة قريبة من الصفر قبل توقيع الاتفاقات.

 

وتعمل الآن حوالي 1000 شركة إسرائيلية في الإمارات، ومن المتوقع أن تنمو العلاقات الاقتصادية أكثر مع التوقيع في أبريل على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، وهي أول اتفاقية تجارة حرة بين إسرائيل ودولة عربية.

 

وفي غضون ذلك، رفضت السعودية حتى الآن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، على الرغم من الجهود الدبلوماسية الأمريكية (على الرغم من استمرار الاتصالات الأمنية الفرعية). وقد أضر هذا الوضع بالرياض سياسيا واقتصاديا تجاه أبو ظبي، لا سيما بالنظر إلى الأهمية التي أولتها إدارة بايدن لتوسيع دائرة السلام بين إسرائيل والدول العربية، وهي استراتيجية برزت كأساس لسياسة واشنطن في الشرق الأوسط.

 

الخلافات في العلاقات الأمريكية

 

في الواقع، في هذه القضية الأكبر للعلاقات مع الولايات المتحدة، ظهرت أيضا اختلافات صارخة. لا تزال علاقة محمد بن سلمان مع الرئيس بايدن ضعيفة، على الرغم من الاهتمام الكبير الذي أولته الولايات المتحدة للمملكة على مدار العام الماضي، وأوضح محمد بن سلمان أنه يحاول المضي قدما في دورة سياسية خارجية أكثر استقلالية. وفي حين تشارك الإمارات مخاوف السعودية بشأن بقاء القوة الأمريكية في المنطقة، كما وضعت بعض المسافة بينها وبين واشنطن، ولا سيما على علاقات روسيا والصين، إلا أنها برزت ظاهريا على أنها الحليف الأكثر ثقة بين الاثنين.

 

لا تزال العلاقات العسكرية والاقتصادية مع الولايات المتحدة قوية (تعتبر الإمارات مستهلكا رئيسيا للأسلحة الأمريكية وهي أيضًا أكبر سوق في الشرق الأوسط للصادرات الأمريكية). والأهم من ذلك أن الإمارات (على عكس السعودية) شاركت في عمليات عسكرية بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان والكويت والعراق وصربيا، بالإضافة إلى مهمة الناتو بقيادة الولايات المتحدة في ليبيا.

 

وكجزء من تعاونها العسكري المكثف مع الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم، تشارك الإمارات في قائمة كاملة من التدريبات القتالية مع القوات الأمريكية وغيرها، وتستضيف حوالي 5000 جندي أمريكي في قاعدة الظفرة الجوية، وتوفر خدمات الدعم للأسطول الخامس في ميناء جبل علي. وتمتعت الإمارات لفترة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بسمعة "ليتل سبارتا" في الجيش الأمريكي بسبب براعتها العسكرية ودعمها الحماسي للبعثات الأمريكية في المنطقة وخارجها.

 

وعلى الرغم من التوترات الأخيرة في العلاقات الثنائية، تظل العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات عموما على أسس قوية، وتأتي بشكل كبير دون صنع السياسات الزئبقية والعداء شبه المقنع الذي يميز النهج السعودي تجاه الولايات المتحدة في عهد محمد بن سلمان. وأتاح تبني الإمارات الحماسي لاتفاقات إبراهام والعلاقات مع إسرائيل فرصا جديدة لتعزيز السياسة الأمنية الأمريكية في المنطقة، على عكس استمرار السعودية في رفضها.

 

إن بقاء الإمارات هي الشريك المفضل لواشنطن في الخليج (وهو أمر لا يعترف به صانعو السياسة الأمريكية علنا) تدل عليه موافقة إدارة ترامب على بيع ما يصل إلى 50 طائرة مقاتلة متطورة من طراز F-35 و 18 طائرة بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper، وكلاهما سيكون الأول بالنسبة لأي دولة عربية، رغم أن المفاوضات حول الشروط ما زالت جارية. وخلال لقاء مع رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد في جدة في يوليو 2022، وجه الرئيس بايدن كلمات دافئة للغاية لكل من الإمارات ومحمد بن زايد، اللذين دعاهما لزيارة واشنطن، وهي مجاملة، بشكل واضح، لم يتم تمديدها لبن زائد. حتى في الوقت الذي يعتبر فيه الاستقلال الأدائي عن واشنطن أسلوب حكم قياسي في المنطقة، فإن العلاقات السياسية والعسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة تظل علامة على القوة والنفوذ.

 

رؤى متضاربة تقود منافسة سعوديةـ إماراتية

 

لقد بدأت رؤيتان متنافستان للقيادة الخليجية تتصادمان بشكل أكثر انفتاحا. وتركز الرؤية السعودية على إيمان العائلة المالكة بدورها الشرعي كأول دولة بين أندادها في الخليج، بناء على التاريخ والسكان والوزن الاقتصادي. وحتى وقت قريب نسبيا، كانت النظرة الثقافية والسياسية للمملكة أيضا محافظة بشكل مكثف، وركزت في المقام الأول على الحفاظ على النظام وعلى إعاقة التغيير الاجتماعي والسياسي بالشراكة مع المؤسسة الدينية في البلاد، وعلى التفاعل بشكل عام مع الأحداث بدلا من قيادتها. وفي حين أن ذلك بدأ يتغير بسرعة في عهد محمد بن سلمان، لا تزال المملكة تلعب دور اللحاق بالركب.

 

فيما ترى النظرة الإماراتية للعالم أن الدولة أكثر ديناميكية، وتفكيرً تقدميا، وليبرالية اجتماعيا واقتصاديا، كما ينعكس في سياستها الخارجية الناشطة في العقد الماضي أو نحو ذلك، واعتمادها الجاهز للاستراتيجيات الوطنية لبناء دولة أكثر مرونة واستدامة وعالمية، واقتصاد متكامل. وظهرت رؤية الإمارات 2030، على سبيل المثال، في عام 2008، قبل ثماني سنوات كاملة من رؤية السعودية. وتحتل دولة الإمارات مرتبة عالية باستمرار في المؤشرات الدولية للقوة الناعمة والتنمية الوطنية. وهذه الرؤية للإمارات جذابة للغاية، ليس فقط لمواطنيها ولكن للعديد من الآخرين في المنطقة العربية. فقد كشف مسح الشباب العربي لعام 2023، على سبيل المثال، أنه للسنة الثانية عشرة على التوالي، أطلق المواطنون الشباب في المنطقة العربية على دولة الإمارات على أنها الدولة التي يرغبون في العيش فيها أكثر من غيرها والتي يرغبون في أن تشبه دولتهم.

 

ومن المفهوم أن الإمارات تتعامل مع هيمنة المملكة وشعرت بأنها مضطرة لتأكيد مسارها المستقل في الشؤون العالمية، ليس فقط من باب الفخر والحق، ولكن لحماية مصالحها الاقتصادية والأمنية المتزايدة.

 

وكان من المحتم أن تتعارض هذه الرؤى الوطنية المختلفة للغاية حيث بدأت استراتيجيات التنمية السعودية والإماراتية في التنافس في نفس القطاعات، وبما أن صعود الإمارات تحدى تصور السعودية لدورها القيادي، ليس فقط في الخليج ولكن داخل أوبك ودول أخرى، والمسرح الدولي.

 

وقد تم إنكار الصدع من قبل كلا البلدين، ولا يزال السعوديون والإماراتيون يشتركون في العديد من الأهداف: مواجهة العدوان الإيراني، وإحباط الحركات الإسلامية السياسية في الداخل والخارج، ودعم المستبدين ذوي التفكير المماثل الذين يشاركونهم اهتمامهم الشديد بمنع ربيع عربي آخر. ولكن من المرجح أن يتزايد التنافس على النفوذ والسلطة مع سعي السعوديين إلى إعادة تأكيد دور قيادتهم (قد يقول البعض المهيمنة) في سياسات الخليج، بينما تسعى الإمارات إلى تحقيق أهداف مستقلة تتماشى مع ضروراتها الاقتصادية وشعورها العالمي بالمهمة.

 

ومن المرجح أن تكون هذه المنافسة أكثر وضوحا في اليمن وفي أوبك، وعلى نطاق أوسع في المجال الاقتصادي، حيث يتنافس البلدان على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة والسياحة. دبلوماسيا، سوف يتنافسان على تولي دور الحكم الإقليمي، كما فعلت الإمارات في فبراير من خلال ترتيب مكالمة هاتفية للمساعدة في رأب الصدع بين قطر والبحرين، وكما تفعل السعودية في السودان، وهي جزء من دبلوماسية سعودية أكبر، وجهد لجعل نفسها وثيقة الصلة على المسرح العالمي بما يتجاوز دورها في أوبك +.

 

لماذا هذا الأمر يهم الولايات المتحدة؟

 

بالنسبة للولايات المتحدة، قد يؤدي انسحاب الإمارات من القوات البحرية المشتركة في مايو الماضي وتنافسها مع السعودية إلى تعقيد الجهود المبذولة لبناء هيكل أمني إقليمي أقوى لمواجهة إيران، مثل تحالف الدفاع الجوي المأمول في الشرق الأوسط. كما أن الاختلاف الحاد بين السعوديين والإماراتيين بشأن العلاقات مع إسرائيل سيجعل جهود الولايات المتحدة أكثر صعوبة لدمج إسرائيل في المنطقة، وهو هدف سياسي رئيسي لإدارة بايدن. وتواجه السياسة الأمريكية صعودا شاقا بسبب حقيقة أن كلا البلدين لهما مصلحة في إظهار استقلالهما عن واشنطن، وقد يتنافسان بشكل متزايد لبناء علاقات أقوى مع الصين. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن يسعد كلا البلدين برد الجيش الأمريكي على محاولات سفن البحرية الإيرانية الاستيلاء على ناقلات نفط عابرة للخليج في استمرار لمثل هذا السلوك منذ عام 2019.

 

ومع ذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تستغل المنافسة الهادئة ولكن المهمة بين السعوديين والإماراتيين للحصول على الفوائد التي تمنحها العلاقات السياسية والعسكرية الوثيقة مع واشنطن، حيث يسعى السعوديون إلى ضمانات أمنية والتعاون النووي كثمن للانخراط مع إسرائيل، وبينما تحاول الإمارات إتمام صفقة F-35. ويمكن أن تساعد التلميحات أو المظاهرات المتعلقة بالمعاملة التفضيلية في الأسلحة أو الحزم التجارية العزيزة، على سبيل المثال، اعتمادا على من يفعل المزيد لاستيعاب أولويات الولايات المتحدة، في دفع بعض القرارات في اتجاه واشنطن. لا تعمل السياسة الخارجية للولايات المتحدة عادة بشكل جيد للغاية، ولكن قد يكون من المفيد المحاولة في منطقة الخليج التي تبدو بشكل متزايد محبطة من القيادة الأمريكية، وحيث ظهرت فرصة صغيرة ولكنها مهمة.

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات