موقع فرنسي يجري لقاء مع الجاسوسة التي حاولت منع غزو العراق
- الجزيرة نت الثلاثاء, 31 ديسمبر, 2019 - 09:30 مساءً
موقع فرنسي يجري لقاء مع الجاسوسة التي حاولت منع غزو العراق

[ كاثرين غان ]

أجرى موقع فرنسي لقاء مع الجاسوسة كاثرين غان التي حاولت في مارس/آذار 2003 منع غزو العراق، وتساءل: أهي خائنة أم بطلة؟ وهو سؤال طُرح بشأن قصتها قبل أن يطرح بشأن قصتي إدوارد سنودن وتشيلسي مانينغ، وذلك عندما اتخذت  القرار -وهي لم تبلغ بعد الثلاثين- الذي كان من شأنه قلب حياتها رأسا على عقب، غير أنها فشلت في قلب مسار العالم كما كانت تأمل.

 

ونشر موقع إل سي إي الفرنسي لقاء مع المراسل مارتين برايت الذي كان أول من نشر القصة، ومع الموظفة السابقة في جهاز المخابرات الإلكترونية البريطاني كاثرين غان التي قررت أن ترسل إلى الصحافة ملاحظة سرية للغاية من الوكالة الأميركية للأمن القومي، تطلب فيها الولايات المتحدة من المملكة المتحدة المساعدة في جمع معلومات تخص بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي لإجبارهم على التصويت لصالح غزو العراق.

 

وصلت رسالة المترجمة السابقة في جهاز المخابرات البريطانية إلى يد الصحفي مارتين برايت الذي نشر المعلومات الحصرية في صحيفة "الأوبزرفر"، ولكن دون أن يكون لهذه المعلومات التأثير المطلوب، لأن الحرب في العراق بدأت بعد ذلك بأيام قليلة، مع ما نعرفه من عواقب.

 

قانون غير عادي

وعلى إثر هذه الرسالة، اتُّهمت كاثرين غان بموجب قانون الأسرار الرسمية، قبل أن يتم إسقاط التهم عنها في العام التالي.

 

وقد أنتجت السينما عن قصتها فيلما مؤثرا وموثقا بشكل جيد، لعبت فيه كيرا نايتلي دور المبلغة التي أطلقت التحذير.

 

وقالت غان إن ما فعلته هو ما رأت أنها ينبغي أن تفعله، وأن لديها حجة قوية لإثبات ذلك، مشيرة إلى أنها عاشت تجربة قاسية، وذلك لأن من يقع تحت طائلة "قانون الأسرار الرسمية" ليس لديه أي دفاع ممكن ولا وسيلة قانونية للدفاع عن نفسه، "إنه وضع رهيب".

 

ورأت الجاسوسة أن من الصعب إقناع منظمة مثل وكالة الأمن القومي بعواقب التبليغ عن مخالفات حكومتها، رغم أن ذلك سيكون من المفيد لها لو فعلته لأنه سيعطي انطباعا إيجابيا عن دورها.

 

وأشارت غان إلى أن "قانون الأسرار الرسمية" الذي أخذ منه الفيلم عنوانه وخضعت له، كان قانونا غير عادي تم تطبيقه في بداية القرن العشرين للسيطرة على الإرهاب الإيرلندي، لأن من غير المعتاد في القانون البريطاني عدم وجود دفاع عن المصلحة العامة.

 

أسرار رسمية

وتحت هذا القانون لا تستطيع أن تقول "فعلت هذا لأنه كان الشيء الصحيح الذي يجب فعله"، ولا أن تقول "فعلت ذلك لأن الجمهور كان له الحق في المعرفة"، وذلك لأن انتهاك قانون "الأسرار الرسمية" هذا يعد جريمة في حد ذاته.

 

وما فعلته غان هو تفريغ وثيقة لجهاز الاستخبارات وتسريبها، وقد اعترفت بذلك، وهذه جريمة، وليس هناك دفاع يمكن تقديمه لها، بحسب "قانون الأسرار الرسمية"، وحتى بعد إسقاط الدعاوى المرفوعة عليها لم يتغير شيء وظل القانون كما هو، بحسب الموقع.

 

وقالت كاثرين غان إن المدعي العام قرر أنه لا يستطيع متابعة قضيتها "لأنني كنت سأطالب بحالة الضرورة (وهي الإذن باتخاذ إجراء غير قانوني لتجنب تهديد أكبر، هو الحرب في العراق) التي لم يسبق أن تم التماسها من قبل في مثل هذه الحالات، ولكن كان يمكن أن تحدث لو أذن القاضي بذلك".

 

خطأ مطبعي

وعند السؤال عن سبب عدم اشتهار قصتها مثلما انتشرت قصتا تشيلسي مانينغ وإدوارد سنودن، قالت غان إن السبب قد يكون خطأ مطبعيا قام به أحد موظفي الأوبزرفر باستبدال حرف الزاي في الكلمة الأميركية بحرف السين لتطابق الإملاء البريطاني، مما جعل المدونة الأميركية درادج ربورت تشكك في صحة المذكرة، رغم أن جميع وسائل الإعلام الأميركية اتصلت بمارتن برايت.

 

ورأى مارتن برايت أن طريقة عمل الصحفيين تغيرت، حيث أظهرت حالات ويكيليكس وأوراق بنما أن هناك طريقة أخرى للعمل، يتعاون فيها الصحفيون البريطانيون والأميركيون والأوروبيون بشأن الموضوعات الكبرى، مبديا أسفه لأنهم لم يفكروا في ذلك، إذ "ربما لو قمنا بنشر المعلومات في نفس الوقت في نيويورك تايمز وليبراسيون ولوموند، لكان الوضع مختلفا تماما".

 

وعندما يتساءل الفيلم لمن يكون ولاء الموظف إذا كانت دولته غير صادقة مع مواطنيها، قالت غان إنها لم تفكر في ذلك، وإن همها كان بالنسبة لها مسألة حرب وشيكة قادمة، ومجرد إنهاء هذه السلسلة الرهيبة من الأحداث.

 

وأوضحت أن المذكرة بدت "شديدة الانفجار" لأنها تظهر التلاعب غير المشروع بالأساليب الدبلوماسية في الأمم المتحدة، وتظهر كيف خططت أجهزة مخابرات المملكة المتحدة والولايات المتحدة لابتزاز الدبلوماسيين.

 

مخادعة وإعاقة

وتضيف غان "ما لفت انتباهي هو أنهم لم يتمكنوا من الحصول على ما يريدون بطريقة مشروعة، لذلك حاولوا القيام بذلك بهذه الطريقة المخادعة وغير القانونية. وحاولت إيقافهم وإعاقة هذا العمل".

 

وعند سؤالهما هل اشتركا في الفيلم الذي يحكي القصة، قال مارتن برايت إنهما بالفعل انخرطا منذ البداية بطريقة مختلفة في الموضوع، بعد أن أكد لهما المخرج غافين هود أن السيناريو وعمل الفيلم سيكونان مشابهين قدر الإمكان للواقع، وبالتالي "ما سيظهر على الشاشة قريب جدا مما حدث، وقد كانت غان مستشارة أثناء تصوير كواليس جهاز الاستخبارات، وكنت أنا مستشارا لتصوير ما تحدثت به في الصحيفة".

 

وفي حديثه للموقع، قال برايت إن هذا الفيلم يعد قبل كل شيء تسلية، وليس فيلما وثائقيا، وهو مهم لأنه يذكر بقصة تكاد تكون منسية في المملكة المتحدة، وهي تتحدث عن مفهوم النزاهة، حيث تصمم شابة على عدم الاستسلام رغم كل الضغوط التي تحاول منعها من قول الحقيقة.

 

وعند ملاحظة الموقع أن الرئيس الأميركي يكذب اليوم كما كذب رئيس الوزراء البريطاني أمس وكأن شيئا لم يتغير، قالت غان إن الناس إذا أدركوا أن هذه الأشياء بدأت عام 2003، فسيكونون قادرين على فهم المشاكل بشكل أفضل اليوم.


التعليقات